القصة الكاملة لعصابة "بحر" فى قرية ناهيا بكرداسة.. الأهالى يروون حكايات الرعب: اختطف 20 من أهالى القرية على مدى عام مقابل فدية تراوحت بين 100 ألف ومليون جنيه.. قاد تشكيلاً عصابياً من "المسجلين خطر" لإرهاب الناس

الجمعة، 16 فبراير 2018 02:19 م
القصة الكاملة لعصابة "بحر" فى قرية ناهيا بكرداسة.. الأهالى يروون حكايات الرعب: اختطف 20 من أهالى القرية على مدى عام مقابل فدية تراوحت بين 100 ألف ومليون جنيه.. قاد تشكيلاً عصابياً من "المسجلين خطر" لإرهاب الناس عصابه بحر
تحقيق - هدى زكريا - محمود حسن - بهجت أبو ضيف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

-       الضحايا فقدوا أعينهم وأطرافهم.. وزعيم العصابة جنّد عشرات الشباب.. وعيونهم بيننا فى كل مكان ويعرفون تحركاتنا

-       «بحر»  توعد  الأهالى على «فيس بوك»: «هقتلكم وأخطف عيالكم»

-       كوّن تشكيلاً إرهابياً يستقطب المراهقين.. ويمتلك ترسانة أسلحة..  ويستشهد بكلمات بن لادن.. ويتشفى فى استشهاد رجال الشرطة

 
«هنا ناهيا» بقعة سكنية تتبع مركز كرداسة بمحافظة الجيزة، مساحة لا تتعدى 1.9 كم مربع، يعيش على أرضها قرابة 165 ألف نسمة وفقا للأرقام المعلنة.
فى ناهيا لا صوت يعلو فوق أصوات الرصاص والبنادق الآلية وحكايات القتل والسرقة والتخريب، نساء وأطفال لا يتوقفون عن البكاء والصراخ نتيجة فقدان رجالهم واحدا تلو الأخر على يد تشكيل عصابى أصبح الحاكم والناهى فى المنطقة.
 
كلمات مشتركة تلتقطها أذنك بمجرد أن تطأ قدمك تلك المنطقة.. «الطريق الأبيض.. الملثمون.. الفدية»، ولكل كلمة قصة واستخدام، فالأولى تعنى الطريق الذى يسلكه أفراد التشكيل العصابى بعدما ينفردون بضحاياهم داخل سيارة جيب سوداء، والثانية هو الوصف المتداول لهؤلاء الأفراد الذين يظهرون فجأة فى المكان ويستبيحون أرواح الناس وأموالهم، والأخيرة هى المبلغ المالى الذى يساومون الأهالى ميسورى الحال عليه نظير إطلاق صراح ذويهم.
 
انفجرت الحكايات فى وجه الجميع، بعدما ذاع فيديو اختطاف «أنس البيدق» و«على سعد»، وتناقلته وسائل الإعلام، وبعد مرور 17 يومًا على الواقعة، تم إلقاء القبض على أحمد رفعت أو «بحر» كما يطلق على نفسه، والذى تورط فى أكثر من 20 حالة اختطاف وقتل، وكان سببًا رئيسيًا فى إثارة الرعب والفزع فى نفوس الأهالى طيلة السنوات الماضية. 
 
«اليوم السابع» زارت قرية ناهيا التى تنتشر بين شوارعها رائحة الخوف، ويكثر فيها الضحايا الذين فقدوا أرجلا وأعينا وأحبابا، وفى السطور التالية ننقل تفاصيل الصورة والحياة المرعبة التى تسبب فيها هذا الشخص «بحر» عندما كان حرًا طليقًا، ونسرد التفاصيل التى تكشف عن تشكيل عصابى إجرامى كان يحمل كل مؤهلات التنظيمات الإرهابية التى تهدد أمن الوطن. 


الملثمون.. الرعب الذى تعيشه ناهيا منذ عام

فى بداية الجولة التقينا بالحاج عادل البيدق، والد «أنس البيدق» آخر ضحايا عمليات الخطف، وهو الرجل الذى أخذ على عاتقه عبء كشف ما يحدث بالمنطقة وخروج المأساة للنور، حين اختطفت العصابة نجله، فقرر ألا يفعل مثل الآخرين وألا يدفع الفدية، وأن يكشف ما تعيشه المنطقة للمسؤولين فى وسائل الإعلام.
 
 
فى اليوم التالى لخطف نجله ذهب إلى مقر البرلمان، ووقف يطالب النواب بالاستماع إلى مأساة قريته، فاستجاب له عدد من النواب، وساعده حرس مجلس النواب فى تحرير شكاوى لتصل إلى كبار المسؤولين. 
 
منح الله الحاج عادل ثباتا انفعاليا، جعله لا يستجيب للضحايا لمدة خمسة أيام متتالية غاب فيها نجله الذى لا يتجاوز 18 عاما، واختطفته العصابة مع صديقه الذى تصادف وجوده معه وقت الخطف. 
 
حكى الحاج عادل لـ«اليوم السابع» تفاصيل ما يحدث بقريته قائلا: قبل عام بدأت ظاهرة الاختطاف فى ناهيا، بأسلوب موحد يقوم به نفس الأشخاص، عن طريق سيارة ملاكى بداخلها ملثمون يحملون أسلحة آلية، ويعرفون من يستهدفونه، وبمجرد وصولهم إليه يطلقون النار فى الهواء لإثارة الذعر ثم يختطفونه، وبعد نحو ساعة أو ساعتين تتلقى أسرته اتصالا من «مجهول» يطلب فدية، وكانت أولى عملياتهم الهجوم على عائلة «الحاج فتحى الحناوى».
 
ويمتلك الحاج فتحى الحناوى البالغ من العمر سبعين عاما محلا للبقالة فى شارع «السهراية» أكثر شوارع ناهيا ازدحاما، وكانت الساعة الثانية عشرة ظهرًا حين هجم المسلحون الملثمون عليه، يريدون اختطاف نجله من بين يديه.
 
حاول الرجل المسن أن يقاوم، ولكن كان عليه أن يدفع الثمن، حيث فقد نجله إحدى عينيه، فيما أصيب الأب بطلقة رصاص فى قدمه.
 
فشلت عملية خطف نجل الحاج فتحى الحناوى، لكن التهديد جاء من جديد، « إن لم تدفع لنا مليون جنيه سنهجم عليكم مرة أخرى لنقتلكم»، وفى النهاية اضطر «الحناوى» لسداد مليون جنيه كى يأمن شرهم.
 
حكايات الخوف التى رواها الحاج عادل البيدق لا تنتهى، حيث حكى عن شخص آخر فى القرية هاجمه التشكيل العصابى واختطفه من قلب منزله فى العاشرة صباحا، أخذوا منه 200 ألف جنيه نقدا، ثم اصطحبوه إلى منطقة نائية وهددوه بالقتل إذا لم يتنازل عن سيارته الجديدة فى الشهر العقارى، واضطر هذا الشاب أن يرضخ، ثم ساوموه على دفع 150 ألف جنيه لإعادة السيارة له، وبالفعل دفع المبلغ لكنهم لم يعيدوا السيارة. 
 
ويواصل الحاج عادل البيدق وأهالى القرية حكاياتهم، بذكر المزيد من أسماء الضحايا.
 
«عادل الشاذلى» هجم عليه الملثمون وهو جالس فى متجره، وأطلقوا النار فى الهواء، حاول البعض منعهم، ولكنهم أصابوا عددا من الأهالى، وبعدما اختطفوا نجل عادل أخذوا منه 200 ألف جنيه وأطلقوا سراحه، ثم هجموا على منزل الحاج سمسم السنديونى، وأحرقوا سياراته ثم أطلقوا النار على ابنه وتسببوا فى بتر قدمه.
 
أثناء استماعنا لحكايات الأهالى دخل علينا «الحاج سعد عتمان»، والد أحد الضحايا، حيث اختطف التشكيل العصابى نجله منذ عدة أشهر، وكان وقتها يجلس فى الحقل، وفوجئ بالملثمين يقتحمون عليه «الغرفة» التى يجلس فيها، واختطفوا ابنه، وطلبوا منه فدية قدرها 400 ألف جنيه، واضطر فى النهاية لدفعها.
 
يبرر الحاج «عتمان» سبب رضوخه ودفعه للفدية قائلا: «أنا ابنى رجع بعد 5 أيام، كان ممكن أصبر إن المباحث تدور عليه، لكن أمه والضغط العصبى خلونى أدفع فلوس، لأن دول مجرمين، مرة طلعوا على الكوبرى الجديد وضربوا نار على الناس، وقتلوا واحد وأصابوا 3، واحد منهم أصبح عاجز ورجله اتبترت».
 
وأضاف: «ده ضنا من الآخر وما قدرتش أصبر، وتانى يوم سابوه على الطريق الدائرى، كل ده أنا قلته فى المحضر والنيابة». 
 
التقط الحاج عادل البيدق الكلام مرة أخرى مستكملا: الظاهرة استمرت بنفس الطريقة، وأصبح الجميع مضطرا لدفع الفدية مقابل إعادة نجله المخطوف، حتى خطفت العصابة نجلى، وفى هذه اللحظة قلت إننى إذا دفعت جنيها واحدا فسيعودون من جديد، وقررت أن أكشف الأمر وأبلغ الجهات المسؤولة والإعلام. 
فى أثناء الحديث حضر الحاج عبدالفتاح العتى، ضحية أخرى حكى حكايته، قائلا: «كنت فى بيتى ونجلى سعد فى مصنع الطوب الذى نمتلكه، وفوجئت بهاتف من أحد العاملين يخبرنى باختطافه».
 
وتابع: «ملثمون هجموا على المصنع بالسلاح الآلى واختطفوه، الساعة العاشرة مساء، وبعدها بساعة جاءتنى مكالمة، طلب فيها الخاطفون فدية قدرها 120 ألف جنيه وأن يكون المبلغ جاهزا فى الصباح».
 
وأضاف الحاج عبدالفتاح: «لم أكن أمتلك المبلغ، حتى لو بعت كل الطوب فى المصنع، ودرت على بيوت القرية أستدين منها، وحتى الصباح لم أستطع تدبير سوى 70 ألف جنيه، وتواصلت مع الخاطفين وأكدت لهم أنى لا أمتلك سوى هذا المبلغ، فأمهلونى يوما لتدبير 50 ألف جنيه أخرى، وأفرجوا عن ابنى، مؤكدين أنهم إذا لم يستلموا مبلغ الـ50 ألف سيختطفونه مرة أخرى، وبالفعل استدنت 50 ألف جنيه ودفعتها لهم عبر وسيط».
 

«بحر».. اسم يحمل الرعب 

بينما تنساب الحكايات عن عمليات الاختطاف، عرفنا أن بعض الضحايا أجبروا على التنازل عن بعض ممتلكاتهم إلى شخص يدعى أحمد رفعت، وشهرته «بحر»، مثل الحاج علام الذى أجبر على كتابة قيراط أرض باسم هذا الشخص. 
 
وقبل ثورة يناير كان «بحر» مجرد تاجر مخدرات صغير فى قرية «برك الخيام» المجاورة لناهيا، وحسب روايات الأهالى استطاع بحر خلال فترة الانفلات الأمنى أن يجمع كميات كبيرة من السلاح، ويكون تشكيله العصابى الذى يتزعمه هو وشقيقه.
 
«بحر» وشقيقه الشهير بـ«النو»، واللذان تم إلقاء القبض عليهما كانا يقومان بتجنيد الشباب المراهق فى القرية، لمساعدتهما فى تنفيذ عملياتهما الإجرامية مقابل إغرائهم بالمال، حيث يقول الحاج على البيدق: «فوجئنا بأن الـ 8 أفراد المقبوض عليهم أشخاص نعرفهم، وأحدهم كان زميل ابنى أنس فى المدرسة». 
فيما قال الحاج عبدالفتاح العتى: «نعرفهم، ونعرف بيوتهم، وهم يعرفوننا ويعرفون بيوتنا ويتابعون تحركاتنا، وحين اختطف نجلى فوجئت بهم يقولون لى إنهم يرصدون تحركاته منذ 3 أيام، وإنه استعار سيارتى فى يوم كذا، وذهب للغداء فى المكان كذا فى الساعة كذا»، هم حولنا فى القرية، لهم عيون فى كل مكان، ويشيع «بحر» عن نفسه أنه شخص لا يخاف، وهذا يعجب بعض المراهقين الذين يرون فيه أسطورة إجرامية يشاهدونها فى السينما فيحاولون تقليده، وسمعنا أنه يعطى الواحد منهم 5 آلاف جنيه فى «الطلعة» الواحدة».
 
كان ذكر اسم «بحر» زعيم العصابة التى تنشر الرعب بين أهالى ناهيا، ومعرفة الأهالى به أمرا غريبا، سألنا: كيف يعرفونه؟ فكانت المفاجأة أن «بحر» يمتلك حسابا على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، وبكل بساطة يتفاخر بصور السلاح والذخيرة التى يمتلكها خلال النشر على هذا الحساب، كما أنه يكتب اسمه «بالرصاص» ويرسل التهديدات للأهالى على «فيس بوك»، ومنها: «إلى فلان الفلانى أنا اللى «خرمت» بيتك بالرصاص».
يؤكد الأهالى أنه إذا لم يعاقب «بحر»، بشكل رادع نظير العمليات الإجرامية التى ارتكبها فسيعود كل شىء كما كان، ويجتذب مزيدا من المراهقين فى حال خروجه، الذين يغريهم بالمال والقوة والسلاح، ويعيد تشكيل جيشه مرة أخرى. 
 

«أنس وعلى» يحكيان تفاصيل 5 ساعات من الرعب

فى سن الـ17 يقضى أغلب المراهقين أوقاتا كثيرة فى «التسكع» هنا وهناك، خاصة خلال الإجازة الدراسية، لكن أنس وعلى كان بانتظارهما مفاجأة قلما تعرض لها مراهقون مثلهم. 
 
 
كان أنس وعلى يمشيان فى الشارع حين فوجؤوا بسيارة «الملثمين» تمر بجوارهما، عرفا أنهما فى طريقهما لتنفيذ عملية من عملياتهم الإجرامية، حاولا التنحى جانبا وسلكا طريقا جانبيا كى يبتعدا عن المشاكل، لكنهما لم يعرفا أنهما المقصودان، توقفت السيارة فجأة وخرج الملثمون منها متجهين نحو «أنس وعلى».
 
سأل الملثمون من منكما أنس؟، حاولا الهرب فقالا فى نفس واحد «إحنا مش أنس»، لم يضيع الملثمون وقتا فى التفكير، اختطفو الاثنين، ووضعوهما فى حقيبة سيارتهما «الجيب»، وسارا بهما قليلا على «السكة البيضة» وبعدها أخرجوهما وقاما بتغطية أعينهما وتقييدهما، ثم أعادوهما من جديد إلى حقيبة السيارة.
 
لم يبتعدا كثيرا عن «ناهيا» حوالى نصف ساعة فقط، حتى خرجا إلى مقر احتجازهما، حجرة فى مكان عشوائى، تم احتجازهما فيها وصدرت الأوامر واضحة: «اللى هيشيل الغمامة عن عينه هتيجى الطلقة فى راسه». 
 
فى الغرفة كان معهما حارس صامت دوما، وتلفاز، كان بإمكانهما سماع أصوات «توك توك» وأطفال يلعبون بالخارج، أما الحارس فكان قليل الكلام، وأحيانا يسخر منهما حين يسألان: «الساعة كام؟» فيرد باستهزاء: «يا دوب تلحق».
 
كان الحارس حبيسا معهما، وشخص آخر يحمل مفتاح الغرفة، يأتى بانتظام فى مواعيد الطعام يحضر لهما الطعام ولا يتحدث كثيرا، 5 أيام قضاها أنس وعلى دون كلام، فى ظلام دامس، ومكان كريه الرائحة، حتى جاء الشخص الذى يحمل المفتاح ليخبرهما أنه سيتم إطلاق سراحهما، وبالفعل أخرجتهم العصابة على الطريق الدائرى متفرقين وليسا معا، كما أعطوا كل واحد منهما 20 جنيها كى يستقل المواصلات للعودة إلى منزله.
 

«مسعود».. خرج لشراء دراجة بخارية فقتلته العصابة بثلاث طلقات

امرأة فى العشرينيات من عمرها وأم لثلاثة أطفال كتب عليها أن تعيش بقية عمرها بدون زوجها الذى فقدته بين ليلة وضحاها على يد العصابة «الملثمة» كما تصفهم دائما، يوم لا يُمحَى من ذاكرة نادية رضوان، تتذكر تفاصيله عندما خرج زوجها مسعود صاحب «سنترال» فى الثانية عشرة ظهرا لشراء دراجة بخارية جديدة، دقائق معدودة ووصلها نبأ تصفيته رميا بالرصاص.
 
 
تقول نادية: قبل وفاة زوجى بأسبوع تقريبا وصلته رسالة تهديد، ولكنه لم يبالِ وقال «كله بأمر الله»، وفى نفس الفترة تقريبا كان هناك محاولة لاختطاف أحد جيراننا فى نفس المكان موقع «السنترال» فخرج زوجى ليرى ما يحدث فأصابته العصابة بطلق نارى فى ساقه مكث على أثرها فترة فى المنزل».
 
وأضافت نادية: «يوم الحادث جاء شخص لم نره من قبل وطلب من ابنتى الصغرى أن تبلغ والدها بأن هناك شخصا يريده فى الخارج، وبالفعل ذهب إليه زوجى واصطحبه بحجة شراء دراجة بخارية، وفوجئنا أن هذا الشخص استدرجه لمكان وجود الجماعة الملثمة وقاموا بتصفيته فى الحال بثلاث طلقات نارية».
 
وأضافت: حتى يومنا هذا لم نعرف من هو الشخص الذى استدرج زوجى لمكان الجماعة الملثمة، ويشهد الجميع لزوجى بحسن الخلق والشهامة، فطوال حياته يدافع عن الناس، وعندما تعرضت له العصابة فى المرة الأولى لم يحرر محضرا ضدهم خوفا على أطفاله، ولكن الآن بعد وفاته لم يبق لدينا ما نبكى عليه وكل ما نريده هو القصاص له والانتقام ممن يتّم أطفاله». 
 
وتابعت: «مش خايفة العمر واحد والرب واحد»، فيما قالت والدتها: ما حدث مع زوج ابنتى هو حال مدينة ناهيا بأكلمها، فنحن نعيش فى قلق ورعب طوال الوقت ولا نملك ما ندافع به عن إنفسنا أمام هذه العصابة. 
 

«عين ضائعة وقدم مصابة».. ثمن شجاعة عائلة الحناوى

يوم عادى ظنه فتحى الحناوى الرجل السبعينى سيمر كغيره، ولكنه فوجئ بمجموعة مكونة من أربعة أفراد ملثمين، وقفت سيارتهم «الجيب» أمام دكانه الخشبى فى الثانية عشرة ظهرا، وطلبوا من نجله «عمرو» الذى كان يساعد والده فى عمليات البيع والشراء أن يذهب معهم، ولكنه رفض فكان مصيره طلقا ناريا فى عينه وآخر فى ساقه.
 
قصة أخرى يتناقل أهالى المنطقة تفاصيلها كلما تحدثوا عن جرائم هذه العصابة، يسردها «أحمد» نجل الحناوى الأصغر قائلا: الجماعة الملثمة نزلت أمام الدكان ومعهم كلابش «ميرى» وطلبوا من شقيقى عمرو أن يركب معهم السيارة، ولكنه رفض وتشاجر معهم فأصابوه بخرطوش فى عينه وعندما حاول والدى الدفاع عن ابنه كان مصيره طلقا ناريا فى «جانبه» هذا كله حدث على مرأى ومسمع الناس، وعندما حاول اثنان من الجيران التدخل أصيب أحدهما بطلق نارى فى ذراعه والآخر فى وجهه».
 
وأضاف أحمد: «أفراد العصابة مجموعة مراهقين لا تتعدى أعمارهم 18 عاما، أغراهم « بحر» بالمال واستقطبهم لتنفيذ عمليات البلطجة على الناس».
وتابع: «ما يحدث ليس بجديد فنحن نعيش مهددون بهذه الجرائم منذ أربع سنوات، والتشكيل الذى تم إلقاء القبض عليه فى الواقعة الأخيرة المتعلقة بـ«أنس وعلى» ما هو إلا مجرد نقطة فى بحر، فهذا التشكيل العصابى كبير وممتد ويجند عشرات الشباب الذين يجمعون المعلومات عن الأهالى وينفذون عمليات الخطف والقتل والسرقة».
 
وقال شقيقه عصام: خسرت 3 ملايين ونصف بسبب تلك الأعمال «الإجرامية» وسبق أنهم اختطفونى واستولوا على بضاعة بقيمة 200 ألف جنيه والسؤال هنا: إلى متى سنحيا فى هذا الرعب؟».
 

«قدم شريف» العاجزة.. شاهد عيان على إجرام «الملثمين»

شاب فى الثلاثينيات من عمره قدر له أن يقضى بقيه حياته عاجزا بسبب طلقات نارية اخترقت ساقيه وكادت تتسبب فى بترهما.
 
شريف، صنايعى كهرباء أحد ضحايا العصابة الملثمة، يسرد تفاصيل ما حدث له منذ عام وسبعة أشهر قائلا: كانت الساعة تقترب من العاشرة مساء، وكنت جالسا مع أصدقائى عند «السكة البيضاء»، وفجأة وقفت سيارة جيب ونزل منها ستة أشخاص ملثمون أطلقوا أعيرة نارية فى الهواء بغرض إرهابنا وكانت النتيجة إصابتى فى ساقى».
 
لا يعرف شريف لماذا أطلقوا عليه النار حتى اليوم، وقال: كانت حركة «ترهيب وتخويف» للقرية كلها، فأنا لم أدخل فى عداوة مع أحد، وحتى الآن لا أعرف لماذا فعلوا ذلك، وفور وقوع الحادث حررنا محضرا فى قسم الشرطة ومازالت القضية سارية حتى الآن.
 
يلتقط شقيقه «جميل» طرف الحديث قائلا: «شريف كان عمود البيت ويتولى الإنفاق على أمه وأبيه، ومنذ أصبح قعيدا حل على بيتنا الخراب واختفى مصدر رزقنا، مات أبى بعدها حين رأى ابنه عاجزا أمامه، وكان مشهد قدمه المبتورة مؤلما، ثلاث رصاصات فى القدم اليمنى، ورصاصتان فى اليسرى، وعظام الفخذ تفتت تماما، واضطر الأطباء لأخذ عظام من الحوض لتعويضها، وأصبحت النتيجة قدم أقصر من قدم، ولا يمكنه مغادرة الفراش إلا بصعوبة».
 
وتابع: لم يكتفوا بهذا، بعدها هجموا على البيت، وأحرقوا سياراتنا الثلاثة مهددين بأنه إذا لم نتنازل عن المحضر الذى حررناه ضد بحر فسيدخلون المنزل ويقتلونه».
 

تشكيل إجرامى يحمل مؤهلات التنظيم الإرهابى

حساب «بحر» على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» مفجع ومثير للصدمة، فلا يتوقف الأمر عند مجرد التهديدات أو التفاخر بالفيلا والسيارات التى يمتلكها، بل إنه ينشر صورا لأسامة بن لادن، ويشمت فى شهداء الشرطة، وينشر الأحاديث الشريفة والآيات القرآنية، لكن الأهالى يقولون إنه ليس متطرفا، لكنه مجرم يحاول أن يكتسى بهذا المشهد ربما نال تعاطفا من أشخاص مثله.
 
وبهذا يحمل هذا التشكيل الإجرامى الذى يجتذب المراهقين ويمتلك ترسانة أسلحة ويتشفى فى قتل رجال الأمن والشرطة ويستشهد بكلمات أسامة بن لادن، كل المؤهلات التى تجعله لا يقتصر على كونه مجرد تشكيل عصابى، ولكنها تؤهله إلى أن يتحول إلى تنظيم إرهابى يهدد أمن الوطن.
 
اللواء فاروق المقرحى، مساعد وزير الداخلية الأسبق، يعلق على القضية قائلا: منطقتا ناهيا وكرداسة كانتا مرتعا لجماعه الإخوان الإرهابية اعتبارا من 28 يناير 2011 فى ظل غياب قوات الشرطة والقانون، خاصة بعد مقتل 13 ضابطا وأمين شرطة فى واقعة حرق قسم كرداسة، فسادت شريعة الغاب على يد الإرهابيين ومناصريهم والأشقياء الخطيرين ونظرائهم الذين لم يتم تسجيلهم من قبل، ولكن تعمدوا إثارة الرعب والخوف فى نفوس المواطنين.
 
وفيما يتعلق بما يحدث فى هذه المنطقة مؤخرا يؤكد المقرحى على ضرورة تعاون الأهالى مع الشرطة والإبلاغ عن أماكن تواجد هؤلاء الخارجين عن القانون والرجوع إلى قوات الشرطة للتأكد من صحة المعلومات التى يدلى بها الاهالى، مؤكدا أنه فى حالة ثبات صحة هذه المعلومات نصبح أمام تشكيل إرهابى إجرامى يروع المواطنين ويثير حالة من الرعب والخوف فى نفوسهم.
 

ليلة القبض على «بحر» أسطورة الإجرام بالجيزة بعد هروبه للإسكندرية.. مقطع فيديو سلط الضوء على المتهم بعد إثارته الذعر بين الأهالى..متورط فى قضايا قتل وخطف وسطو مسلح

- «بحر» ترأس تشكيلاً عصابياً مؤلفاً من العاطلين والمسجلين خطر والهاربين من تنفيذ الأحكام فى قضايا قتل ومخدرات

 
بعد مرور 17 يوما على خطف عصابة مسلحة لطالبين بكرداسة، وطلب فدية مليون و100 ألف جنيه مقابل إطلاق سراحهما، تمكنت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة من القبض على زعيم التشكيل العصابى الشهير بــ«بحر» أسطورة الإجرام بالجيزة المتورط فى قضايا قتل وخطف وسطو مسلح، بالإضافة إلى علاقته بعناصر إرهابية، عقب هروبه إلى محافظة الإسكندرية، حيث تم ضبطه وبصحبته شقيقه المتورط فى ارتكاب عدة جرائم أيضا، وبحوزتهما طبنجتان.
 
ونال المتهم المضبوط أحمد رفعت الشهير بــ«بحر» اهتمام الرأى العام خلال الآونة الأخيرة، بعد انتشار مقطع فيديو على شبكة الإنترنت، يرصد خطف عصابته للطالبين، وإطلاق الأعيرة النارية بطريقة عشوائية على أهالى ناهيا، بالإضافة إلى أن المتهم كان أحد أخطر العناصر الإجرامية التى تمكنت من تنفيذ عمليات إجرامية والإفلات من قبضة رجال الشرطة.
 
وتسبب المتهم فى إثارة الذعر بين سكان كرداسة وعدة مناطق بمحافظة الجيزة، لتزعمه تشكيل عصابى مؤلف من عدد كبير من العاطلين والمسجلين خطر، والهاربين من تنفيذ الأحكام فى قضايا قتل ومخدرات، حيث أن «بحر» مطلوب ضبطه وإحضاره فى 8 قضايا قتل وخطف، وسرقة بالإكراه، كما أنه وراء التحريض على ارتكاب عدد من الجرائم الأخرى، منها ما تم الإبلاغ عنه مؤخرا عقب القبض على عدد من أفراد عصابته، وجرائم أخرى لم يبلغ عنها خشية تعرض الضحايا للقتل.
 
وأعلن المتهم «بحر» الجرائم التى ارتكبها عبر صفحة شخصية على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، حيث استخدمها فى إرسال رسائل تهديد لخصومه، بالإضافة إلى الإعلان عن الأسلحة النارية التى يمتلكها، حيث اعتاد نشر صور لتلك الأسلحة مصحوبة بكلمة «بحر» مرسومة بواسطة طلقات نارية، للتأكيد على أن الأسلحة خاصة به وليست صورا منشورة من شبكة الإنترنت.
 
كما أعلن المتهم أيضا اتجاره بالآثار والأسلحة النارية، بالإضافة إلى علاقته بـ «محمد.ا» أحد العناصر الإرهابية المحبوس على ذمة القضية المعروفة إعلاميا باسم لجنة المقاومة الشعبية بناهيا وكرداسة، أو خلية «الملثمين» المتورط فيها وآخرون بلغ عددهم 70 شخصا لتكوين جماعة إرهابية لتعطيل الدستور والقانون، وقتل 3 أشخاص بينهم أمين شرطة، وحيازة أسلحة وذخائر بدون ترخيص، حيث دعم «بحر» صديقه «بالأسلحة النارية والمبالغ المالية لتنفيذ عمليات إرهابية».
 
وبالرغم من اهتمام الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة بمطاردة المتهم «بحر»، حتى تم القبض عليه، فإن شقيقه «محمد» الشهير بــ«النوى» 25 عاما، المضبوط بصحبته يعد الذراع اليمنى له، وبالرغم من صغر سنه، فإنه يمتلك سجلا إجراميا يضعه ضمن قائمة عتاة الإجرام، حيث إنه مطلوب ضبطه وإحضاره من جانب النيابة العامة فى عدة قضايا، منها جرائم «خطف، وسلاح نارى، وسرقات بالإكراه».
 
وبدأ «النوى» حياته الإجرامية كأحد أفراد التشكيل العصابى الذى يتزعمه شقيقه «بحر»، حيث كلفه بتنفيذ عدد من العمليات الإجرامية، لينال بعدد من العمليات الثقة من شقيقه ليمنحه لقب الذراع اليمنى له، حيث خول إليه التفاوض مع أسر الضحايا فى جرائم الخطف التى ارتكبوها، لتحديد قيمة الفدية المطلوبة، ووضع قواعد التسليم والتسلم.
 
كما قاد «النوى» أفرد التشكيل العصابى فى تنفيذ عدد من الجرائم بنفسه، آخرها خطف الطالبين «أنس عادل البيدق»، و«على طه العدس»، من أمام مسكنهما بقرية ناهيا، والتفاوض مع أسرة الطالبين للحصول على فدية مليون و100 ألف جنيه، ثم احتجازهما لمدة 5 أيام حتى إطلاق سراحهما عقب تضييق الأجهزة الأمنية الخناق عليهما.
 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة