اسمه محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ولد في سنة 100 هجرية، وتمر اليوم ذكرى رحيله 6 ديسمبر 762 ميلادية، وفي سنة 132هـ حصلت المعركة الفاصلة التي هُزم فيها الأمويون، وتوقع العلويون أن الدنيا دانت لهم، لكن العباسيين كانوا لها بالمرصاد، وأعلنوا أبا العباس السفاح خليفة.
واستاء محمد بن عبد الله (الملقب بالنفس الزكية ) وندد بسياسة العباسيين الذين اغتصبوا السلطة، وغدروا بأصدقائهم، وتجاوزوا كل وعودهم، فاكتسب بذلك تأييدًا شعبيًا كبيرًا، وقد ساعده في هذا مكانته التي كانت تستقطب الاحترام والثقة، وخاف أبو جعفر المنصور من تفاقم ثورته، فاستنفر كل أجهزته للقبض عليه، فلم يصل إلى نتيجة، لأن محمدًا توارى عن الأنظار خوفاً من أن تُجهض حركته في مهدها.
وفي سنة 140هـ قدم المنصور إلى المدينة، وجمع بني هاشم،وسألهم عن النفس الزكية، فكانوا يعتذرون إليه ويستعطفونه ويقولون له "يا أمير المؤمنين قد علم أنك قد عرفته يطلب هذا الشأن قبل اليوم، فهو يخافك على نفسه، وهو لا يريد لك خلافاً ولا يحب لك معصية".
وفي سنة 144هـ وفي موسم الحج، ساق المنصور أسرة محمد النفس الزكية وهم مكبلون بالأغلال إلى الكوفة على إبل بدون وطاء، وهناك حشدهم في سجن مظلم، كانوا لا يعرفون فيه الليل من النهار، و قدم الجاحظ صورة مأساوية عن حال بني الحسن في سجون العباسيين، فقال"ومضى المنصور ببني حسن إلى الكوفة، فسجنهم بقصر ابن هبيرة، وأحضر محمد بن إبراهيم بن الحسن وأقامه، ثم بنى عليه أسطوانة وهو حي، وتركه حتى مات جوعًا وعطشًا، ثم قتل أكثر من معه من بني حسن".
أمام الواقع المأساوي الذي أصاب آل الحسن، وأمام الإلحاح الشديد من الأنصار بإعلان الثورة، خرج محمد النفس الزكية من مخبئه في أول رجب سنة 145هـ، وفاجأ الناس والوالي العباسي بالظهور، وتقدم بموكب من مائتين وخمسين مقاتلاً إلى سجن المدينة، وفتحوا أبوابه أمام السجناء المظلومين، ثم طافوا الشوارع وهم يهتفون بشعارات الثورة والتنديد بإرهاب العباسيين.
وانتهت المسيرة إلى دار مروان حيث كان يعتصم والي المدينة رباح بن عثمان، فاقتحموه، واستولوا على بيت المال، وقبضوا على رباح وأودعوه السجن، ثم اعتلى النفس الزكية المنبر وخطب الناس، محدداً أهدافه بحرب الطاغية المنصور، واستصدر من « مالك بن أنس » فتوى تجيز للناس التحرر من بيعة المنصور إلى مبايعة النفس الزكية، وقد برر ذلك قائلاً: "إنما بايعتم مُكرَهين، وليس على كل مكره يمين".
وتحرك أبو جعفر المنصور ناحية المدينة وحاصرها العباسيون من ثلاث جهات، تاركين جهة حرة لمن يرغب في الانسحاب أو الاستسلام، وبدأت المعركة وقتل محمد النفس الزكية على يد (قحطبة بن حميد) والذى فصل رأسه بسيفه، وقدمه إلى "عيسى بن موسى" الذي أرسله بدوره إلى المنصور، والذي أمر بأن يُطاف به في شوارع الكوفة.