- 2.5 مليون «توك توك» تنتشر بالشوارع منها 120 ألفاً فقط «برخصة»
- سهولة بيعه وعدم ترخيصه وراء انتشار جرائم القتل.. وسعر المسروق لا يتعدى 5 آلاف جنيه
- خبراء يطالبون بتقنين أوضاعه وترخيصه للتصدى لتلك الظاهرة.. والأمل فى قانون المرور الجديد
تحول سائقو «التوك توك» بمحافظات مصر إلى أهداف سهلة أمام التشكيلات العصابية، التى حصدت العشرات من أرواحهم فى سبيل الاستيلاء على مصدر رزقهم، خاصة أن تلك الوسيلة الخاصة بنقل المواطنين المنتشرة بالميادين والشوارع بالمدن والقرى، تفتقد لأى إجراءات وضوابط تحكم عملية بيعها ونقله، فأصبحت مطمعا لعتاة الإجرام لارتكاب جرائم قتل لسائقيها مقابل الاستيلاء عليها وبيعها، خاصة أن الأرقام الرسمية رصدت أن مصر تحتوى على 2 مليون ونصف المليون «توك توك» تنتشر بالشوارع منها 120 ألفا مرخصة فقط.
وشهدت الآونة الأخيرة عددا كبيرا من الجرائم التى راح ضحيتها سائقو «توك توك»، العديد منهم أطفال، حيث تعرضوا للذبح والتخلص من جثثهم فى سبيل استيلاء التشكيلات العصابية على مصدر رزقهم.
وترصد «اليوم السابع» تلك الظاهرة من خلال تحليل لأسباب انتشار تلك الجرائم، وكيفية التصدى لها، لوقف نزيف الدماء، خاصة وأن مهنة قيادة «التوك توك» أصبحت ملجأ للعديد من الشباب والأطفال نظرا لصعوبة الحصول على فرص عمل، بالإضافة إلى أنها لا تتطلب أى اشتراطات لامتهانها.
فخلال شهر يناير المنقضى فقط، وقعت عدة جرائم راح ضحيتها سائقو «التوك توك» وسرقتهم بالإكراه، ونعرض هنا 5 وقائع منها، تعد الأخطر فى تفاصيلها، حيث تحدثنا مع عدد من أسر الضحايا:
«قتل الطفل حمدى ودفن جثته بالعياط»
الضحية الأولى «حمدى صاوى» طفل يبلغ من العمر 12 عاما، يتحدث والده لــ«اليوم السابع»، فيقول إن ابنه قرر العمل كسائق توك توك لمساعدتى فى توفير نفقات الأسرة، ومواجهة مصاعب الحياة، خرج «حمدى» للعمل كعادته، إلا أنه اختفى وانقطع الاتصال به، بينما عاد ابن صاحب «التوك توك» الذى كان بصحبته، وذكر أن شخصا طلب منه توصيله واختفى عقب ذلك، وبعد رحلة بحث استغرقت عدة أيام شاء القدر أن يعثر صاحب «التوك توك» على «التوك توك» بصحبة أحد الأشخاص، حيث كان الخيط الأول لكشف الجريمة، وتم إبلاغ رجال المباحث، وكشف غموض اختفاء ابنى.
وأضاف والد الضحية «توصل رجال المباحث إلى أن جارنا «أيمن. ى. ع» 27 سنة عاطل، هو الشخص الذى طلب من ابنى توصيله، وأنه استدرجه بحجة توصيله ثم اصطحب شخصين آخرين بصحبته، وعقب ذلك خنقوا ابنى حتى فارق الحياة، ثم دفنوا جثته بالمنطقة الجبلية، واستولوا على «التوك توك» وباعوه مقابل 4500 جنيه».
«محمود رفيق قتيل العياط»
«محمود» طفل يبلغ من العمر 15 عاما، توقع والده مقتله عقب اختفائه، وقبل العثور على جثته، يحكى والده عن الجريمة فيقول: «ابنى محمود يبلغ من العمر 15 عاما، كان ينتهى من عمله مساء كل يوم، ثم يتوجه للنوم فى منزل جده كما اعتاد فى الآونة الأخيرة، حتى جاء اليوم الذى شهد اختفاءه، عندما تلقيت اتصالا من شقيقى يخبرنى أن ابنى محمود تأخر فى العودة لمسكن جده، فبدأنا بالبحث عنه بأنحاء القرية، إلا أننا وأبناء العائلة لم نعثر له على أثر».
وأضاف والد الطفل: «توصلنا لعدد من زملائه سائقى التوك توك الذين ذكروا أن شخصين مجهولين طلبا منه توصيلهما أثناء توقفه أعلى كوبرى القرية، إلا أنه اختفى عقب ذلك، وبدأنا فى البحث عن الشخصين مستندين لأوصافهما، إلا أننا لم نتعرف عليهما، وعقب تحرير محضر بمركز شرطة العياط حمل رقم 5716 لسنة 2017، استكملنا عملية البحث بالقرى المجاورة، بالإضافة إلى المنطقة الجبلية بالعياط، كما شملت عملية البحث التواصل مع عدد من أفراد التشكيلات العصابية المتخصصة فى سرقة الدراجات البخارية ومركبات التوك توك، وبالفعل وجدنا لديهم عددًا من المسروقات، إلا أننا لم نعثر بينها على التوك توك الذى يعمل عليه ابنى».
وتابع والد الطفل حديثه قائلًا: «قرية «بدسا» المجاورة لقريتنا شهدت أيضا مقتل طفل يدعى «حمدى» كان يعمل سائق «توك توك»، وعقب علمى بالحادث، توجهت إلى القرية، العزيزية، فى محاولة للبحث عن «التوك التوك» الخاص بابنى، إلا أن محاولتى باءت بالفشل.
وأضاف والد الطفل: «توجهت إلى مركز شرطة العياط وطلبت منه مواجهة المتهمين بقتل طفل قرية «بدسا» لشكى أنهم وراء اختفاء ابنى أيضا إلا أن رئيس المباحث أكد لى أنه جار إجراء التحريات حول الحادث، وبعد مرور عدة أيام اكتشف رجال المباحث أن المتهمين المحبوسين على ذمة قضية قتل طفل قرية «بدسا» هم وراء قتل ابنى، وأرشدوا عن مكان دفن جثته، بجوار جثة الطفل الآخر، حيث اعترفوا بقتله لسرقة «التوك توك» الذى يعمل عليه وبيعه لأحد عملائهم».
«محمد أنور قتيل قها»
«محمد أنور» شاب قرر العمل كسائق «توك توك»، إلا أنه تحول إلى ضحية جديدة على يد مجهولين، حيث قتلوه واستولوا على «التوك توك»، وتخلصوا من جثته بإحدى الترع، يتحدث والده عن الحادث فيقول ابنى «محمد» أثناء توقفه بموقف «التوك توك» أسفل كوبرى قها، طلب منه مجهولون توصيلهم، ثم اختفى عقب ذلك، وحررنا محضرا بتغيبه بقسم شرطة قها، ثم بدأنا رحلة البحث عنه بالقرى المجاورة، وبعد ما يقرب من أسبوع، أثناء لهو أحد الأطفال شاهد جثة ملقاة بإحدى الترع، فسارعنا إلى المكان، وعثرنا على جثة ابنى ملقاة بالترعة».
وأضاف والد المجنى عليه «ما زال المتهمون مجهولين، وأطالب أجهزة الأمن بسرعة كشف هويتهم والقبض عليهم، للحصول على حق ابنى».
«محمود رمضان قتيل المقطم»
«محمود» طفل يبلغ من العمر 15 عاما، وقع ضحية أيضا لتشكيل عصابى مكون من 4 عاطلين، قرر المتهمون اختيار سائق «توك توك» صغير السن، واستدراجه والتخلص منه لسرقة «التوك توك» الذى يعمل عليه، ووقعت اختيارهم على المجنى عليه، طلبوا منه توصيلهم إلى منطقة السبعين فدان بهضبة المقطم، وأثناء سيرهم انتهزوا فرصة مرورهم بمنطقة خالية من المارة، ثم حاولوا الاستيلاء على «التوك توك»، إلا أن المجنى عليه حاول الدفاع عن نفسه والتصدى لهم، فقيد المتهمون حركته، ثم سددوا له عدة طعنات حتى فارق الحياة، واستولوا على «التوك توك»، وهاتفه المحمول وما بحوزته من نقود وفروا هاربين.
وكشفت التحريات هوية المتهمين بعد أن أجرى أحد المتهمين اتصالا من هاتف المجنى عليه، حيث تم تحديد مكان تواجده والقبض عليه، ليرشد المتهم عن باقى المتهمين ويتم ضبطهم.
«رضا» قتيل شبرا الخيمة
«رضا» شاب يبلغ من العمر 18 عاما يقيم بمنطقة شبرا الخيمة، تعرض للقتل وسرقة «التوك توك» الذى يعمل عليه، إلا أن المفاجأة كانت أن صديقه منذ الصغر استعان بابن خالته وقتله انتقاما منه، للعمل بدلا منه على «التوك توك».
«إحسان» والدة الضحية ذكرت أن المتهم بقتل ابنها هو «أحمد.ح»، صديق ابنها الذى كان يرتبط بعلاقة صداقة قوية به منذ سنوات، حيث استعان المتهم بابن عمه «أحمد.ع»، واستدرجا ابنها بحجة توصيلهما، ثم سددا له عدة طعنات حتى فارق الحياة.
وأضافت أن المتهم الأول صديق ابنها، قرر الانتقام منه، لاعتقاده أنه السبب فى طرد صاحبة «التوك توك» له من العمل، واختيار ابنها بديلا عنه للعمل، حيث استدرجاه أسفل الطريق الدائرى، ثم سددا له عدة طعنات حتى فارقا الحياة وباعا «التوك توك» لأحد عملائهما.
والتقت «اليوم السابع» بعدد من سائقى «التوك توك»، الذين تحدثوا عن تجاربهم التى تعرضوا خلالها لسرقات بالإكراه بمحافظة الجيزة، حيث روى «أحمد عدلى» سائق «توك توك»، محاولة أحد الأشخاص سرقته بالإكراه، فقال إنه أثناء توقفه بموقف «التوك توك» بمنطقة أرض اللواء، طلب منه أحد الأشخاص توصيله إلى منطقة تدعى «قاعة فرح»، وخلال الطريق تحدث معه فى أمور متعلقة به فى محاولة لجذب أطراف الحديث معه، وعقب توصيله إلى المنطقة التى كانت خالية من المارة، طلب المتهم منه «فكة» مبلغ 50 جنيها، وعندما أخبره أنه لا يمتلك «فكة»، فوجئ به يهدده، ويحاول الاستيلاء على المفتاح الخاص بـ«التوك تو ك»، إلا أنه تمكن من الحصول على المفتاح وترك «التوك توك» والهرب من المكان، حتى استغاث بعدد من رعاة الغنم بالقرب من المكان، فحاولوا مطاردته إلا أنه تمكن من الهرب.
وذكر أن المتهمين يختارون الأطفال صغار السن، من قائدى «التوك توك»، حيث يستدرجوهم بحجة توصيلهم مقابل دفع مبلغ مالى مرتفع عن قيمة المشوار، ويختارون أماكن خالية من السكان، ويهددونهم بالأسلحة النارية أو البيضاء، للاستيلاء على «التوك توك»، وإذا حاول الضحية المقاومة يتعرض للقتل والتخلص من جثته.
كما قال أحمد ممدوح عبد الله، سائق «توك توك»، إنه أثناء قيادته «التوك توك»، فوجئ بعدد من الأشخاص يطاردونه وأجبروه على التوقف، مدعين أنه اصطدم بـ«التوك توك» الخاص بهم، وبدأوا فى تهديده محاولين إجباره على دفع مبلغ مالى، ثم استولوا على ما بحوزته من نقود، إلا أنه تمكن من الهرب قبل استيلائهم على «التوك توك» الخاص به.
وأضاف أن التشكيلات العصابية المتخصصة فى سرقة «التوك توك» تبيع التوك التوك المسروق بمبلغ لا يزيد عن 5 آلاف جنيه، حيث إن مشتريه يعلم أنه مسروق، ويُطلق عليه «شمال»، بدون أى أوراق تثبت ملكيته، حيث يتم تغيير ملامحه حتى لا يتعرف عليها مالكه إذا حاول البحث عنه، أو بيعه قطع غيار.
وأكد أن «التوك توك» يُعد سلعة سهلة السرقة والبيع، حيث إن عددا كبيرا من مركبات «التوك توك»، لا يمتلك سائقوها أى أوراق تثبت ملكيتها، مما يسهل بيعها، كما أنها متشابهة فى الشكل الخارجى، حيث يصعب اكتشافها بعد سرقتها.
وطالب بتقنين أواضع «التوك توك»، وضرورة اتخاذ المسؤولين بالدولة إجراءات من شأنها التصدى لتلك الجرائم التى تستهدف سائقى «التوك توك» والتى تحولت إلى ظاهرة منتشرة فى جميع المحافظات، خاصة أن لجوء الشباب للعمل كسائقى «توك توك» يزيد يوما بعد يوم، بسبب صعوبة الحصول على فرصة عمل، بالإضافة إلى لجوء الأطفال للعمل عليها لكونها مهنة لا تتطلب أى اشتراطات للعمل بها.
أدهم محمد سائق «توك توك» تحدث عن تعرض ابن عمه للسرقة بالإكراه، والاستيلاء على «التوك توك» الخاص به، فذكر أن مجهولين استدرجوا ابن عمه بحجة توصيلهم، ثم هددوه وقيدوه بالحبال، واستولوا على «التوك توك» الخاص به.
وأضاف أن المتهمين ألقوه مقيدًا بالحبال عقب ارتكاب الواقعة وفروا هاربين، مؤكدا أنه بالرغم من بحثه عن «التوك توك» المسروق لفترة طويلة، إلا أنه لم يعثر عليه حتى الآن.
كما تحدث «جمعة عيد» سائق «توك توك» عن أن مركبات «التوك توك» يسهل سرقتها، حيث لا توجد بها أى وسائق أمان لمنع السرقات، كما أنها لا تحمل لوحات معدنية، وهو ما يسهل سرقتها وبيعها.
وأضاف أن «التوك توك» المسروق يتراوح سعره من 2000 إلى 5 آلاف جنيه، حيث يتم بيعه لتجار المخدرات، أو استبداله بكمية من المواد المخدرة.
«خبراء يحللون الظاهرة للتصدى لها»
وفى سبيل تحليل تلك الظاهرة وكيفية التعامل معها والحد من خطورتها قال اللواء مجدى الشاهد مدير بالإدارة العامة للمرور سابقا، والخبير المرورى أن قانون المرور الحالى كارثى ويساعد فى تكرار السرقات وجرائم القتل، لعدم اتخاذ إجراءات رادعة تساهم فى الحد من تلك الجرائم، منها إلزام السائقين بتراخيص «التوك توك»، وإلزم الجمارك بمنع دخول تلك المركبات للدولة، أو مستلزمات تصنيعها، للحد من جرائم القتل والسرقة، مع تكثيف تواجد الأكمنة لرصد أى «توك توك» مخالف، ومصادرته وحرمان السائق من قيادته مرة أخرى.
وأكد الخبير المرورى أن قانون المرور الحالى يعد ضعيف جدا، ويساهم فى تكرار الجرائم، لأنه فى حالة ضبط «توك توك» مخالف يتم التصالح فى المخالفة بدفع نصف قيمة الغرامة المقدرة بـ 2000 جنيه مما يسمح للسائق بتكرار المخالفة مرة أخرى، موضحا أن المادة 80 من القانون يتم التصالح فى حالة ارتكاب المخالفة وتنقضى الدعاوى الجنائية.
و أوضح اللواء مجدى الشاهد أنه لا يمكن حصر الأعداد التى تتواجد فى الدولة لمركبات «التوك توك» نظرا لكثرة أعداداها وقيام المصانع بإنتاجها بدون تنسيق بين إدارة الجمارك والإدارة العامة للمرور.
وأكد مصدر بالإدارة العامة للمرور أنه تم رصد العديد من الجرائم الجنائية التى وقعت فى الآونة الأخيرة سواء كانت حوادث قتل لسائقين، أو سرقة لمركبات «التوك توك»، وحتى يتم التصدى لها، يجب إلزام السائقين بتراخيصها، حتى يسهل الوصول إلى أفراد التشكيلات العصابية ووضع عراقيل أمام سرقتها وبيعها، حيث يؤدى ترخيص تلك المركبات إلى إحكام قبضة رجال الأمن والحد من تلك الجرائم التى ظهرت خلال الفترة الأخيرة.
ولفت المصدر أن مركبات «التوك توك» بكل المحافظات يبلغ عددها 2 مليون ونصف المليون، المرخص منها 120 ألفا فقط، موضحا أن القانون الجديد للمرور، حدد الفئة العمرية لقيادة تلك المركبات، حيث تم النزول بقيادة المركبة من 21 سنة إلى 18 سنة مع إلزام المصنع بعدم بيع «التوك توك» إلا بترخيص، قبل البيع للتصدى لتلك الجرائم والحد منها، مع إلزام المحافظين بتحديد خطوط سير لعمل «التوك توك».
ومن جانبه قال اللواء مدحت قريطم، مساعد الوزير للشرطة المتخصصة السابق، إنه على الجمارك عدم استيراد مركبات «التوك توك» أو قطع الغيار الخاصة بها، أو مستلزمات تصنيعه، مع قيام إدارات المرور بتراخيص «التوك توك» المتواجد حاليا فى المحافظات وترخيصه، وإلزام السائق بتركيب لوحات معدنية ورخصة قيادة لمواجهة الجرائم التى يتعرض لها سائقو «التوك توك».
وأوضح مساعد الوزير للشرطة المتخصصة السابق أن مركبات «التوك توك» مصرح بتراخيصها طبقا لقانون المرور فى المادة 28 التى تنص على أن المحافظ بعد موافقة المجلس الشعبى للمحافظة بعدد مركبات التوك توك المتواجدة فى نطاق المحافظة، ويمنع سيره بالطرق السريعة وعواصم المدن.
وأضاف مساعد الوزير السابق أن إجراءات تراخيص «التوك توك» تستلزم إفراج جمركى وشهادة ملكية للمصنع أو من صاحب المركبة ومستند من الشهر العقارى..
وأشار اللواء قريطم إلى أن قانون المرور الجديد سيساهم فى تقنين أوضاع «التوك توك»، ويحد من جرائم السرقة بالإكراه التى يتعرض لها السائقون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة