بثقافة فريدة تختلف عما سواها ، استطاعت الصين الحفاظ على قيم مجتمعية لم تتأثر كثيراً بالغرب، وهو ما تلخصه المقولة الصينية الشهيرة "إذا أردت أن تسعد شخصا استضفه فى الصين، وإذا أردت أن تتعس شخصا أحضره إلى الصين أيضا"، وتعنى وفق ما هو راسخ فى وجدان عموم الصينيين أن الصين جنة لمن يتفهمها بعاداتها وتقاليدها ، وناراً لمن يتمرد على تلك العادات والتقاليد ويحاول الخروج عن طقوس شعبها.
وفى محاولة لترسيخ تلك العادات والتقاليد ، والانفراد بنموذج مجتمعى لا يتأثر بمعايير الغرب وعاداته وتقاليده، بدأت الصين تخطيط وتصميم نظام إلكترونى جديد سيبدأ العمل به اجبارياً فى عام 2020 يدعى "نظام الائتمان الاجتماعى"، أو “Social Credit System”، وعمله هو تقييم المواطن كإنسان، على أن يكون لكل شخص تقييم خاص به قد يزيد وقد ينقص طبقًا لما يقوم به من أفعال وتصرفات.
وظهرت هذه الفكرة لأول مرة فى وثيقة من مجلس دولة الصين نشرت فى يونيو 2014، الذى أكد المجلس وقتها أنها خطوة تكنولوجية مذهلة جدا، لتقييم الأشخاص وبدأ وضع نقاط مثل الثواب والعقاب.
وقالت مجلة "wired" البريطانية، إن النظام بسيط نسبيا، حيث سيحصل كل مواطن فى الصين على تقييم مشابه لمبدأ درجات الاختبار فى المدارس تماما، ويأتي من مراقبة السلوك الاجتماعى للفرد، وتعامله مع الآخرين، وعمله وتصرفاته، وبذلك ستصبح معيارا للشخص هل هو جيد أم سيئ، هل هو جدير بالثقة أم لا؟ وسيكون هذا التقييم مرئيا للجميع.
نظام تقييم الأشخاص فى الصين
وأضاف الموقع، أن ذلك التقييم أيضا سيؤثر على أهلية المواطن لحصوله على عدد من الخدمات من بينها أنواع الوظائف، والقروض العقارية، كما يمكن أن تؤثر على المدارس التى سيرتادها أطفاله، أو الحصول على تأشيرات سفر أو تسهيلات فى كل شئ فى الحياة اليومية.
وبدأت الصين بالاتفاق مع 8 شركات خاصة لتحديد الخوارزمية البرمجية بحيث تشمل مساحة الصين الواسعة، وبالتالى كمية هائلة من البيانات التى سيحتويها النظام، حيث من المقرر أن تجمع الشركات جميع البيانات الخاصة بالمستخدمين أو المواطنيين من خلال الشراء عبر الإنترنت أو الدخول على مواقع التواصل الاجتماعى.
وسيحصل المشروع على تمويل من الكثير من الجهات والشركات مثل: شركة China Rapid Finance، وهى شريكة للشبكة الاجتماعية العملاقة Tencent، وهناك أيضًا Sesame Credit، وهى شركة تابعة لمجموعة على بابا الشهيرة، وكلا الشركتين لديهما إمكانية وصول إلى كميات مخيفة من البيانات، الأولى عن طريق تطبيق WeChat "المستخدم من قبل 850 مليون مستخدم"، أما الشركة الثانية فمن خلال خدمة الدفع الإلكتروني AliPay.
تقييم الأشخاص فى الصين
وقال Li Yingyun المدير التقنى لشركة Sesame Credit، أن النظام سينتهى به المطاف إلى أن يكون شديد التقييد بالقول أنه يمكن الحكم على الشخص بمشترياته، فالشخص الذى سيشترى العديد من ألعاب الفيديو فسيعتبر شخصا كسولا وقد تنقص نقاطه، أما الشخص الذى يكثر من شراء الحفاضات أو مستلزمات المنزل، فهو بالتالى شخص عالى المسئولية وستزيد نقاطه.
وفى السياق نفسه بدأت حملة الآراء المختلفة بين مشجع ومؤيد، فمنهم من رأى أن لهذا النظام تطورات إيجابية للفرد وتشجيعه على تحمل المسؤولية، والعمل الجيد للحصول على تقييم أكبر ويصبح جديرا بالثقة.
تقديرات المواطنين فى الصين
وسيعتمد النظام على بضعة بيانات لتقييمك، بالتالى من الممكن أن ترسم صورة غير دقيقة وغير كاملة عن الشخص، والمشكلة الأكبر أن "السلوك المقبول اجتماعيا" سيتم تعريفه من قبل الحكومة الصينية، وليس عن طريق هيئة موضوعية، أى من المؤكد ستتخذ تدابير عقابية لمن يكسر هذه الثقة، وبذلك ستضرب الحكومة طائرين بحجر واحد، وسيكون لديهم وسيلة لتعزيز وتنفيذ ما يعتبرونه "سلوك مقبول اجتماعيا"، وسيكون لديهم وسيلة لمراقبة جميع جوانب المواطنين تقريبا.