طفل لم يتعدي عمره 15 سنة ويعيش بمعاناة جسدية أخرج عقله للنور فكرة بسيطة عظيمة ساعدته في الوصول للمركز الأول علي مستوي الجمهورية بالمرحلة الإعدادية في مسابقة "المخترع الصغير" التي نظمتها وزارة التربية والتعليم، إنه الطفل الأقصري "مصطفي ناصر شيبه"، 15 سنة، ابن قرية العشي بمدينة الزينية، والذي واجه وتحدي الظروف ليصل لتلك المرحلة الهامة في حياته من الصغر بإختراع آلة ممميزة تشبه السلم الكهربائي لخدمة حصاد قصب السكر وتوفير الأموال والعمالة والوقت خلال فترة الحصاد التي تبدء بنهاية الشهر الجاري من كل عام.
وفي هذا الصدد قال الطالب مصطفي ناصر شيبه إبن قرية العشي بمحافظة الأقصر، أنه لم يكن يظن أن تلك الفكرة البسيطة التي ساعدته في تطويرها أسرته بالكامل يمكن أن تصل لهذا المستوي وتساعده في الحصول علي المركز الأولي علي مستوي الجمهورية بمسابقة المخترع الصغير، مؤكداً أنه شارك بالفكرة في المسابقة وحصد المركز الأول علي الإدارة ثم علي مستوي المحافظة وأخيراً نال المركز الأول علي الجمهورية لمخترعي المرحلة الإعدادية بالقاهرة، موضحاً أنه ولد مريضاً هو وشقيقه محمود بمرض "العظام الزجاجية" الذي يولد به الطفل ويتسبب في تكرار الكسور وفي حالته فهو يعيش برفقة شقيقه علي "كرسي متحرك"، ولكن ذلك لم يمنعه من التفكير، مؤكداً أنه يحب العلم والتعلم والإبتكار منذ طفولته ولذلك يتمني من الرئيس عبد الفتاح السيسي دعم مشروعه ومساعدته في العلاج بألمانيا ليصبح عالم كبير مثل الدكتور أحمد زويل يرفع إسم مصر داخلها وخارجها.
وأضاف الطالب مصطفي ناصر في لقاؤه لـ"اليوم السابع"، أن بداية قصة مشروعه الفائز بالمركز الأولي علي مستوي الجمهورية جاءت خلال تواجده برفقة والده علي الكرسي المتحرك في مزرعة قصب السكر الخاصة بوالده، وعندما تغيب عدد من العمال تعطل العمل لديهم وعاني والده كثيراً في نقل محصول القصب من الأرض حتي عربة الجرار الذي يحملها لمصنع السكر العام الماضي، ولاحظ أن تلك العملية تحتاج من 5 لـ10 عمال في نقل محصول في فدان علي الأقل وسط متاعب كثيرة بجانب إحضار معدة تسمي "الكباش" لنقل كميات القصب وتعريض الأرض للخطر لوزنها الذي يتعدي 2 و3 طن، فوضع الفكرة في رأسه لحين الوصول لحل لدعم والده في حصاد القصب.
وعندما توجه بعد أيام للطبيب بمحافظة قنا الذي يتابع حالته وشقيقه محمود شاهد "السلم الكهربائي" في أحد مولات المدينة، وعادت لرأسه الفكرة من جديد، وعاد للمنزل وبدأ في تصميم ذلك المشروع علي أوراق وأعد ماكيت من أوراق الكرتون والورق المقوي حتي وصل لنهاية فكرته بعمل مايشبه سلم كهربائي لنقل القصب من الأرض حتي مكان تحميلها سواء كان قطار قصب أو جرار يحملها حتي مصنع السكر بأرمنت.
وقال المخترع الأقصري مصطفي ناصر شيبه: "مشروعي عبارة عن آلة ترفع قصب السكر للقاطرة بدلاً من حمل العمال له وتوفر الوقت والجهد من العمال في فترة حصاد القصب، والجهة اللي تقدر تتبني المشروع هيا شركات ومصانع قصب السكر علي مستوي الجمهورية، أو الحكومة تتبني المشروع بنفسها لتصنيعه وبيعه للمزارعين في مختلف أنحاء الجمهورية، وبتمني لقاء الرئيس السيسي أو أحد المسئولين عشان يظهر مشروعي للنور لأنه هيفيد ناس كتير وبالذات أهل الصعيد في موعد تحصيل قصب السكر وهيخدم بلدي كتير ويوفر عليها مبالغ كبيرة".
وأكد أنه خلال مشاركته بالمسابقة قدم له الجميع كل التقدير والمحبة ولم يتواني أحد في دعمه حتي نال المركز الأول على مستوي الجمهورية.
وعن دعم أسرته له خلال فكرة مشروعه ومراحل المسابقة المختلفة قال المخترع الصغير مصطفي ناصر، أن والده ساعده وأوصله إلى ورشة ميكانيكي في قرية العشي وقدم له كل الدعم لتنفيذ ماكيت صغير بفكرة المشروع وساعده ببعض المعدات للوصول للشكل النهائي للفكرة، كما ساهم معه شقيقة محمود الذي يتمتع بحركة أكبر منه ويستطيع حمل المعدات وفك وربط المسامير، حيث قال شقيقه محمود ناصر لـ"اليوم السابع"، إنه ساعد شقيقه مصطفي على رسم المشروع علي الكمبيوتر وعمل مجسم له لكي يسهل التنفيذ عليه وفي البداية لم يكن يفهم ما يقوم به أخيه، ولكن مع وصول المشروع للماكيت النهائي فهم أنه يعد مشروعا يخدم الآلاف من مزارعي قصب السكر في الأقصر وصعيد مصر.
أما الحاج ناصر شيبه محمد المهدي، والد المخترع الصغير مصطفي، فقال: "أول ما مصطفي قاللي علي فكرة السلم لرفع القصب كنت عاوز أضربه وقولتله بلاش هبل دي حاجات مش هتنفع، وحتي عندما إصطحبته للورشة لتنفيذ فكرته كنت متخيل أنه بيهيس وقولت أخده علي عقله عشان أرفع روحه المعنوية، وفي البيت كان بيفك ويركب ويتبهدل بالشحم والمفكات والعدة، وبرضه ساعدته في الوصول للمسابقة حتي فاز بالمركز الأول علي الجمهورية".
وأضاف والد المخترع الصغير مصطفي ناصر لـ"اليوم السابع"، أنه يعيش في منزل ولديه طفلان مصابان بمرض "العظام الزجاجية" وهي معاناة كبيرة لهم في التعامل معهما فهو يضطر للنهوض يومياً من 5 فجراً حتي يستطيع توصيل إبنيه لمدرستيهما في السابعة للأول والثاني في الثامنة صباحاً، وأضاف:"الطفل المريض بالعظام الزجاجية يحتاج وقت في السرير حتي يفوق ويستطيع تجميع عظامه ونفسه حتي يقوم من السرير".
وأوضح أنه مزارع يعيش على قطعة أرض يزرعها بمحصول القصب، مضيفا أن ظل برفقة ابنه 6 أيام بمفردهما في القاهرة خلال أيام مسابقة المخترج الصغير المنظمة من وزارة التربية والتعليم مشدداً علي أن إبنيه مصطفي ومحمود يحتاجان لعلاج بدرجة أعلي من قدراته، فطبيبهما الخاص أخبره أن علاجهما لا يوجد في مصر ولكن في ألمانيا مناشداً الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية والدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة بدعمه وإرسال أبناؤه لرحلة علاج لألمانيا حتي يستطيع ابنه مصطفى إكمال حلمه بتنفيذ المشروع علي أرض الواقع وخدمة الآلاف من العاملين في زراعة قصب السكر سنوياً، وكذلك الاستفادة من عقله الكبير في إختراع وابتكار المزيد والمزيد لمصر بعد علاجه في الخارج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة