دعت حركة طالبان الأفغانية إلى محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة للتوصل إلى "حل سلمى" للنزاع فى افغانستان فى تغير على ما يبدو فى إستراتيجيتها بعد أشهر من الهجمات المتصاعدة.
وارتفع عدد القتلى المدنيين فى الاشهر القليلة الماضية وسط تصعيد هجمات طالبان وتنظيم داعش الدامية فى مناطق ريفية وعلى قوات الأمن ردا على إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إستراتيجية عسكرية جديدة غير محددة المدة.
وفى بيان نشرته فى ساعة متأخرة الاثنين قالت طالبان إنها "تدعو المسؤولين الأميركيين إلى محادثات مباشرة مع المكتب السياسى للإمارة الإسلامية بخصوص حل سلمى للمستنقع الأفغانى" فى إشارة إلى التسمية التى تطلقها الحركة على نفسها.
وأشار البيان إلى تقارير محلية أفادت أن المندوبة الأميركية أليس ويلز لمحت خلال زيارة أجرتها مؤخرا إلى كابول بأن المجال لا يزال مفتوحا لإجراء محادثات.
وتأتى دعوة طالبان قبل يوم من انطلاق الجولة الثانية من مؤتمر إقليمى للسلام فى كابول، يناقش فيه ممثلو 25 دولة إستراتيجيات لمكافحة الإرهاب وفض النزاع، ولم يصدر رد على العرض من المسؤولين الأميركيين الذين طالما أصروا على أن أى محادثات يجب أن تشمل الحكومة الافغانية فى كابول.
من جهتها، حثت كابول عناصر الحركة على اتخاذ "خطوات عملية" حيث أكد الناطق باسم الحكومة هارون شاخنسورى أن "جميع الأبواب مفتوحة لإجراء محادثات سلام".
وقال فى مؤتمر صحفى "إذا كانوا افغانا فعليهم التحاور مع الحكومة الافغانية. لن تحاورهم الولايات المتحدة".
لكن قياديا رفيعا فى طالبان أكد لوكالة فرانس برس عدم اهتمام الحركة بإشراك الحكومة الأفغانية أو إسلام أباد الداعم التاريخى للحركة -- فى أى محادثات محتملة، وقال القيادى "نحن الأطراف الفعلية فلنجلس ونتحدث بشكل مباشر دون وجود طرف ثالث، لا باكستان ولا افغانستان".
ويعد الانفتاح الذى تبديه طالبان تجاه اجراء مفاوضات أمرا مستغربا من الحركة المتمردة التى لطالما كررت رفضها بدء محادثات قبل انسحاب القوات الأجنبية من افغانستان.
ورأى المحلل السياسى الأفغانى عبد البارى أن الضغط الأميركى المتزايد على باكستان خلال الأشهر الأخيرة لوى ذراع عناصر طالبان.
لكنه دعا إلى توخى الحذر، قائلا إن كلا من الولايات المتحدة وطالبان استخدمتا سياسات العصا والجزرة على مدى سنوات.
وقال "لا يزال من المبكر معرفة إن كانوا صادقين هذه المرة. لطالما رفضت المجموعة أى اقتراحات لإجراء محادثات فى الماضي".
وبعد مرور أكثر من 16 عاما على الاجتياح الأميركي، لا تزال أقل من 60% من الأراضى الافغانية تحت سيطرة الحكومة أو نفوذها، وفقا لأرقام صادرة عن حلف شمال الأطلسى فيما تسيطر طالبان وغيرها من المجموعات، أو تحاول السيطرة، على باقى المناطق.
ولدى كشفه عن استراتيجيته الجديدة لأفغانستان فى أغسطس الماضى، قال ترامب إن التواجد العسكرى الأمريكى فى أفغانستان سيبقى غير محدد الأمد وسط تصعيد واشنطن ضرباتها على معاقل المتمردين.
وكثفت الولايات المتحدة كذلك ضغوطها على باكستان المجاورة التى تتهمها بدعم طالبان فجمدت مساعدات بملايين الدولارات إلى إسلام أباد فى يناير وضغطت الأسبوع الماضى لإدراجها على لائحة الدول المتهمة بتمويل الإرهاب.
وأشار محللون إلى أن الضغط قد يكون دافعا لزيادة هجمات الحركة على أهداف سهلة على غرار سلسلة اعتداءات دامية شهدتها كابول فى يناير استهدف احدها فندقا فخما. وفى عملية دامية أخرى، تم تفجير سيارة إسعاف فى شارع مكتظ بكابول.
واستبعد ترامب الدخول فى محادثات مع طالبان غداة هذه الاعتداءات رغم إصرار من مسؤولين فى وزارة خارجيته على أنهم لا يزالون يأملون بإقناع المتمردين بالعودة إلى طاولة المفاوضات.
وتستضيف العاصمة الافغانية مؤتمر السلام فى كابول الأربعاء حيث تعهد الرئيس اشرف غنى بأن حكومته ستقدم "فى مؤتمر كابول خطة سلام شاملة لطالبان وباكستان".
ولم تقترب كابول من اجراء محادثات سلام مباشرة مع طالبان إلا عام 2015 فى باكستان، لكن المحادثات تعثرت بعد أيام عندما كشف مسؤولون افغان بصورة متأخرة عن وفاة زعيم طالبان التاريخى الملا عمر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة