41 عاما هى السنوات التى مرت على وفاة المطرب الكبير والفنان الذى أحبته الجماهير عبد الحليم حافظ، الذى هاجمه مرض البلهارسيا بشدة حتى أصبح أشهر المصابين به، ولم يترك له مخرج للحياة، فقد أدى المرض للكثير من المضاعفات من تليف كبد ونزيف بالمعدة ومشكلات جاءت خلف بعضها على الرغم من محاولات التعامل معها، وانتهى الأمر كله بنزيف حاد لم ينج منه المطرب الذى ما زال يتربع على عرش الأغنية العربية، وما زال مطرب المصريين الأول حتى الآن، ورغم مرور عشرات السنوات على رحيله.
عبد الحليم يحضر لأعماله على الفراش
حكاية معاناة حياتية كاملة تجسدت فى البلهارسيا
وفى ذكرى وفاته، نتتبع قصة الفنان العظيم الذى اكتشف المرض مؤخرا على الرغم من أنه لازمه كل حياته، وذلك بحسب مذكرات طبيبه الدكتور هشام عيسى.
فمنذ الصغر كان ينزل الترعة بقرب من منزله كوسيلة للاغتسال وليس فقط للسباحة، حيث كانت تعيش دودة البلهارسيا وتنشر عدوتها ليلتقطها عبد الحليم وهو يقاسى حياة سيئة فى صغره.
استمر فى حياته وبدأ صعود سلم المجد، حيث خرجت موهبته للجميع، ولم يكن يعلم أنه مصاب إلا بعد القىء المتكرر المصحوب بالدم، عندها فقط علم بإصابته بالبلهارسيا وكان يعالج عن طريق حقنة من الوريد، تخلف الكثير من الآثار الجانبية التى تجعله فى حالة من الإجهاد والانزعاج بسبب حاجته للقىء والغثيان المستمر.
ومع الوقت أصيب بتليف كبدى من المرض، وكان هذا أول طريق المعاناة الحقيقية التى بدأت قبل وفاته بـ22 سنة، عندما كان يصور فيلمه "لحن الوفاة"، وغادر البلاد للعلاج فى لندن خاصة مع تزايد النزيف عليه، ثم عاد ليستكمل مسيرته وكان معه دائما أكياس من الدم محفوظة فى منزله للتعامل مع حالته عند حدوث أى مشكلة أو نزيف، ولكنه فى مرة من المرات انتقل إليه فيروس خلال عملية نقل الدم، وهو ما زاد من وطأة الأمر عليه.
لم تكن مشكلة عبد الحليم فقط فى العلاج، ولكن أيضا فى طريقة تناوله للطعام ونظامه الغذائى، حيث كتب له الأطباء على أطعمة معينة وكلها مسلوقة وخالية من أى نوع من التوابل، وهو ما حوله من لذة لعقوبة لكى يستمر على قيد الحياة، أما النزيف فكان رعبه الدائم خاصة خلال الغناء والنوم، فأصبح يخاف من مهاجمة المرض وإعاقته لحياته العملية والشخصية.
خطوة بخطوة، مع عدم الاستسلام واليأس، سافر عبد الحليم لأمريكا لعله يجد شفاء لحالته، إلا أنه وجد عملية جراحية قد تفقده بعضا من ذاكرته، كنوع من أنواع المضاعفات المحتملة، فرفض تماما أن يجريها وإن كانت السبيل الوحيد أمامه، فهذا سيؤثر علي ذكرياته وكذلك فنه، وهو ما لا يقبل أبدا المخاطرة به.
ولعل من بين مشاهد مرضه الصعبة، إصابته بنزيف شديد فى الفجر بعد إحدى حفلاته بالمغرب عام 1972، وحجز على أثره أسبوعان بالمستشفى قبل أن يسافر باريس لتلقى العلاج، والذى انتهى بناء عليه بأنه أصبح أول مريض يحقن دوالى المرىء بمادة تمنع النزيف، لأنها كانت نتائج جديدة لبحث أجرى فى هذا الشأن.
عبد الحليم حافظ فى حفلاته رغم المرض
لماذا لم تقتل البلهارسيا الفنانين الآخرين؟
غادر عبد الحليم الحياة عام 1977، وربما ما جعل المرض يسيطر على العندليب، ولا يتركه حتى وفاته هو تمكنه منه منذ اللحظة الأولى من اكتشاف الإصابة بالبلهارسيا، فقد تبين أنه مريض مع تكرار القىء المصحوب بالدم وكان قد اقترب من تليف الكبد وهو ما جعل العلاج أصعب من أى وقت آخر، وكذلك لم يكن وقتها العلاج متوفرا بشكل متطور وأفضل مثلما كان فى الوقت الذى أصاب فيه أحمد زكى حيث هاجمه المرض ثلاث مرات وكل مرة يتلقى العلاج ويحصل على الشفاء منه.
كما أصيب سعد الصغير بنفس أعراض عبد الحليم حافظ عند اكتشافه للبلهارسيا ولكنه لم يصل لمرحلته وتم تدارك الأمر.
منظمة الصحة العالمية والوضع الحالى فى مصر
قال الدكتور جون جابور ممثل الصحة العالمية فى مصر لـ"اليوم السابع"، أن البلد تغلبت على مشكلة البلهارسيا بشكل كبير، ولكن هناك بعض المناطق البسيطة التى ما زالت تعانى، لهذا السبب خصصت وزارة الصحة والسكان تمويلا بـ10 ملايين دولار لوضع خطط للإسراع فى القضاء على مرض البلهارسيا بما يعادل مليونى دولار «أمريكى» بالعملة المحلية سنويا لمدة خمس سنوات، وذلك بدعم من منظمة الصحة العالمية على المستوى الصحى.
وأكد جابور، أنه تم الاتفاق منذ نوفمبر من عام 2016، ولكن الإجراءات احتاجت عاما لنوفمبر من هذا العام، وبعدها تم تأجيل إطلاق الحملة على القضاء على البلهارسيا نهائيا ولكن ليس إلغاءها.
وجدير بالذكر، أن هناك تقريرا دوليا صدر عن منظمة الصحة العالمية حول الأمراض الاستوائية المنسية، ومن بينها البلهارسيا، وأكدت فيه أنها فى طريقها للانقراض فى دول مثل مصر و ليبيا والمغرب و سلطنة عمان و المملكة العربية السعودية، فى حين أنها ما زالت متوطنة في اليمن والصومال والسودان أكثر من غيرها من دول منطقة شرق البحر المتوسط.
عبد الحليم حافظ خلال مرضه
كيف تتسلل البلهارسيا لجسم الإنسان؟
ووفقا لما ذكره موقع الخدمات الصحية الوطنية البريطانى " Nhs"، أن مرض البلهارسيا هو عدوى تسببها دودة طفيلية تعيش في المياه العذبة في المناطق شبه الاستوائية والمدارية، يوجد الطفيلي الأكثر شيوعًا في جميع أنحاء إفريقيا، ولكنه يعيش أيضًا في أجزاء من أمريكا الجنوبية ومنطقة البحر الكاريبي والشرق الأوسط وآسيا.
وفى البداية، غالباً ما لا تكون لديك أي أعراض عندما تصاب بالبلهارسيا، لكن الطفيلي يمكن أن يبقى في الجسم لسنوات عديدة ويسبب ضرراً لأعضاء مثل المثانة والكلى والكبد، وتعيش الديدان التي تسبب مرض البلهارسيا في المياه العذبة ، مثل: البرك والبحيرات والأنهار والخزانات والترع.
ويمكن أن تصاب بالعدوى إذا اتصلت بمياه ملوثة خلال التجديف أو السباحة أو الغسيل، وتدخل الديدان الصغيرة في جلدك ثم تتحرك الديدان عبر الدم إلى مناطق مثل الكبد والأمعاء، وبعد بضعة أسابيع ، تبدأ الديدان بوضع البيض، وتبقى بعض البويضات داخل الجسم ويهاجمها جهاز المناعة، في حين يتم تمرير البعض في بول الشخص أو البراز، ويمكن أن تستمر الديدان في وضع البيض لعدة سنوات.
وعلى الرغم من أن الأعراض قد تستمر لسنوات دون أن تظهر إلا أن بعض الحالات عانت بعد بضعة أسابيع من درجة حرارة عالية (حمى) فوق 38 درجة مئوية، وحكة ، وسعال، وإسهال، وآلام العضلات والمفاصل، والبطن، وشعور عام بالتوعك
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة