- رئيس «صناعة مجلس النواب»: ندرس واقعة بنها.. وسنعدل «كود» سلامة تشغيل المصاعد بالجهات الحكومية
نبأ مصرع 7 مواطنين إثر سقوط المصعد بهم بمستشفى بنها العام، ليس الأول من نوعه، حتى وإن كان هو الحادث الأكثر ضحايا ضمن سلسلة انهيارات لمصاعد المستشفيات، التى شهدتها مصر خلال السنوات الثلاث الأخيرة، فبنظرة سريعة على مواقع الأخبار يتبين أن هذا الحادث تكرر فى مستشفيات عدة، من بينها الباجور العام بالمنوفية، والمحمودية العام بالبحيرة، وبنى سويف العام، والأميرى ببورسعيد، وأبو الريش، والنقاهة بجامعة المنصورة، والطلبة بجامعة المنصورة.
ولكن لماذا تسقط مصاعد المستشفيات العامة؟، وكيف يمكن أن تدخل إلى مستشفى لتزور مريضًا فتخرج بدورك مصابًا أو متوفى؟.. هذا هو السؤال الذى حاولت «اليوم السابع» الإجابة عنه استنادًا إلى المواصفات والاشتراطات المنصوص عليها بقرار وزير الإسكان رقم 167 لسنة 1997 بشأن الكود المصرى لتحديث أسس تصميم وشروط تنفيذ المصاعد الكهربائية والهيدروليكية فى المبانى، ومن بينها أن تكون الإدارة الهندسية التابعة للحى الذى تنتمى إليه المنشأة مختصة بإعطاء الترخيص الخاص بتركيب المصعد، على أن يسرى ترخيص التشغيل لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد لمدة مماثلة، وتقوم الإدارة الهندسية بالتفتيش الدورى للتحقق من استمرار صلاحية المصعد للتشغيل.
ومن الاشتراطات الأخرى أيضًا أنه يجب على الجهة أو صاحب المنشأة أو المسؤول عنها التعاقد مع إحدى الشركات المرخص لها القيام بأعمال الصيانة الدورية، كما يجب أيضًا تحديد عامل واحد على الأقل ليقوم بمراقبة تشغيل المصعد أو المصاعد، على أن يتم تدريبه على التعامل مع المواقف المختلفة، وأيضًا من الأمور المهمة الأخرى والواجب وضعها فى الاعتبار، وضع لوحة معدنية مثبتة داخل كل مصعد، موضح بها اسم المنشاة القائمة بصيانة المصعد، وعنوانها، ورقم الترخيص بالعمل.
هذه هى أبرز الاشتراطات القانونية الواجب توافرها لتركيب المصاعد بالمنشآت المختلفة، الخاصة والحكومية على حد سواء، ولكن ما الذى يحدث على أرض الواقع؟
فى مستشفى قصر العينى أعداد كبيرة من المصاعد قد يتجاوز الـ 15 مصعدًا، لكن أغلب المصاعد متوقفة عن العمل، وتعانى من التردى الملحوظ بالعين المجردة، فالأبواب يعلوها الصدأ، كما أن الحواجز حولها متهالكة، فى حين أن هناك أكوامًا من القمامة موجودة فى «بئر» بعضها، بل إن أحد المصاعد كانت الأرضية تحت بابه الصدئ منهارة.
وبسؤال أحد العاملين أجاب أنه من بين تلك المصاعد الـ 15 لا يعمل سوى مصعدين اثنين فقط، وفى بعض الأحيان يتوقف أحدهما عن العمل ليخدم مستشفى قصر العينى مصعد واحد فقط، فى حين أنه- وبحسب تصريحات صحفية سابقة للدكتور هشام عامر، مدير مستشفيات قصر العينى- فإن عدد الذين يترددون على العيادات الخارجية لمستشفيات قصر العينى حوالى مليون و200 ألف مواطن سنويًا، وعدد الأشخاص المحجوزين بها يتجاوز ربع مليون مواطن، فبافتراض أن نصف هؤلاء فقط يستخدمون المصاعد، فيمكنك أن تقدر عدد مستخدمى المصعدين العاملين بقصر العينى فى اليوم الواحد بنحو ألفى شخص.
وبسؤال أحد عاملى المصاعد عما إذا كانت حادثة بنها سابقة الذكر قد تكررت فى مستشفى قصر العينى، أجاب: سبق أن سقط مصعدان فى قصر العينى، وهذه الحادثة ليست جديدة.
شعبان جمعة، أحد المترددين على قصر العينى، يقول: تعرضت شقيقتى لحادث منذ حوالى 7 سنوات وجاءت إلى هنا، وأذكر ذات يوم خلال إقامتها فى المستشفى وزيارتنا لها انقطعت الكهرباء عن المصعد، مما تسبب فى سقوطه، ولكن دون وقوع ضحايا، قائلًا إنه بسبب مرض شقيقته المزمن يضطر للتردد كثيرًا على المستشفى، مبديًا ملاحظته بأن المصاعد فى بعض الأحيان تحمل أكثر من 10 أشخاص، كما أن أفراد الأمن أو العاملين على المصاعد غير موجودين بشكل دائم.
لا يحتاج الأمر إلى شهادات العاملين أو المواطنين كى تلحظ الزحام على المصاعد، حيث يقف المرضى «طوابير» بانتظار وصول المصعد فى بعض الأقسام، فيما يحاول العامل جاهدًا تنظيم عملية الصعود دون أن يتسبب فى تكدس المواطنين والمرضى داخل المصاعد.
محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية، يقول: من المفترض أن كل مصعد له جدول زمنى ووقت محدد للصيانة، وبعض الشركات تتقاعس عن صيانة المصاعد، بحجة أنه مستورد من الخارج، ولكن أعتقد أن حل هذه المشكلة يكمن فى تصنيع تلك المصاعد بواسطة أيادٍ مصرية وتحت إشراف مصرى، مضيفًا: أمر آخر بالغ الأهمية، هو احترام حجم حمولة كل مصعد، والاهتمام بمواعيد الصيانة الدورية، حتى نتجنب مثل هذه الحوادث، وهذا ما نسعى للتأكيد عليه دومًا من خلال عملنا فى الغرفة.
من مستشفى قصر العينى إلى مستشفى الهلال العام، الذى يمتلك مصعدين مخصصين للمواطنين، ومصعدين آخرين للنفايات والأغذية، تعلوهما لافتة «هذه المصاعد مخصصة للنفايات والأغذية فقط ومن يخالف ذلك يعرّض نفسه للمساءلة من قبل إدارة المستشفى»، ورغم التعليمات الواضحة تلك، فإننا استطعنا استقلال تلك المصاعد والصعود والنزول بها دون أن يعترض طريقنا أحد، وهو الشىء نفسه الذى فعله العاملون والمواطنون أيضًا فى المستشفى.
ورغم أن تلك المصاعد حديثة نسبيًا مقارنة بمثيلاتها فى «قصر العينى»، فإنه يمكنك ببساطة أن تلاحظ وجود أسلاك كهرباء عارية على أبواب المصعد، وكذلك وجود كشافات الإضاءة وقد تم لصقها بلاصق طبى كى لا تسقط على مستقلى المصعد.
النائب محمد الحسينى، وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، يقول: الوحدات المحلية هى الجهة المانحة للتراخيص، وبشكل عام لابد أن يكون هناك دور أساسى لأعمال الصيانة التى تتم، وأن يكون هناك التزام وإعداد لتقارير واضحة وصريحة لنلقى بالمسؤولية على عاتق المسؤول، ولو تناولنا مشكلة المصاعد فى المصالح الحكومية تحديدًا، فسنجد أن غالبيتها يعمل بـ«البركة»، وأخرى فى حاجة ماسة للصيانة، ولكن لا تجرى لها أعمال صيانة، والنتيجة أنها متوقفة عن العمل أو تعمل فى ظروف خطرة. ويتابع: مفهوم الصيانة فى مصر غائب تمامًا، ولابد أن يكون هناك اهتمام فى كل قطاعات الدولة، وتوفير للجوانب المادية لإجراء أعمال الصيانة بشكل دورى، واصفًا ما يحدث بقوله: «الأمور ماشية بستر ربنا».
الوضع فى المستشفيات السابقة لا يختلف كثيرًا عما يحدث فى مجمع التحرير، ويشهد عليه آلاف المواطنين يوميًا، الذين يضطرون للانتقال بين أدوار هذا المبنى العتيق لإنهاء الأوراق الخاصة بهم، فبمجرد أن تطأ قدماك أرضية هذا المكان تلمح الطوابير المتراصة أمام مصعدى المجمع، وفور وصوله إلى الدور الأرضى يتسابق الجميع ليحتلوا مكانًا بداخله، دون الالتفات للحمولة المسموح بها.
تقول منى محمد، واحدة من المترددين على المجمع: الأعداد التى تستقل المصعد كبيرة للغاية، وهذا يثير الرعب والقلق، إضافة إلى أن المصاعد حالتها ليست جيدة لتحمل كل هذه الأعداد، ناهيك عن أن «مسقط» المصعد ملىء بالقمامة.
الشىء نفسه يتكرر فى معهد ناصر، الذى يتردد عليه قرابة 60 ألف مريض، ناهيك عن مئات الآلاف من المرضى المترددين على العيادات الخارجية، وفقًا للأرقام المعلنة، ورغم الأعداد الهائلة تلك، فإن المبنى لا يحتوى سوى على ثلاثة مصاعد فقط، ويتدافع عليها المواطنون بشكل لا يتناسب مع حجم الحمولة المسموح بها.
النائب أحمد سمير، رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب، يقول: من المفترض أن هناك معايير سلامة عالمية يتم الالتفات إليها من قبل المتعاقدين مع شركات المصاعد قبل التعاقد، إضافة إلى الاشتراطات والمعايير التى تم وضعها فى مصر، وعلى رأسها إجراء صيانة دورية حتى لا نستهين بأرواح الناس. وتابع: ندرس حادث بنها، وفى حالة الوقوف وتحديد الجهة المسؤولة ستتم محاسبتها، والمطالبة بزيادة معايير السلامة والأمان، وإلزام الجميع بتطبيقها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة