"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما فى خير".. دعاء لا يزال عالقًا فى ذهن الفتاة الأسوانية سمر محمد بركة التى حلمت بوظيفة المأذونية لسنوات مضت منذ تخرجها فى عام 2013، فهى لازالت تبلغ من العمر 26 عامًا، حتى نالت الوظيفة وحازت لقب أصغر مأذونة فى مصر.
أصغر مأذونة فى مصر تتسلم مهام عملها
"اليوم السابع" التقى أصغر مأذونة فى مصر خلال تسلمها مهام عملها الجديد من محكمة الأسرة بمدينة دراو بمحافظة أسوان.
قالت سمر محمد بركة، إنها لم تتمالك دموعها من الفرحة عندما تسلمت دفاتر العمل كمأذونة للقرية التى أعيش بها وتسمى بنبان بحرى التابعة لمركز دراو بمحافظة أسوان، مضيفة: "فهذه الوظيفة تحديدًا كانت بمثابة طموح وتحدى حلمت به كثيرًا منذ تخرجى من كلية الحقوق جامعة جنوب الوادى عام 2013"، مشيرة إلى أن التحديات تمثلت فى كونها صغيرة السن لا يتجاوز عمرها 26 عامًا، بالإضافة إلى كونها فتاة مقارنة بالرجال المنافسين لها لنفس الوظيفة، علاوة على أنها حاولت نيل وظيفة المأذونة خلفًا لعمها الذى كان يشغل الوظيفة حتى وافته المنية مؤخرًا.
وأوضحت أصغر مأذونة فى مصر، لـ"اليوم السابع"، أنها تسلمت اليوم الخميس مهام الوظيفة الجديدة من محكمة الأسرة بمدينة دراو، بعد صدور قرار التعيين خلال شهر سبتمبر من عام 2017، مضيفًا أن والدها كان يرافقها، لأنه كان دائمًا مصدر التشجيع الأول لها بالإضافة إلى زوجها وإخوتها، مضيفة: "كانوا دائمًا يساعدونى فى كل ما أحتاجه حتى أصل إلى لقب المأذونة وخاصة أنى خضت التجربة الجديدة وسعيت إليها برغبة شديدة داخلى واقتناع تام دون تردد أو خوف من كلام الناس فى مجتمعاتنا القبلية بالصعيد".
أصغر مأذونة فى مصر مع والدها
وأضافت "بركة"، أن أم كلثوم يونس، أول مأذونة فى تاريخ محافظة أسوان، كانت برفقتها لتشجعها وتقديم النصيحة ويد العون لها، موضحةً أنها تسلمت دفاتر العمل وهى عبارة عن 5 دفاتر "زواج وطلاق ومصادقة ومراجعة وتحكيم"، وستسعى إلى عقد أول قران لها بالقرية قريبًا من خلال مكتبها الجديد الذى جهزه لها والدها بالقرية، معلقة: "أتمنى أن يكون أول عقد زواج لها كمأذونة يكون لإحدى صديقاتها".
وعن الاستعداد لأول عقد زفاف، قالت "سمر بركة"، إنها تشعر برهبة كلما اقترب الوقت من عقد أول زفاف لعروسين من داخل قريتها، ولكن تشجيع المقربين من حولها يؤكد أن هذه الرهبة ستزول مع الوقت، مشيرة إلى أنها ستستعين بأسرتها وأعمامها وكبار القبائل والعائلات فى القرية للإصلاح بين الناس وخاصة فى مسائل الطلاق التى زادت نسبها فى المجتمع المصرى، وستبذل أقصى جهدها فى هذه المسألة التى كانت شغلها الشاغل فى الفترة الأخيرة وستسعى من خلال محاولتها العلمية والثقافية والعقلية فى تحجيم هذه النسب المرتفعة من الطلاق وانفصال الأزواج.
مأذونة أسوان
وأشارت أصغر مأذونة فى مصر، إلى أنها لا تزال تراجع فى عدد من كتب القانون والشريعة والمراجع التى تحتفظ بها، وتحاول أن توفق بين أوضاع أسرتها بدءً من زوجها وأولادها وحتى والدتها ووالدها من جهة وبين عملها من جهة أخرى، موضحةً أن أسرتها لم تبد أى اعتراضات على الوظيفة الجديدة ولم تبخل عليها بشىء فى ذلك الأمر، ووفرت لها أيضًا الإمكانات المتاحة للوظيفة الجديدة، وتنازل شقيقها "سامح" عن مكتبه للمحاماة فى قرية بنبان بحرى لأخته حتى تتمكن من تعليق لافتة الوظيفة الجديدة عليه.
أصغر مأذونة فى مصر مع صحفى اليوم السابع
وعن اختيارها لوظيفة المأذونة، أكدت أصغر مأذونة فى مصر، على أن ذلك جاء رغبة فى إثبات ذات السيدة المصرية مع تحقيق طموحات ونجاح شخصى تثبت من خلاله أن المرأة المصرية من حقها أن تشارك الرجال فى عدد من الوظائف ولا تتوقف أمانى وطموحات المرأة بعد زواجها أو إنجابها، بالإضافة إلى أن الوظائف فى الدولة متاحة للمرأة كما هى متاحة للرجال، وخاصة فى ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى دعم المرأة الصعيدية من خلال اختار عام 2017 ليكون عام المرأة المصرية وبالفعل كان كذلك والدليل حصولها على الوظيفة رغم تقدم رجال معها لشغل الوظيفة.
واستكملت "سمر بركة"، الحديث عن قصة حصولها على الوظيفة قائلةً: "أعيش مع أسرتى وزوجى وأطفالى بقرية بنبان بحرى التابعة لمركز دراو بمحافظة أسوان، وتزوجت من "محمد علام على" الذى يعمل فنى تشغيل بشركة الكهرباء، وكان زواجى مبكرًا بعد إتمام دراستى الجامعية مباشرة كعادة الفتيات فى مجتمعنا، وحصلت على ليسانس الحقوق عام 2013، وفى نفس العام توفى عمى وكان مأذون القرية، وكان مثلى الأعلى حتى طرأت لدى فكرة التقدم بأوراقى لشغل وظيفة مأذونة خلفًا له، وبالفعل بعد مرور 3 أشهر جهزت الأوراق اللازمة، وتقدمت بأوراقى قبل غلق باب التقدم بثلاثة أيام فقط".
سمر أصغر مأذونة فى مصر
وأضافت "سمر"، أن تشجيع زوجها "محمد" فى المقام الأول كان لها دافعًا للاستمرار فى حلمها والتقدم لشغل الوظيفة، بعد أن رأى فى عينيها الإصرار على الحلم وفى همتها الحماسة لشغل الوظيفة فقرر الزوج أن يشجعها ويساندها، لافتةً إلى أنها تقدمت بأوراقها للوظيفة خلال فترة خطوبتهما، ثم تزوجت وأنجبت طفلين، وتم ترشيحها للوظيفة بعد مرور 3 سنوات من زواجها.
وأوضحت أصغر مأذونة فى مصر، أنها تسعى لتحقيق ما حققه عمها المأذون الراحل من إتمام سنة الزواج بين الناس فى قريتهم، مشيرة إلى أنها هدفها الأول من الوظيفة هو تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين من الأزواج، والإصلاح بينهما للحفاظ على قوام البيت وعدم تعرضه للتفكك وتشرد الأطفال بين خلافات الآباء والأمهات.
من جانبها، قالت أم كلثوم يونس، أول مأذونة فى تاريخ محافظة أسوان، لـ"اليوم السابع"، إنها حرصت على التوجه إلى محكمة الأسرة بمدينة دراو، لحضور مراسم استلام "سمر" لوظيفة المأذونة لتقديم التهنئة لها ومد يد العون لها وتشجيعها باعتبارها ثانى مأذونة فى أسوان وأصغر مأذونة على مستوى الجمهورية، موضحةً أن ذلك جاء بدافع واجب وظيفى ونسائى دفعها لقطع هذه المسافة لحضور مراسم استلام دفاتر عملها الجديد والتقاط الصور التذكارية معها، بجانب الاتصال بالمجلس القومى للمرأة لحضور مندوب لهن لهذه المناسبة وتقديم التهنئة.
وأكدت أم كلثوم، أنها حرصت على تشجيع "سمر" باعتبارها إحدى الكوادر الشبابية الصغيرة والتى ستتعلم كثيرًا فى هذه الوظيفة لأنها بدأت مبكرًا، بالإضافة إلى أنها من أسرة قانونية، فعمها كان مأذون القرية قبل وفاته مؤخرًا، وشقيقها الأكبر يعمل فى مهنة المحاماة، وتابعت: "أخذت الأوراق ونماذج العمل المتعلقة بهذه الوظيفة والتى يمكن استخدامها معها لشرح خطوات العمل، وعلقت "تركت رقم هاتفى لها حتى يمكننا التواصل فى الفترات المقبلة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة