يوم تلو الآخر، يزداد أعداء الرئيس التركى أردوغان فى الداخل أو الخارج بسبب قراراته العنترية التى تضر بمصالح الملايين من أبناء شعبه والشعوب الأخرى، وتُعتبر العملية العسكرية التى أطلقتها تركيا فى سوريا منذ أواخر شهر يناير الماضى خير دليل على تبنى رجب طيب هذا النهج.
وأطلقت تركيا عملية جوية وبرية تحت اسم "غصن الزيتون" وتستهدف فيها وحدات حماية الشعب الكردية فى منطقة عفرين بشمال غرب سوريا، وعلى العكس اسم العملية أثبت أردوغان أن غصن الزيتون الذى يرمز إلى السلام فى العالم أجمع، له تفسير متخلف تمامًا لديه فقد يكون انتقام أو آلام أو أشياء بعيدة عن السلام!
قمع معارضى العملية العسكرية بالداخل
والدليل الأبرز على استغلال الرئيس التركى للعمليات فى عفرين للانتقام فى المقام الأول وليس لتحقيق مصالح بلاده أن حكومته أصدرته تحذيرًا لكل من ينتقد العملية أو يعارضه سواء فى الإعلام أو على السوشيال ميديا، وبالفعل نفذت تهديدها، وفى 6 فبراير الجارى تم الإعلان عن اعتقال 573 شخصا بسبب تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعى واحتجاجات تنتقد العملية العسكرية في سوريا، وذلك وفقا لما نقلته وكالة رويترز.
واللافت فى قصة قمع معارضى العملية العسكرية فى الداخل التركى أنه عندما أمر النائب العام باعتقال 11 من قيادات نقابة الأطباء وبينهم رئيسها بعد انتقادها العملية إذ رفعت النقابة شعار "لا للحرب.. السلام فورا" أن أردوغان علق بنفسه على هذه الموقف وانتقد أعضاء الكيان النقابى ووصفهم بالخونة والسبب دعوتهم للسلام ورغبتهم فى إنهاء الحرب!
إحياء داعش وغضب إيران
وبخلاف معارضى العمليات العسكرية فى الداخل فإنه أيضًا فى الخارج لم تحصل على رضاء أى طرف خصوصا أن بعض المراقبين للشأن السورى اعتبروا تلك المعارك بمثابة إحياء لتنظيم داعش وإعطائه قبلة الحياة بعد الضربات الموجعة التى تلقها فى كل من سوريا والعراق، واللافت للنظر أنه كان ضمن المعترضين على معارك عفرين حليفها الرئيسى فى سوريا وهو "إيران" والذى طالما دارت بينهما مباحثات حول الأزمة بالسنوات الأخيرة إلا أن خوف بلاد الفرس من انفراد تركيا وحدها بخيوط الأزمة دفعها لعدم تأييد تلك المعارك فى ظل مخاوفها من توسيع الأتراك لنصيبهم فى الكعكة السورية.
إدانة دولية لاستهداف المدنيين
وبعيدًا عن دوائر السياسيين فإنه هناك إدانات من المجتمع الدولى لاستهداف جيش أدروغان للمنازل المدنيين، ومنذ اليوم الأول للعملية فإن مدنى عفرين يدفعون الثمن، وفى تصريحات سابقة لـ سكاى نيوز عربية"، وبالتحديد فى 29 يناير الماضى، قال رئيس الهلال الأحمر الكردى فى منطقة عفرين، نورى قنبر، إن "الوضع الإنسانى سيئ للغاية فى عفرين وريفها نتيجة الاستهداف التركي للبلدات القريبة من الحدود السورية"، مشيرًا إلى أن "آلاف السكان المدنيين فى عفرين يعيشون منذ 10 أيام فى الأقبية وداخل الكهوف وفى أماكن غير معدة للسكن".
وفيما يبدو أن الأوضاع فى عفرين تتجه للأسوأ فإن تقرير نقلته وكالة رويترز اليوم السبت على لسان العاملين بالمرصد السورى لحقوق الإنسان يؤكدون فيه أن الجيش التركى شن ما يشتبه بأنه هجوم بالغاز أدى إلى إصابة 6 أشخاص فى منطقة عفرين السورية الجمعة، ولم يصدر تعليق من الجيش التركى الذى نفى من قبل اتهامات بإصابة مدنيين فى العملية التى يقوم بها فى عفرين.
وأوضح متحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردية لرويترز إن القصف التركى طال قرية فى شمال غرب المنطقة قرب الحدود التركية، مضيفًا أن القصف أدى إلى إصابة ستة أشخاص بمشكلات فى التنفس وبأعراض أخرى تشير إلى أنه كان هجوما بالغاز.
وفى ظل قصف المدنيين فإن جيش أردوغان لا يتوان على ارتكاب الجرائم الوحشية ومنها على سبيل لا الحصر ما تم تداوله نشطاء سوريون من مقاطع مصورة لفتاة كردية قُتلت على أيدى عدد المسلحين الذين يقاتلون بجانب الجيش التركى شمال سوريا، وقاموا بالتمثيل بجثتها، وتظهر فيها جثتها وسط المقاتلين الذين يطلقون صيحات التكبير حولها، بينما يدهش اثنان منهم على الأقل على صدرها، كما تظهر فى لقطات مجردة من ملابسها فى الجزء الأعلى من جسدها مع تشويه جثتها.
المساس بمصالح الدول الأخرى
وفى خطوة تظهر أن عملية عفرين بدأ غبارها يؤثر على مصالح دول أخرى، فإن المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، حثت تركيا على الأخذ فى الحسبان مصالح حلف شمال الأطلسى "الناتو" أثناء أنشطة عملية "غصن الزيتون". وقالت ميركل، فى تصريحات أوردتها فضائية "روسيا اليوم" الإخبارية، إن تركيا لديها مصالح شرعية فى مجال الأمن، إلا أنها يجب أن تتجنب القيام بأعمال قد تؤدى إلى ظهور التوتر داخل الحلف كما دعت إلى تحسين تنسيق الأعمال بين أعضاء الحلف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة