حالة من القلق والصدمة انتابت السياسيين فى واشنطن بعد الإعلان عن استقالة وزير الدفاع الأمريكى جيمس ماتيس من منصبه، ورحيله عن قيادة البنتاجون فى نهاية فبراير المقبل، حيث كان ماتيس يعتبر من أعقل الأصوات داخل الإدارة الأمريكية فى ظل تقلبات الرئيس دونالد ترامب فى السياسة الخارجية وتبنيه نهجا يتعارض فى الأغلب مع نصيحة كبار مستشاريه.
وعلقت صحيفة "نيويورك تايمز" على خبر استقالة وزير الدفاع ، وقالت إن ماتيس، الذى كان ينظر إلى خبرته واستقراره كأحد عوامل التوازن أمام رئيس لا يمكن التنبؤ به، قد استقال احتجاجا على قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا ورفضه للتحالفات الدولية.
وأشارت الصحيفة، إلى أن ماتيس أخبر أصدقائه ومساعديه مرارا خلال الأشهر الأخيرة، أنه يرى أن مسئوليته لحماية القوات الأمريكية وعددها 1.3 مليون جندى تستحق التنازلات الضرورية التى يقوم بها كوزير للدفاع لرئيس متقلب. لكن، أمس الخميس، وفى توبيخ غير عادى للرئيس، قرر أن قرار ترامب بحسب نحو ألفين من القوات الأمريكية من سوريا خطوة ذهبت إلى حد بعيد للغاية.
وقال مسئولون، إن ماتيس ذهب إلى البيت الأبيض يحمل خطابا مكتوبا لاستقالته، لكنه قام بلا جدوى بمحاولة أخيرة لإقناع الرئيس بالعدول عن قراره بشأن سوريا، والذى أعلنه رغم اعتراض كبار مستشاريه، وبعدما تم رفض مشورة ماتيس، عاد الأخير إلى البنتاجون وطلب من مساعديه طباعة 50 نسخة من خطاب استقالته وتوزيعها فى مبنى وزارة الدفاع الأمريكية.
وكتب ماتيس فى الخطاب يقول إن آرائه فيما يتعلق بمعاملة الحلفاء باحترام وأيضا التعامل مع الأطراف الخبيثة والمنافسين الاستراتيجيين ظلت مقيدة بقوة.. وأضاف موجها كلامه للرئيس: "لأن لك الحق فى أن يكون لديك وزير دفاع لديه أراء متحالفة بشكل أفضل مع أرائك حول هذه الموضوعات وغيرها، اعتقد أنه من حقى أن أتنحى أن منصبى".
وتقول نيويورك تايمز إن استقالة ماتيس جاءت فى الوقت الذى تتجه الأمور نحو إغلاق حكومى فى الولايات المتحدة، مع تراجع فى الأسواق خوفا من استمرار الاضطراب الحكومى.
فى نفس السياق، عبرت صحيفة "واشنطن بوست" عن حالة الصدمة والحزن التى أصابت السياسيين فى العاصمة الأمريكية بعد الإعلان عن استقالة ماتيس بعنوان "يوم حزين لأمريكا"، مشيرة إلى مخاوف من أن يصبح الرئيس دونالد ترامب دون رقابة بعد هذا القرار.
وقالت الصحيفة إنه منذ أن تولى ماتيس منصبه، كان السياسيون فى واشنطن والعالم يرونه كحصن أمام رئيس أدمن الفوضى ويحركه قانون أخلاقى مختلف.
ففى الداخل كان ماتيس القائد العسكرى المخضرم الذى كان مستعدا للوقوف أمام ترامب عندما يريد نشر قوات. وطوال الوقت الذى تولى فيه ماتيس قيادة البنتاجون، تتابع الصحيفة، كان الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء يثقون فى وجود شخص سيحارب من أجل ضمان ألا تكون الإجراءات العسكرية مجرد نزوة. وفى الخارج، كان ماتيس على الأرجح المسئول الوحيد فى إدارة ترامب الذى يحظى بثقة غير مشروطة من قبل أقرب حلفاء أمريكا.
وقال السيناتور الديمقراطى جيف فلايك، إن وجود ماتيس كان يمنحنا جميعا قدر كبير من الارتياح أكثر مما نشعر به الآن، بعد قرار استقالته، فقد كان اليد الأكثر ثباتا فى الحكومى، وكنا جميعا ننام بشكل أفضل ونشعر بشكل أفضل فى ظل وجوده فى وزارة الدفاع.
وقالت "واشنطن بوست" إن خطاب استقالة ماتيس لا يقدم فقط نافذة على خلافاته السياسية مع الرئيس ترامب بل إنه ربما شكك أيضا فى قدرة ترامب على أن يكون قائدا أعلى فى ظل لحظة خطيرة على الساحة العالمية.
فقد أشار ماتيس فى خطابه إلى أسلوب القيادة الحازم غير الغامض الذى سعى لتجسيده لاسيما، فيما يتعلق بالتهديدات التى تمثلها دول أخرى مثل روسيا والصين. وأشار الخطاب ضمنا دون أن يوضح بشكل صريح إلى نهج ترامب المتقلب والمتهور فى السياسة الخارجية الذى لا يرقى إلى مستوى التهديدات التى تواجه أمريكا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة