يعيش الأطفال السوريون معاناة شديدة منذ اندلاع الحرب السورية فى مارس 2012، فحتى لو كان أغلبهم لا يعرفون معنى الحرب إلا أنهم بعد مرور 6 سنوات وبداية الدخول فى العام السابع أدرك الجميع حجم المأساة، بالطبع هؤلاء الأطفال منهم من عاش آتون الحرب ومنهم من سمع عن الوطن فقط لكنه لم يعرفه، بعدما فتح عينه على الدنيا لاجئاً فى بلاد أخرى غير وطنه الحقيقى.
الأحداث فى سوريا والتى بدأت مع مارس 2012 للمطالبة فى بداية الأمر بالإطاحة بالرئيس السورى بشار الأسد، سرعان ما تحولت سوريا إلى ساحة قتال بين جماعات معارضة وقوات الجيش السورى، لم يعرف الأطفال تلك المعانى السابقة، لكنهم عاشوها فى لحظة ودفعوا ثمنها دماء وتشرد وفقد الأهل.
بعض هؤلاء الأطفال عبروا عن مأساتهم برسائل منها الموجه إلى رؤساء وملوك ودول ومنها إلى لاعبى كرة قدم، بينما بعث طفل آخر رسالة إلى الله.
موقع جريدة "جنوبية" اللبنانية نشر رسالة نسبت لأحد أطفال اللاجئين السوريين بالمخيمات فى عرسال، وصفها بأنها "رسالة إلى الله"، تحدث فيها عن معانة اللاجئين جراء انخفاض درجات الحرارة والبرد القارص الذى أودى بحياة 3 بينهم طفل عمره 5 سنوات.
يقول الطفل فى رسالته، "عزيزى الله، لا أعرف ما هو اسمى الحقيقى، أمى تنادينى محمود على اسم والدى منذ غاب عنا وهربنا من منزلنا لنعيش فى هذه الخيمة، فى منزلنا كان لنا خزانة للمونة فى المطبخ وكانت تحتوى الكثير من الطعام، وكانت لى بضع ألعاب وحارة أركض فيها مع أصدقائى، لا أذكر إن كان اسمى محمود عندها".
وأضافت الطفل السورى فى رسالته، "يتحدثون هنا دوما عن النار ويخيفوننا بها، لا يعرفون أنى فى هذه الليلة تحديدا أشتهيها، قدماى، أطراف أصابعى، هنا أشعر أنها تجمدت وأن الموت يتسرب بين الأظافر، ان بقيت حيّا اليوم، سأمضى غدًا إلى أى مكان فيه نار، واستكمل "أريد أن أرفع عن جسدى الأغطية وأقوم لأتفقد أمي. أنا خائف ان تموت هى من البرد أو أن الأمر يحدث فقط للأطفال؟ لا نملك تلفزيونا هنا، فى بيتى، كان يوجد تلفزيون كبير وكنا نرى فيه الثلج والمطر أحيانا وننتظر أن يزورنا البياض فى الحارة، سأفشى لك بسر، لم أعد أحب اللون الأبيض ولا أريد أن أصنع رجل ثلج لألعب معه ولا أن أتراشق مع أصدقائى بالثلج، وأفضل أن ألتهم الجزرة التى يضعونها مكان الأنف وسيكون أفضل لو كانت حساء مثلا، لماذا لا تدع السماء تمطر غدا حساء بدل المياه. أعدك أن أحسن التصرف إن فعلت ذلك.. انا أفى بوعودى، ألا تذكر حين وعدتك ألا أعذب أمى حين سمعتها تبكى وحدها، لم تضطر أن ترفع "الشحاطة" لتهددنى منذ ذلك اليوم، لقد صرت كبيرا يا الله، لم أعد طفلا مثل الذين يموتون من البرد، عدنى أن تمطر غدًا حساء، ليكن عهدنا هكذا "رجل.. لرجل"، أنتظرك".
طفل آخر قرر يعبر عن مأساته عبر رسالة بعثها إلى ملك السويد "كارل جوستاف" السادس عشر، قائلا، "لم أعد قادراً على الذهاب إلى المدرسة هناك، أستاذى قتل برصاصة، قتلوه أمامنا، كنت هناك، وأخى أيضاً، والكثير من أصدقائى شهدوا الحادثة، كانت لحظات لا يمكننى نسيانها، كانت أسوأ لحظات حياتى".
هكذا قال الطفل السورى أحمد البالغ من العمر 12 عاما، فى رسالة طويلة ساعده فيها مسؤول الخدمات الاجتماعية "بوجا شرفى" على أمل اللقاء بالملك السويدى كى يحدثه عمّا عاشه فى بلده، وعن رحلته القاسية والطويلة نحو السويد، قامت مدرسته بإنشاء صفحة على فيسبوك بعنوان رسالة إلى الملك فى محاولة لدعم حلم أحمد ولزيادة فرصه فى الحصول على المقابلة.
رسالة إلى ملك السويد
الطفلة "بنا العابد"، والتى اشتهرت بتغريدتها عبر موقع التواصل الاجتماعى "تويتر"، قامت بكتابة رسالة وجهتا إلى رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماى، قائلة، "عزيزتى تيريزا، أكتب هذا الخطاب بمساعدة والدتى، أبحث عن المساعدة للأشخاص الذين يعانون فى سوريا، هل يمكنك إرسال الأدوية والأطباء، والمياه، والألبان إليهم؟ هل رأيت الأطفال الصغار الضعفاء الذين يواجهون الموت بسبب الجوع؟ لقد رأيتهم.. يعيشون لو فقط أرسلنا الطعام، لكن لا أحد يهتم.. أنا حزينة جدًا، عدينى بإرسال الطعام والأدوية الآن من فضلك لا تنسيهم".
رسالة الطفلة السورية إلى تريزا ماى
"بنا العابد" لم تكتف برسالته إلى "ماى" لتوجه أخرى مصورة للرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون حسته فيها على عمل شىء للأطفال السوريين قرأتها باللغة الإنجليزية، "عزيزى الرئيس، قوموا بعمل شىء من أجل أطفال العالم، فكروا فى حياتهم وفى تعليمهم، يجب أن يتمكن كل طفل من الالتحاق فى المدرسة، وشكراً.
رسالة طفل سورى إلى لاعب كرة القدم التشيكى توماس روزيسكى كانت كفيلة بتراجعه عن اعتزال كرة القدم، قائلا، "تلقيت رسالة من طفل فى مخيم بسوريا وفيها يوضح أنه يأمل أن يرانى ألعب كرة القدم مجددا، أثرت تلك الرسالة فى كثيرا، رأيت أهمية كرة القدم للناس الذى يعيشون حولنا، ألهمتنى الرسالة لكى لا استسلم، دفعتنى تلك الرسالة لكى أستمر ولا أعتزل كرة القدم وأنا على مقاعد البدلا".
روزيسكى
الرسائل لم تكن وحدها التى قرر الأطفال السوريون التعبير بها، قصائد الشعر أيضا كان لغة تعبير عن مشاعر دفينة داخل وجدان هولاء الأطفال، بعدما تجمع ما يقرب من 40 طفلا سوريا من اللاجئين فى لبنان، للمشاركة فى معرض فنى بعنوان "حنين" أطلقته منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" فى بيروت، تزامناً مع اقتراب النزاع فى سوريا، وشكلت تلك القصائد مصدر إلهام لـ 47 فناناً سورياً ولبنانياً، ترجموا كلمات الأطفال ومشاعرهم إلى رسومات ومنحوتات ومقاطع موسيقية.
معرض حنين
وفى تعبير للتضامن مع أطفال سوريا ومع بداية الدراسة هناك وسط أجواء الحرب، وعدم الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولى بوقف إطلاق النار، نظم عشرات الأطفال من طلاب المدارس فى برلين، مسيرة بما يقرب بـ740 دمية "دبدوب" تضامنا مع 740 ألف طفل لا يستطيعون الذهاب إلى مدارسهم فى سوريا.
طلاب ألمانيا أثناء الوقفة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة