- «ترامب» قد يواجه تهم التآمر فى قضية التدخلات الروسية
منذ ظهوره على الساحة السياسية الأمريكية كمرشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية فى نهاية 2015، يثير دونالد ترامب، الذى فاز بالفعل برئاسة الولايات المتحدة فى الانتخابات التى عقدت فى نوفمبر 2016، الكثير من الجدل، بل الصداع للمؤسسات الأمريكية. غير أن هذه الحالة من الإثارة السياسية لا تتعلق فقط بتصريحات ترامب المزعجة، بل تتعلق أيضًا باشتعال قضية ما يعرف بـ«التدخل الروسى» فى الانتخابات الأمريكية.
هذا الجدل الذى يتصدر يوميًا صفحات وأخبار وسائل الإعلام الأمريكية يدفع بكثير من التساؤلات بشأن مستقبل الرئيس رقم 46 للولايات المتحدة، واحتمالات عزله من منصبه أو محاكمته.
وفى مقابلة لـ«اليوم السابع» مع «مايكل يونج»، رئيس لجنة شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنقابة المحامين فى نيويورك، تحدث الخبير الأمريكى القانونى المخضرم عن المشهد داخل الولايات المتحدة ومستقبل الرئاسة، بالإضافة إلى ما تنشره الصحافة الأمريكية من تقارير كاذبة وأحقية الجهات المصرية فى مقاضاتها.. وإلى نص الحوار:
نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا يستند إلى تسريبات أكد أطرافها فى مصر أنها مزيفة.. هل يمكن للأطراف المتضررة مقاضاة الصحيفة الأمريكية؟
- أى شخص يمكنه مقاضاة أى جهة فى الولايات المتحدة، ومع ذلك من الصعب جدًا كسب دعوى قضائية ضد وسيلة إعلامية داخل الولايات المتحدة، فأولًا وقبل كل شىء ربما تثبت الصحيفة أن ما نشرته صحيحًا، وثانيًا حتى لو أثبت المدعى أن المعلومات كاذبة فإنه سيتعين عليه إثبات أن الصحيفة تعمدت نشر معلومات كاذبة.
كيف يمكن لمواطن أجنبى أن يقاضى صحيفة أو مؤسسة أمريكية؟
- على المدعى أولًا أن يسافر إلى الولايات المتحدة، ويمثله محام يعمل داخلها لتقديم دعوى أمام القضاء الأمريكى.
فيما يتعلق بقضية التدخل الروسى.. حتى الآن لا توجد دلائل واقعية على تورط ترامب بالتنسيق مع روسيا، فكيف ترى وضع الرئيس الأمريكى قانونيًا؟
- نعم حتى الآن لا توجد أدلة على أنه كان يعلم بالأنشطة الروسية، على الرغم من دلائل على تورط مايكل فلين، مستشار الأمن القومى السابق، بالتواصل مع الروس، وغيره من أعضاء حملة ترامب، لكننى أشعر أن تحقيقات المدعى الخاص روبرت مولر ستصل إلى المزيد خلال الأشهر القليلة المقبلة.
هل تعتقد أن الإعلام الأمريكى متحيز ضد ترامب؟
- لا أعتقد، هم فقط لديهم وجهات نظر حادة بعض الشىء، وأغلبها سلبى، وعلينا أن نفرق بين ما ينشرونه من أخبار، التى هى حقيقية ودقيقة، والمقالات التى تحمل آراء سلبية حول ترامب.
تتحدث وسائل الإعلام الأمريكية كثيرًا عن عزل ترامب، ويشير بعضهم إلى عدة حجج من بينها المادة 25 من الدستور، أو بدعوى عرقلة سير العدالة بعد إقالته جيمس كومى، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى، فما رأيك؟
- أستبعد ذلك.. المادة 25 من الدستور تختلف عن العزل، لأنه يتم اللجوء إليها عندما يتفق كبار مسؤولى الحكومة على أن الرئيس لم يعد قادرًا جسديًا أو عقليًا على الإدارة، وهذا من الصعب حدوثه، لأنه عادة ما يحدث فقط عندما يكون الرئيس مصابًا بأزمة قلبية أو سكتة، وغير قادر تمامًا على أداء مهام وظيفته.
وبالنسبة لعرقلة سير العدالة فى قيامه بإقالة كومى الذى كان يشرف على تحقيقات التدخل الروسى، فإنه على الرغم من أننى أراها حجة جيدة، غير أننى لا أعتقد أنه سيتم عزله عند هذه النقطة.
وهل تعتقد أن الرئيس الأمريكى ارتكب تهمة عرقلة سير العدالة عندما أقال كومى؟
- أعتقد أنه أقال كومى لأنه لم يرغب فى أن يبحث فى التدخل الروسى، وهو ما يرقى دستوريًا لعرقلة سير العدالة.
وهل هذا يجعل العزل محتملًا؟
- ربما، ومع ذلك فإنه عملية العزل برمتها هى عملية سياسية، وبالنظر إلى أن الجمهوريين أغلبية داخل مجلسى الشيوخ والنواب، فإنه من الصعب حاليًا التصويت لصالح العزل، لكن أتوقع أنه إذا استطاع الديمقراطيون استعادة الأغلبية فى الانتخابات المقررة نهاية العام الحالى فسوف يتجهون للبدء فى إجراءات العزل فى 2019.
كم شهرًا تستغرقه إجراءات عزل الرئيس؟
- وقتًا طويلًا، وإذا أنهى الرئيس ولايته الأولى وأعيد انتخابه لولاية ثانية فسيكون الأمر معقدًا.. بشكل عام سيكون العزل أسهل كثيرًا إذا تم إيجاد دليل على تورطه بالتنسيق مع الروس.
إذا وجدت دلائل قوية على تورط ترامب فى التآمر مع روسيا خلال الانتخابات.. ما التهمة التى سيتم توجيهها له فى هذه الحالة؟
- لا توجد جريمة فى الولايات المتحدة تسمى «التنسيق»، لذا أعتقد أنه فى هذه الحالة سيتم توجيه تهمة «التآمر»، وهى جريمة خطيرة.. فإذا تم إثبات أن ترامب تآمر مع الروس لاختراق أجهزة الحزب الديمقراطى ستكون جريمة. ومع ذلك فإن أى جريمة تتعلق بالعزل ستعتمد على ما يصل إليه المحقق الخاص من استنتاج ومدى الضرر، وأنا شخصيًا أشك فى أن الديمقراطيين سيحاولون فى هذه الحالة عزل ترامب، لكنهم قد يستغلون القضية فى الحملة السياسية للانتخابات الرئاسية 2020.
ماذا يحدث إذا ثبتت الأدلة ضد نجله أو صهره بالتورط فى التنسيق مع روسيا للتدخل لصالح والده؟
- من المثبت أن ابنه «دونالد ترامب جونيور» وصهره «جاريد كوشنر» قد التقيا على الأقل مرة واحدة مع ممثل للحكومة الروسية، فضلًا عن أدلة على تواصل «كوشنر» مع الروس، واتصالات أخرى ربما تكون غير قانونية، لذلك هناك على الأقل بعض الأدلة التى ربما تشكل أساسًا لتوجيه اتهامات ضدهما.
وما نوع العقاب فى هذه الحالة؟
- ربما السجن.. لأنهما سيكونان متورطين فى جرائم تآمر تستوجب السجن.
هل تعيين أقارب الرئيس ترامب فى البيت الأبيض يتعارض مع الديمقراطية الأمريكية، ومبدأ تضارب المصلحة؟
- لا أعتقد أن هناك أى انتهاك قانونى فى ذلك، فلا يوجد قانون ضد المحسوبية لدينا، على الرغم من أن الكثير من الناس لم يرحبوا بالأمر، لكن لم يسبب هذا الكثير من الجدل، فهناك أمور أخرى تسببت فى الجدل، مثل عدم الكشف عن جميع مصالحه التجارية، ومحاولة الحصول على مزايا لمصالحه التجارية، وهو ما يبدو أكثر إشكالية.
الرئيس ترامب أعرب عن غضبه من كتاب «النار والغضب» الذى أصدره الصحفى مايكل وولف.. هل يحق للرئيس مقاضاة الكاتب بدعوى الكذب مثلما قال؟
- أعتقد أنه قد رفع دعوى قضائية، لكن سيكون من الصعب جدًا الفوز للأسباب التى كنا تحدثنا عنها سابقًا. لا أعرف ما إذا كان ما جاء فى الكتاب من وقائع صحيحًا أم لا، لكن المؤلف يقول إن لديه تسجيلات لمقابلات مع أشخاص كانوا يعملون داخل البيت الأبيض، لذا بإمكانه إثبات صحة ما ذكره، على الرغم من أن هناك أمورًا أخرى ربما تكون من مخيلة المؤلف.
هناك انتقادات واسعة بشأن استخدام الرئيس ترامب «تويتر».. كيف ترى ذلك؟
- الرئيس ترامب أضر بصورة الولايات المتحدة بسبب التغريدات المتهورة على حسابه بموقع تويتر.. لا يليق بالرئيس الأمريكى ما يحدث، فهو يقول أمورًا غير حقيقية فى كثير من الأوقات، ومتهور للغاية، ويتفوه بأمور تضر بالولايات المتحدة. الرئيس الحالى يستيقظ صباحًا ويقرر أن يقول أمرًا سلبيًا عن بلد آخر أو يسخر من زعيم بلد آخر.
لا يمكن التعاطف مع كوريا الشمالية، لكن لا أحد يعلم ما الذى يمكن أن تتسبب فيه التغريدات السلبية والسخرية التى يقوم بها ترامب تجاه زعيم كوريا الشمالية.. هذا الأسلوب لا يليق برئيس الولايات المتحدة.
كما أن التصريحات المتعلقة بقصف كوريا الشمالية تشكل مشكلة أيضًا، لأنه لا أحد يعلم عما إذا كان يستهدف الإقدام على ذلك أم لا.. هذا أمر خطير، لأنه لا أحد يعلم هل ينبغى أن نأخذ ذلك على محمل الجد أم لا.
الرئيس الأمريكى وصف الدول الأفريقية وهايتى بتعبير مسىء.. هل ترى ترامب عنصريًا؟
- رغم أننى لا يمكننى وصفه بالعنصرية، لكن أعتقد أنه تفوّه بأمور عنصرية، فضلًا عن أنه أعرب عن تعاطفه مع النازيين الجدد خلال احتجاجات فيرجينيا قبل أشهر، وهذه كلها أمور مؤسفة.
شهدت الولايات المتحدة صراعًا قضائيًا بشأن قرار ترامب المتعلق بحظر سفر مواطنى بعض الدول المسلمة.. إلى أى حد تقف سلطة الرئيس فى مثل هذه القرارات؟
- للرئيس الحق فى ظل ظروف معينة السيطرة على سياسة الهجرة، وجزء من ذلك سلطته فى السماح أو حظر مواطنى بعض الدول من دخول الأراضى الأمريكية، لكن الإشكالية هنا هو أنه لم يقدم أى تحليل واقعى بشأن الخطر الذى يشكله مواطنو الدول المحظورة على الولايات المتحدة. وأعتقد أنه عندما اتخذ القرار لأول مرة لم يستند إلى أمر يتعلق بالأمن القومى، ولكن كان القرار إنعكاسًا لسياساته المعادية للمهاجرين ووعوده الانتخابية، وبشكل عام لم تكن الولايات المتحدة داعمة للاجئين، فمند أن حدثت مثل هذه الزيادة فى أعداد اللاجئين الفارين من سوريا وغيرها من الدول، لم تستقبل أمريكا الكثيرين، ربما لا يتجاوز العدد عشرة آلاف سنويًا، فضلًا عن أن عملية اللجوء تستغرق عامين من التحقق من خلفية الشخص، لذلك أعتقد أنه اتخذ قرارًا سلبيًا جدًا لصورة بلدنا.
وماذا عن الموقف القانونى لجدار المكسيك؟
- لا أعتقد أن هناك عقبة قانونية، ربما سياسية تتعلق بموافقة الكونجرس أو رفضه تخصيص الأموال لبناء الجدار، وفى رأيى أتمنى أن يواصل الديمقراطيون رفضهم، لأن بناء الحائط سيتكلف كثيرًا دون أهمية لذلك، فضلًا عن أنه من الناحية الرمزية أمر سيئ.