أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ضرورة أن تسارع الدول العربية إلى إعداد بنيتها التعليمية وأسواق التوظيف لديها لكى تواكب المتغيرات العميقة فى بنية الاقتصاد الحديث خاصة الاقتصاد الرقمى.
وقال أبو الغيط- فى كلمة له اليوم الأحد، فى افتتاح مؤتمر الاقتصاد الرقمى العربى 2018 الذى يعقد فى أبوظبى بدولة الإمارات العربية المتحدة- أن اختيار موضوع "الاقتصاد الرقمى العربى"، ليكون القضية المحورية لأعمال هذا المؤتمر، يعكس وبصدق مدى الإدراك بجسامة التحديات التى تواجه المنطقة العربية فى ظل الدور المحورى للتكنولوجيا الحديثة فى تنمية المجتمعات والاقتصادات بشكل عام.
وفِى بداية كلمته، تقدم الأمين العام للجامعة العربية بالشكر والتقدير إلى قيادة وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على مبادرتها بعقد هذا المؤتمر الهام. كما أعرب عن تقديره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبو ظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة على رعايته لأعمال هذا المؤتمر.
وقال أبوالغيط أن التطورات السريعة والمتلاحقة فى تكنولوجيا المعلومات والتى يشهدها عالمنا اليوم يتمخض عنها نوع جديد من الاقتصاد هو الاقتصاد الرقمى، مضيفا أن الاقتصاد الرقمى أصبح يلعب دوراً هائلاً فى تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال خلق فرص استثمارية حقيقية فى جميع المجالات والقطاعات. .. وكذلك فى تحقيق الشمول المالى، وبما يدعم الاقتصادات فى مواكبة الحداثة الاقتصادية العالمية.
وأشار إلى أن الحرب الدائرة بين القوى الكبرى على الصعيد العالمى تعكس، فى جانب مهم منها، سباقاً على التحكم بسوق التكنولوجيا الرقمية وبمستقبله، خاصة تكنولوجيا الجيل الخامس (5G) موضحا أنها حرب ضروس لأن المكاسب هائلة، فما من مفصل فى المجتمعات المعاصرة لا تتحكم به وتسيره التكنولوجيا الرقمية، مشيرا إلى أن عائد الابتكار فى هذه التكنولوجيا يفوق معدلات الربحية فى غيرها من القطاعات بما لا يقارن. .. بل أن امتلاك ناصيتها يدفع بقطاعات الاقتصاد الأخرى إلى الأمام.
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أننا أمام ثورة متكاملة تحركها التكنولوجيا الرقمية وتقودها تطبيقات الذكاء الاصطناعى والبيانات الضخمة (بيج داتا)، مضيفا أن البعض أطلق عليها الثورة الصناعية الرابعة للإيحاء بشدة تأثيراتها فى مختلف مناحى الحياة، على غرار ما فعلت الثورة الصناعية الأولى.
وأشار إلى أنه لا ينبغى أبداً أن نسمح أن تخرج أوطاننا من هذه المعركة خالية الوفاض، أو أن تقنع بمكان متأخر فى هذه المنافسة الطاحنة، مضيفا "لما كان الإبداع والابتكار هو المحرك الرئيسى لهذه الثورة الجديدة، فإن عالمنا العربى يجد نفسه بين خيارين لا ثالث لهما: إما الابتكار أو الاندثار".
وقال أبوالغيط "أما أن نسارع إلى إعداد بنيتنا التعليمية وأسواق التوظيف لدينا لكى تواكب هذه المتغيرات العميقة فى بنية الاقتصاد الحديث، وإما نواجه خطر التهميش والتقزيم.. منوها بأن منطقتنا تواجه تحديات غير عادية تحملُ دولها على الالتفات لقضايا الأمن والسلم أكثر من غيرها.
وأضاف "بالرغم مما تشهده المنطقة من توترات ونزاعات وصراعات مسلحة، إلا أن هناك حكومات تبذل جهوداً مشهودة وجريئة لمواكبة الآليات والمفاهيم الاقتصادية الحديثة، لافتا إلى أن هذه الجهود لابد وأن تحظى بمساندة ودعم من الجميع، كما ينبغى أن تتواصل سياسات الإصلاح المالى وتحسين المناخ التشريعى والإجرائى من أجل إطلاق كافة الإمكانيات الاقتصادية الكامنة فى المجتمعات العربية وجذب مزيد من الاستثمارات المباشرة.
وأكد أبوالغيط أنه حان الوقت لكى تستفيد البلدان العربية – بالشكل الأمثل – بما تزخر به من قدرات بشرية، ومواقع جغرافية هامة ومحورية.. وموارد مالية وجيولوجية كافية لتحقيق النهضة المنشودة ووضع دولنا فى المكانة التى تستحقها بين مصاف الدول المتقدمة والمتطورة.
وأضاف "لا يعقل على سبيل المثال أن حجم أسواقنا الإلكترونية لا تزيد على 1% من حجم السوق الإلكترونى العالمى، كما لا يعقل أيضا أن يتعذر على المواطن العربى التعامل بفاعلية مع تطبيقات التكنولوجيا المالية التى تغزو العالم المصرفى بمعدل غير مسبوق فى تسارعه".
ولفت إلى أنه كل يوم، يتضح بصورة أكبر تأثير التضافر بين التطبيقات التكنولوجية، خاصة فى مجال الاتصالات، من ناحية، وبين العمل المصرفى من ناحية أخرى، حيث تلعب التطبيقات التكنولوجية دورها فى تحقيق الشمول المالي.
وأكد أن جامعة الدول العربية تسعى دائماً لمواكبة التطورات الجارية من حولها فى جميع المجالات والقطاعات وتبنى أفضل الممارسات لتفعيل وتعزيز أداء منظومة العمل العربى المشترك.
ولفت فى هذا الصدد إلى الشراكة بين جامعة الدول العربية ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا فى إطار مبادرة خارطة الطريق لحوكمة الإنترنت إقليمياً ودولياً، لتكون مجموعة الدول العربية من ضمن أولى المجموعات الإقليمية التى تعمل على صياغة خارطة طريق لحوكمة الإنترنت على المستوى الإقليمي.
وقال أبو الغيط أن هناك تطوراً فى بعض الدول العربية لا تغفله العين. .. حيث تحتل بعض الدول العربية – ومن بينها دولة الإمارات العربية المتحدة – مكانة متقدمة بين دول العالم من حيث استخدام شبكة الإنترنت فى ضوء تضاعف معدل تدفق البيانات العابرة للحدود التى تربط منطقتنا العربية ببقية دول العالم خلال العقد الماضى بما يتجاوز 150 ضعفاً.
وأشار إلى أنه فى هذا المجال، حققت عدة دول عربية قفزة واسعة فى قطاع الاستهلاك الرقمى من حيث ارتفاع معدلات الاعتماد على الهواتف الذكية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
واختتم أبوالغيط كلمته بالقول أنه على يقين أن ما سيسفر عنه مؤتمر اليوم من نتائج سيكون محل أولوية واهتمام من الجامعة العربية بأجهزتها المختلفة، وبما يساهم فى إعطاء البعد والزخم العربى الرسمى لهذا الجهد الكبير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة