10 سنوات، كيف استطاع هؤلاء الشباب صنع تاريخ للصحافة الإلكترونية فى مصر والوطن العربى؟ لماذا لم تنجح مؤسسات صحفيه كبرى فيما نجحوا فيه؟ تعاقبت رؤوس الأموال وتغيرت الملكيات لكن بقى هؤلاء وحدهم هم سر النجاح.
أكتب اليوم عن واحدة من أهم المؤسسات الصحفية فى الوطن العربى بكل موضوعية، ولست متحيزا باعتبارى واحدا من أقدم كتابها لكنى وبكل أمانة أرصد مراحل تطور موقع وجريدة «اليوم السابع» لأرى فيها قصة يجب أن تحكى.
البدايه كانت فكرة للرواد من فريق «اليوم السابع»، بقيادة الزميل خالد صلاح، وكان فى هذا التوقيت موضوع الصحافة الإلكترونية ليس بهذا الزخم الموجود الآن، فعوامل النجاح لم تكن واضحة تماما.
وجاء التدخل الأول من رأس المال الذى فقط قدم الدعم المادى لهؤلاء المؤمنين بفكرتهم وكانوا عند حسن الظن وظهرت مؤشرات النجاح، وبدأ ضخ رأس المال فى مشروع صحافى تجارى بدأ أولى خطوات النجاح.
إلى أن زاد عدد الصحفيين وأصبح «اليوم السابع» مؤسسة بمعنى الكلمة وتغيرت الأحوال السياسية، وجاء التغيير الثانى لرأس المال الممول لـ«اليوم السابع»، واستمرت الجريدة فى الانتشار والتوسع وهذه المرحله شهدت طفرة حقيقية فى تواجد الجريدة بين الصحف المحلية والعربية، وهنا بدأ «اليوم السابع» «من وجهة نظرى» يصبح مؤسسة صحفية تربح مالا، وهذا قلما يكون موجودا حيث إن الكثير من الصحف أو أغلبيتها تخسر مبالغ مالية طائلة.
وتغيرت الملكية للمرة الأخيرة بعد استحواذ شركة إيجل كابيتال على مجموعة إعلام المصريين ومنها «اليوم السابع».
وأنا مؤمن تماما أن لا فضل للملاك أصحاب رأس المال يذكر فى نجاح «اليوم السابع» إذا ما قارناه بفضل هؤلاء الشباب الذين أخلصوا فى عملهم إلى أن وصلوا لهذه المكانة.
فكثير من المؤسسات الصحفية تملك رأس مال أكبر بكثير مما يملكه «اليوم السابع» والصحف القومية لديها من الأدوات والإمكانيات التى تفوق بمراحل «اليوم السابع» فلماذا لم يملكوا موقعا إلكترونيا بقوة موقع «اليوم السابع»؟ الإجابة وبكل صراحة تكشف لك عن أن النجاح لم يكن سببه رأس المال، النجاح سببه وسره هم شباب الصحفيين فى «اليوم السابع».
وطبعا وراء تغير الملاك فى حياة «اليوم السابع» قصص كثيرة تحكى، لكن تستطيع أن تقرأ جزءا من تاريخ مصر المعاصر وفقا لتغير طبيعة الملاك، وهذا أيضا يحسب لـ«اليوم السابع»، فالجميع يحرص على أن يكون له اتصال بهذه المؤسسة صاحبة التأثير.
أما عن المضمون فهناك فكرة رائعة فى إدارة هذه المؤسسة أعتقد أنها تمثلت فى أن مديرها لا يعرف أن يمارس «أبهة» الإدارة ودائما يشعر أنه كنا فين وبقينا فين فمازال يتخيل أنه يدير جزءا من حلمه الذى هو بالفعل تحقق، لكنى إعتقد أن إدارته بهذا الأسلوب مازالت سارية وساعدت كثيرا على نجاح المؤسسة.
ثم هذا الجيش الجبار من المراسلين والصحفيين الذين لم يكتفوا بالتغطيات الصحفية ولا بالصحافة التقليدية بل وجدنا أفكارا جديدة فى لغة الصحافة مثل الصحافة المرئية، والتى أعتقد أن «اليوم السابع» له تجربة متفردة فى هذا الشأن.
وحكايتى مع «اليوم السابع» بدأت عام 2009 أى بعد عام من إنشائه حيث كان أول الصحف التى اتصلت بى وأنا أترافع فى قضية الشهيدة مروة الشربينى فى ألمانيا، وكان الصحفى الطيب الأستاذ شعبان هدية أول المتصلين بى من «اليوم السابع»، ثم بدأت علاقاتى الأخوية التى أعتز بها كثيرا مع أخوة لى فى هذه المؤسسة الكبيرة.
وبعد أن استقريت فى مصر فى 2011 كان أول صحفى صديق لى هو الأستاذ خالد صلاح رئيس «اليوم السابع»، ومازال حتى يومنا هذا هو صديق أعتز بصداقته «وأمرى لله» والذى طلب منى فى لقائنا الأول أن أكتب مقالا أسبوعيا لـ«اليوم السابع».
وخالد صلاح هو مستر إكس الصحافة هو الإخوانى والليبرالى واليسارى والثورجى والفلول والمطبلاتى، وصف بكل الأوصاف التى يمكن أن يوصف بها أحد، ويمكنك أن تختلف على خالد صلاح فى أشياء كثيرة، وأنا فعلا أختلف معه فى الكثير من الأمور، لكن لا تجد أحد أبدا يختلف على أنه رئيس تحرير شاطر نجح فى هذه التجربة وبحق.
طبعا أخشى أن أنسى أحدا من الأسماء التى تعاملت معى فى «اليوم السابع» فكلهم أصدقاء لكنى أذكر أكرم القصاص ودندراوى الهوارى ومحمود سعد الدين ويوسف أيوب ومحمد الدسوقى رشدى وأسماء مصطفى وعصام الشامى.
«خايف أنسى أى اسم» فكثير منهم لنا ذكريات جميلة تجمعنا على مدار السنوات الماضية، لكنى أذكر أن كل من كان يقف على الباب فى كل مناسبات «اليوم السابع» هو عصام شلتوت بجدعنته المصرية، كذلك مؤخرا كثيرا ما خسر كريم عبدالسلام رهانات كثيرة أمامى باعتباره المسؤول عن موعد نزول مقالى على الموقع.
وهناك مكالمة تليفونية أسبوعية جميلة تدور بينى وبين الجندى المجهول صالح الفتيانى هذه المكالمة، وإن كانت بها كثير من الضحك إلا أن بها سياسة بكل المعانى، صالح هو الشخص الأول الذى يتلقى مقالى وطبعا طوال السنوات الماضية تغيرت الظروف السياسية وكل مرحلة ولها سقف مسؤول عنه الكاتب مع رئيس التحرير مسؤولية جنائية وسياسية، فكانت مهمة صالح أن يحاول بكل أدب وبشكل غير مباشر أن يقنعنى أن أكون غير حاد فى بعض المواقف وطبعا الله يكون فى عونه لأنى لا أقبل النقاش فى أى حرف ولكنه كان دائما يحاول أن يجنبنى أى صدامات وتبقى طامة كبرى لو لقيت حرف ناقص فى مقالى «أنا بتكلم عن حرف» لكن بأمانة كل هذه الأمور أصبحت جزءا من وجداننا وأصبحت علاقاتنا مع كل أبناء هذه المؤسسة هى علاقات إنسانية قبل أن تكون علاقات عمل.
أما أجمل صورة يملكها خالد صلاح فى حياته هى صورته مع أحفاد «اليوم السابع» وهى ظاهرة أعتقد أنه يمكن لـ«اليوم السابع» أن يدخل بها موسوعة جينس للأرقام القياسية فقصص الحب فى أروقة الجورنال كانت كثيرة جدا بين الصحفيين والصحفيات نتج عنها زيجات كثيرة عددا وجميلة فى مضمونها ورزق كل هؤلاء بأبناء هم أجمل صورة فى «اليوم السابع»، وأحيانا يجتمعون جميعهم فى مشهد جميل ورائع.
10 سنوات قصص كثيرة يمكن أن تقال لكن أيضا لابد من وقفة مع النفس كى يستمر النجاح، وأول ما يمكن أن نتناوله هو النقد الموضوعى للأداء حتى يمكننا أن نصل إلى أفضل صورة ممكنة:
أتمنى أن يكون هناك دائما حرص على استقلال المؤسسة عن ملاكها انفصالا حقيقيا.
أتمنى أن تكون الدقة الشديدة فى التناول وفى نقل الحدث وبأكثر من زاوية وأن يكون هناك كفاح حقيقى من أجل حرية الكلمة.
أتمنى أن لا تكون خصومتنا مع أحد بها الكثير من الشراسة فالأيام كفيلة أن تغير المواقف.
أتمنى أن لا تتشعب الإصدارات أكثر من ذلك حتى يمكننا التركيز والوصول بموقع «اليوم السابع» إلى العالمية.
أتمنى أن يكون للإصدار باللغة الإنجليزية تواجدا أكثر من ذلك.
أتمنى أن يكون هناك مركز للدراسات الاقتصادية والسياسية تابعا لـ«اليوم السابع».
أتمنى أن يكون هناك استوديو للتحيل على المباريات المحلية والعالمية.
أتمنى أن يكون هناك أوسكار سنوى لـ«اليوم السابع» للأعمال الفنية.
أتمنى أن يطرح «اليوم السابع» مبادرات لخدمة المجتمع مثل التى ساهم مع غيره فيها.
أمنيات كثيرة لا يتسع المقام لذكرها الآن فالطموح مع هذه المؤسسة كبيرة..
إن سعادتى بالغة وأنا أكتب مقال عن «اليوم السابع»، وأشعر بسعادة بالغة وهو يحتفل بمرور 10 سنوات على انطلاقه.
لدى أمل كبير أن يأتى يوم ويصبح ملاك «اليوم السابع» هم الشباب الذين صنعوه، يرونه بعيدا وأراه قريبا.
كل عام وكل عشرة أعوام و«اليوم السابع» فى تقدم..