صدر منذ أيام عن دار سما للنشر والتوزيع، كتاب تحت عنوان "كتاب عادل إمام.. الغالب مستمر"، للكاتب أشرف بيدس، يقع الكتاب فى 455 صفحة، ويدور حول مسيرة الزعيم الفنية منذ 1964 وحتى 2017، ويرصد الكتاب بداياته التمثيلية حتى صعوده القمة منفردًا بها محققًا نجاح لم يستطع فنان آخر فى العالم من اجتيازه.
تحت عنوان "قبل البداية" كتب أشرف بيدس: فى الفن أيضًا "الغالب مستمر" كما فى الحياة.. لذلك ظل عادل إمام مستمرًّا لأنه ظل "غالبًا" كما أنه لم يشهد إخفاقات أخرجته من اللعبة أو عصفت بمكانته، لذا ظل يلعب حتى سجل أرقامًا قياسية.
وأوضح الكاتب أن الاستمرارية لا تعنى التواجد كضيف شرف يعيش على أثار نجاحاته السابقة، وإنما الاستمرارية تعنى التوهج والنجاح المتواصل والقدرة على الإدهاش والتأثير، وهذا ما فعله عادل إمام، إنه ظل مستمرًا لأنه ظل يكسب سواء فى جيله أو الجيل الذى تلاه أو الجيل الذى تلا الجيل الذى تلا جيل جيله، لذلك كان منطقيًا أن يكون اسم الكتاب: عادل إمام.. الغالب مستمر.
يكشف المؤلف عن موقفه من الكتابة عن عادل إمام، قائلا: لا استطيع أن أزعم أننى كنت من جماهير عادل إمام، ولا يمكننى بأى حال من الأحوال أن أصف موقفى بأنه على الجانب الآخر من هذه الجماهير المحبة له، حتى الحيادية رفاهية لم أنعم بها تجاه هذا الفنان الكبير، لقد ظل عادل إمام بالنسبة لى علامة استفهام كبيرة لم أستطع الإجابة عليها بوعى أو دون وعى، ورغم أن موقفى هذا يعتبر شاذًّا لأن فنانًا بحجمه إما أن تحبه أو تأخذ منه موقفًا، ولا يمكن أن يكون عابرًا أو مؤجلاً الحكم عليه، لكنها الحقيقة، وكنت دائمًا أضبط نفسى فى حالة دفاع شديدة عندما يشن البعض هجومًا على أفلامه، وتلك معضلة أخرى لم أجد لها تفسيرًا، وأحيانًا - وللغرابة- أفتش عن العيوب عندما أرى البعض يشيد بأعماله، أغلب الظن أننى كنت أعجب به سرا دون إفصاح أو إعلان، لتزداد علامات الاستفهام، واحدة بعد أخرى.
ويوضح الكتاب داخل كتابه، أنه يتناول سيرة فنية عن مسيرة عادل إمام، تناول الجزء الأول منها عرض تحليلى لموهبته وشهرته التمثيلية، ومن أجواءها: "ليس فى الأمر صدفة إنه الوعى المبكر، عندما يكتشف طريقه لم يقترب منها أحد توافق تكويناته اللفظية والحركية والبدنية، ويسك بها عملة متفردة، استعصى على الآخرين تقليدها أو اختراقها، هو الفنان الوحيد الذى كسب السلطة والجماهير، والكوميديان الوحيد الذي سطرت مقالات تهاجمه وتمدحه في آن واحد، وبعد ما تجاوز ما تجاوزه من سنوات مازال يعمل دون استعانة بشفقة أو جبر خاطر، لم يكن يتخيل أكثر المتفائلين أو المتشائمون أن تقلع الطائرات من البلدان محملة بالمعجبين من كل حدب وصوب، شمالا وجنوبا، مدفوعين بحلم رؤيته فى مسرحه الذى لا يدخله غير الباحثين عن المتعة دون ابتذال والبهجة بغير تبجح، وليس فى الأمر خدعة، أنها الإرادة التى يسرت للحالم المجتهد الموهوب من الوصول إلى قمة الفن، ويصير معلما من معالم بلاده، ولم يكن الأمر سهلا أو حتى صعبًا، لأن السهولة والصعوبة تتجاوز تفاصيل كثيرة يمكن أن تفسد متعة الرحلة، التى كانت طقوس كاشفة يهتدى بها الطامحين والساعين لتغيير واقعهم، عادل إمام استثناء فى زمن اعتيادى.
غلاف الكتاب
ثم تناول الكتاب نشأة الفنان الكبير فى حى الحلمية حيث جاء على لسانه "كانت طفولتى عادية وفقيرة. كنت ساكنًا فى حى الخليفة، وهو أحد أحياء الحلمية. وهى كلها مناطق شعبية فيها أصالة الشعب وحساسيته، وفيها الجوامع والحياة الاجتماعية والعزايم والجو الرمضاني الدائم. والجو الروحي هو الجو المسيطر عليها على الدوام. ومن هنا لم يكن غريبًا أن تكون تربيتي تربية دينية. والدي كان موظفًا، وكان ورعًا متدينًا يحفظ القرآن ويقرؤه. وهكذا بين والدي واهتماماته وبين الحياة الشعبية في الحي الذي عشت طفولتي فيه تفتح وعيي ولاوعيي، وهذا ما ساعدني كثيرًا حين كبرت، حيث إن «حشريتي » كانت تقودني منذ طفولتي إلى رصد الحياة في الحي ورصد كل الظواهر مصرًّا على عدم ترك أية ظاهرة تمر أمامي من دون أن أسجلها في ذاكرتي. وهذا الرصد كله يمكنك أن تلمحه في عملي على كل الشخصيات التي ألعبها اليوم. كانت حياة أسرتنا حياة فقيرة أو بالأحرى أقل من متوسطة. ونحن أساسًا “فلاحين” أصلنا من المنصورة. أما أنا فقد ولدت في القاهرة. ومنذ طفولتي أدركت أن أسرتي فقيرة ماديًّا، غنية بطموحاتها. في أسرتنا كان يمكنك أن تلتقي بعمال وفلاحين كما بدكاترة متخرجين من إنكلترا. بشكل ما يمكنك أن تقول أننا نمثل مصر بشتى فئاتها الشعبية. وهذا الواقع عشته ورصدته في طفولتي. في المدرسة كنت شقيًّا، لكني لم أكن غبيًّا. كنت عفريتًا"…
في حي الحلمية كانت النشأة وبدايات التكوين نحو اكتشاف الدنيا بمفرداتها وتفاصيلها المتنوعة، يؤدي فوق خشبته دوره الذي كتبته أقداره.. بدأ الغيث يسقط مع تقليد كل من حوله، أهل وجيران وأصدقاء، وفي مدرسة بنبا قادن كانت “الخربشة الطفولية” تحاول أن تحدث ضجيجًا يلفت الأنظار ويفرغ عن الرغبات المكبوتة..
وفي الجامعة التحق بفريق التمثيل.. وراح الغيث يتكاثر رويدًا رويدًا وذاع صيته من خلال أسرة الشهيد جول جمال بالكلية، التي اهتمت بتنظيم الرحلات وحفلات السمر وتقديم أجزاء من مسرحيات الريحاني، وعروض بانتوميم، وتقليد، وإسكتشات ضاحكة، ومسابقات من كل نوع، وكان هناك إقبال كبير من الطلبة للحضور والتفاعل مع ما يقدم من زملائهم، مزيد من المسارات الضيقة تفسح بصيص من النور للموهبة في الانطلاق والتمرس، وكان ذلك يوثق أكثر وأكثر علاقة الطالب بالفن ومهنة التمثيل, في هذه الاثناء تقدم لامتحان مسارح التليفزيون, وقد كانت أول أدواره مشهد صغير من خلال مسرحية "ثورة قرية" للمخرج حسين كمال, واقتصر دوره علي جملة واحدة "معايا عسلية بمليم الوقية" وتبدأ الرحلة عندما يسند له فؤاد المهندس دور "دسوقي" وكيل المحامي في مسرحية "أنا وهي وهو" والتي اطلق فيها جملته المشهورة "بلد بتاعت شهادات".
الجزء الثاني من الكتاب يتناول رحلة الصعود إلي القمة والتي بدأت مع بدايات السبعينيات بعد ادوار عديدة خلال النصف الثاني من الستينيات مهدت لظهور نجم جديد في الكوميديا استطاع أن يحتمل مكانه وسط اسماء عديدة في ماراثون طويل حتي وصل إلي ما وصل إليه, ويرصد الكتاب في هذا الجزء البدايات لكل النجوم الشباب في ذاك الوقت : عزت العلايلي ومحمود يس وحسين فهمي ونور الشريف وسمير غانم وسعيد صالح, والجيل الذي تلاهم محمد صبحي ويحيي الفخراني ومحمود عبد العزيز, ثم احمد زكي وفاروق الفيشاوي, من خلال أعمالهم السينما وإلقاء الضوء عليها، وأهم الأعمال التي قدمت في الثمانينيات والتسعينيات.
أما الجزء الثالث فيتناول سينما عادل إمام وفى عرض لجميع أعماله السينمائية والتليفزيونية والمسرحية والاذاعية والتي بلغت 125 فيلمًا، و21 مسلسلا إذاعيا وتليفزيونيًا، و13 مسرحية.
يكشف الكتاب أن عادل إمام تعاقب عليه 5 أجيال من النجوم والنجمات واستطاع أن يحتفظ بالصدارة طوال مشواره الفنى، وهو الفنان الوحيد الذى ظل نجما فى السينما والتليفزيون والمسرح والإذاعة، وبلغ عدد النجمات اللائى وقفن أمامه 116 فنانة، وكذلك المخرجين الذين تعامل معهم وبلغوا 58 مخرجا باستثناءات قليلة ولخلافات فى وجهات النظر، أما المؤلفين الذى تعامل معهم منذ بداياته وحتى آخر أعمالهم بلغوا 78 مؤلف وكاتب.
يقدم الكتاب أرشيفًا للصور تتناول مراحل عمره الفنية يصاحبها قائمة مصورة لافلامه، وكذلك أهم تصريحاته وأقواله فى وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة، وأهم ما كتب عنه، وعلاقته بالجماهير والسلطة، وقد اعتمد المؤلف علي أكثر من 220 مرجع صحفى والكترونى والعديد من الكتب في انجاز كتابه الذي يرصد الحياة الفنية لعادل إمام فى أكثر من نصف قرن.