نظمت جامعة الدول العربية حلقة نقاشية حول تطورات الاعتراف الأمريكى بالقدس عاصمة لإسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، وذلك بمشاركة ممثلو الجهات المعنية بالشئون الفلسطينية فى الدول العربية.
وتناولت حلقة النقاش، والتى عقدتها إدارة البحوث والدراسات الاستراتيجية بقطاع الإعلام والاتصال، بالتنسيق مع قطاع فلسطين والأراضى العربية المحتلة بالجامعة العربية، وذلك من خلال عدد من الباحثين العرب المتخصصين بالشؤون الفلسطينية ومراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية العربية، حيث تضمنت رصد ومتابعة الأمانة العامة لتطورات وتسارع الأحداث بعد صدور القرار الأمريكى الأحادى بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل القوة القائمة بالاحتلال.
ومن جانبه، قدم الأمين العام المساعد لشئون قطاع فلسطين والأراضى العربية المُحتلة السفير سعيد أبوعلى، ورقة حول مستجدات الوضع الفلسطينى بعد قرار رئيس الولايات المُتحدة الأمريكية "دونالد ترامب" الخطير بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلى ونقل السفارة الأمريكية إليها.
وأكد أبو على، على الهوية العربية لمدينة القدس المحتلة بما يدحض الإدعاءات الإسرائيلية، مشددًا أن هذا "الوعد الأمريكى" بنقل السفارة الذى صدر فى الذكرى المئوية لوعد بلفور والذى أسس للوطن القومى اليهودى بفلسطين لا يقل أهمية أو خطورة تاريخية، حيث يمثل بداية لتنفيذ ما تُسمى "صفة القرن"، التى يتنظر العالم التعرف على محتواها، والتى تسعى لتصفية القضية الفلسطينية من خلال إخراج قضية القدس واللاجئين والأونروا من أى تسوية قادمة.
كما تطرق حول السياسات والمواقف التاريخية المختلفة للإدارات الامريكية المتعاقبة منذ عهد الرئيس ترومان بشأن القدس انطلاقا من مرحلة التدويل والنظام الدولى، إلى التحول باعتبارها قضية دينية، ومن ثم إخضاعها للتفاوض والاتفاق الثنائى التعاقدى ثم مرحلة المساومة وعرض مقترح القدس الشرقية، فتمكين الاحتلال من السيطرة عليها إلى الاعتراف ونقل السفارة المؤجل ثم إلى مرحلة الدولة اليهودية والقدس الموحّدة خلال فترة حكم الرئيس "أوباما" والانحياز الكامل بمعارضة حق العودة وتأجيل موضوع القدس والرعاية الأمريكية الحصرية مع تأجيل التنفيذ وصولاً إلى عهد ترامب وشروع مرحلة التنفيذ، وفى سياق الإعلان باعتباره انتهاك للقوانين والمواثيق الدولية، معتبرًا أن إعلان "ترامب" يمثل عدوان على حقوق الشعب الفلسطينى بما لمدينة القدس من مكانة دينية وروحية وانتهاك لحقوق العرب المسلمين والمسيحيين ولكل مُحبّي السلام حول العالم.
كما سلط الأمين العام المساعد، الضوء على السياسات الإسرائيلية التهويدية لمدينة القدس المحتلة من خلال إفراغها من سكانها ومواطنيها ومُصادرة أراضيهم وتغيير أسماء الشوارع ومحاولات التقسيم الزمانى والمكانى للحرم فى سياق سياسة "الأسرلة"، مضيفًا أن إعلان ترمب الأخير فى سياقه الإيديولوجى والدينى باعتباره مرتبط بإرضاء الناخبين الأمريكيين الانجليين والذي صوتوا لصالح ترامب بنسبة 82%، ليختم بسياق اعتبار الإعلان مقاربة جديدة لعملية السلام ليشدد على ضرورة التصدّي لهذا القرار والحد من أثاره السلبية والغائه لأمل دفع عملية سلام جادة وذات مصداقية تستند على قرارات الشرعية الدولية وتُفضي إلى انهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ومن جانبه، قدم مدير إدارة البحوث والدراسات الاستراتيجية بالجامعة العربية علاء التميمي، دراسة تتضمن تحليل القرارات الصادرة عن مجلس الجامعة على مستوى القمة والوزاري والمندوبين بالاضافة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة او مجلس الأمن المتعلقة بمساندة وحقوق الشعب الفلسطينى.
كما سلطت الدراسة الضوء على قرارات الشرعية الدولية بشأن القدس منذ عام 1947، وتنشيط الذاكرة العربية على ذلك، وضرورة المساهمة العملية في موضوع القدس من خلال رصد ومتابعة تطورات الاعتراف الأمريكي الأخير بالقدس عاصمة لإسرائيل، كما تضمنت الدراسة بشكل موسع حول المركز والطبيعة القانونية للقدس ما قبل عام 1967.
وأكدت الدراسة إن القرار الأمريكي الأخير بشأن القدس ليس له اي أثر قانوني او انعكاس على وضعية المدينة كأرض محتلة وهو خارج الشرعية الدولية ويمثل خرقا لقرارات مجلس الأمن 476- 478 لعام 1980 ، وإن القرار لا يلزم الا الدولة التي اصدرته.
كما دعت الدراسة إلى التحرك القانوني داخل الولايات المتحدة للحصول على حكم من المحكمة العليا في واشنطن ببطلان القرار الصادر بشأن القدس ومنع نقل السفارة الى القدس، والعمل على اعادة فتح جميع المؤسسات التي أغلقتها اسرائيل وضرورة دعمها لتتمكن من مواجهة الهجمة الصهيونية الشرسة وتهويد مدينة القدس، وضرورة دعم احياء التراث الاسلامي والمسيحي بالقدس وايضا دعم الاقتصاد الفلسطيني وجذب رؤس الأموال العربية والاسلامية للاستثمار في المدينة للحفاظ على مصدر دخل لسكانها وتقوية صمودهم لإغراءات البيع الصهيونية، بالاضافة الى ضرورة العمل على إظهار القدس في كل محفل دولي وفِي وسائل الاعلام المرئية والمقروءة .
من ناحيته، أكد أستاذ العلوم السياسية الوزير الأسبق على الدين هلال فى مداخلته، على عدة مواضيع أهمها: ضرورة أن يكون للقمة العربية الشهر المقبل في الرياض قرارات داعمة وواضحة ولابد من تنفيذها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وخطورة المرحلة التي تمر بها، مشيرًا إلى خطورة تنفيذ القرار الأمريكى بشأن القدس ونقل السفارة منتصف مايو المقبل، وهى بمثابة دعم للاستيطان المستمر فوق الأرض الفلسطينية، كما تطرق إلى خطة استكمال دمج القدس الشرقية عام 2050، وخطورة تشجيع دول أخرى على الاقتداء بأمريكا، مشددًا على ضرورة الحفاظ على عروبة القدس والتواصل الدائم مع المقدسيين، وضرورة إبراز المقاطعة الغربية للاحتلال الإسرائيلى من خلال المقاطعات الأوروبية للمنتجات المصنوعة فى المستوطنات.
فيما أوضح، رئيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية حلمى الحديدى، إن المنطقة لن تنعم بسلام دائم وشامل ما لم يصل العرب إلى قدر من التوازن فى موازين القوى مع إسرائيل، مشيرًا إلى أن الجميع يدرك أن الأوضاع العربية الراهنة لا تشكل بطبيعة الحال عاملا ضاغطا على الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ولا يملك العرب أيضًا فى أوضاعهم الحالية القدرة على فرض السلام.
وقال الحديدى، إن على العرب إصدار كتاب أسود بعدة لغات يفضح الدور الأمريكى منذ عام 1948 حتى الآن ويكشف جرائم إسرائيل، مضيفًا أنه لابد من دعم المقاومة الشعبية الفلسطينية واعتبار القدس قلب محور القضية الفلسطينية.
وأكد إن منظمة الشعوب الإفريقية والاسيوية ستعقد اجتماعها المقبل فى القاهرة خلال الربيع المقبل لمناقشة حماية القضية الفلسطينية من محاولات تصفيتها التى تقوم بها إسرائيل فى ظل حماية أمريكية، مشيرًا إلى أن منظمتنا هى منظمة شعبية، وترى أن واجبها أن تظل القضية الفلسطينية حية وتستأثر باهتمام ودعم شعوب افريقيا وآسيا حتى ينال الشعب الفلسطينى استقلاله وحقوقه المشروعة فى دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية خاصة وأنه الشعب الوحيد الذى يحصل بعد على استقلاله.
كما أوضح الباحث والصحفى أشرف سيد فى دراسته التى قدمها بعنوان "ردود الفعل الإعلامية لقرار الرئيس ترامب بشأن القدس"، أن المواقف الرافضة للقرار كانت ما نشيتات الصحف المصرية والعربية جميعها تقريبا، لتعبر عن نفسها بحذر شديد وهو استفزاز الإدارة الأمريكية، والتى كانت تلوح بين الحين والآخر بورقة المساعدات أو المعونات باستخدام كروت ضغط على بعض الحكومات العربية.
وأوضحت الدراسة ضرورة، أن نبحث أوجه القصور التى يعانيها العالم العربى، لمعرفة كيفية التحرك أو التعامل مع القرار من خلال مؤسسات العمل العربى المشترك وركيزتها الأساسية جامعة الدول العربية وضرورة توحيد الصف الفلسطينى وتوحيد الخطاب الإعلامى العربى والتكثيف فى المرحلة المقبلة إلى الإعلام ليكن خطابا ضاغطا ومرغما على تراجع القرار الأمريكى قبل مايو المقبل واستخدام فن التفاوض الدبلوماسى العربى والأمريكى.