أودعت الدائرة الثالثة جنايات دمياط المنعقدة بمحكمة دمياط، برئاسة المستشار محمد رفعت المساح، حيثيات حكمها الصادر بجلسة 27 ديسمبر 2017 بالإعدام شنقا على المتهم أحمد زكريا السعدنى والذى يحمل "الجنسية الإسبانية وتنازل عن جنسيته المصرية أثناء المحاكمة"، لاتهامه بقتل شقيق زوجته لخلافات على الميراث.
صدر الحكم بعضوية المستشارين رفعت محمد اللواء، ومحمد محمود، المستشارين بمحكمة استئناف المنصورة، بإجماع الآراء بإحالة أوراقه إلى فضيلة المفتى لإبداء الرأى الشرعى بشأن المتهم، وقد جاءت مذكرة فضيلة المفتى متضمنة الرأى الشرعى بجواز إعدامه.
استهلت المحكمة حيثيات حكمها بتأكيد صحة ثبوت الواقعة والدليل فى حق المتهم أحمد زكريا السعدنى من اعترافاته التفصيلية فى تحقيقات النيابة العامة وشهادة شهود الإثبات، وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية للمجنى عليه.
سردت المحكمة فى أسباب حكمها تفاصيل الواقعة بأن المتهم قتل المجنى عليه عادل السيد الصواف عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم على إزهاق روحه وأعد لهذا الغرض أسلحة نارية "بندقية خرطوش وطبنجة" وأسلحة بيضاء "سيفين" ونقابا و"جونتى" وعباية سوداء حريمى وفى المكان الذى أيقن سلفا مروره فيه فى مدخل منزله متربصا أثناء عودته للمنزل وما أن ظفر به حتى أطلق صوبه أعيرة نارية مستخدما البندقية الخرطوش حتى أصابها عطل فأسرع بموالاة إطلاق الأعيرة النارية صوبه مستخدما الطبنجة قاصدا قتله محدثا إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، والتى أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات.
وقالت المحكمة إن المتهم أحرز بغير ترخيص ذخائر "69" طلقة ليتم استخدامها فى السلاحين بدون ترخيص كما أحرز بغير ترخيص سلاحين أبيضين عبارة عن "سيفين".
وبعد مطابقة الأوراق والمرافعة الشفوية والمداولة قانونا حيث إن الواقعة حسبما استقرت فى يقين المحكمة واطمأن إليها ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل فى أنه رغم علاقة المصاهرة والقرابة والتى أوصى بها النبى محمد صلى الله عليه وسلم على طيب علاقتها وحسنها إلا أن المتهم لم يحفظ لها مشاعر أو يراعى لها أصولا فداس بطيشه وجموحه الثوابت من قيمتها والمتأصل من عاداتها وتقاليدها صنعت بنفسه نوازع الشر فبسبب الخلاف على الميراث بينه وبين المجنى عليه بدأت مؤشرات الخلاف بينهما أمرا حتميا ومردودا طبيعيا لمثل هذه الأمور وآبى المتهم أن يعيش فى سكينة وسلام فسولته له نفسه الأمارة بالسوء الكيد والانتقام ولعب الشيطان برأسه فسقط بتفكيره الآثم الضال فى براثن الغى وبلغ فى تهوره أن أعد الأسلحة النارية الفتاكة وذخائرها التى تطلق منها وعزم على تنفيذ نواياه واقترف جرمه وكله تصميم وعزم وسبق الغدر خطاه وخفيت حمرة الخجل من وجهه ووضحت الشرور والجهل فى تصرفه وقد أفرط فى حماقاته فغرته هذه السطوة وفتنته زهوة بشبابه ورغبته فى الانتقام عازما ومصمما بعد أن بيت النية وعقد العزم على تنفيذ قراره الآثم والخلاص من المجنى عليه وقتله فكان له ما أراد فى أن لاحت له هذه الفرصة حتى انقض على المجنى عليه وباغته بأسلحته الفتاكة قاصدا قتله مصرا على ذلك، وأسفاه فقد بلغ مقصده وحوله إلى جثة وأشلاء.
وكشفت المداولة أن الخلافات بين الجانى والمجنى عليه تعود إلى 4 سنوات سابقة بسبب خلافات على الميراث، حيث أعد الجانى العدة بتجهيز أسلحة نارية "بندقية خرطوش وطبنجة"، وأسلحة بيضاء "سيفين" ونقاب وجونتى وعباية سوداء حريمى تخصان زوجته لارتدائها أثناء الجريمة.
تفاصيل ليلة الجريمة
فى ليلة الواقعة وهو يعلم بوقت وميعاد عودة المجنى عليه من عمله خرج المتهم من بيته وهو يحمل أسلحته القاتلة بطبيعتها وخبأ بعضها فى حقيبة سوداء والأخرى بين طياته ملابسه ووقف له بمدخل منزله وظل منتظرا لأكثر من ساعة وما أن رآه قادما مترجلا واقترب منه وهو لا يدرى أن القدر قد حمله وجاء به إلى هذا المصير المشؤوم حتى باغته وأمطره بوابل من الأعيرة النارية من سلاحه النارى "البندقية الخرطوش" حتى أصابها عطلا ولعزمه وتوعده للمجنى عليه بالويل والثبور وعظائم الأمور ولتصميمه على تنفيذ ما انتواه أسرع إلى سلاحه النارى الثانى "طبنجة" والذى كان قد أعده وأطلق منه أعيرة نارية صوبه ولم يتركه إلا بعد أن أجهز عليه ثم لاذا بالفرار مرتديا نقاب زوجته حاملا السلاح النارى ليطلق منه الأعيرة النارية فى الهواء للتخويف والترهيب وألقى بالأسلحة البيضاء فى كومة من القمامة.
شهود الواقعة
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها إن شهود الإثبات فى القضية كل من محمد على عبده دبا وأحمد محمد على عبده دبا وأحمد مصطفى السيد العوادلى وأشرف السيد العربى أحمد غزل وأشرف زكريا سعد السعدنى والنقيب شرطة أحمد ممدوح الدمرداش رئيس مباحث قسم شرطة ثان دمياط وما رواه المتهم تفصيلا بالتحقيقات وما أوضحه تقرير اللطب الشرعى والصفة التشريحية وما ثبت من معاينة النيابة والتمثيلية.
فقد شهد محمد على عبده دبا أنه أثناء تواجده بمسكنه تنامى إلى سمعه صوت إطلاق أعيرة نارية فخرج لاستطلاع الأمر فلم يرَ شيئا فأخبره نجله أنه كان هناك إطلاق نار بمدخل المنزل فخف أثره صوبها فأبصر المجنى عليه ملقى أرضا غارقا فى دمائه فخرج إلى خارج المنزل ليستغيث بالمارة.
كما شهد أحمد محمد على عبده دبا بمضمون شهادة والده وشهد أحمد مصطفى السيد العوادلى أنه أثناء جلوسه داخل سيارته تنامى إلى سمعه صوت يردد حرامى - حرامى فنزل مسرعا من سيارته فشاهد شخصا يرتدى نقاب وجوانتى وعباءة سوداء حريمى وممسكا بيده سلاحا ناريا وألقى من يده سلاحين أبيضين فى كومة من القمامة حيث كان يحتفظ بهما فى بنطاله وحاول ان يعترض طريقه فأطلق من سلاحه النارى عدة طلقات فى الهواء والأرض ليرهبنا ويهدد كل من حاول الاقتراب منه للإمساك به وأضاف فى أقواله أنه عرف بعد ذلك أنه قاتل المجنى عليه.
كما أدلى أشرف السيد العربى أحمد غزل بشهادته بأنه أثناء تواجده أمام محل عمله سمع صوت صياح بعض الأهالى فخرج وتوجه صوبه لاستيضاح الأمر فرأى شخصا مرتديا نقابا حاملا فى يده سلاحا ناريا واقفا أمام محله فحاول استيضاح الأمر منه فأشهر سلاحه فى وجهه وهدده بالابتعاد عنه فأنصاع وامتثل لأمره .
بينما شهد وأشرف زكريا سعد السعدنى أنه شقيق المتهم وفى مساء ليلة الحادث اتصل به الاخير وطلب منه الحضور اليه بسيارته لتوصيله وزوجته إلى مسكن أهلها فأمتثل وأوصلهما وشاهده ممسكا بيده حقيبة سوداء ثم عاد واتصل به فى حوالى الساعة العاشرة والربع مساء وطلب منه إعادة زوجته من منزل أهلها، فأتم ذلك ثم أجرى اتصالا آخر وطلب منه غلق الصيدلية والذهاب إليه لتوصيله إلى مخزنه فأنصاع له وأوصله إلى ذلك المخزن، وتركه هناك وكان ممسكا بالحقيبة السوداء وفى الصباح علم بمقتل المجنى عليه.
كما أدلى أحمد ممدوح الدمرداش رئيس مباحث قسم شرطة ثان دمياط بان تحرياته السرية دلته على صحة الواقعة برمتها وأن المتهم ارتكب الواقعة إثر خلافات سابقة بينه وبين المجنى عليه على ميراث زوجته وأنه أعد الأسلحة النارية وتوجه بها إلى حيث منزل المجنى عليه وتربص له بمدخله ومكث به منتظرا عودته وعندما رآه اطلق صوبه عدة أعيرة نارية أصابته وأردته قتيلا، وبالانتقال إلى موقع الجريمة عقب وقوعها عثر على حقيبة سوداء وبها بعض المضبوطات، وبالقبض على المتهم وبمواجهته أقر له بارتكاب الواقعة وأرشد عن مكان إخفاءه الأسلحة المضبوطة.
أقوال زوجة المتهم
اعترفت مروة السعيد الصواف زوجة الجانى أن النقاب المضبوط يخصها وترتديه وتحتفظ به فى منزلها وثبت من معاينة النيابة توافقها مع ما جاء بأقوال واعتراف المتهم والشهود وما جاء بتقرير الصفة التشريحية للمجنى عليه .كما اعترف الجانى أمام النيابة العامة بأنه ارتكب الواقعة وقتل المجنى عليه لوجود خلافات بينهما على الميراث.
دفاع المتهم
طلب محامى هيئة الدفاع عن المتهم فى جلسة المحاكمة مناقشة الشاهد السادس والطبيب الشرعى وأبدى دفوعه والتمس من القضاء البراءة لموكله ورفض الدعوى المدنية ودفع ببطلان القبض على المتهم وبطلان الاعتراف المنسوب إليه بمحضر الضبط والتحقيقات لوقوع القبض والتفتيش قبل صدور إذن النيابة العامة وبطلان التفتيش كونه سابق على إذن النيابة وبطلان استجواب المتهم أمام النيابة العامة لمخالفته الضمانة الدستورية والقانونية عملا بالمادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية لعدم وجود محامى لكن المحكمة انتهت إلى ثبوت ارتكاب المتهم لجريمة قتل المجنى عليه عمدا مع سبق الإصرار والترصد ولم يلق دفاع المتهم بالجلسة ما يزعزع عقيدة ويقين المحكمة.