توقع موقع"أويل برايس" المعنى بشئون النفط والطاقة حول العالم، إندلاع صراع فى منطقة شرق المتوسط حول الغاز، بعد تطاول الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ومحاولته التعدى طمعا على غاز المنطقة فى ظل الاكتشافات الضخمة خلال الأعوام القليلة الماضية.
وقال الموقع فى تقرير له الخميس، إن التفاؤل بشأن اكتشافات الغاز المستمرة شرق البحر المتوسط يمكن أن تواجه حقيقة قاتمة قريبا. ففى الوقت الذى تقوم فيه تركيا بعمليات عسكرية تعتدى فيها على الأكراد شمال سوريا، فإن أنقرة أبدت شهيتها لمواجهة أخرى عندما منعت البحرية التركية سفينة تنقيب تابعة لشركة إينى الإيطالية من الوصول إلى منطقة بحرية قبرصية حيث تزعم أنقرة أن احتياطات الغاز هناك من حق الجزء التركى من الجزيرة.
وأصبحت الحدود البحرية لقبرص الآن ساحة المعركة الثانية بين أعضاء الناتو، بعد المواجهة التركية مع الجيش الأمريكى الذى يدعم حاليا القوات الكردية السورية "وحدات حماية الشعب" فى عفرين ومنبج شمال سوريا. ويشير التقرير إن سياسات أنقرة وإسقاطات السلطة الإقليمية لم تعد مرتبطة بحزب العمال الكردستانى والأكراد فى المنطقة هذه المرة ولكن بأصول الطاقة. فمنذ اكتشاف الغاز فى البحر المتوسط قبالة سواحل قبرص، الأسبوع الماضى فى مشروع مشترك بين شركة توتال واينى، كثفت تركيا نشاطها العسكرى فى المنطقة.
وعلى الجانب الآخر من منطقة الشرق الأوسط، لم تجلس مصر صامتة عندما ظهرت بوادر الأزمة القبرصية التركية. وكما كان متوقعا، وبسبب تصريحات الرئيس التركى المستمرة المؤيدة للإخوان ونشاطه العسكرى فى سوريا والقرن الأفريقى، وضعت القاهرة ثقلها وراء نيقوسيا. وفى بيان حاسم، دافع وزير الخارجية سامح شكرى، ليس فقط عن مشاريع التنقيب عن الغاز فى قبرص، لكنه أكد أيضا أن الاتفاق البحرى بشأن المنطقة الاقتصادية الخالصة لعام 2003 سارى المفعول. لذلك فإن أى تحرك تركى لوقف هذا سيعتبر هجوما على مصر أيضا.
وفى عام 2003، وقعت القاهرة ونيقوسيا اتفاقا لإنشاء منطقة اقتصادية فى شرق البحر الأبيض المتوسط لزيادة استكشاف الغاز فى البحار. وتعارض أنقرة هذه التحركات، لأنها تدعى حقوقا قانونية على الموارد البحرية لقبرص التركية، التى احتلتها عام 1974. ورفض وزير الخارجية التركى ميفلوت كافوس أوغلو الاتفاق قائلا إنه "لاغ وباطل". لكن القاهرة حذرت تركيا من المساس بحقوقها السيادية.
وتقول "أويل برايس" إنه على الرغم من أن قبرص ومصر يدعمهما الاتحاد الأوروبى، فإن أنقرة تواصل مزاعمها. وقد بدأت تركيا الآن فى مواجهة السفن اليونانية فى مناطق أخرى. وفى الوقت نفسه، يحذر أردوغان المشغلين الدوليين من أنهم قد يفقدون صداقة أنقرة. وتضيف إنه بالنسبة لمصر فإن الوضع يعتبر تهديدا للأمن القومى. وتتطلع القاهرة إلى التوسع فى إنتاجها البحرى، وذلك مع إكتشاف حقل ظهر للغاز وحقل أخر إكتشفته شركة بريتش بتروليوم.
وفى رد فعل على التهديدات التركية، قال النائب اللواء ممدوح مقلد: "ليس علينا أن نلتفت إلى التصريحات التركية، وعلينا أن نستمر في التنقيب عن الغاز فى البحر الأبيض المتوسط وتجنب محاولات تعطيلها". وبالنسبة للقاهرة، فإن الإستقرار فى المنطقة أمرا هاما حيث يجرى تنفيذ خطط لتصبح مصدرا للغاز الطبيعى المسال فى عام 2020.
وتضاف هذه الخطط إلى الإنتاج الإسرائيلى القبرصى المشترك. ويشير التقرير إلى توتر العلاقات بين إسرائيل وتركيا وتراجع إسرائيل عن خطط لتصدير الغاز عبر خط أنابيب لتركيا، على الرغم من دعم الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبى، غير أن الموقف الإقليمى الحالى لأردوغان يقوض كل هذه الجهود.
فالطريقة الوحيدة لجعل الغاز الإسرائيلى جذابا تجاريا ليتم تصديره فإنه يجب تصديره بالشراكة مع مصر. ويبدو أن الخيارات الاستراتيجية فى أنقرة الآن تعمل على تعزيز العلاقات المصرية الإسرائيلية أكثر من ذلك. وتعتبر قبرص، باعتبارها بلدا أوروبيا وعضوا فى منظمة حلف شمال الأطلسى الباب لأوروبا، ومن ثم تمثل أهمية استراتيجية. ومع إمكانية إعادة بدء والتوسع فى خطط تصدير الغاز الطبيعى المسال فى مصر، فإنه يجرى إنشاء تحالف ثلاثى جديد من (الغاز).
غير أن التقرير يشير إلى تحدى أخر من لبنان حيث هدد حزب الله بشكل مباشر عمليات النفط والغاز الإسرائيلية البحرية. وحتى الأن لم يتم تسوية الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، لذا يخشى المحللون العسكريون مواجهة كبيرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة