بجروح غائرة حفرتها جرائم ووحشية داعش على مدار ما يقرب من 5 سنوات كاملة فى سوريا والعراق، يحاول الناجون من قبضة التنظيم الإرهابى استئناف حياتهم بعد الانتصارات المتتالية التى حققتها الجيوش العربية مدعومة بقوات التحالف وأطراف إقليمية، ليكشفوا يوما تلو الآخر روايات جديدة عن سنوات الدم والنار التى حلت على تلك البلدان التى استوطنها التنظيم فى وقت انزلق فيه العرب فى وحل ما عرف بـ"ثورات الريبع".
ومن بين الناجين من قبضة داعش، الفنان التشكيلى السورى جمعة نزهان، الذى التقت به صحيفة "إيه بى سى" الإسبانية لتستعرض ملامح من المعاناة التى عاصرها فى سجون التنظيم الإرهابى الأشهر، لتتحول رحلته مع الفن التشكيلى من الأضواء والألوان المبهجة إلى ليل ثقيل غاب عنه الآمل.
جمعة نزهان
وفى حواره للصحيفة الإسبانية، قال نزهان: "كانت سوريا حتى عام 2012 مضيئة وشوارعها تتألف من ألف لون، وكنت اتخيل قصة وراء كل باب، إلا أن عبور داعش والإرهاب إلى البلاد، وسيطرتهم على الميادين جعلت حياتى تتغير ، وتحولت الشوراع الملونة إلى الأسود والرمادى".
وأضاف الفنان السورى: "عندما دخل داعش سوريا، غادرت بيتى فى وسط دير الزور وانتقلت إلى القرية، حيث كان يوجد الاستديو الخاص بى، واعتقدت أن ذلك سيكون بشكل مؤقت ولكنى كنت مخطئا، ولم يستغرق الإرهابيون وقتا طويلا للاستيلاء على البلد واستمروا فى التقدم، وقاموا بحبسى".
نزهان وأعماله
وتابع: "أصبح داعش كابوسا يوميا بالنسبة لى ولحياة الناس الآخرين الذين كانوا معى فى السجن، أو كانوا بالخارج يحاولون تأمين المنطقة من تقدمه السريع.. بدأ هذا الكابوس على المستوى الثقافى عندما استدعوا المعلمين والأشخاص المرتبطين بثقافة الشعب، فى محاولة لتجنيدهم والزامنا بعدم التواصل فى عملنا لأننا "كفار" وأن نساعدهم فى عودة البلاد إلى الإسلام، وكان ذلك داخل مسجد محاط برجال مسلحين".
واستطرد: " كان على أن اترك لحيتى طويلة واترك الجينز والقميص لارتدى سراويل وجلباب، ولكنى رفضت هذا العالم، وعرضت على داعش ألف دولار مقابل أن أحصل على اتصال بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية، ثم قمت بتصوير لوحتى التى انتهيت منها فى السجن ونشرتها عل الفيس بوك، وعندها رأها يحى بديع ـ أحد أشهر الفنانين السوريين فى هذه اللحظة ـ والذى ساعدنى على مغادرة دير الزور والاستقرار فى العاصمة، وكانت اللوحة عبارة عن الظلام الذى يعيش فيه ملايين السوريين فى شوارع المدينة فى أيدى داعش".
أحد لوحات نزهان
وفى بداية عام 2016، استطاع يحى أن يهربنى من أيدى داعش بعد أشهر من الانتظار، وعرض عليا المجئ إلى دمشق ووفقت، ثم غادرت أنا وزوجتى وأطفالى فى شاحنة ماشية يجلبون فيها المهربون إلى العراق، والذين مثلى يريدون الفرار من أيدى الإرهابيين.
وأكد نزهان "لقد تغيرت حياتى كثيرا بعد الخروج من السجن، فتعافيت الآن وعدت مجددا وسأعود إلى رسم الأضواء من جديد، فبعد أن اعتبرت السلطات أن الحرب ضد داعش انتهت، فأنه لن يكون هناك ظلام مرة أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة