شنت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية هجوما حادا على سفيرة أمريكا فى الأمم المتحدة نيكى هيلى، متهمة إياها باتخاذ مواقف داعمة للاحتلال الإسرائيلى ومدافعة عن جرائمه وانتهاكاته، ومعادية بشكل سافر للشعب الفلسطينى وقضيته وحقوقه.
وأوضحت الخارجية الفلسطينية، فى بيان اليوم الأحد، أن "آخر هذه المواقف كان فى جلسة مجلس الأمن التى عقدت فى أعقاب المجزرة البشعة التى ارتكبتها سلطات الاحتلال بحق أبناء شعبنا الصامد فى قطاع غزة، حيث أفشلت سفيرة الحقد والكراهية والأيديولوجية الظلامية إصدار بيان متواضع عن مجلس الأمن، فى وقت تواصل فيه قطع الطريق على تبنى أية صيغة قرار مهما كانت متواضعة بهذا الشأن".
وأضافت الوزارة "فى ذات الوقت تحرص هيلى على تسويق انحيازها الأعمى لإسرائيل وجرائمها، عبر جملة من المواقف الكاذبة والتضليلية، فى مقدمتها محاولاتها تحميل الطرف الفلسطينى المسؤولية عن عدم استئناف المفاوضات، عبر لجوئها إلى كيل الاتهامات للرئيس محمود عباس والتحريض عليه".
وتابعت "أكدت الوزارة مجددا أن الجانب الفلسطينى ممثلا بالسيد الرئيس قدم وما زال يقدم كل ما هو مطلوب لإعادة قطار السلام إلى مساره ولإنجاح الجهود المبذولة لاستئناف المفاوضات، غير أن الإدارة الأمريكية وحتى هذه اللحظة لم تُقدم أية فرصة لاستئناف المفاوضات ولم تطرح على الجانب الفلسطينى ما يمكن أن يفتح الباب أمام استئناف عملية سلام حقيقية وذات جدوى".
وأشارت الوزارة إلى أن "محاولات هيلى اختزال خلاف الإدارة الأمريكية مع الجانب الفلسطينى فى شخص الرئيس محمود عباس لمواقفه التى تمثل الإجماع الوطنى والشعبى الفلسطينى وتعكسه، وتعبر عن مصالح شعبنا العليا بفئاته وقواه السياسية كافة، هذه المحاولات تندرج فى سياق العدوان والتحريض اللذين تشنهما الإدارة الأمريكية ضد الشعب الفلسطينى وحقوقه، بهدف تركيعه وفرض الاستسلام عليه".
وأضافت "أن محاولات هيلى التستر وراء عبارة (ما يتفق عليه الطرفان نوافق عليه)، تأتى لتبرير المواقف الأمريكية المنحازة للاحتلال، وهى عبارة باتت بلا معنى وأصبحت فارغة من أى مضمون، فى ظل محاولات الإدارة الأمريكية المستمرة لشطب قضايا المفاوضات النهائية والقفز عنها وحسمها بشكل مسبق لصالح الاحتلال، وهو ما ظهر جليا فى الإعلان الأمريكى الخاص بالقدس والمحاولات المتكررة للمساس بقضية اللاجئين، حيث لم تبقِ إدارة الرئيس ترامب أى قضية ليتفاوض بشأنها الجانب الفلسطينى ويتفق عليها الطرفان. والأنكى من ذلك، أن سفيرة واشنطن فى المنظمة الأممية تعتبر إعلان ترامب بشأن القدس قضية أمريكية (داخلية) تارة، فى حين أنها تؤكد مرارا وتكرارا أن قضية القدس (خارج النقاش وتم إزاحتها عن طاولة المفاوضات) تارة أخرى".
وعبرت الوزارة عن شديد استغرابها وعميق تعجبها من هذا التناقض الصارخ فى مواقف هيلى التى تعتبر أن القضية الفلسطينية شأن داخلى أمريكي، وتعطى نفسها الحق فى استغلال الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى والتصرف بها كشأن أمريكى داخلي، وفى الوقت ذاته تتفق مع أحزاب اليمين الإسرائيلى الحاكم، التى تعمل من أجل سيطرة اليمين وأيديولوجيته على مفاصل الحكم فى اسرائيل، وتكريس الاحتلال وتعميق الاستيطان فى على حساب حقوق شعبنا.
ورأت الوزارة، فى بيانها "أن "هيلى تستخف أيضا بوعى المسؤولين الدوليين بادعائها أنه لا توجد أية معارضة من جانبنا لحل الدولتين، طالما اتفق الفلسطينيون والإسرائيليون على ذلك، مع علمها المسبق بأن مواقف الإدارة التى تمثلها تقوض بشكل تام أية فرصة لتحقيق حل الدولتين، وتغلق الباب أمام قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة بعاصمتها القدس الشرقية المحتلة، بل أكثر من ذلك، فهى تدرك بأن مواقف الإدارة الأمريكية تشجع سلطات الاحتلال على التمادى فى تعميق استيطانها ومصادرتها للأرض الفلسطينية المحتلة، وتشكل سياستها المتواطئة غطاء لمحاولات اليمين الحاكم فى إسرائيل لضم المناطق المصنفة (ج) وفرض القانون الإسرائيلى عليها. لذلك، إن ما تدعيه هيلى بخصوص حل الدولتين يبقى بمثابة ذر للرماد فى العيون ويفتقر لأى رصيد وفاقد لأى مصداقية".
وذكرت الوزارة "من جهة أخرى، تحاول هيلى اختراع توازن كاذب فى مواقفها لعلها تصبح مقبولة وقريبة شيئا ما من المعقولية والمنطق عندما تقول على الطرفين تقديم تنازلات. والحقيقة هنا أننا لم نسمع حتى هذه اللحظة أن الإدارة الأمريكية مارست أى شكل من أشكال الضغوط على حكومة نتنياهو لتقديم أى تنازل من أجل استئناف المفاوضات، أو للقيام بأى خطوة من شأنها توفير المناخات المطلوبة لإطلاق عملية السلام، بل على العكس تماما، تواصل إدارة ترامب محاولاتها المنحازة لفرض رزمة من "التنازلات" -إن جاز التعبير- كشروط مسبقة وبشكل إجبارى على الجانب الفلسطينى حتى قبل انطلاق المفاوضات".
وقالت الوزارة فى البيان إنها "إذ تدين مجددا وبأشد العبارات الانحياز الأمريكى الأعمى للاحتلال وجرائمه وانتهاكاته، فإنها تؤكد أن المقاربة الأمريكية لعملية السلام واستئناف المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطيني، لا تمت بصلة لا من قريب ولا من بعيد للقانون الدولى وللشرعية الدولية وقرارتها، بل تشكل خروجا فاضحا على الإجماع الدولى وانتهاكا صارخا للقوانين الدولية الناظمة، وتمثل محاولة أمريكية مفضوحة للانقلاب على أسس ومرتكزات ومرجعيات النظام الدولى، وتعكس فى ذات الوقت، دعوة أمريكية صريحة لإعادة بناء العلاقات الدولية على ركائز العنف وثقافة التطرف والإرهاب وأيديولوجيتهما الظلامية وشريعة الغاب".
واختتمت الوزارة بالقول إن "هيلى تعرض على الفلسطينيين "عملية سلام ومفاوضات" تتجاهل مرجعيات السلام الدولية ولا تأخذ بمبادرة السلام العربية، بل تعتمد الاحتلال وسياساته والتغييرات التى فرضها على الأرض بالقوة كمرجعية لسلام هيلى المزعوم. إن ما تدعيه هيلى من مواقف وشعارات يندرج فى إطار محاولاتها المستميتة لتبييض صفحة الاحتلال، وتضليل الرأى العام العالمى بجملة من الأكاذيب، بما يعكس إما جهلا مطبقا بحقائق الصراع أو انحيازا أيديولوجيا أعمى للاحتلال وهو الأقرب إلى الحقيقة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة