"لن نعبد أصنام الصيغ التقليدية وأصنام الفكر المراهق وأصنام خداع النفس فى نضالنا الوطنى... سنحطم هذه الأصنام أنقاضا وترابا".. كانت هذه الكلمات التى قالها الرئيس الراحل محمد أنور السادات، عنوانا لحياته والتى شهدت تغيرات عدة غير مألوفة على المجتمع المصرى حينها، فهو الذى لقبه الشارع المصرى برجل الحرب والسلام، وأيضا الرئيس الشهيد، وقائد النصر.
فقد كان ميلاد السادات فى 25 ديسمبر 1918، بداية لرجل يشهد له التاريخ بأنه لم يغب عن الذكرى المصرية طوال الـ 100 عام الماضية، وله تأثير فى كافة مناحى الحياه والتى لازالنا نلتمس بصماته فيها حتى الآن، ولم تكن فترة حكمه التى لم تتعدى الـ11 عاما بالعابرة بل كان لها تأثيرها بكافة المناحى، وأسهمت فى إنهاء مرحلة الحروب وبدء مرحلة التعمير.
فهو قائد النصر، باتخاذ قرار مصيري لمصر وهو قرار الحرب ضد إسرائيل التي بدأت في 6 أكتوبر 1973 عندما استطاع الجيش كسر خط بارليف وعبور قناة السويس، فقاد مصر إلى أول انتصار عسكري على إسرائيل، وهو من قاد ثورة التصحيح فى 1970، وفي نفس العام أصدر دستورًا جديدًا لمصر، وقام في عام 1972 بالاستغناء عن ما يقرب من 17000 خبير روسي في أسبوع واحد، والتى كانت من أهم خطوات حرب أكتوبر، حيث أراد السادات عدم نسب الانتصار إلى السوفيت، وكذلك من أهم الأسباب التي جعلته يقدم على هذه الخطوة هو أن الاتحاد السوفيتي أراد تزويد مصر بالأسلحة بشرط عدم استعمالها إلا بأمره.
قائد النصر ..وضغوط ما قبل الحرب
ولم تكن نية الحرب ببسيطة على الشارع المصرى أو هينة، بل كانت هناك ضغوط عدة تواجه ذلك ولم يستسلم الرئيس السادات لكلمات قيادات الغرب بأن يعيش فى الواقع ويعترف بأننا مهزومون، وبالأخص عندما قال وزير الخارجية الأمريكى، هنرى كيسنجر، وفقا لما ورد فى كتابه البحث عن الذات: "نصيحتى للسادات أن يكون واقعيًا، فنحن نعيش فى عالم الواقع، ولا نستطيع أن نبنى شيئًا على الأمانى والتخيلات.. والواقع أنكم مهزمون، فلا تطلبوا ما يطلبه المنتصر، لابد أن تكون هناك بعض التنازلات من جانبكم حتى تستطيع أمريكا أن تساعدكم.. إما أن تغيروا الواقع الذى تعيشونه، فيتغير بالتبعة تناولنا للحل.. وإما أنكم لا تستطيعون".
ومثلما أوضح السادات فى مذكراته "البحث عن الذات" إن الخطة الدفاعية 200 التى تسلمتها من عبد الناصر قد انهارت.. فقبل أن يموت عبد الناصر بشهر واحد دعانى وذهبنا معاً إلى مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة، وهناك جمع القادة المصريين والخبراء السوفييت ومحمد فوزى، وزير الحربية فى ذلك الوقت، ووقف القادة المصريون والخبراء السوفيت لمدة 7 ساعات أمام عبد الناصر وأمامى يشرحون الخطة الدفاعية 200 التى أقرها الجميع.. كان هذا الوضع العسكرى الذى تسلمته من عبدالناصر.. خطة دفاعية سليمة 100% ولكن لا وجود لخطة هجومية".
وقد كانت مصر حينها تواجه أزمة اقتصادية متعثرة وآثار هزيمة عام 1967 لم تزل بعد، ولكن اعتزم "رجل الحرب والسلام" خوض المعركة بخطة الخداع الاستراتيجى ومنها على سبيل المثال "استيراد مخزون استراتيجي من القمح، عن طريق قيام المخابرات العامة بتسريب معلومات بأن أمطار الشتاء قد غمرت صوامع القمح، وأفسدت ما بها، وتحوّل الأمر لفضيحة إعلامية استوردت مصر على أثرها الكميات المطلوبة.
كما تم إخلاء المستشفيات تحسباً لحالات الطوارئ، عن طريق تسريح ضابط طبيب من الخدمة وتعيينه بمستشفى الدمرداش، ليعلن عن اكتشافه تلوث المستشفى بميكروب، ووجوب إخلائها من المرضى لإجراء عمليات التطهير، وفي اليوم التالى نشرت «الأهرام» الخبر معربة عن مخاوفها من أن يكون التلوّث قد وصل إلى مستشفيات أخرى، فصدر قرار بإجراء تفتيش على باقي المستشفيات، وأخليت باقي المستشفيات.
استيراد مصادر بديلة للإضاءة أثناء تقييد الإضاءة خلال الغارات، عن طريق تنسيق أحد المندوبين مع مهرب قطع غيار سيارات لتهريب صفقة كبيرة من المصابيح مختلفة الأحجام، وبمجرد وصول الشحنة كان رجال حرس الحدود في الانتظار، واستولوا عليها كاملة وتم عرضها بالمجمعات الاستهلاكية، ومن أجل تقليل الانتباه العام دعا الفريق أول أحمد إسماعيل جميع وزراء الحكومة يوم 27 سبتمبر 1973 لزيارة هيئة الأركان العامة لإطلاعهم على الجديد من الأجهزة المكتبية والحاسبات الآلية".
كيف أصبحت اتفاقيه كامب ديفيد بداية الشعلة فى التخطيط لاغتياله
وعلى الرغم من أن حرب 6 أكتوبر كانت عنوان النصر لمصر، والتى خرجت مصر فيها بالسيادة الكاملة على قناة السويس، وعودة الملاحة إليها، في يونيو 1975، واستعادة جزء من أراضى شبه جزيرة سيناء، إلا أنها كانت البداية لملامح مشهد اغتيال الرئيس السادات حيث إنها كانت الطريق لاتفاق "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل، الذى عُقد بعد الحرب، في سبتمبر 1978 ، حيث كان "السادات" هو الرجل العربي الأول الذي يزور إسرائيل "من أجل السلام، ما جعله يواجه مقاطعة عربية، إضافة إلى انقلاب تيارات سياسية عليه بالداخل، أبرزهم جماعة الإخوان .
ليكن بعد ذلك آخر خطاب للرئيس الراحل فى 5 سبتمبر 1981 والذى جاء بعد سلسلة قرارات بالتحفظ على أكثر من 1500 شخصية، ليحدث بعد ذلك اغتياله في 6 أكتوبر من عام 1981 (بعد 31 يوما من إعلان قرارات الاعتقال) وبعد مرور 8 أعوام من نصر 6 أكتوبر، في عرض عسكرى كان يقام بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر، وقام بالاغتيال خالد الإسلامبولي وحسين عباس وعطا طايل وعبد الحميد عبد السلام التابعين لمنظمة الجهاد الإسلامي التي كانت تعارض بشدة اتفاقية السلام مع إسرائيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة