استغلالا لشهرتهم وسط الشارع التركى، ومن أجل تسييسهم لصالح أجندة حزبه الديكتاتورى وتلميع صورته، يعمل الديكتاتور رجب طيب أردوغان، على تضييق الخناق على المشاهير والنجوم فى مجال الفن والغناء وغيرهم من مشاهير المجتمع من أجل تطويعهم والعمل لصالحه.
أردوغان وزوجته مع الممثلة التركية الشهيرة بولنت أرسوي والمغنية سيبل جان
ومنذ أن تولى مقاليد الحكم فى تركيا، حرص أردوغان على أن يظهر دائما محاطا بالمشاهير، وتوسعت هذه الدائرة على مر السنين بالتوازى مع إحكام قبضته على مفاصل الدولة.
وفى إطار هذه الاستراتيجية، نجح أردوغان فى صناعة نجوم جدد أكثر جاذبية لمؤيديه وتحويل ولاء بعض المعارضين العلمانيين لينضموا إلى صفه، بالإضافة إلى الدفع ببعض المشاهير كمرشحين فى الانتخابات استغلالا لشعبيتهم بين الجماهير.
اردوغان مع المشاهير الأتراك
ومن المعروف فى تركيا أن صناعة الترفيه لم تكن أبدا مستقلة ماليا عن السلطة السياسية، لكن الوضع ازداد تعقيدا هذه الأيام حتى أصبح الفصل بين عالمى الفن والسياسة أمرا مستحيلا.
وعلى سبيل المثال، هناك العديد من الممثلين الشباب الذين يؤدون أدوار البطولة فى المسلسلات التلفزيونية التركية وأصبحوا بفضلها مشهورين إلى حد ما على مستوى العالم، لكنهم لا يزالون يعتمدون فى المقام الأول على إذاعة أعمالهم على القنوات التلفزيونية التى تسيطر عليها الحكومة.
كما يحتاج الكثير من المطربين والموسيقيين أيضا للمشاركة فى الحفلات الموسيقية التى تنظمها البلديات خلال المهرجانات المحلية لكسب الرزق.
والأهم من ذلك أن المشاهير الأتراك، شأنهم شأن جميع المشاهير حول العالم، يحتاجون إلى وسائل الإعلام للترويج لأنفسهم ولأعمالهم، وهو ما يعنى أن ليس لديهم أى خيار فى تركيا اليوم سوى الظهور فى الصحف والقنوات التلفزيونية التى يسيطر عليها أردوغان أو تدين له بالولاء.
وقال تقرير لموقع "أحوال" التركى، المتخصص فى كشف فساد النظام والحكومة التركية، إن هذا الوضع تسبب فى خلق معارضة صامتة فى الأغلب بين أوساط الفنانين والمثقفين، وحتى لو اختار بعض المشاهير رفع أصواتهم من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ستجدهم عادة يتجنبون توجيه انتقادات حادة ومباشرة عند التحدث إلى وسائل الإعلام التقليدية.
وعلى الرغم من النفوذ المتزايد لأردوغان على الصناعة، ظلت أخبار المشاهير وآراؤهم محصورة إلى حد كبير فى صفحات الفن والمشاهير فى الجرائد، واستمر هذا الوضع حتى هذا العام.
ثم جاءت توبا كالتشيك، وهى مراسلة لصحيفة "صباح" الموالية للحكومة التركية، لتغير قواعد اللعبة وتتحول إلى حديث الساعة بسبب مقابلاتها الحصرية مع نجوم المجتمع، وتشتهر كالتشيك الآن فى الأوساط الفنية والصحفية باعتبارها رائدة الأخبار "المُسيَّسة" للمشاهير.
وتتمتع كالتشيك بموهبة استثنائية، حسب التقرير، فهى تستهدف إجراء مقابلات مع الأشخاص الذين يُعتبرون من المشاهير المعارضين لحكومة أردوغان أو أولئك المعروف عنهم على الأقل أنهم من منتقديها.
وهناك دائما جزءا سياسيا فى الحوار الذى تجريه هذه الصحفية الموالية لأردوغان، وأحيانا فقرة، وأحيانا جملة واحدة، وتلك هى التصريحات التى تستخدمها كالتشيك والمحررون العاملون معها فى عناوينهم.
ومع كل مقابلة تنشرها كالتشيك، تنفجر موجة من الغضب فى أوساط المعارضة التركية على وسائل التواصل الاجتماعى وتنطلق سهام النقد فى اتجاه الشخص الذى أجرى تلك المقابلة.
وأكد التقرير أنها بارعة للغاية فى استخدام تلك المقابلات لزيادة حدة حالة الاستقطاب العميقة بالفعل فى تركيا لدرجة أنه حتى عندما يحاول الشخص الذى أجرى المقابلة تصحيح كلماته لاحقا أو يقول إن تصريحاته أخرجت من سياقها، لا يجد سوى آذان صماء.
وفى الشهور الأخيرة، بدأت صحف أخرى فى اتباع نفس أساليب كالتشيك عبر نشر مقابلات مماثلة. لدرجة أن البعض يطلق عليها الآن "مقابلات نحن فى نفس القارب".
لكن ردود أفعال الكثير من الأتراك إزاء هذه المقابلات توحى بأننا "لسنا فى القارب نفسه". وبالنسبة للبعض، فإن الضجة التى تثيرها تلك المقابلات تمنح دافعا إضافيا لأنصار أردوغان للشعور بأن "الآخرين لا يريدون أن يكونوا فى نفس القارب" مثلنا. أما بالنسبة للمتشائمين حيال الأوضاع فى تركيا، فقد غرق القارب بالفعل فى الأعماق.