تناول المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، فى الجزء الثانى من بحثه عن "المشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسية"، دراسة تحليلية فى المدخل لتحقيق التنمية والاستقرار الآمن للوطن.
وتطرق "خفاجى" فى بحثه، لدراسة تحليلية فى الفكر الدستورى والسياسى فى ظل الأنظمة الديمقراطية والمتولدة عقب الثورات المتعاقبة، لتحديث الدولة، وتحدث البحث عن عدد من النقاط أهمها:
أولا- الأحزاب السياسية قديما كانت تفوق الأحزاب الحديثة تفاعلا
يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى فى بحثه، إن الحديث عن الأحزاب السياسية فى مصر حديث عن الشجن والألم السياسى، فالأحزاب السياسية قديما كانت تفوق قدرة الأحزاب السياسية حديثا فى الاتصال بالجماهير، وقدرتها فى التأثير عليها، ففى بدايات القرن العشرين، وتحديدا قبل ثورة يوليو 1952، كان لها تأثير قوى وفعال فى نفوس الجماهير، ففى ظل ثورة 1919 سادت ثلاثة أحزاب سياسية عام 1922، هى: الوفد الذى أعلن عن تكوينه عام 1918 معلنا عن برنامجه الانتخابى فى 26 أبريل 1922 والحزب الوطنى، وحزب الأحرار الدستوريين .
وأضاف البحث، أن الأحزاب السياسية وصل عددها الآن لما يقارب 100 حزب أو يزيد، وقد أصبحت بحالتها الراهنة عبئا على النظام الديمقراطى فى مصر، ما يقتضى من كثير من تلك الأحزاب، خاصة معدومة الاتصال بالجماهير، إعادة النظر فى شأنها، بدمجها مع أحزاب تتشابه فى أيديولوجيتها السياسية، ليقوى ساعدها فى الميدان السياسى .
ثانيا - عزوف المواطن عن الانضمام للأحزاب يرجع لإيهامه بمحدودية دورها
ثالثا - دور الأحزاب فى المشاركة الشعبية للصوت الانتخابى مشروط بالتمسك بالمصالح الوطنية العليا، فهناك عديد من الأسباب وراء تدنى نسب المشاركة الشعبية فى الانتخابات، ولعلنا لا نجافى الحقيقة لو قلنا إن هناك عديدا من الأسباب أهمها يرجع لضعف دور الأحزاب فى الشارع السياسى.
رابعا - الأحزاب السياسية مثل أى كائن حى، تصيبها أمراض تسمى أمراض التنظيمات السياسية، وأخطرها المال السياسى وظاهرة الأحزاب الخفية أو المتحركة، وهو أخطر شىء تواجهه العملية السياسية، فالأحزاب فيما بعد مرحلة الحزب الوطنى تعرضت لموجة المال السياسى، الذى تحول بعد ذلك لمرض حزبى تسلل للبناء التنظيمى فى أحزاب عديدة، والتاريخ يوثق ويرصد، إذ كان كل شىء عرضة للبيع والشراء حتى الترشح للمقاعد النيابية والمجالس المحلية .
خامسا - يجب ألا تخضع الأحزاب للقولبة أو التنميط لتعبر عن الرأى العام، كما يجب أن يكون البناء القاعدى لها من القاع للقمة وليس العكس، ويجب على الأحزاب ألا تخضع للقولبة أو التنميط، بل يجب عليها التفاعل مع المجتمع لتكون معبرة عن الرأى العام تعبيرا حقيقيا، كما يجب التركيز على البناء القاعدى للأحزاب وأن يكون سليما من القاع للقمة، أما إذا كان من القمة للقاع فإنه بهذا يصبح تجمعا حول السلطة أكثر من كونه حزبا سياسيا، كما يجب أيضا الاهتمام بالبناء التنظيمى للأحزاب، الذى يكون متماسكا إذا قام على المساواة والديمقراطية التنظيمية، فالمشاركة للجميع والقرار للأغلبية، لا أن تتحكم الأقلية، فحزب بلا تنظيم هو حزب بلا روح .
سادسا - الاقتراع ليس مسألة انتخاب فحسب، والشعوب تصنع دولها صياغة للعقد الاجتماعى للأمة، فمشاركة المواطنين الذين لهم حق التصويت فى الانتخابات الرئاسية واجب دستورى من أجل صيانة استقلال وعزة البلاد، وإدخال اليأس فى نفوس أعداء الوطن، وحماية الوطن من السقوط فى أيدى الإرهابيين، وذهاب كل أطياف الشعب المصرى لصناديق الاقتراع لقول رأيها فى الانتخابات سيكون ملحمة سياسية يسطرها الشعب، فالانتخابات عملية سياسية وأيديولوجية ووطنية من الطراز الأول، إنها نموذج راق من العمل السياسى، وليست مسألة انتخاب فقط، فالشعوب تصنع دولها نتيجة هذه المشاركة، فلا صوت يعلو فوق صوت الشعب، فهو صاحب القول الفصل الذى لا يقبل التأويل والتشكيك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة