تستعد نيجيريا لخوض انتخابات رئاسية وسط الكثير من التحديات والأزمات التى تواجه البلاد فى ظل حالة الطوارئ الممتدة، فما بين تجول المسلحون فى حقول البترول، وقتل آلاف من المواطنين الأبرياء، وتأجج الصراعات الطائفية بين المزارعين والرعاة، بعد تفجر أزمة التغير المناخى، وإعلان مؤشر "الإرهاب العالمى"، باحتفاظ نيجيريا للسنة الرابعة على التوالى بمركزها الثالث فى قائمة الدول الأكثر تضررا من هذا الوباء، أصبح على المرشح الرئاسى للانتخابات، تقديم وعود بخطط قصيرة وعاجلة لمواجهة تلك الأزمات.
وبخلاف الأزمات الكبرى، تعانى نيجيريا من مشكلات أخرى شأنها فى ذلك شأن دولا أفريقية عدة، مثل مشكلات التعليم وحقوق المرأة وهى الملفات الحاضرة بطبيعة الحال فى برامج غالبية مرشحى الانتخابات لمغازلة أصوات الناخبين.
وبخلاف ملف مكافحة الإرهاب والتطرف ممثلا فى جماعة "بوكوحرام" التى تعد أشرس تنظيم إرهابى فى الغرب الإفريقى، يأتى ملف التغيير المناخى وندرة المياه ثانى أبرز التحديات التى يواجهها المرشحين فى الانتخابات الرئاسية النيجيرية، حيث تزايد معدل التصحر فى اتجاه جنوب البلاد بمعدل 600 متر فى العام، ما ينذر بتفاقم ما يعرف بـ "حروب المياه".
وفقدت بحيرة تشاد فى أقصى الشمال الشرقى للبلاد 90% من مساحاتها، حيث اختفى الجزء النيجيرى من البحيرة تقريبا بالكامل، وهكذا، اضطر الرعاة الذين كانوا يعتمدون على بحيرة تشاد إلى الانتقال للجنوب بحثا عن المراعى والمياه لتربية الماشية، ما أدى إلى اصطدامهم بمجتمعات زراعية مستقرة فى الجنوب، وتحولت منطقة الوسط خلال عام 2018 إلى مركز للصراع، نتيجة تصاعد المواجهات بين الرعاة والمزارعين فى هذا الحزام، الذى يفصل بين شمال وجنوب البلاد، وهو مركز العاصمة النيجيرية أبوجا، وخلال الستة أشهر الأولى من عام 2018 قُتل أكثر من 1300 شخصا فى موجات العنف، واضطر ما يقرب من 30 ألف نيجيرى للفرار من ديارهم.
بحيرة تشاد أزمة جديدة تهدد نيجيريا
ويتسم الصراع حول المياه، وملف التغييرات المناخية فى نيجيريا ببعدا طائفيا، حيث يعتنق غالبية الرعاة الإسلام بينما يدين غالبية المزارعون بالمسيحية، فحدث انتهاك للرموز الدينية للطرفين أثناء الصراع تمثلت فى حرق الكنائس والمساجد وقتل رجال الدين من الجانبين.
وفيما تقترب نيجيريا من موعدها مع صناديق الاقتراع، يكثف المرشحون دعايتهم الانتخابية عبر المؤتمرات من جهة، وعبر صفحاتهم على منصات التواصل الاجتماعى من جهة أخرى، حيث قال الرئيس الحالى، والمرشح محمد بخارى عبر صفحته الرسمية بـ"تويتر": "يجب أن تكون مجتمعاتنا مستعدة للعيش معا فى سلام، فلا يمكن أن تحدث أى تنمية فى جو من العنف المتكرر. يجب السماح بالقانون والنظام فى هذه المجتمعات المتأثرة"، وفى تغريدة أخرى طالب وزارة شرطة الدولة العمل بسرعة لمنع العنف فى منطقة الحكومة المحلية من التصاعد، قائلا: " لا يوجد أى مبرر على الإطلاق لإراقة الدماء وتدمير الممتلكات".
وعن وجود تخوفات من سن بخارى الكبير، ومرضه الذى بقى بسببه عدة أشهر فى لندن، وتسبب ذلك فى تردد شائعات حول قيام أحد الأشخاص الشبيه ببخارى، بتولى الحكم مكانه، قال بخارى " يمكننى أن أؤكد لكم جميعا أننى سأحتفل بعيد ميلادى السادس والسبعين خلال شهر، وأننى ما زلت قويا".
أما عن برنامجه الانتخابى، فقد أكد الرئيس النيجيرى، محمد بخارى، حرصه على استكمال مكافحته الفساد، بعد أن وضع العائدات والأرصدة الحكومية التى تمت استعادتها فى حملات على الفساد فى حساب بالبنك المركزى، مؤكدا استمرار إعادة تنظيم أصول وأرصدة الدولة واستغلالها لصالح المواطن العادى، بالإضافة إلى مواصلة بناء اقتصاد الدولة بقطاعاته المختلفة.
الرئيس محمد بخارى يراهن على إمكانية الفوز بولاية جديدة
فى المقابل، أعلن المرشح الرئاسى عن حزب الشعب الديمقراطى، "أتيكو أبو بكر"، برنامجه المتمثل فى تنمية ما أسماه بـ"رأس المال البشرى"، لاسيما فى مجال الصحة والتعليم، وارتفاع البطالة، وعدم المساواة فى الدخل، وارتفاع معدلات الفقر، وضعف البنية التحتية، وضعف الطرق بين الدول والربط بين الطرق.
وأكد فى تغريدة مكملة لبرنامجه على ضرورة زيادة التسليح للجيش النيجيرى، قائلا: "لإلحاق الهزيمة بالإرهاب، نحن بحاجة إلى تسليح جيشنا وتحفيزهم على توفير ظروف عمل جيدة، خاصة الرتب الدنيا الذين يواجهون أكبر المخاطر وهم أقل الأجور، مضيفا "نحن بحاجة لإثبات أنه عندما تقاتل من أجل نيجيريا، فأن نيجيريا ستقاتل من أجلك".
كما أعلن أبو بكر، اعتزامه العمل على مشاركة القطاع الخاص فى مجالات الزراعة وغيرها، مع التركيز على المعالجة فى المزارع للاستخدام الصناعى، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية للموانئ وآليات الربط بالطرق المحيطة بموانئ لاغوس لتخفيف الازدحام وتسهيل التجارة، وتنفيذ مشروع ربط السكك الحديدية بين الشمال والجنوب لتحسين التجارة البينية وتعزيز التكامل الإقليمى.
أتيكو أبو بكر
وستكون هذه الانتخابات المقررة فى 16 فبراير 2019، السادسة من نوعها منذ نهاية الحكم العسكرى فى عام 1999، حيث ينتخب فيها الرئيس والجمعية الوطنية.
وكان أتيكو البالغ من العمر 71 عاما نائبا للرئيس السابق أولوسيغون أوباسانجو، وهو رجل أعمال ثرى غادر حزب "مؤتمر كل التقدميين" الحاكم، متهما الحزب بفرض "قمع صارم على جميع أشكال الديمقراطية"، لينضم بعد بضعة أيام إلى "حزب الشعب الديمقراطى" المعارض، الذى كان قد انسحب منه سابقا مرتين لتجربة العمل السياسى فى كيانات أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة