فى يوم 20 ديسمبر 1192 ميلادية استطاع دوق النمسا (ليوبولد الخامس) أن يسجن ملك إنجلترا ريتشارد قلب الأسد وهو فى طريقه إلى موطنه فى إنجلترا وذلك بعد توقيعه لمعاهدة مع صلاح الدين الأيوبى لإنهاء الحملة الصليبية الثالثة.
وللعلم لم يكن ريتشارد قلب الأسد أول من دخل السجن فى عائلته فقد كان أول ما قام عندما تولى الملك هو أن أخرج والدته من السجن، وقصة والدته المسماة (إليانور) غريبة جدًا حيث اعتبرها البعض أنها (امرأة سيئة السمعة) رغم أنها أنهت حياتها فى الدير.
يقول كتاب (الانحراف الجنسى فى عصر الحروب الصليبية) لـ إمام الشافعى وأشرف صالح، والصادر عن دار البشير، ارتبط الانحراف الجنسى بأسرة (إليانور دوقة أكوتين) وابنة وليم العاشر وبسمعتها منذ زمن بعيد، حتى من قبل مولدها، فهى حفيدة دوق أكوتين وليم التاسع، الذى كانت له علاقة آثمة بسيدة تدعى (دانجروسا) وقد لعن ناسك محلى هذه العلاقة الآثمة والزنا السافر بين وليم التاسع ودانجروسا، وتنبأ بأنهما سوف لا ينالان أبدا السعادة مع ذريتهما، ولن يأتى من نسليهما شيء صالح، وقد حدث هذا بالفعل.
ويتابع الكتاب، إن (إليانور دوقة أكوتين) على الرغم من سمعتها السيئة من بداية حياتها، لم تصب فى سمعتها إلا بعد خمسين عاما، فقد تزوجت إليانور من ملك فرنسا لويس السابع، وعندما فكرفى قيادة الحملة الصليبية الثانية مع (كونراد) ملك ألمانيا إلى فلسطين، اصطحب معه زوجته إليانور الشديدة الشوق بالمغامرات، فارتدت لباس الرجال العسكرى وسارت فى مقدمة الجيش، وسارت الحملة برا من فرنسا إلى القسطنطينية، ثم عبرت آسيا الصغرى حيث عانت الكثير حتى وصلت إلى مدينة أنطاكيا التى كان يحكمها ريموند أوف بواتيه، خال إليانور، وفى هذه المدينة أشيع عن إليانور أنها على علاقة مع عمها، ومرة أخرى أشاع البعض أنها أحبت عبدا مسلما جميلا، ومرة ثالثة قالوا : إنها تحب صلاح الدين الأيوبي، رغم أن صلاح الدين الأيوبى لم يكن معروفا فى هذه المرحلة.
وأضاف الكتاب، كانت سمعة إليانور دوقة أكوتين دائما فى مكانة منخفضة، لأن شخصيتها لم تكن منسجمة مع الفضائل التى كان الناس يقدرونها فى ذلك الوقت، ومن بين الرجال الذين كانوا يبتهجون بسلوكها ريموند أمير أنطاكيا، وبد للجميع أن ريموند وابنة أخيه بينهما ما يزيد عن العاطفة العادية، وشعر لويس السابع ملك فرنسا بالإهانة لشرفه، وقاد جيشه إلى القدس، بعدما أخذ زوجته معه بالقوة.
وإذا كانت القسطنطينينة قد سحرت إليانور بفخامتها وروعتها فإن أنطاكيا بدت فى نظر إليانور مختلفة تماما وأفضل عبارة عن جنة من المروج الخضراء ووجدت فيها شيئا يذكرها بأراضيها فى بواتو وأكوتين التى تهيم بها عشقا، علاوة على ذلك كان ريموند شخصية مبهرة وجذابة وكان راعيا للآداب وشعر التروبادور مثل أبيه وليم التاسع وأخيه وليم العاشر، وكان يسود بلاطه جو من المرح، واندمج الاثنان – الملكة إليانور والعم ريموند فى الحديث عن ذكريات الطفولة عندما كانا يعيشان معا فى قصر أومبيرير فى أكوتين.
يقول الكتاب "إن إليانور على مدى خمسين عاما لم تجد الحب الرومانسى عند زوجها لويس السابع وعلى الرغم من فيض القصص التى تحدثت عن ارتكابها جريمة الزنا فإنها لم تجد الحب خارج الزواج أيضا، وقد وصف البعص الملكة إليانور بأنها زوجة فاسدة وأما فاسدة وملكة فاسدة أيضا.
ويذهب الكتاب إلى أنه بعد أن تم الطلاق بين إليانور ولويس السابع ملك فرنسا لعلاقتها الآثمة مع عمها ريموند، تزوجت من هنرى الثانى ملك إنجلترا، فانتقلت إليانور إلى إنجلترا بثقافة فرنسا الجنوبية وعاشت فى إنجلترا كما عشت فى بلادها من قبل نصيرة للشعراء وملهمتهم ولكن هنرى الذى كان أصغر منها بإحدى عشر عاما لم يجد ما يشين سلوكها، ولكن طباع هنرى الثانى الحادة لم توافق هوى إليانور، كما أن هنرى انشغل عنها بنساء البلاط وعندما احتجت على ذلك أنزلها من عرشها فهربت إلى بلادها ولكنه قبض عليها وأودعها السجن فثار الشعراء على الملك وأثارت هى الأولاد على أبيهم فخلعوه عن العرش.
لكنه ظل يقاوم حتى الموت 1189 ميلادية ولما خلف ريتشادر قلب الأسد والده على عرش إنجلترا أخرج أمه من السجن وعينها نائبة عنه فى الحكم عندما قرر قيادة الحملة الصليبية الثالثة لمحاربة صلاح الدين الأيوبى، ولما حكم ابنها الملك يوحنا إنجلترا دخلت إلى أحد الأديرة حتى ماتت من الحزن فى الثانية والسبعين من عمرها.