تجرعت إيران كأس اقتحام السفارات، بعدما اقتحم أنصار المرجع الشيعى آية الله حسين الشيرازى عصر الجمعة مقر السفارة الإيرانية فى لندن احتجاجا على اعتقال مرجعهم فى قم من قبل السلطات الإيرانية، بسبب وصفه للمرشد الأعلى "بالفرعون" فى إحدى محاضراته، الأمر الذى تسبب فى إشعال الغضب بين أتباع الفرقة الشيرازية فى العراق ومختلف البلدان، والقيام بموجة تظاهرات أمام مقار البعثات الدبلوماسية الإيرانية فى كلا من العراق وبريطانيا.
الواقعة بدأت عندما احتجزت السلطات الإيرانية رجل الدين الشيعى حسين الشيرازى، نجل مرجع التقليد المعروف صادق الشيرازى، يوم الأربعاء الماضى فى مدينة قم معقل الشيعة فى إيران، فثار أتباعه، ففى العراق شهدت مدينة كربلاء، مظاهرات فى محيط القنصلية الإيرانية، فيما دعى المئات من أنصاره عبر مواقع التواصل الاجتماعى لإقامة مظاهرات يومية أمام السفارة الإيرانية احتجاجًا على قيام السلطات بظلم وإهانة الرموز الدينية.
وفى بريطانيا ندد أتباع الشيرازى باعتقاله وقاموا باقتحام مبنى السفارة الإيرانية، وكتب السفير الإيرانى فى لندن حميد بعيدى نجاد، على حسابه على تويتر واقعة الاقتحام، وقال أن محتجون يحملون السلاح الأبيض اقتحوا مقر البعثة الدبلوماسية الإيرانية فى لندن ورددوا شعارات ضد الصحابة وقاموا بأعمال شغب وإنزال العلم الإيرانى من فوق المبنى ورفعوا علم الفرقة الشيرازية، الذى يحمل اسم "خدام المهدى" على الشرفة، منددين باعتقال. حسين الشيرازى.
وقال بعيدى نجاد بعيدى نجاد، أن الشرطة طوقت المكان بالكامل، واحتجزت 4 أشخاص، فى حين، وقالت متحدثة باسم شرطة لندن: "تم الاتصال بنا الساعة 16:20 بشأن أربعة متظاهرين كانوا فى شرفة سفارة إيران.. وتم توقيفعم بداعى الإضرار بأملاك الغير ولوجودهم بشكل غير قانونى فى مكان دبلوماسى، مشيرة إلى أن المتظاهرين لم يقتحموا مبنى السفارة الإيرانية، بمن فيهم الأربعة الذين تم نقلهم إلى مفوضية شرطة وسط لندن.
وقالت وسائل إعلام إيرانية أن قناة "فدك" التابعة للشيرازية بثت حدث الاعتداء على المقر الدبلوماسى الإيرانى فى لندن بشكل مباشر.
متعرضان فقط روى بالكن بيرونى ساختمان سفارت بوده ودر محاصره پليس هستند. همكاران همه در داخل سفارت در آرامش وامنيت هستند.
— Hamid Baeidinejad (@baeidinejad) March 9, 2018
الخارجية الإيرانية: بريطانيا تقدمت باعتذار رسمى
من جانبها أدانت الخارجية الإيرانية الهجوم الذى تعرضت له سفارة طهران فى لندن، مطالبة الحكومة البريطانية باعتقال المهاجمين ومحاكمتهم.وفى تعليقه على الاعتداء على سفارة بلاده فى لندن، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمى، أن الحكومة البريطانية مكلفة بالحفاظ على المرافق الدبلوماسية ودبلوماسيى الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحراستهم، بحسب وكالة "فارس".
ونفى قاسمى أن تكون السفارة الإيرانية قد احتلت من قبل عناصر متطرفة، موضحا أن عددا قليلا من المهاجمين تسللوا إلى إحدى شرفات السفارة وأساءوا للعلم الإيرانى وقاموا بهز رايتهم. وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن الشرطة البريطانية ألقت القبض على المعتدين، وعددهم أربعة أشخاص.
وأضاف قاسمى أنه فور وصول الخبر عن الاعتداء إلى السفارة الإيرانية فى لندن، أعرب مساعد وزير الخارجية للشئون السياسية عباس عراقجى، للسفير البريطانى لدى طهران، نيكولاس هابتون، عن احتجاج بلاده الشديد على ما حدث، وطالب بقيام شرطة لندن بواجبها فى الحفاظ على الدبلوماسيين الإيرانيين والتصدى للمعتدين.
ومن جانبه نقل السفير البريطانى بطهران لعراقجى اعتذار الحكومة البريطانية الرسمى للسلطات الإيرانية، مؤكدا أن شرطة مكافحة الشغب حضرت إلى المكان وسيطرت على الوضع.
قاسمى ناطق باسم خارجية ايران
ماهى الفرقة الشيرازية الشيعية؟
الفرقة الشيرازية هى فريق يندرج تحت الشيعة الإمامية، لا يعتقدون فى "ولاية الفقيه" التى تقوم عليها أسس النظام فى إيران فحسب بل أراد استبدالها فى إحدى مراحلها بـ"نظرية شورى الفقهاء"، وفى ثمانينيات القرن الماضى اتهم أتباعه بمحاولة اغتيال مؤسس الجمهورية الإسلامية والولى الفقيه آية الله الخمينى، وحظيت الشيرازية بشعبية وأتباع كثر فى بعض البلدان التى يقطن بها الشيعة، الأمر الذى أدى لأتباع ولاية الفقيه فى إيران التخوف من تغولهم داخل المجتمع الإيرانى لاسيما وأنهم بدأوا عمليات تبشير واسعة، وإبان الثورة 1979 تغلغلوا داخل إيران، وتدعو المرجعية الشيرازية كونها مرجعية مستقلة إلى استقلال الحوزة العلمية والمراجع العظام عن الحكومات أى فصل الدين عن السياسة.
والشيرازية هم أكثر تشددا فى النيل من رموز أهل السنة والصحابة، وآية الله حسين الشيرازى الذى اعتقلته السلطات الإيرانية هو نجل المرجع الشيعى العراقى البارز من الأصول الإيرانية آية الله العظمى حسين الحسينى الشيرازى، وهو من أحفاد المرجع التاريخى آية الله ميرزا الشيرازى الذى كان فى نهاية القرن التاسع عشر حرّم استخدام التبغ فى سياق معارضته للاستعمار البريطانى حيث استحوذت شركة تالبوت البريطانية على احتكار التبغ فى إيران.
وتصف وسائل الإعلام الإيرانية التابعة للتيار الأصولى والمتشددين أتباع الفرقة الشيرازية بتيار "التشيع البريطانى"، وتتهمه بالعمالة للخارج والحصول على تمويل أجنبى لتشويه ولاية الفقيه والنظام الإيرانى الحالى، وقالت أن هؤلاء الأشخاص الذين اقتحموا السفارة الإيرانية، وكانوا يحملون صورا لآية الله السيد صادق الشيرازى وحسين الشيرازى، ينتمون إلى مجموعة تدعى "هيئة خدام المهدى" والتى تنشط فى ضواحى لندن.
صادق الشيرازي
من جانبها، اتهمت لجنة الأمن القومى والسياسة الخارجية فى البرلمان الإيرانى الشرطة البريطانية بالتواطؤ مع المحتجين، وقال رئيس لجنة الأمن القومى علاء الدين بروجردى، بأن الاعتداء على السفارة الايرانية فى بريطانيا لم يكن ليحدث من دون موافقة أو غض الطرف من جانب قوات الأمن والشرطة البريطانية.
وقال بروجردى فى تصريحه أمس السبت، أن مسؤولية أمن السفارة الإيرانية فى بريطانيا أو أى نقطة أخرى، وفقا للمعاهدة الدولية ذات الصلة، تقع على عاتق الحكومة المضيفة، لذا فإنه على الحكومة البريطانية تحمل كافة المسئوليات المترتبة على هذا الاعتداء على سفارة الجمهورية الإسلامية الايرانية وان تقوم بواجباتها.
وحمّل الحكومة البريطانية مسؤولية هذا الخرق الأمنى ضد السفارة الإيرانية، معتبرا ما قامت عناصر من الفرقة الشيرازية بأنه مجرد استعراض دعائى أمام الرأى العام.
وفى طهران طوقت قوات مكافحة الشغب السفارة البريطانية الكائنة بشارع الفردوسى وسط العاصمة، تحسبا لقيام تظاهرات أمام مقر البعثة البريطانية الدبلوماسية، ردا على اقتحام السفارة الإيرانية فى لندن.