نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية مقتطفات من كتاب "النهوض والقتل أولا: التاريخ السرى للاغتيالات المستهدفة لإسرائيل" للمؤلف والصحفى الإسرائيلى رونين بيرجمان، وهو الجزء الذى تحدث عن سعى تل أبيب الحثيث لمعرفة أسرار وخبايا برنامج الصواريخ المصرى فى الستينيات.
ويقول الكتاب إن الموساد بأكمله دخل فى حالة الطوارئ، واكتسحت أجواء الأزمة كافة ممرات وكالة التجسس الإسرائيلية وانعكس ذلك فى البرقيات الداخلية لهذه الفترة، خاصة بعدما تبين أن ألمانيا تعاون مصر فى هذا المشروع الذى بدأ فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
وأرسل المقر الرئيسى للموساد لمحطاته فى أوروبا فى أغسطس عام 1962 رسالة تقول "نحن مهتمون بالحصول على مواد استخباراتية أيا كان ما يمكن أن يحدث.. لو تبين أن ألمانياً يعرف شيئا عن هذا وليس مستعدا للتعاون، نحن مستعدون لأخذه بالقوة وإجباره على الحديث. من فضلكم اهتموا بهذا لأننا يجب أن نحصل على معلومات بأى ثمن".
الزعيم الراحل جمال عبدالناصر والفريق عبدالمنعم رياض
ويشير الكتاب إلى أن عملاء الموساد بدأوا فورا اقتحام البعثات الدبلوماسية والقنصليات المصرية فى عدد من العواصم الأوروبية لتصوير الوثائق. وكانوا قادرين أيضا على تجنيد موظف سويسرى يعمل فى مكتب مصر للطيران بزيورخ، وهى الشركة التى كانت غطاء للمخابرات المصرية، على حد قول المؤلف.
وسمح الموظف السويسرى لعملاء الموساد بالحصول على حقائب البريد ليلا مرتين أسبوعين وأخذها إلى منزل آمن، وقاموا بفتحها وتصوير محتواها ثم أغلقوها مرة ثانية بواسطة خبراء لم يتركوا أى دلى على فتحها قبل أن يعيدوها إلى مكتب الشركة. وبعد فترة قصيرة نسبيا، أصبح لدى الموساد فهم أولى لمشروع الصواريخ المصرى ورؤسه.
وبدأ المشروع اثنين من العلماء المعروفين دوليا، وهو الدكتور يوجين سانجر وولفجانج بيلز، اللذين انضما فى عام 1954 إلى معهد بحوث فيزياء الدفاع النفاث فى شتوتجارت.
وترأس سانجر المركز المرموق، بينما كان بيلز وأخرين هما هانز كروج بول جوركيك رؤساء للأقسام. لكن أفراد هذه المجموعة شعروا بأنهم لا يعملون بشكل جيد فى ألمانيا بعد الحرب، فاقتربوا من النظام المصرى فى عام 1959 وعرضوا تجنيد وقيادة مجموعة من العلماء لتطوير صواريخ أرض أرض طويلة المدى. ووافق عبد الناصر سريعا وعين واحدا من أقرب مستشاريه العسكريين عصام الدين محمود خليل، مدير مخابرات القوات الجوية السابق ورئيس قسم البحث والتطوير فى الجيش المصرى لتنسيق البرنامج.
مشاهد من حرب يونيو 67
وأنشأ خليل نظاما مقسما منفصل عن الجيش المصرى للعلماء الألمان الذين وصلوا إلى مصر لأول مرة فى زيارة فى إبريل عام 1960. وفى أواخر عام 1961، انتقل العلماء إلى مصر وجندوا حوالى 35 من العلماء والفنيين الألمان المخضرمين لينضموا إليهم. واحتوت المنشآت فى مصر على مختبرات وأماكن معيشة فاخرة للألمان الذين حصول على مرتبات ضخمة وتمتعوا بظروف ممتازة. وتبقى واحدا من العلماء، وهو كروج، فى ألمانيا وأسس شركة أنترا التجارية التى كانت واجهة للمجموعة أوروبا.
وبمجرد أن حصل الموساد على فهم مبدئى للوضع، وصلت المزيد من الأخبار السيئة، حيث التقى رئيس الموساد إسر هاريل مع رئيس الوزراء بن جوريون وقدم له وثيقة تم الحصول عليها من حقائب البريد فى زيورخ. وكان الإسرائيليون فى صدمة، فالوثيقة كانت أمرا مكتوبا فى عام 1962 من بيلز لمديرى المشروع فى مصر وشملت المواد المطلوب الحصول عليها فى أوروبا لتصنيع 900 صاروخ، وكان هذا عددا هائلا.
وبعد اعتراض هذه الرسالة، ووفقا لتقرير داخلى للموساد، أصيبت وكالة الاستخبارات الإسرائيلية بجو من الذعر تقريبا. والأسوأ أن الوثيقة أثارت المخاوف بين الخبراء الإسرائيليين من أن الهدف الحقيقى للمصريين هو تسليح الصواريخ برؤوس مشعة وكيماوية.
وتحدث الكتاب عن قيام عملاء الموساد باختطاف أحد العلماء الألمان وهو هانز كروج، الذى تم سجنه فى أحد منشآت الموساد وتعرض لاستجواب قاسى.. وظل صامتا فى البداية لكنه اعترف فيما بعد ، بل إنه تطوع للعمل لدى الموساد. لكن بعدما تبين أنه قال كل ما يعرفه، استغنى عنه الموساد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة