بعد عام من صفقة الرهائن القطريين.. "نيويورك تايمز" تكشف أسرارا جديدة لمثلث قطر وإيران والجماعات الإرهابية.. الدوحة دفعت 770 مليون دولار لميليشيات.. وساهمت فى تفتيت سوريا لخدمة أهداف "الحرس الثورى"

الأربعاء، 14 مارس 2018 07:30 م
بعد عام من صفقة الرهائن القطريين.. "نيويورك تايمز" تكشف أسرارا جديدة لمثلث قطر وإيران والجماعات الإرهابية.. الدوحة دفعت 770 مليون دولار لميليشيات.. وساهمت فى تفتيت سوريا لخدمة أهداف "الحرس الثورى" العبادى وأمير قطر والرهائن القطريين
كتبت: إنجى مجدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعد قرابة عام على صفقة الرهائن القطريين التى تم نشر تفاصيلها أبريل الماضى، بعدما تبين دفع إمارة قطر وتنظيم الحمدين فدية لجماعات إرهابية فى العراق وسوريا مقابل تحرير مختطفين من الأسرة الحاكمة، ما يعنى بطبيعة الحال وجود اتصالات سرية بين الدوحة ورموز وقيادات تلك الجماعات، أعادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية فتح الملف فى تقرير موسع حمل العديد من الأسرار والكواليس عن تلك الاتفاقيات المشبوهة.

تقرير الصحيفة الأمريكية سلط بدوره الضوء على مثلث "قطر ـ إيران ـ والجماعات الإرهابية"، موضحًا أن الإمارة تمكنت من تحرير رهائن قطريين تم اختطافهم فى العراق بعدما دفعت 770 مليون دولار، وهو ما يعكس بطبيعة الحال وجود اتصالات مفتوحة بين مسئولي الدوحة والجماعات الإرهابية فى العراق.

وقالت الصحيفة فى تقريرها المنشور اليوم الأربعاء، إن المختطفين وقعوا فى الأسر بعد قيامهم برحلة صيد صقور فى صحراء العراق، وأن جزءًا من تلك الأموال ويقدر بـ360 مليون دولار تم تقديمه لجماعات إرهابية، إلا أنه فى نهاية المطاف ربما تكون الأموال أقل أهمية من الأبعاد السياسية للاتفاقية التى عقدتها الدوحة مع هذه الجماعات.
 
دور الدوحة فى ملف الرهائن كشف علاقتها المشبوهة بجماعات إرهابية
دور الدوحة فى ملف الرهائن كشف علاقتها المشبوهة بجماعات إرهابية

 

وأضافت الصحيفة أنه من أجل استرداد رهائنها، تفاوضت قطر حول عملية تبادل سكانى فى سوريا، مستخدمة ميليشيات التمرد التى تمولها للقضاء على جميع مواطنى أربع مدن تقع فى مواقع إستراتيجية، وهذه العملية عملت على تقدم هدف إيران الأكبر المتمثل فى تحويل سوريا، جنبًا إلى جنب مع العراق ولبنان واليمن، إلى دول تابعة تضمن دورًا إيرانيًا مهيمنًا فى جميع أنحاء المنطقة.

وقالت الصحيفة إن الصفقة كانت ضربة وهدفا لإدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، المتمثل فى الدفاع ضد العدوان الإيرانى، كما أنها بالنسبة لآلاف السوريين الذين يتضورون جوعًا، تعنى طردهم إلى المنفى باتفاق غامض، بينما الحكومة السورية نفسها ليس لديها قول كبير فى الأمر.

وأضافت أن ما بدأ عملية اختطاف وقحة، تحول فى نهاية المطاف مقياسًا للقوى الجيوسياسية التى تمزّق الشرق الأوسط، وبتكاليفهم البشرية وما ينتشر من الفساد والكراهية الطائفية والإرهاب.

وكشف تقرير الصحيفة الأمريكيةعن أن أنباء خطف مواطنين قطريين بعضهم من العائلة المالكة أبرز نقاط الضعف التى ظهرت مع صعود نجم قطر المفاجئ، فشبه الجزيرة الصغيرة، التى تتخذ شكل الإبهام فى الخليج العربى، قفزت من الفقر إلى ثروة هائلة فى العقود الثلاثة الماضية بفضل رواسب الغاز الطبيعى تحت صحرائها وسواحلها.

حيدر العبادى
حيدر العبادى

 

وأشار التقرير إلى أنه بداية من التسعينيات، حاولت قطر حماية نفسها من خلال مغازلة وإزعاج جميع الأطراف دفعة واحدة، وقد قفزت إلى سوريا وإيران وحزب الله، "المحور الشيعى" فى المنطقة، ما أثار غضب السعوديين والولايات المتحدة، وفى نفس الوقت وصلت أيضًا إلى دول سنية أخرى، باستخدام أموالها التى لا نهاية لها للتوسط فى الصفقات الدبلوماسية فى لبنان واليمن. ولقد وُلدت قناة الجزيرة، القناة الفضائية التى تسر الحشود ببثها المعادى للولايات المتحدة، حتى مع استضافة قطر أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فى الشرق الأوسط.

وتضيف أنه فى السنوات الأخيرة، كان لموازنة قطر نتائج عكسية، فمن خلال أموالها أجرت رهانًا محفوفًا بالمخاطر بتمويل فصائل متمردة سنية فى سوريا بما فى ذلك الفرع المحلى لتنظيم القاعدة، على أمل أن يفوزوا فى الحرب الأهلية وأن يدينوا بالامتنان لرعاتهم. وبدلاً من ذلك  استمرت الحرب السورية وأصبح المتمردون أكثر تطرفا وباتت أيادى قطر ملوثة بسبب ارتباطها بالجماعات الإرهابية. وفى نهاية المطاف، تمكنت قطر من صنع أعداء على جانبى الانقسام الطائفى المتفاقم.

وفى غضون أيام من اختطاف الصياديين القطريين، تأكدت الحكومة فى الدوحة أنه من شبه المؤكد أنهم محتجزون لدى ميليشيا شيعية على علاقة بإيران وهو ما يضع مصيرهم فى يد الرجل الأخطر فى العالم، الجنرال قاسم سليمانى، رئيس الحرس الثورى الإيرانى. لكن سليمانى لم يكن يهتم بأموال الفدية فأولويته لسنوات هى سوريا.

 الجنرال قاسم سليمانى

الجنرال قاسم سليمانى

وقالت الصحيفة فى تقريرها: "كانت سوريا شريان حياة لإيران منذ الثمانينيات، عندما بدأت الجمهورية الإسلامية الجديدة أولاً بشحن الأسلحة عبر الأراضى السورية إلى حزب الله الذى يعمل كذراع إيران الخارجية فى لبنان. عندما اندلعت الحرب الأهلية السورية عام 2011، وأصبح هذا الأمر فى خطر.. وبالنسبة لسليمانى، الذى أطلق القوات العسكرية الإيرانية فى سوريا ، أصبحت الحرب الأهلية هناك كفاحًا وجوديًا للحفاظ على حليف بلاده الوحيد الموثوق به".

وتابعت : "من ثم أصبح الرهائن القطريون بيادق قيمة فى هذه اللعبة الجيوسياسية. كانت قطر تمتلك نفوذًا قويًا مع فصائل المتمردين التى تمولها وهو ما يمثل عاملاً مفيدًا للجنرال الإيرانى. ففى ذللك الوقت كان سليمانى وحلفاؤه من حزب الله يبحثون عن طرق جديدة لتعزيز السيطرة على مناطق رئيسية معينة بالقرب من العاصمة السورية: ليس فقط من خلال قتل المقاتلين المتمردين بل طرد السكان المدنيين السنة الذين كانوا يحمون المتمردين.

وفى نهاية المطاف، كانوا يأملون فى إعادة إعمار تلك البلدات ذات الأقلية الشيعية المتمردة. ومن ثم كانت هناك  خطة مثيرة للجدل وطموحة تختلط بنغمات مظلمة للتطهير العرقى، لكن إذا نجحت فإنها يمكن أن ترسخ النفوذ الإيرانى فى سوريا على المدى الطويل.

وتقول الصحيفة إنه قبل أن يتم خطف الرهائن القطريين، بدأت إيران جهدًا جريئًا لتحقيق هذا الإنتقال الديموغرافى. ففى اجتماع سرى عقد فى اسطنبول بتيسير من الأمم المتحدة فى سبتمبر 2015 ، اقترح مبعوث من قوة القدس التابعة لسليمانى اتفاقًا أصبح يعرف باسم "صفقة أربع بلدات". وبموجب الإتفاق سينتهى حزب الله من حصار اثنين من معاقل المتمردين السُنّة فى سوريا بالقرب من الحدود اللبنانية ، مضايا والزبدانى، التى كان يشكل سكانها تهديدا مستمرا لنظام الأسد فى دمشق. وفى المقابل، سينهى المتمردون الممولون من قبل قطر حصارهم لبلدتين شيعيين فى الشمال الغربى، وهما فوا وكفرايا.

الرئيس السورى بشار الأسد
الرئيس السورى بشار الأسد

 

صفقة الأربعة بلدات ستحقق هدفين لإيران: التخلص من تهديد المتمردين فى منطقة استراتيجية، فى الوقت الذى يتم فيه إنقاذ الشيعة المعرضين للخطر فى الشمال. كانت تفاصيل الصفقة غامضة فى البداية، لكن فى وقت ما اقترح الإيرانيون أن يتمكن السكان من مبادلة المدن، حيث يتداول السوريون السنة والشيعة حرفيًا الأماكن، وربما يسكنون منازل بعضهم البعض. لقد قدموا هذا كبادرة إنسانية باعتبار إن إنهاء الحصار سيفيد الناس فى جميع المدن الأربع. لكن المتحدثين باسم المتمردين فى اسطنبول رفضوا الفكرة بشكل غاضب، واصفين إياها بجهد متغطرس لإعادة تشكيل خليط سوريا الطبيعى من ديانات ومجموعات عرقية متنوعة ذات حسابات طائفية صارمة.

وتقول نيويورك تايمز إنه بعد عملية خطف الصيادين القطريين، اكتسبت إيران بعض النفوذ القوى على هؤلاء المتمردين السنة أنفسهم - أو بالأحرى، على مانحهم الرئيسى فى الدوحة. وعادت خطة إخلاء المدن الأربع إلى الطاولة. وذكرت الصحيفة تفاصيل عن تعثر المفاوضات لأشهر حيث ظلت الرهائن القطرية طيلة 16 شهرًا، لكن فى نهاية المطاف تمت عملية التغيير الديمغرافى فى سوريا تحت مشهد من العنف والقصف، كما تم الإفراج عن الرهائن فى أبريل الماضى بعد دفع الدوحة نحو 770 مليون دولار للميليشيات المسلحة وذلك من خلال دفعتين.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة