أنصار الأمس ومنقذى اليوم.. واحد تلو الأخر يتخلى أنصار ومؤيدو الرئيس الإيرانى السابق أحمدى نجاد، والذى شغل منصب رئيس الجمهورية لفترة 8 أعوام بين (2005 -2013) الذى أثار الجدل حوله منذ أشهر بسبب سلوكه داخل إيران، لاسيما بعد الرسالة المفتوحة التى وجهها إلى المرشد الأعلى، ودعا فيها لإجراء تعديلات دستورية وانتخابات رئاسية وبرلمانية عاجلة وحرة، من دون تدخل الأجهزة العسكرية والتلاعب فى الانتخابات، وعزل رئيس القضاء، وإطلاق سراح جميع منتقدى النظام، الأمر الذى دفع مسئولين فى حكومة روحانى بالمطالبة بإطلاق حوار وطنى فى البلاد.
احمدى نجاد
كان أخر أنصار الرئيس الإيرانى السابق، والذى أعلن براءة منه، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية السابق حسن فيروز أبادى الذى قال "لم نكن نعلم بباطن نجاد فهو كان يطلق شعار الإمام والثورة وحزب الله والمحرومين".
وفى عام 2008 كان أبادى من أقوى أنصار نجاد، الذى قال عنه "ينبغى تدوين أفكار نجاد لأنها تحمل جانبا استراتيجيا هاما، وعلى العلماء والأساتذة فى الجامعات أن يدونوا هذه الأفكار لتضاف إلى التراث فى البلاد".
نجاد وفيروز أبادى
أما اعلام طهران علق على تراجع العديد من الشخصيات التى كانت فى الماضى تؤيد نجاد، وكتبت صحيفة "ستاره صبح" على صدر صفحتها "اعتراف متأخر" فى إشارة إلى تصريحات أبادى حول نجاد.
فيروز أبادى لم يكن وحده الذى انقلب على نجاد، ففى ديسمبر العام الماضى انقلب رجل الدين الإيرانى المتشدد آية الله محمد تقى مصباح يزدى على نجاد، والذى كان يعد أحد أبرز الداعمين الأصليين لسياسته، وكان يقول فى إحدى سنوات حكمه نجاد، "أن طاعة نجاد من طاعة المولى عز وجل!".
وقال مصباح يزدى الزعيم الروحى لـ(جبه پایداری) جبهة الصمود الإيرانية والذى ساند نجاد بقوة أمام الاحتجاجات التى نهضت ضده بعد اعادة انتخابه فى 2009، خلال تعليقه على سلوك الرئيس السابق، بعد أن شن هجوما عنيفا على القضاء ووصفه الظالم ورئيس السلطة القضائية بالفاسد، "لا أؤيد تصرفات وسلوك أحمدى نجاد الحالية، وأراه الآن منحرفًا".
نجاد ومصباح يزدى
الأصوليون يواجهون نجاد
وفى الأوساط الإيرانية يمكن تقسيم ردود أفعال التيار الأصولى حيال سلوك نجاد خلال الأشهر الأخيرة، إلى 3 اقسام، القسم الأول فضل الصمت، ولم يميل إلى التعليق على سلوكه من أمثال يحى آل اسحاق والنائب نصر الله بجمان، وعضو جبهة "جمنا" الأصولى مهدى جمران حيث تجنبوا الحديث بشأنه، وقالوا فى حوارتهم الصحفية مع صحيفة "اعتماد" الإصلاحية "لا أتحدث عن نجاد".
قسم ثانى من الوجوه الأصولية، رغم إدانتهم لسلوك نجاد، إلا أنهم يصرون على أن صهره ومستشاره الخاص رحيم مشائى مارس أعمال "السحر" لنجاد ما أدى إلى انحرافه، وهؤلاء هم المحافظون المتشددون الذين أطلقوا على أعضاء فريق أحمدى نجاد والحلقة الضيقة من المقربين منه عام 2011 "حلقة الانحراف" وهؤلاء يؤمنون بالخرافات ويعتقدون بقوة سحر مشائى.
أما القسم الأخير من التيار الأصولى تحدثوا عن جهلهم به، ومن بينهم اللواء فيروز أبادى، هذه المجموعة تعلم أن نجاد كان يهدف إلى استغلال موجة الاحتجاجات الأخيرة، وقال النائب الأصولى أحمد سالك "نجاد كان يعتقد أنه قادر على قيادة الاحتجاجات الأخيرة"، إضافة إلى النائب على رضا زاكانى الذى فضل كتابة رسالة مفتوحة له.
نجاد ونائبه بقائى وصهره مشائى
نائب روحانى يقترح بد حوار وطنى
فى غضون ذلك، وفى إطار المساعى فى إيران لإنهاء الصراع بين أجنحة السلطة وانهاء الأزمة فى البلاد، اقترح نائب الرئيس الإيرانى اسحاق جهانجيرى لحوار وطنى فى البلاد، من أجل التغلب على التحديات الداخلية والخارجية وترميم الرصيد الإجتماعى فى البلاد، قائلا : "هناك تحديات كثيرة تواجهنا فى الداخل والخارج، فى الاقتصاد والسياسة والثقافة ، ومن اجل اجتيازها علينا ترميم الرصيد الاجتماعى التى نمتلكه داخل إيران، وهذا لم يكون ممكنا إلا بالحوار الوطنى بين مختلف الأطراف والأطياف والنخب داخل إيران".
وأضاف نائب روحانى، "ينبغى أن نملأ فراغ الحوار الوطنى فى البلاد، نحن ننتقد أنفسنا فى الحكومة فليس لدينا حوار مع الاصوليين أو الاصلاحيين والنخب، التغلب على التحديات أمر ممكن، ينبغى أن نقوم باصلاحات سياسية واقتصادية".
وناقش الإعلام الإيرانى دعوة جهانجيرى، وعلقت صحيفة "روزان" قائلة "فى غياب خطاب واضح للاعتدال تسعى الحكومة لملء هذا الفراغ من خلال جمع السياسيين المعتدلين والإصلاحيين والأصوليين، الأمر الذى لم يكن موفقا بشكل كبير على المستوى السياسى. وأضافت الصحيفة، رغم أن حكومة روحانى تمكنت من تشكيل ائتلاف مع جزء صغير من الأصوليين أى الأصوليين المعتدلين، لكن فى النهاية حظيت حكومة روحانى بدعم الاصلاحيين ولم يتبع الأصوليين المدارة أبدا مع الحكومة".
لكن محللون يرون أنه من غير المتوقع أن تلقى دعوة جهانجيرى أذانا صاغية على مثيل الدعوات المشابهة التى أطلقها التيار الاصلاحى على مدار السنوات الماضية، كان أخرها مبادرة الزعيم الإصلاحى والرئيس الأسبق محمد خاتمى الذى دعا فى فبراير العام الماضى لـ "مصالحة وطنية"، لمواجهة التهديدات الأمريكية، وقوبلت برفض المرشد الأعلى والمعسكر المحافظ المتشدد التابع له آنذاك، معبرا أنها مؤامرة ومسرحية خارجية، ستؤدى إلى تدخل خارجى فى شئون البلاد وتأزم الوضع فى الداخل، إضافة إلى اقترح علي رضا زاكانى، النائب السابق والسياسى الأصولى المتشدد وأحد الشخصيات المعارضة لحكومة روحانى، فى يوليه العام الماضى أيضا، تدشين "هدنة" بين أجنحة السلطة والتيارات السياسية الأصولية والإصلاحية، لإنهاء حالة الصراع والتنافس التى تفتك بالداخل الإيرانى، لكن كلها دعوات لم تطبق بشكل عملى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة