أعلنت الرابطة العالمية لحقوق الإنسان فى نيويورك "المعونة"، تأييدها وتضامنها التام مع الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان التى أعلنت يوم 11 مارس الجارى عن تبنيها، من منطلق مهنى وأخلاقى، لقضية مظلومية أبناء قبيلة آل الغفران القطرية – وهى أحد فروع قبيلة آل مرة التى تستوطن قطر تاريخيا – وذلك بعد تواصل العديد من أبنائها بالفيدرالية لتقديم شكاواهم وعرض مأساتهم على الآليات الدولية وما لاقوه من أشكال القمع والظلم على يد الحكومة القطرية.
وستعمل الرابطة مع الفيدرالية وكل المنظمات الدولية الحقوقية على تسليط الضوء على ملف هذه المأساة الجماعية ولفت أنظار المجتمع الدولى إليها من أجل الاضطلاع بمسئوليته ومتابعة أوضاع هؤلاء الضحايا والوقوف إلى جانبهم ورد اعتبارهم، ودفع الظلم الذى لحق بهم.
وفى هذا الإطار، رفع المحامى محمد على علاو رئيس رابطة المعونة لحقوق الإنسان فى نيويورك رسالة إلى الأمير زيد بن رعد الحسين، المفوض السامى للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فى جنيف، أعرب فيها عن أمله فى أن تترجم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عملها الدؤوب لتعزيز الحقوق والحريات فى العالم إلى إجراءات ملموسة لحماية قبيلة آل الغفران، وإنصافهم وإرجاع حقوق أبنائها المهدورة والوقوف إلى جانبهم ضد سلطات دولة قطر التى صادرت كل حقوقهم.
وقالت الرابطة فى رسالتها إلى المفوض السامى، إن إقدام السلطات فى قطر على نزع الجنسية بشكل جماعى عن أبناء قبيلة آل الغفران وعن أولادهم بل وعن آبائهم وأجدادهم المتوفين بأثر رجعى، يمثل عقابا جماعيا تعسفيا وخروجا صارخا عن مبادئ حقوق الإنسان، وانتهاكا مباشرا لنصوص القوانين الدولية التى تنظم عمليات منح الجنسية وسحبها، وفق آليات وضوابط معينة، والتى صادقت عليها حكومة قطر وتعهدت بحمايتها وتعزيزها وتوفيرها لكافة مواطنيها والقاطنين على أراضيها.
مقر الأمم المتحدة فى جنيف
كما أكدت الرابطة فى رسالتها على أن القانون الدولى لحقوق الإنسان وإن كان يقر بحق الدول فى أن تقرر من هم رعاياها، بيد أنه شدد على أن ذلك الحق ليس مطلقا حيث يجب خضوع مثل تلك الإجراءات للاعتبارات القانونية، وينبغى على الحكومات كافة الامتثال لالتزاماتها فى مجال حقوق الإنسان فى ما يتعلق بمنح الجنسية والتجريد منها، ويمنع الحرمان التعسفى من الجنسية، لأنه يزيد فعلا من حرمان الأشخاص المتضررين، ويرفع احتمال تعرضهم لانتهاكات حقوق الإنسان، ويهدد حياتهم ومستقبل أطفالهم. كما أن القوانين الدولية تشدد على منح من تعرضوا لسحب الجنسية حق التظلم أمام المحاكم، وتوفير الفرص كافة لهم لإبداء وجهات نظرهم، وفق محاكمات عادلة تنسجم مع القانون الدولى.
وكانت الحكومة القطرية قد قامت عام 2005 بتشريد أكثر من 6000 من مواطنيها من آل غفران، وسحبت جنسياتهم دون أى مبرر أو سبب يتفق والمعايير الدولية، وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية الأساسية وطردهم وسجن بعضهم والحجر على أموالهم، وفصلهم من جميع الوظائف ومنعهم من التصرف بأملاكهم الخاصة، وذلك ضمن إجراءات تعرضت لها هذه القبيلة منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التى قام بها أمير قطر السابق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لاستعادة الحكم من ابنه، إذ اتهم عدد من أفراد تلك القبيلة من العاملين فى الشرطة والجيش بالمشاركة فى ذلك الانقلاب.
وبالتالى فأن هذه العقوبات الجماعية فى حق أبناء قبيلة آل الغفران القطرية تمت ودون أية مبررات أو مسوغات قانونية، ودون أية أحكام قضائية أو محاكمات عادلة. تعرضهم وعلى وجه الخصوص النساء والأطفال للتشريد والحرمان من حقوقهم وحرياتهم الأساسية والمتمثلة فى الصحة والتعليم والسكن والعمل والتنقل والتعبير وغيرها من الحقوق والحريات المنصوص عليها فى مختلف المواثيق والاتفاقيات الدولية. وتمثل انتهاكا للعديد من نصوص وقواعد القانون الدولى التى تؤكد على حق الفرد فى التمتع بجنسية ما وتحظر على الدول الأطراف فيها (كما هو الحال بالنسبة لدولة قطر) الحرمان التعسفى للأفراد من الجنسية.
وتنص المادة (15) من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان بأن "لكل فرد حق التمتع بجنسية ما"، و"لا يجوز، تعسفا، حرمان أى شخص من جنسيته ولا من حقه فى تغيير جنسيته". كذلك نصت المادة السابعة من اتفاقية حقوق الطفل بحق الطفل منذ ولادته باكتساب الجنسية وعلى الدول احترام حق الطفل فى الحفاظ على هويته بما فى ذلك جنسيته.
كما أكدت الرابطة التى مقرها فى نيويورك، أن هذا الإجراءات الجائرة الذى اتخذتها السلطات القطرية ضد أبناء قبيلة آل الغفران تعد انتهاكا لنصوص الدستور القطرى، والذى نص فى المادة (18) على أن المجتمع يقوم على دعامات العدل والإحسان والحرية والمساواة ومكارم الأخلاق، وأكد فى المادة (19) على صيانة الدولة لدعامات المجتمع وكفالة الأمن والاستقرار وتكافؤ الفرص للمواطنين، كما نصت المادة (20) من الدستور على توطيد روح الوطنية والتضامن والإخاء بين المواطنين كافة. بل إن هذا الإجراءات القطرية الجائرة تعد خروجا صريحا على نص المادة (29) من الميثاق العربى لحقوق الإنسان والذى نص صراحة "لكل شخص الحق فى التمتع بجنسية ولا يجوز إسقاطها عن أى شخص بشكل تعسفى أو غير قانونى".
كما أن السلطات القطرية لم تكفل حق هؤلاء الأشخاص الذين تم إسقاط جنسيتهم من التظلم أو الطعن أمام القضاء لضمان ألا تكون قرارات إسقاط الجنسية قد تمت بشكل تعسفى إعمالا لأحكام المادتين (13) و(29) من الميثاق، وتمكين الأشخاص الذين تتم إسقاط جنسيتهم من التظلم أو الطعن أمام القضاء على القرارات الصادرة بذلك، وضمان ألا تؤدى تلك القرارات لنشوء حالات انعدام الجنسية.
وطالبت الرابطة المجتمع الدولى بالتحقيق العاجل فى الانتهاكات القطرية ضد أبناء قبيلة آل الغفران، مناشدة جميع المؤسسات والمنظمات الحقوقية والإنسانية داخل وخارج دولة قطر بالقيام بدورها ورصد تلك الانتهاكات والوقوف إلى جانب هؤلاء المتضررين، وتعزيز قيم الحماية والمناصرة لكل ذى حق محروم بشكل جلى وواضح لا لبس فيه.
كما أكدت بأن السكوت عن هذا التعسف الصارخ، والانتهاك الفاضح، والعقاب الجماعى لأبرياء لا ذنب لهم سوى أن السلطة فى قطر رأت وجوب معاقبتهم هو بمثابة المشاركة فيه ويعد مساس بمصداقية حقوق الإنسان وقيمها العالمية. بل إن تعرض تلك القبيلة وأفرادها لأى خطر هو مسئولية جميع الأطراف المعنية داخل وخارج قطر وعلى وجه الخصوص اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان التى لم تلتفت لهذا الانتهاك وأصبحت مؤخرا تنفذ السياسة القطرية الجائرة وتخلت عن الدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان.
واختتمت الرابطة رسالتها بدعوة المفوض السامى إلى مخاطبة الحكومة القطرية لسرعة إلغاء تلك الإجراءات التعسفية، وإعادة الجنسية إلى أبناء قبيلة آل الغفران، إضافة إلى أموالهم التى تمت مصادرتها وكافة حقوقهم الأساسية، لما تمثله هذه الإجراءات من اعتداء على حقوق الإنسان الأصيلة، ولما تمثله من عقوبة جماعية غير مسوغة قانونيا، حيث لم تصدر بحقهم أية أحكام قضائية، داعية السلطات القطرية إلى احترام الحقوق الأساسية التى كفلها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان وجميع المواثيق والصكوك الدولية ذات الصلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة