مصانع "بير السلم" تنشر السموم بين المواطنين.. لحوم ودواجن وسناكس وحلوى الأطفال أبرز المنتجات الفاسدة.. استخدام أسماء شركات شهيرة فى الترويج.. أستاذ قانون: العقوبة غرامة 100 جنيه ويجب تحويلها إلى جناية

انتشرت فى الآونة الأخيرة ظاهرة المصانع غير المرخصة، أو ما يطلق عليها مصانع "بير السلم"، التى أصبحت تمثل خطورة على المجتمع، بسبب مساهمتها فى نشر الأمراض والسموم بين المواطنين، ولكونها بعيدة عن أعين الأجهزة الرقابية بوزارة الصحة ومباحث التموين، وهو ما يتطلب وضع ضوابط وتشديد الإجراءات لمواجهة الخطر الذى تسببه، مع تغليظ العقوبة القانونية على أصحابها والقائمين على إدارتها.

وتعد محافظة الجيزة من أكبر المحافظات التى تنتشر بها تلك المصانع، فخلال شهر يناير الجارى، تمكنت مباحث التموين بالجيزة من ضبط العديد من المصانع منها، القبض على "م. ه" صاحب مصنع للمقرمشات والسناكس الخاصة بالأطفال، يستخدم خامات مجهولة المصدر وغير صالحة للاستهلاك الآدمى بالبدرشين، وضبط بحوزته 29 ألف كيس من المنتجات غير صالحة للاستهلاك.

كما تم ضبط "درويش.ى" صاحب مصنع ألبان بأكتوبر لاستخدامه مواد مجهولة المصدر فى التصنيع، وضبط بحوزته طن من المنتجات والمواد الخام مجهولة المصدر، وألقى رجال المباحث القبض على صاحب شركة لاتهامه بتجميع كميات من الزيوت المستخدمة سابقا وإعادة تعبئتها وبيعها مرة أخرى، وضبط بحوزته 72 طن من الزيوت غير صالحة للاستهلاك الآدمى بالهرم.

وضبط ضباط مباحث التموين مدير مصنع لاتهامه بتصنيع الأسمدة الزراعية باستخدام خامات مجهولة المصدر، ومضرة بالمحاصيل الزراعية، وضبط بحوزته 8 أطنان من المنتجات.

كما تمكنت مباحث التموين بالجيزة، من القبض على صاحب مصنع لإنتاج الأعلاف الحيوانية بأبو النمرس، لاتهامه باستخدام بذور حشائش سامة ومواد غير صالحة للاستهلاك الآدمى فى التصنيع، وضبط بحوزته 96 طنا من الأعلاف.

ومن جانبه ذكر مصدر أمنى بإدارة مباحث التموين بالجيزة، أن محافظة الجيزة تنتشر بها العديد من المصانع غير المرخصة، التى تمارس نشاطها فى الخفاء، خشية ضبطها من جانب الأجهزة الرقابية.

وأضاف المصدر أن أصحاب تلك المصانع يلجأون إلى حيلة للهرب من الجهات الرقابية، وهى وضع عناوين وأسماء وهمية للمصانع، بالإضافة إلى استخدام أسماء علامات تجارية لشركات شهيرة ولصقها على المنتجات، بخلاف الحقيقة، هو ما يعد تزوير.

وذكر المصدر أن ضباط مباحث التموين ينجحون فى الوصول لتلك المصانع وضبط أصحابها، من خلال جمع التحريات، وتتبع مصدرها، حيث يتم التنسيق مع مسئولى المحافظة، ويرافق الحملة لجنة من وزارة الصحة للفحص المنتجات وتقديم تقرير يكشف مدى صلاحيتها للاستهلاك الادمى من عدمه.

وأكد المصدر أن هناك عدة مناطق بمحافظة الجيزة تنتشر بها مصانع "بير السلم" غير المرخصة، منها أبو النمرس، والعياط وأكتوبر وكرداسة وأوسيم، بالإضافة إلى العياط والصف وأطفيح، وتتنوع نشاطات تلك المصانع بين تصنيع المنتجات الغذائية من لحوم ودواجن مصنعة، وعصائر وسناكس ومقرمشات "كاراتيه" وحلوى خاصة بالأطفال، مستغلين إقبال الأطفال على تلك المنتجات لرخص ثمنها، مما يهدد صحتهم، ويؤدى إلى انتشار الأمراض.

وقال المصدر إن هناك حملات أمنية متواصلة من جانب ضباط مباحث التموين بقيادة العميد مصطفى بكرى مدير مباحث تموين الجيزة، لمداهمة تلك المصانع، وضبط أصحابها، والتحفظ على المنتجات والمواد الخام المستخدمة فى التصنيع، وأسفرت تلك الحملات عن ضبط أطنان من المواد الغذائية الفاسدة، بالإضافة إلى إغلاق العديد من المصانع غير المرخصة.

وأكد الدكتور أحمد الجنزورى أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة عين شمس، أن العقوبة الخاصة بإدارة منشأة أو مصنع بدون ترخيص، ليست مغلظة، حيث أن القانون رقم 453 لسنة 1954، بشأن المحال الصناعة والتجارية، ينصل على أن إدارة المنشاة بدون ترخيص عقوبتها لا تقل عن 100 جنيه، وتتعدد العقوبة بتعدد المخالفات ولو كانت لسبب واحد.

وأضاف الجنزورى مصانع "بير السلم" انتشرت بشكل كبير فى الاونة الأخيرة، وأصبحت تمثل تهديدا للمجتمع، خاصة للبسطاء الذين يقعون فريسة لأصحاب تلك المصانع، حيث يقبلون على شراء تلك المنتجات لانخفاض سعرها، وهو ما يؤدى إلى انتشار الامراض بينهم، وقد تصل اثار تلك المنتجات إلى الوفاة.

وقال الجنزورى أن المواطن البسيط يتعرض للخديعة، حيث أنه يفاجأ بالمنتجات الغذائية معروضة بالأسواق والمحلات، مدون عليها اسماء شركات شهيرة، وتاريخ صلاحية حديث، إلا أنه لا يدرى أنها مزيفة، وأن تلك المنتجات مصنعة داخل منشآت تستخدم خامات رديئة ومنتهية الصلاحية.

وأكد الجنزورى أن تلك المصانع تنشر السموم بين المواطنين، وهى ليست مقتصرة على إنتاج المواد الغذائية فقط، بل توجد مصانع أخرى تنتج أعلاف حيوانية، وأسمدة زراعية باستخدام خامات مسمة، وأدوات وأسلاك كهربائية مقلدة تؤدى إلى انتشار الحرائق.

وطالب الجنزورى بتحويل عقوبة إدارة منشأة بدون ترخيص من كونها جنحة إلى جناية للحد من انتشار تلك المصانع، بالإضافة إلى ضرورة تقنين أوضاع أصحابها، وتسهيل حصولهم على التصاريح الخاصة بالإدارة، شريطة توفير الاشتراطات الصحية الازمة، حتى يكونوا تحت أعين الأجهزة الرقابية بوزارة الصحة ومباحث التموين.

وفى ذات السياق ذكر اللواء رشيد بركة مساعد وزير الداخلية السابق أن أصحاب المصانع غير المرخصة يلجأون إلى المناطق الشعبية، والمناطق مترامية الأطراف البعيدة عن نظر الأجهزة الرقابية والتفتيشية، التابعة لوزارة الصحة ومباحث التموين لممارسة عملهم فى إنتاج المواد الغذائية الفاسدة.

وأضاف "بركة" أن تلك المصانع تستخدم مواد مجهولة المصدر فى الإنتاج، لا تنطبق عليها الاشتراطات الصحية، وأحيانا يتم استخدام مواد منتهية الصلاحية، مثل اللحوم والدواجن المجمدة، حيث يتم إعادة تصنيعها بإضافة مواد أخرى لعيها مثل التوابل والألوان الصناعية لإخفاء معالمها، ثم وضعها داخل عبوات مطبوع عليها تاريخ صلاحية جديد.

وطالب "بركة" بتشديد وتغليظ العقوبة القانونية على أصحاب المصانع غير المرخصة، أو ما يطلق عليها مصانع "بير السلم"، وتكثيف الحملات الأمنية عليهم، حيث أنهم يهددون صحة المواطنين، ويساهمون فى نشر الأمراض، خاصة بين الأطفال.