- الدكش خليفة «عزت حنفى» بنى مسجداً واستخدمه فى بيع المخدرات وهدد الأهالى بالتماسيح والأسود
منذ عامين كانت قرية الجعافرة بمركز شبين القناطر، محافظة القليوبية، أحد أخطر بؤر المخدرات وتجارة الكيف فى مصر، تسيطر عليها عصابات تجارة المخدرات، وتروع النساء والأطفال، وفى أبريل 2016، بدأت القرية مرحلة جديدة، حيث انتفضت وزارة الداخلية وشنت حملات لتطهيرها وإعادة الأمن والأمان لمواطنيها، وألقت القبض على أباطرة تجارة المخدرات بها وأشهرهم «الدكش»، الذى روع أهل القرية وأطفالها ونساءها لسنوات طويلة.
وبعد عامين من التطهير ذهبنا إلى قرية الجعافرة لنرى عن قرب كيف تغيرت طبيعية الحياة داخل القرية، وإلى أى مدى وصلتها يد التنمية، وكيف أصبح حال أهلها؟
تقع «الجعافرة»، القرية الأشهر فى مركز شبين القناطر فى محافظة القليوبية، على بعد عدة كيلو مترات من العاصمة القاهرة، ويقطنها أكثر من 15 ألف نسمة، شوارعها مزدحمة، ومساكنها متلاصقة، تزحف فيها الكتلة الخراسانية لتأكل من الأراضى الزراعية، التى تعتبر مصدر رزق الأهالى، حيث تشتهر القرية بزراعة الموالح وتصديرها خارج البلاد.
كيف تحولت الجعافرة إلى عاصمة «للهيروين»؟
على كتلة أسمنتية جلس «أحمد عبدالله»، أمام منزله، ليسرد لنا تاريخ قرية الجعافرة، قائلًا: القرية كانت من أشهر القرى فى زراعة الموالح، وبعد السبعينيات تم تطهير الباطنية من تجار المخدرات، وزحف عدد منهم إلى قرية جعافرة هربًا من الملاحقات الأمنية.
وتابع: «كانت هذه بداية ظهور عائلات تتاجر فى المخدرات بالقرية، وبعدها انتعشت هذه التجارة لسنوات، فى ظل غياب الأمن، وتوسع تجار المخدرات بشكل كبير، وظهرت أسماء معروفة فى سوق الكيف، خاصة مخدر الهيروين».
أباطرة المخدرات فى الجعافرة
الحديث عن تجارة المخدرات فى الجعافرة، بات جزءا من تاريخ هذه القرية، حيث روى «أحمد فوزى»، صاحب محل، لـ«اليوم السابع»، كيف ظهرت أسماء بارزة فى تجارة المخدرات بالقرية، قائلا: كان من أبرز أباطرة تجارة المخدرات «الدكش»، الذى تم القبض عليه مؤخرًا خلال حملات تطهير الجعافرة من تجار الصنف، و«كوريا»، الذى قُتل فى تبادل لإطلاق الرصاص، و«أمين حافظ» وأولاده، وهناك أسماء أخرى، أنهت أجهزة الأمن امبراطورياتهم فى تجارة الكيف، حثى تم ضبط نحو 350 تاجر مخدرات أثناء حملة الداخلية على الجعافرة.
«الدكش» أسطورة الهيروين فى مصر وخليفة عزت حنفى
لايزال اسم «الدكش» يتردد حتى الآن داخل القرية، فما زالت جلسات السمر المسائية لا تخلو عن الحديث عن هذا الرجل، الذى هدد الأمن العام لسنوات، بحسب ماقاله «سيد محمد»، أحد مواطنى القرية.
وأوضح «سيد محمد»، أن «الدكش» كان من الأساطير التى مازال أهالى القرية يتحدثون عنها، وكانت النساء تخوف الأطفال باسمه، فتقول السيدة لطفلها: «هتنام ولا أجيب لك الدكش».
وأضاف: الدكش كان لديه مجموعة من القصور والفيلات، وبنى معظمها متحديا هيبة الدولة، حيث أقام بها حصونا وأبراجا مرتفعة، وحمامات سباحة وأماكن لتربية الحيوانات المفترسة مثل التماسيح والأسود، لإرهاب أهالى القرية وإثارة الفزع والخوف فى قلوبهم.
وتابع: لم يكن أحد لديه الجرأة ليقف أمام الدكش، الذى كان يجبر الأهالى على شراء المخدرات، ويسطو على الآمنين ويستولى على أموالهم فى عز الضهر.
حافظ وأولاده.. تجارة المخدرات على طريقة فيلم العار
«حافظ أمين وأولاده»، عائلة اشتهرت بترويج وتجارة المخدرات بقرية الجعافرة، وقال «سعد محمد» على المعاش، إن أولاد «حافظ أمين» لم يقلوا خطورة عن «الدكش»، ولهم تاريخ طويل فى تجارة المخدرات، ومقاومة سلطات، حيث صدرت ضدهم أحكام بالسجن وصلت إلى 15 سنة.
لماذا تم اقتحام الجعافرة؟
ظلت قرية الجعافرة لمدة 40 عامًا أحد أكبر أوكار تجارة المخدرات فى مصر، عانى خلالها الأهالى من غياب الأمن وسطو وظلم تجار الكيف، حتى قامت الداخلية بحملات لتطهيرها،.
وقال محمد جمال طالب، استشهد عدد من رجال الشرطة، فى مواجهات مع أباطرة الكيف، ومنهم النقيب إيهاب جورجى ومجموعة من المخبرين بمركز الخانكة، والرائد مصطفى لطفى، رئيس مباحث قسم ثان شبرا الخيمة، وقررت وزارة الداخلية اقتحام القرية، وتصفية البؤر الإجرامية بها، وإنقاذ أهلها المسالمين من قبضة وسيطرة تجار الكيف.
نتائج الحملات الأمنية بالجعافرة:
وأكد مصدر أمنى بمديرية أمن القليوبية، أن الحملات التى شنتها وزارة الداخلية على قرية الجعافرة أسفرت عن ضبط 106 متهمين، وقتل 8 آخرين بينهم الدكش، وضبط 40 قنبلة يدوية، وآر بى جى، و22 بندقية آلية، و10 طبنجات، و32 قضية اتجار مخدرات بمضبوطات «16270 كجم بانجو، و1100 كجم حشيش، و200 أقراص مخدرة، و2501 كجم هروين»، وتنفيذ 105 أحكام جنائية، و145 حكم حبس، وضبط 1400 قرص منشطات جنسية، و5 تشكيلات عصابية.
وأضاف المصدر، اكتشفنا وجود 28 قصرا وتم هدمها جميعًا، بينهم قصر للدكش، الذى يحوى حمام سباحة وتمساح وصالة جيم، كما وجدنا مسجدًا بالمنطقة يحمل اسم والد الدكش، وكان يتم استغلاله ببيع المخدرات بداخله، فضلًا عن أنهم تعاقدوا مع أصحاب مركبات التوك توك لنقل الزبائن من خارج الجعافرة لداخلها، حيث إن العصابة لم تكن تسمح بدخول السيارات، وتبين وجود دواليب مخدرات متحركة وأخرى ثابتة.
وتابع المصدر قائلا: كانت العصابة تقوم بتوصيل المخدرات ديليفرى بالدراجات البخارية، وكان الدكش يصطحب معه دائما «آر بى جى»، وحددنا مكانه وسط الزراعات، وحاصرناه حتى تم القبض عليه، وبعد ضبطه أكد أنه اشترى هذه الأسلحة عقب ثورة 25 يناير من ليبيا.
الجعافرة بعد عامين من التطهير
وبعد تطهير قرية الجعافرة كان حلم الأهالى أن تمتد إليهم وإلى قريتهم يد التطوير والتنمية، حيث كانت القرية محرومة من الخدمات.
وقال أحمد حسن، صاحب ورشة، إنه بعد تطهير القرية من تجار المخدرات، تم شق عدد من الطرق، وتسليم الأهالى حدائق الفاكهة، التى استولى عليها تجار المخدرات عنوة، وعادت زراعة الفواكه والموالح تزدهر من جديد بالقرية.
وأضاف أحمد حسن: يتم تصدير منتجات القرية الزراعية للخارج مما ساعد على تحسين دخول الكثيرين من أهالى القرية.
وتابع: نحتاج المزيد من التطوير والتنمية فى القرية، التى حرمت لسنوات من أى خدمات، وهو ماتسبب فى إهمال ملف التعليم، ونقص المدرسين، مؤكدا على عن ضرورة الاهتمام بالمستشفى، وتطوير المبانى الخدمية حتى تعود الروح مرة أخرى للقرية.
وأضاف صاحب الورشة أن القرية تحتاج لبناء عدد من المصانع لتوفير فرص عمل للشباب وحمايتهم من الجنوح للاتجار فى المخدرات مرة أخرى.
فيما قال محمد إسماعيل، صاحب سوبر ماركت، إن الوضع فى الشارع بالجعافرة اختلف تمامًا بعد تطهير القرية من تجار المخدرات، مؤكدا أن الهدوء عاد لشوارع القرية، وأصبحت المحال التجارية تفتح على مدار 24ساعة عكس ما كان يحدث قديمًا.
وأضاف «إسماعيل»، لدينا عدد من مصانع الكراتين داخل القرية، يمكنها أن تستوعب أعدادا كبيرة من شباب القرية، وحرصت الدولة على تطوير هذه المصانع مؤخرًا، إلا أن طموحنا أكبر من ذلك.
وناشد «إسماعيل» محافظة الجيزة، النظر بعين الاعتبار للقرية، وإعادة بنائها من جديد، والعمل على زيادة المصانع بها، وفتح منافذ عمل للشباب، من أجل استيعابهم والابتعاد عن الاتجار فى المخدرات.
و قال «حامد محمد» مزارع: نحن قرية مشهور عنها زراعة الموالح، وبعد تطهير القرية من تجار المخدرات، وتسليمنا المزارع التى كانت عصابات الدكش تسيطر عليها، أصبح لدينا إنتاج ضخم من الموالح «البرتقال، والموز، واليوسفى، والخوخ»، ونناشد المسؤولين إقامة مصانع داخل القرية، من أجل الاستفادة من هذه المنتجات فى عملية التصنيع.
وأضاف حامد: مر عامان على تطهير الجعافرة من يد تجار المخدرات، إلا أن المنطقة لم تشهد تطويرا بالشكل المأمول، فالأجهزة الأمنية قامت بدورها على أكمل وجه، وننتظر دور المسؤولين فى التنمية وتطوير المنطقة بشكل يتناسب مع طبيعتها، خاصة أن هذه القرية ظلمت على مدار 40 عاما.
وقال «عصام محمد» مدرس: بعد تطهير القرية من بؤر المخدرات أصبح التلاميذ يذهبون للمدارس بشكل يومى، فضلًا عن ذهاب الفتيات للدروس بأمان، على عكس ما كان يحدث خلال فترة سيطرة عصابات المخدرات، حيث كانت أصوات الرصاص تحول دون إتمام العملية الدراسية.
وناشد المدرس المسؤولين النظر بعين الاعتبار لمدارس الجعافرة، فهى الوحيدة القادرة على تصحيح المفاهيم الخاطئة التى كانت موجودة عند بعض أهالى القرية.
وأشاد الأهالى بمد الجسور وإقامة الطرق فى وسط الزراعات المتشابكة بزراعات الموالح، مما أعطى نوعًا من الأمان لهذه المناطق، حيث قال «سيد عبد اللاه»، فلاح، كانت هذه المناطق موحشة، يختبئ بها الخارجون عن القانون، إلا أن الجهات المعنية حرصت على مد جسور وطرق طويلة، وأصبحت الحركة تدب فيها على مدار الـ 24 ساعة.
وأضاف أنه تم إنارة معظم الطرق، حتى الطرق الفرعية بالقرية، وتزويدها بأعمدة الإنارة، مما أسهم فى وجود مزيد من الأمن والأمان فى شوارع القرية كافة.