"طفح الكيل".. تلك كانت فحوى رسالة دولة الإمارات العربية المتحدة للنظام التركى الذى بات وتمدد على أراضى البلدان العربية سواء فى شمال سوريا أو العراق دون مراعاة سيادة الحكومات العربية، ويتغول فى المنطقة العربية ويوجه من أنقرة أذرع إرهابه إلى بلدان الجوار العربى، ويأوى تنظيمات مسلحة، فقد دعا وزير الدولة الإماراتى للشئون الخارجية أنور قرقاش، تركيا لمراعاة السيادة العربية والتعامل مع جوارها بحكمة وعقلانية.
وكتب قرقاش فى تغريدات عبر "تويتر"، أمس السبت: "لا يخفى على المراقب أن العلاقات العربية التركية ليست فى أحسن حالاتها، ولعودة التوازن على أنقرة أن تراعى السيادة العربية وأن تتعامل مع جوارها بحكمة وعقلانية".
وأضاف قرقاش: "التعرض للدول العربية الرئيسية ودعم حركات مؤدلجة تسعى لتغيير الأنظمة بالعنف، لا يمثل توجها عقلانياً نحو الجوار، وأنقرة مطالبة بمراعاة سيادة الدول العربية واحترامها". وتابع: "العالم العربى لن يقاد من جواره، وظروفه الراهنة لن تبقى دائمة، وعلى دول الجوار أن تميز فى التعامل مع العرب بين الحقائق والأساطير".
تركيا توجه سمومها لبلدان المنطقة عبر احتضان الجماعة الإرهابية
وتشير تغريدة قرقاش إلى عدة مدلولات، أولها الحركات التى تسعى لتغيير الأنظمة بالعنف، ويرى مراقبون أن هذه الحركات متمثلة فى احتضان التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية "الإخوان"، فى مصر أو سوريا، وتوجيه ذراعها المسلح إلى بلدان اقليمية، ومنح هذه العناصر المسلحة الدعم المالى واللوجيستى لتنفيذ الأجندة التركية المشبوهة فى المنطقة.
أطماع اردوغان فى سوريا والعراق
إضافة إلى الأطماع التركية التى يكنها أردوغان فى البلدان العربية والتى طفت على السطح السنوات الأخيرة، ففى اكتوبر عام 2016، دعا أردوغان بتعديل تلك الاتفاقية لوزان الموقعة عام 1923 والتى تم على إثرها تسوية حدود تركيا الحديثة عقب الحرب العالمية الأولى، مستغلاً انشغال الجيوش النظامية فى سوريا والعراق بمحاربة الإرهاب، وما يدور فى العواصم المجاورة من أزمات داخلية.
وفى صيف عام 2016، خرجت الجيوش التركية على الحدود السورية التركية فى مدينة جرابلس شمال سوريا لإطلاق عمليات"درع الفرات" العسكرية إلى مدينتى منبج والرقة بعد الباب، وإيهام العالم، بأن الدولة التركية تطهر تلك المناطق من تنظيم "داعش" الارهابى، الذى أشارت له بأصابع الاتهام فى تفجير عدة مدن فى العام نفسه على الحدود التركية منها مدينة بنى غازى عنتاب وكلس فى جنوب شرق تركيا ذو الأغلبية الكردى، وعليه أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان أن الهدف من العمليات هو وضع حد للهجمات التى تستهدف تركيا من داخل الأراضى السورية، وإزالة المخاطر الناجمة عن تنظيم "داعش" وحزب "الاتحاد الديمقراطى" الكردى فى سوريا.
الانتهاكات التركية المتكررة للحدود السورية تظهر مطامع تركية واضحة لا يمكن إنكارها ليست فى الأراضى السورية فحسب بل العراقية أيضا، ففى الوقت نفسه الذى دعا فيه أردوغان بتعديل الاتفاقية لوزان الموقعة عام 1923، قال فيه أن أنقرة ستعلن قريبا عما أسماها "منطقة آمنة" شمال حلب فى سوريا بمساحة 5 آلاف كم، فى تصريح يكشف عن الوجه التركى القبيح لإعادة أملاك الدولة العثمانية من أجل فرض وصايته على الأراضى التى فقدتها فى نهاية الحرب العالمية الأولى وتعافى "رجل أوروبا المريض" اللقب الذى اطلق على الدولة العثمانية بعد انهيارها.
الحروب والاعتداء على شعب سوريا
وأمام ما طرحه مراقبون عن اعتزام تركيا إعادة النظر فى الاتفاقية، فإن أردوغان يسعى إلى ضم الموصل وحلب، وإعادتهما إلى أملاك الدولة العثمانية، أيضا فلم تتوقف تصريحات أردوغان المستفزة بشأن حدود جيرانه من الدول العربية، سواء فى العراق أو سوريا، فهو يكشف يوم تلو الأخر المطامع التى يكنها لدول الجوار، مع اصراره على بقاء قوات الجيش التركى شمال، وتصريحاته فى عام 2016 حول التركيبة المذهبية لسكان الموصل.
تغريدة قرقاش أيضا تحدثت وبشكل مبطن عن عن الأزمة التركية الإماراتية حيث أكد المسئول الإماراتى أنه "على دول الجوار أن تميز فى التعامل مع العرب بين الحقائق والأساطير"، وتصاعد الخلاف بين البلدين مؤخراً فى ديسمبر الماضى بعد حرب التصريحات التى اندلعت بين الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية الإماراتى عبد الله بن زايد، عندما أعاد الأخير نشر تغريدة تتهم الدولة العثمانية بارتكاب جرائم فى المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية.
ورد أردوغان على الوزير الإماراتى، قائلا: "حين كان جدنا فخر الدين باشا يدافع عن المدينة المنورة، أين كان جدك أنت أيها البائس الذى يقذفنا بالبهتان؟". وقامت وزارة الخارجية التركية باستدعاء القائم بأعمال السفير الإماراتى لدى أنقرة لتفسير سبب هذه التغريدة التى وصفتها السلطات التركية بالمسيئة.
وهكذا أدت الممارسات التركية فى البلدان العربية التى ضاقت بها أنظمة تلك البلدان ذرعا إلى فتور فى العلاقات السياسية، وكما وصفها قرقاش فإنها ليست فى أحسن حالاتها، واقترح على أنقرة احترام السيادة العربية والتعامل مع جوارها بحكمة وعقلانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة