أبو عمران موسى بن ميمون بن عبيد الله القرطبى، أو الشهير بـ"موسى بن ميمون"، طبيب وفيلسوف ولاهوتى يهودى، من مواليد قرطبة 30 مارس 1135، وكان من طبيب البلاط السلطانى فى عهد الناصر صلاح الدين الأيوبى، وأحد المقربين منه.
مكث "بن ميمون" فى مصر فترة كبيرة، وبالتحديد فى مدينة الإسكندرية، مارس الطب وبعدما حصل على شهرة فى ذلك المجال، صار ابتداء منذ عام 1200م الطبيب الشخصى لابن صلاح الدين الأيوبى.
تمثال موسى بن ميمون
فى فترة العهد الأيوبى، عاش ابن ميمون فى الفسطاط، وظل فيها حتى وفاته ودفن بها، وفيها انتخب رئيسا لمجلس الحاخاميين "الطائفة اليهودية"، ومن هنا حمل على عاتقه حل جميع المسائل الدينية، وأوكلت إليه مهمة القيادة الخلقية والدينية لليهود.
لكن ماذا قدم "بن ميمون" لليهود وكيف فتح ذلك الطبيب السلطانى المجال للهجرة اليهودية إلى فلسلطين، وهل كان للفيلسوف القرطبى يد فى التمهيد فى تأسيس دولة عبرية لليهود فى فلسطين والتى أعلنت بشكل رسمى عام 1948؟
مقام موسى بن ميمون
فبحسب كتاب "معجم الفلاسفة" للمفكر الكبير جورج طرابيشى، إن موسى ابن ميمون، ص (35)، الذى كان يسعى إلى رفع المستوى الروحى والخلقى لليهود، استخدم نفوذه لدى البلاد ليوفر المزيد من الحماية لأبناء دينه، وبعد أن فتح صلاح الدين بيت المقدس "القدس" استحصل لأبناء ملته على الحق فى التوطن فيها وفى فلسطين بصفة عامة، وفى ابتناء كنس ومدارس لهم فيها، واستغل تلك الفترة للكتابة إلى فقراء اليهود اليمنيين ليحيى قلوبهم بالإيمان بيهوه وبالتوراة.
كتاب كتاب معجم الفلاسفة لجورج طرابيشى
الدكتور محمد زياد حمدان، حلل الواقعة الأخيرة فى كتابه "لزوم الإسلام المدنى و الدولة الوطنية: فشل الإنسان فى البلدان النامية"، بأن المرسوم الذى حصل على موافقته موسى بن ميمون من صلاح الدين، فتح الطريق منذ ذلك اليوم لقيام دولة إسرائيل، وإلى ما وصلت إيه فى عصرنا الحاضر من طغيان وفساد فى الأرض.
الأمر ذاته التى أشارت إليه دراسة للدكتورة همدان زيد دماج، نشرت بمجلة الرافد فى أبريل عام 2017، بعنوان "موسى بن ميمون الفيلسوف اليهودى وطبيب صلاح الدين"، أن علاقة الطبيب الوثيقة بالسلطان الأيوبى صلاح الدين، مكنته من إقناعه بالسماح لليهود بالإقامة فى القدس بعد تحريرها وبناء كنس ومدارس خاصة بهم، بعدما كان الصليبيون أثناء احتلالهم المدينة قد حظروا عليهم الإقامة فيها. ليس هذا فحسب، بل إن بعض المصادر التاريخية تشير إلى دوره فى إقناع صلاح الدين بمحاربة دولة بنى مهدى فى اليمن والقضاء عليها، بعد أن علم بما يقوم به حكامها من اضطهاد ليهود اليمن وإجبارهم على اعتناق الإسلام.