تحتفل المرأة العربية باليوم العالمى للمرأة فى ظل صراعات وقتل وحروب تضع على كاهلها أعباء كبيرة للحفاظ على أسرتها من الصراع الذى يعصف بالمنطقة، تضحيات ونضال وكفاح هو التوصيف الأدق لما تقوم به المرأة العربية خلال السنوات الأخيرة.
ظروف معيشية صعبة وواقع مرير تعيشه المرأة العربية فى بعض البلدان بسبب الصراعات المسلحة وحالة اللادولة فى بعض الدول، ما يدفعها للعب دور أكبر فى الحفاظ على المكون المجتمعى العربى والذى ينطلق من حماية المرأة لأسرتها من الإنجرار للصراعات الطائفية والحزبية والمسلحة بين أطياف وجماعات هدفها إسقاط الدول ومؤسساتها.
- المرأة السورية.. حكايات الدمار والخراب
تعيش المرأة السورية أصعب الظروف المعيشية والاجتماعية فى ظل صراعات مسلحة وحرب أهلية تشهدها البلاد منذ 7 سنوات، تحديات تواجه المرأة السورية تهدد بضياع هويتها وسط الصراعات الطائفية والمذهبية التى تسعى لتمزيق النسيج المجتمعى لسوريا.
المرأة السورية التى أثبتت قدرتها على الصمود والتحدى برغم ظروف الحرب والدمار، تعمل على لملمة أشلاء أسرتها التى فرقتها الحروب والصراعات التى تعصف بالشقيقة سوريا وسط صمت دولى مخزى.
بدورها بعثت عضو الأمانة العامة لتيار الغد السورى، بهية ماردينى، بتحية لنساء العالم والعرب والنساء السوريات على وجه الخصوص، مشيدة بدورهن فى رفع راية الدفاع عن المرأة والانتصار لحقوقها وقضاياها العادلة فى كل مكان وفى مناطق الصراع والحروب.
بهية ماردينى
وأشارت ماردينى فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، اليوم الخميس، إلى قرار مجلس الأمن رقم 1325 والذى يبرز الدور الهام للمرأة فى بناء السلام، والجهود الرامية إلى حفظ السلام والأمن وتعزيزهما، مؤكدة أن هذا القرار يعطى فرصة لتطوير مشاركة المرأة ويعطى مستوى جديد فى إشراك المرأة فى مهام قيادية غير نمطية ويقدمها للمجتمع كصانعة للسلام.
وأوضحت بهية ماردينى أن تيار الغد السورى يهتم بكافة القضايا المعنية بالمرأة والتنمية بما يجعل من قضايا تمكين المرأة وتحقيق العدالة والإنصاف أولوية، ومنحها فرصا للمساهمة فى البناء والتمثيل وعمل ضمن إطار الممكن من أجل القضاء على جميع أشكال التمييز والانتهاك والاضطهاد وكان دائما يعمل على خفض التصعيد ووقف العنف لأن الفئات الضعيفة هى من تدفع الثمن ويجب إيقاف المجازر ووقف شلال الدماء.
- المرأة الليبية.. صراع الهوية والبقاء
عانت المرأة الليبية على مدار 4 عقود من التهميش والإهمال من قبل السلطات الحاكمة فى البلاد، فلم يكن للمرأة الليبية أى حقوق فى المجتمع سوى دورها فى خدمة أسرتها وتربية أبنائها دون المطالبة بأية حقوق لها.
سليمة الفاخرى نموذج للمرأة الليبية النشطة التى تمكنت من تأسيس منتدى للمرأة والشباب فى ليبيا عام 2013 للقيام بأنشطة للشباب والمرأة سواء دورات تدريبية أو محاضرات أو أدوار إنسانية.
سليمة الفاخرى
تتحدث سليمة الفاخرى التى تتولى عدة مناصب أبرزها رئيسة منتدى تمكين المرأة والشباب فى ليبيا وعضو الهيئة العليا لشبكة المرأة العربية لـ"اليوم السابع" عن دور المرأة الليبية فى نيل حقوقها وإثبات وجودها، مشيدة بدور المرأة العربية عامة والليبية فى نضالها الطويل.
سيده ليبيه
وأكدت لـ "اليوم السابع" أن المرأة الليبية تواجه أصعب التحديات للمشاركة بفاعلية فى تحقيق السلام والاستقرار فى بلادها، حيث كانت ولا تزال من أكثر الفئات المتضررة من النزاعات التى مرت ولا تزال تمر بها ليبيا، موضحة أن المرأة الليبية تحاول تقديم الحب والرعاية والمعيشة الكريمة لأسرتها رغم تعاظم الصعاب أمامها سواء كانت أمنية أو اقتصادية أو حتى اجتماعية، موضحة أنها مستمرة فى العطاء لأجل جميع المحتاجين للخدمات من مختلف فئات المجتمع دون كلل أو ملل أو يأس فهى عنوان الصمود والإرادة الصلبة التى لا تعرف الاستسلام أو اليأس.
وأوضحت أن المرأة الليبية لا تتخلى عن حقها الأصيل فى المشاركة الفاعلة فى صنع القرار وشغل المراكز العليا التى تستحقها، ونلمس ذلك فى النجاحات التى نفتخر بها فى تأسيس التحالفات والائتلافات لتحقيق أهدافها.
- المرأة الفلسطينية.. مناضلة من أجل التحرر
يعانى قطاع غزة من اختناق وخدماته الأساسية على شفا الانهيار ويعانى نصف السكان تقريبا من البطالة وتشهد هذه النسبة زيادة كبيرة بين النساء، وعلى الرغم من ذلك تظهر نساء غزة مستوى مبهرا من الصمود وسعة الفكر فى استغلال الموارد فى خضم هذه الأزمة.
سهير زقوت سيدة فلسطينية ورمز مشرف للفلسطينيات تعمل منذ 25 عاما فى مجال العمل الإنسانى تحدثت لـ"اليوم السابع" عن الظروف التى أرهقت غزة بعد سنوات من النزاعات والإغلاق وارتفاع نسب البطالة، مشيدة بدور المرأة الفلسطينى التى تحملت هذه الأعباء.
سيده فلسطينيه مسنة
وأكدت سهير زقوت التى تشغل منصب المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن المرأة الفلسطينية تواجه تحديات كبيرة منها إيجاد بدائل للكهرباء وغاز الطبخ وشح البضائع فى الأسواق، مشيرة لتأقلم المرأة الفلسطينية لساعات طوال من قطع التيار الكهربائى والتعود على العودة إلى المنزل من عملها لتشعل حطبا أو إن حالفها الحظ فى أن تجد حفنة من غاز الطبخ لإعداد طعام لأولادها أو أن تنال قسطا قليلا من النوم لتصحو بعد منتصف الليل فى ساعات وصل الكهرباء لتنهى أعمالا منزلية أخرى، وغسل الملابس وكيها والإعداد لمدارس أبنائها فى اليوم التالى.
سهير زقوت
وأكدت "زقوت" أن نساء غزة بصفة عامة كلهن ناجحات بطريقة أو بأخرى، ولا يضيعن فرصة، مضيفة "تندهش وأنت تقابل فلاحة، أو بائعة، أو صيادة، السماء هى حدود النساء فى هذه البقعة الصغيرة من الأرض، لربما الظروف الصعبة التى عاشتها غزة هى من صنعت من نسائها سبيكة خاصة فقد خلقت غزة قياديات بالفطرة."
سيدات فلسطين
وأوضحت أنها بدأت المشاركة فى العمل المجتمعى فى عمر السابعة عشرة من عمرها، مقتنعة بأن كل إنسان يستطيع إحداث تغيير فى محيطه الصغير لتكتمل الدائرة وتستطيع المرأة إحداث التغيير الذى تصبو إليه، مؤكدة أن العمل فى المجال الإنسانى منحها هذه الفرصة التى قد تساهم من خلاله فى إحداث تغيير ولو بسيط فى حياة أحدهم، مضيفا "أن تكونى امرأة تعمل فى المجال الإنسانى يعنى ألا تمتلكى إلا خيار المضى قدما، لا مجال للإحباط."
- المرأة التونسية.. تاريخ طويل من النضال النسوى
تعتبر المرأة التونسية من أكثر السيدات العربيات تحررا وحصولا على حقوقهن فى المجتمع التونسى بالرغم من دعوات المتشددين للنيل من حقوق المرأة ومناقشتها، فالمرأة التونسية بلغت مرحلة كبيرة من الوعى المجتمعى وتمارس دورها فى الجمعيات الحقوقية وتشارك فى التظاهرات للمطالبة بدسارة حقوقها وهو ما مكنها من عدم الوقوع فريسة لسيطرة بعض الأطراف على حقوقها المشروعة بالمجتمع.
بدورها قالت الصحفية التونسية صوفيا الهمامى، إن مجلة الأحوال الشخصية التونسية أهم إنجاز قانونى وحقوقى للمرأة منذ إصدارها فى تونس عام 1956 حيث مثلت خلاصة اجتهاد فقهى جمع بين تعاليم الإسلام مقتضيات الحداثة، مشيرة إلى أن المجلة تم إصدارها قبل الدستور بعام واحد.
وأكدت "الهمامى" فى تصريحات لـ"اليوم السابع" أن إصرار الزعيم الحبيب بورقيبة على إصدار المجلة قبل الدستور يؤكد أن حقوق المرأة كانت مضمونة ولا يمكن التشكيك فيها، مشيرة إلى بعض نشاطات النسوة فى المجال الحقوقى والنقابى، موضحة أن نسوة تونس كونوا حركة نسوية مستقلة وكن يعملن من أجل تطبيق القوانين وتفعيلها.
صوفيا الهمامى
وأوضحت أن الرئيس زين العابدين بن على قام لتطوير وتعزيز بعض فصول مجلة الأحوال الشخصية وأعطى للمرأة التونسية مكانتها خلال فترة توليه، مؤكدة أن المرأة التونسية كانت فاعلة خلال "الثورة" فى الميدان وأبدت شجاعة فاقت الرجال بأكثر من مناسبة، ولكن لم يتم إشراكها فى مواقع القرار بالنسبة التى كانت ترجوها. مشيرة إلى أن بعض الرجال يرون أن بعض السيدات غير جديرات ببعض المناصب.
وأكدت أن هيمنة حركة النهضة التابعة للإخوان فى تونس على المؤسسات التونسية بعد سقوط نظام بن على عملت على تغيير النمط المجتمعى وحاولت تهديد مكاسب وحرية المرأة، سيما بعض المتشددين دينيا الذين وجدوا حاصنة مناسبة للتحرك لتقزيم حضور المرأة ودورها فى المجتمع، كما أشارت أيضا لاختراق بعض الجمعيات الغربية للمجتمع التونسى لإبعاد المرأة التونسية عن هويتها ومحيطها الاجتماعى والثقافى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة