خلال عام 2018 لم يتوقف سيل تقارير الصحافة العالمية والتوقعات الخاصة باكتشافات الغاز فى شرق المتوسط والحديث عن تحول هذه المنطقة إلى مركز لصناعة الطاقة تلعب فيه مصر الدور الرئيسى بالتعاون مع جيرانها فى المتوسط.
واحد من التقارير التى سلطت الضوء على وضع مصر كقوة إقليمية فى مجال الطاقة، كان لمجلة بتروليوم إيكونومست، المختصة بشئون الطاقة فى العالم، التى رأت إنه فى ظل تزايد الإنتاج المصرى من الغاز الطبيعى المسال، بوتيرة سريعة، فإن مصر ترتدى تاج الشرق الأوسط للغاز الطبيعى المسال. مشيرة، إلى أنه عند الحديث عن منطقة شرق البحر المتوسط والإشارة إلى الغاز الطبيعى المسال، يتبادر إلى الذهن أمر واحد فقط وهو مصر.
فدول مثل قبرص واليونان وإسرائيل ولبنان ربما يقضون وقتا فى المناقشات الخاصة بتطوير مرافق الغاز الطبيعى المسال فى المستفبل، بينما مصر فى وضع مريح وفريد إقليميا من حيث وجود محطتين تعملان بالفعل. ولفتت المجلة، التى تغطى شئون الطاقة منذ عام 1934، إلى أن مصر تتمتع بسهولة الوصول إلى احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي الخاص بها فى البر والبحر، ويمكن أن تبدأ قريبا فى الحصول على كميات إضافية من بعض جيرانها. وتعتبر مصانع مصر للغاز الطبيعي المسال فى إدكو شرق الإسكندرى ودمياط وغرب بور سعيد، من الأصول القيمة.
التقرير لا ينفصل عن توقعات سابقة تضع مصر كقوة إقليمية على صعيد الغاز الطبيعى، منذ اكتشاف حقل ظهر فى البحر المتوسط، مما يجعلها جوهرة التاج فى منطقة شرق البحر المتوسط خاصة بالنسبة للدول الأوروبية التى تعتمد على إستيراد الغاز الطبيعى.
وفى تقرير فى مارس الماضى، قالت مجلة "ذا برايس" المعنية بأخبار الطاقة فى العالم، إن بينما أصبحت منطقة شرق المتوسط مصدرا رئيسيا لإنتاج الغاز الطبيعى، فإن مصر تقع فى قلب هذا المركز الصاعد للطاقة. وتحدثت عن توصل شركة نوبل إنرجى وشركاؤها إلى اتفاق مع الشركة المصرية القابضة Dolphinus لبيع الغاز من إسرائيل إلى مصر، فى صفقة تمثل بداية لحملة أوسع لتطوير الغاز الطبيعى فى شرق البحر الأبيض المتوسط، وتعزز خطط تحويل المنطقة إلى مصدر كبير لإنتاجالغاز، وربما الصادرات.
وتوضح أن مصر لديها القدرة التصديرية للغاز الطبيعى المسال، وجمع الغاز من شرق البحر المتوسط ، لذا فإن توجيهه عبر محطات تصدير الغاز الطبيعى المسال المصرية يعنى مصدرا جديدا للغاز الطبيعى المسال فى السوق العالمية.
كما كانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد كشفت قبل أشهر قليلة عن محادثات تجريها "رويال داتش شل" مع مستثمرين فى كل من مصر وإسرائيل للمساعدة فى تزويد مرفق التصدير، الذى تملكه شل. وأفادت بأن شل تدرس خطة تكلفتها 30 مليار دولار لمدة 15 سنة لشراء الغاز من الحقول فى المياه الإسرائيلية والقبرصية، ثم تسييل الغاز وتصديره من خلال مرفقها فى مصر.
هذه التقارير لم تنفصل عن خطوات ملموسة من القوى الكبرى للإستفادة من وضع مصر الجديد، ففى مطلع نوفمبر الماضى، قام فرانسيس فانون، مساعد وزير الخارجية الأمريكى لشئون الطاقةبجولة فى المنطقة شملا مصر وقبرص وإسرائيل، إذ أكد أن مصر لها دور محورى فى تنمية قطاع الطاقة فى شرق المتوسط لما لديها من المنشآت اللازمة لتصدير الغاز المسال والتى تعمل على تطويرها.
وخلال لقاءه بالصحفيين فى السفارة الأمريكية فى القاهرة تحدث عن إمكانات مصر من الطاقة وفرص الاستثمار التى تتيحها قائلا "نرى فرص وظروف مواتية لذلك فلديكم مساحة جيدة وشركاء راغبين فى تطويره، فضلا عن المناخ العام الذى يجعل المنطقة ومصر خاصة جذابة لذلك".
ولم يتوقف انتباه العالم لمصر على اكتشافات الغاز الضخمة، فجهود الحكومة المصرية على صعيد إستغلال الطاقة الشمسية لبناء محطات لإستغلالها فى توليد الكهرباء فى أنحاء مختلفة من البلاد، لفت أنظار العالم خاصة مع إنشاء أكبر مزرعة فى العالم للطاقة الشمسية فى قرية بنبان غرب أسوان، والتى تستهدف توليد أكثر من 1.8 جيجاوات لإمداد أكثر من 350 ألف من السكان بالكهرباء.
ورأت صحيفة لوس أنجلوس إن المزرعة التى تبنى بتكلفة 2.8 مليار دولار فى الصحراء الغربية وسيتم افتتاحها العام المقبل، سوف تضع مصر على خريطة الطاقة النظيفة. وهو ليس بالأمر البسيط بالنسبة لبلد عانى بسبب الإعتماد طويلا على الوقود الأحفورى الرخيص المدعوم من الدولة ويحصل حالياً على أكثر من 90٪ من طاقته الكهربائية من النفط والغاز الطبيعى.
وقال بنيامين عطية، وهو محلل فى مجال الطاقة الشمسية يعمل لدى شركة وود ماكينزى، فى الولايات المتحدة،: "هذه صفقة كبيرة، لا أستطيع أن أفكر فى مثال آخر يشهد تجمع العديد من اللاعبين الكبار لملء الفراغ."، ويشيد المسؤولون والمنظمات المالية الدولية بإمكانيات قطاع الطاقة المتجددة فى مصر لخلق فرص العمل والنمو بالإضافة إلى الحد من الانبعاثات فى بلد جاءت عاصمتها، مؤخرًا، كثانى أكبر مدينة تلوثا فى العالم، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وتستهدف الحكومة المصرية الحصول على 42٪ من طاقتها الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2025. وستتألف مزرعة بنبان من 30 محطة شمسية منفصلة، ويعمل فيها 4000 عامل. وفى إطار إستراتيجية أكبر، تدعم الحكومة المصرية برنامج محلى لتدريب المئات من طلبة المدارس الفنية فى مجال طاقة الرياح والطاقة الشمسية.