سامية أو الأسطى أم عمرو كما تحب أن تُنادى، هى مصرية أصيلة بـ100 راجل تغلبت على العادات والتقاليد ولم تلتفت لأصحاب الشخصيات الضعيفة والنفوس المحبطة وتحدت الصعاب من أجل لقمة العيش، وامتهنت مهنة حرفية تحتاج إلى تركيز ألا وهى تصليح الأحذية، والمعروف أنها مهنة للرجال فقط، ولكن تلك السيدة كسرت حاجز الممنوع، وتعلمت تلك المهنة وتعمقت فيها حتى أصبحت الأسطى "أم عمرو".
"سامية" أم لـ3 أبناء حصلوا على شهادات عليا، وقررت النزول إلى ورشة تصليح الأحذية الخاصة بزوجها بمنطقة السبع بنات بالمحلة الكبرى بمحافظة الغربية، ومساعدته فى ظل غياب الصنيعية، وتجلس الأسطى "أم عمرو" على كرسى صغير بجوار ماكينة تصليح الأحذية التى يجلس عليها زوجها منذ الصباح الباكر وحتى العصر، وتمسك بيدها إبرة وخيط وتقوم بتخييط الأحذية يدويا ثم تسلمها للزبون بعد ذلك وتحصل على ثمن التصليح.
وبدأت أم عمرو حديثها: "الحمد لله على كل حال والشغل مش عيب طالما بكسب بالحلال"، مضيفة أنها لجأت لتصليح الأحذية لمساعدة زوجها فى تدبير تكاليف المعيشة خاصة مع غياب الصنيعية عن العمل باستمرار.
وأوضحت أن المارة اندهشوا من عملها فى بداية الأمر وكانوا يتهامسون عن كيفية عمل سيدة فى مهنة خاصة بالرجال، ولكن لم تلتفت لكلامهم حتى لا تصاب بإحباط، ثم بدأت فى تعلم أساسيات المهنة بإتقان رغم ما تعرضت له من إصابات، ولكنها أصرت على التعلم حتى أصبحت الآن تنافس زوجها فى المهنة.
وأشارت إلى أنه تعلمت المهنة منذ 10 سنوات، مؤكدة أنها كانت تعمل فى شركة غزل المحلة وقامت بتسوية معاشها للعمل مع زوجها بالورشة.
وأكدت أن زوجها هو صاحب الفضل فى تعليمها الحرفة حتى أصبحت صنيعية فى تصليح الأحذية، منها خياطة الجزم يدوى، وخياطة الأحذية على الماكينة الصغيرة، وتلميع الجواكت وضبط ألوانها وتغييرها حسب رغبة الزبون.
وتابعت أنها تعلمت الصباغة سريعا حتى أصبحت ماهرة فيها، لافتة أنها واجهت صعوبات فى المهنة، ولكنها لم تستسلم وجلست بجوار الصنيعية لتتعلمها منهم وتفعل مثله حتى لا تحتاج لهم، مضيفة أن الصنيعى كان يحضر يوما ويغيب 10، وهو أهم أسباب إصرارى على ذلك العمل.
ولفتت أن زوجها كان يرفض فى بداية الأمر عملها فى تصليح الأحذية، وطلب منها الجلوس فقط فى المحل والإشراف على الصنيعية أو السفر لإحضار مستلزمات المحل، ولكنها رفضت وأصرت على أن تفعل مثل ما يفعله زوجها.
واستطردت أنها احترفت المهنة وعرفها الزبائن ويقدمون لها التحية عند مرورهم بها فى أى وقت، موضحة أن لديها من الأبناء ثلاثة "عمرو وحسام وحازم" وحصلوا على مؤهلات عليا، مشيرة إلى أنها تسافر للقاهرة وطنطا لإحضار مستلزمات المحل من نعال وجلد وخيوط وأصباغ، وتجد متعة وراحة فى تلك المهنة.
وقالت إنها تحلم بشراء ماكينة خياطة، ولكن غلاء الأسعار يعوق ذلك، وتتمنى أن تجمع ثمنها لشرائها، مضيفة أنها لم تخجل يوما من عملها، ولكنها تبذل المزيد من الجهد لتقدم الجديد للزبون وإصلاح أغراضهم بإتقان.
ووجهت رسالة للشباب: "اتركوا الجلوس على المقاهى واشتغلوا بدل ما تخدوا المصروف من أهاليكم والشغل الحلال مش عيب ولا حرام"، كما وجهت الشكر لزوجها وأولادها قائلة، "ربنا يدى جوزى الصحة ويبارك فى أولادى".
أما الأسطى عبد الخالق محمد عيسى، فإنه يعمل فى تصليح الأحذية منذ ما يقرب من 40 عاما.
وعن قصة كفاحه بصحبة زوجته قال، "إن المحل له زبونه وديما الصنيعية يتركون العمل من وقت للثاني، وهى من طلبت العمل معى للمساعدة فى ظل ضغط الشغل على المحل".
وأشار إلى أنها فى بداية عملها تعلمت الخياطة وسبق وأن دخل "المغراز" بيدها ولكن لم تلتفت لمشاكل المهنة ومع مرور الوقت أصبحت صنيعية ماهرة.
وتابع أنها أصبحت تعدل على الصنيعية فى عملهم، وتعلمت المهنة بحرفية كبيرة، مؤكدا أنها كافحت معه طوال عمره فى ظل غياب الصنيعية، موجها رسالة لها "كل سنة وأنتى طيبة وربنا يخليكى ليا ويديكى طول العمر".