1000 مليار جنيه – تريليون – سيولة وحصيلة جذبتها البنوك العاملة فى مصر من طرح الشهادات مرتفعة العائد 16% و20%، منذ تحرير سعر صرف الجنيه – التعويم – فى 3 نوفمبر 2016، وحتى إلغاء تلك الشهادات أمس الخميس، بعد نحو 15 شهرًا من طرحها، مما ساهم فى جذب سيولة كبيرة من أيدى المواطنين، قلصت الطلب على السلع والخدمات بما دعم خفض معدل التضخم – ارتفاع أسعار السلع والخدمات - من مستوى 35% إلى 14% فى الوقت الحالى، و13% بنهاية العام الجارى.
وشهد التضخم ارتفاعا ملحوظا، فى أعقاب قرارات الإصلاح الاقتصادى المتمثل فى تعويم الجنيه، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة وإعادة هيكلة دعم الطاقة، واستخدم البنك المركزى المصرى أداة سعر الفائدة، لتعويض المواطن المصرى عن ارتفاع الأسعار، فطرحت البنوك شهادات مرتفعة العائد 16% و20%، دعمت خطة البنوك المركزى فى جذب فوائض أموال المصريين مما يخفض حركة الشراء، والطلب على السلع والخدمات وخفض مستوى التضخم.
وبعد تحقيق البنك المركزى المصرى، لهدف خفض التضخم إلى أدنى مستوياته منذ تعويم الجنيه، ليصل إلى 14% فى يناير 2018، جاء الخطوة التالية لتنشيط قطاعات الاستثمار والبورصة، بخفض الفائدة 1% فى قرار لجنة السياسة النقدية أمس الخميس، حيث تعقد اللجان الداخلية بالبنوك اجتماعات لخفض الفائدة على القروض خلال الأسبوع القادم، بما يدعم الطلب على القروض لإقامة مشروعات جديدة، أو إجراء توسعات لمشروعات قائمة، إلى جانب جزء من السيولة سوف تذهب إلى البورصة المصرية بحثًا عن أداة استثمارية أخرى ذات عائد مرتفع، نتيجة إلغاء شهادات الادخار مرتفعة العائد 16 و20% واستحداث أخرى بعائد 17 و15%، والذى أعقب خفض الفائدة أمس من قبل البنك المركزى المصرى.
وتلجأ البنوك العاملة فى مصر، لتوفير السيولة التى تمتلكها فى الاستثمار فى أذون وسندات الخزانة المصرية، إلى جانب تمويل المشروعات بكافة أحجامها، وهو المتوقع خلال الفترة القادمة، بعد التحفظ التى واجهه المستثمرون فى الاقتراض من البنوك نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية.
ويلجأ المصريون فى أوقات التباطؤ الاقتصادى، وارتفاع معدلات التضخم التى وصلت الشهر الماضى إلى 14%، إلى توظيف فوائض أموالهم فى ملاذات استثمارية آمنة ومربحة تحقق لهم عائدًا يمتص الآثار التضخمية – ارتفاع مستوى أسعار السلع والخدمات – وتعمل تلك الأوعية الاستثمارية على تنمية الموارد المالية عبر عدة وسائل، وهو ما تمثل فى الفوائض المالية الهائلة التى وجهت إلى شهادات الادخار مرتفعة العائد.
وفى إطار طرح الفرص الاستثمارية ضمن خريطة متكاملة لجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية فإن الطلب على القروض من المتوقع أن يرتفع خلال الفترة القادمة، فى ظل أن الجزء الأهم والأصعب فى برنامج الإصلاح الاقتصادى قد تم بالفعل، وتم تمهيد الطريق أمام حصد نتائج الإصلاح، بدعم النمو وإقامة المشروعات بمختلف أحجامها، وتنشيط حركة الاستثمار.
مرحلة جديدة تبدأها الحكومة المصرية، خلال الفترة القادمة، بالتوجه نحو تحريك معدلات النمو إلى 6 و7% خلال سنوات قليلة، مدفوعة بتنامى الثقة من جمهور المستثمرين ودعم قوى من مؤسسات التمويل الدولية، ومؤسسات التصنيف الائتمانى، التى ترى فى مصر وجهة هامة بين الاقتصاديات الناشئة حول العالم، فى ظل مشروعات قومية عملاقة مثل محور قناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومشروعات البنية الأساسية.
ومما يدعم حركة الاستثمار خلال الفترة القادمة، انتهاء عهد السوق السوداء للعملة عقب قرار تحرير سعر الصرف، حيث أن هذا التحدى كان الأكبر فى ظل أن المستثمر يبحث عن سعر صرف مستقر ودولار متوفر قبل دخول الأسواق، وهو ما تحقق بالفعل فى مصر على مدار 15 شهرًا منذ قرار تعويم الجنيه.
وقال البنك المركزى المصرى، أمس الخميس، إن لجنة السياسة النقدية رصدت خلال اجتماعها أمس التأثيرات الإيجابية لسياساتها النقدية وقراراتها فى إطار البرنامج المصرى للإصلاح الاقتصادى، قررت اللجنة تخفيض سعر العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بمقدار 1 % ليصبح 17.75 % و18.75 % و18.25 على الترتيب، كما تم تخفيض سعر الائتمان والخصم بقيمة 1% ليصبح 18.25.%
وأوضح البنك المركزى المصرى أنه انتهج سياسة نقدية تقييدية بشكل استباقى ومؤقت من أجل احتواء الضغوط التضخمية التى واجهها الاقتصاد المصرى والتى تؤثر بشكل مباشر على المواطن، كما أعلن البنك المركزى فى مايو 2017 ولأول مرة فى تاريخه عن معدل التضخم المستهدف وتوقيت تحقيقه، وهو 13%، وتشير بيانات التضخم الأخيرة إلى نجاح السياسة النقدية فى احتواء الضغوط التضخمية، حيث سجل التضخم الشهرى معدلات منخفضة على الرغم من تأثرها بارتفاع اسعار بعض السلع والخدمات المحددة إداريًا وبناء عليه، قررت لجنة السياسة النقدية خفض أسعار العائد الأساسية بواقع 1 % وترى اللجنة أن هذا القرار يتسق مع تحقيق معدلات التضخم المستهدفة واستقرار الأسعار على المدى التوسط.