أيام من الجدل والخلاف الذى ساد مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام بعد وفاة عالم الفيزياء الشهير ستيف هوكينج، حيث انقسم الجميع إلى فريقين، أحدهما يدعو له بالرحمة ويتنبأ بدخوله الجنة نتيجة أفعاله وعلومه التى تخدم البشرية، فى حين اعتبر الفريق الأخر الدعوة له بالرحمة معصية، وأنه سيدخل النار لا محالة، لأنه ملحد وغير مؤمن بوجود الله، وأن علمه ونظرياته لن تنفعه يوم القيامة.
وتصاعد ذلك الجدل حتى انتقل من مواقع التواصل الاجتماعى إلى صفحات المواقع والجرائد وشاشات التليفزيون، لكن المؤسسات الدينية الرسمية لم تدخل فى ذلك الجدل رغم أن كثير من المنتمين للتيار السلفى تحدثوا فى ذلك الأمر بصيغة الفتوى الشرعية التى أسسوا لها بآيات وأحاديث نبوية ليثبتوا أن ستيف هوكينج لايجوز الترحم عليه وأنه سيدخل النار مهما كان علمه وأهميته.
السلفيون يقودون حملة ضد دعوات الترحم على ستيف هوكينج
فور إعلان خبر وفاة هوكينج وانتشار تعليقات الدعوة له بالرحمة، بدأت موجة مواجهة قادها مشايخ سلفيون كان من بينهم حاتم الحوينى نجل أبو اسحق الحوينى، والذى كتب على صفحته على تويتر: "من يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين، كل من مات على غير دين الإسلام فهو فى النار خالدًا مخلدًا، ورحمته ﷻ فى الأخرة خص بها أهل الإسلام فقط، وكل ما قدمه ستيفن هوكينج للبشرية من نفع جزاه الله به فى الدنيا رفعةً وثناءً وحظوةً وسؤدد وجاه"، كما قال السلفى سامح عبد الحميد جودة أن الترحم عليه لا يجوز وأنه سيدخل النار لأنه مات كافرا وملحدا وأن عمله الدنيوى لاعلاقة بحساب الأخرة.
وأثارت تلك الفتاوى والتصريحات جدلا كبيرا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعى الذين رأوا أن تلك الآراء متشددة وأنه لا يمكن ان يكون جزاء هذا العالم الكبير هو دخول النار بعد علمه الذى نفع البشرية.
ممثل لجنة الشبهات: احترام العلماء والاستفادة منهم واجب شرعى.. ودخول الجنة أو النار حق إلهى
وحاول "اليوم السابع" عقب ذلك الجدل الحصول على فتوى رسمية من دار الإفتاء حول الأمر، وبعد عدد من المحاولات الهاتفية مع بعد شيوخها، طلب منا ممثل لجنة الفتوى الحضور إلى الدار وعرض السؤال على لجنة تسمى "لجنة الشبهات"، لأنها المنوطة بذلك النوع من القضايا، وفى لقاء مباشر معه فى مقر دار الإفتاء قال الدكتور محمد فرج عضو لجنة الشبهات، إنه تابع ذلك الجدل على مواقع التواصل الاجتماعى وأنه تعجب كثيرا من الجدل الذى يدخل فيه البعض فى أمور غيبية، مؤكدًا على أن أمر الجنة والنار حق إلهى لا يعرفه إلا الله، ولم يمنحه لأحد من البشر.
وأكد فرج، على أنه ليس من الشرع أن يفتى أحدا حول دخول شخص ما الجنة أو النار، خاصة أن البشر جميعا لن يدخلوا الجنة بأعمالهم بل برحمة الله، مؤكدا أن الحكم على شخص أيا كان بأنه سيدخل الجنة أو النار ليس من الدين فى شىء.
وشدد عضو لجنة الشبهات، على أن الإسلام يحترم العلماء ويجلهم، وأننا نعيش كمسلمين فى هذا العصر نستفيد بكافة الاختراعات والعلوم التى اخترعها واكتشفها علماء غير مسلمين ومنهم من لا يؤمن بوجود الله من الأساس، وأن دورنا ليس الحكم عليهم إذا كانوا سيدخلون الجنة أو النار، بل إن دورنا هو أن نتعلم منهم ونأخذ من علمهم ما ننفع به أنفسنا ويجعلنا نتقدم مثلهم، لأن الإسلام أمرنا بالعلم والبحث والإنتاج ونشر الخير للبشرية.
وأكد فرج، على أن العالم ستيف هوكينج له نظريات وكتب وعلوم نفعت البشرية ودورنا هو أن نحترم ذلك ونستفيد منه لخدمة الدين والبشرية، أما حسابه وأخرته فهى عند ربه، ولا علاقة لنا بها بالخير أو بالشر، مشيرًا إلى أن من قالوا أنه سيدخل الجنة أو من قالوا أنه سيدخل النار مخطئين، وأعطوا أنفسهم حق من حقوق الله.