مبادرة أطلقها الكاتب الصحفى والإعلامى خالد صلاح رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة جريدة "اليوم السابع" نحو منظمات حقوقية بتمويل مصر خالص بعيدا عن الحصول على تمويلات أجنبية، لتحقيق معادلة التوازن، بين حماية الأمة من مخاطر تجار حقوق الإنسان، وبين حماية حقوق الإنسان نفسها، واحترام الإعلان العالمى، وتقدير المواثيق الدولية فى هذا الشأن، وذلك خلال مقاله اليومى.
ولاقت المبادرة ترحيبا واسعا من العاملين بالوسط الحقوقى بمصر، وأكدوا أنها تُخرج المنظمات الحقوقية المصرية من حضانة المنظمات المانحة، التى جعلت معظم الحركة الحقوقية حركة استشراقية أقرب إلى المعارضة السياسية منها إلى العمل الحقوقى المجرد والمحايد.
من جانبها وجهت الناشطة الحقوقية داليا زيادة مدير ومؤسس المركز المصرى لدراسات الديمقراطية الحرة التحية للكاتب الصحفى خالد صلاح رئيس تحرير جريدة "اليوم السابع"، على إنصافه لقيم حقوق الإنسان والعمل الحقوقى الشريف فى مواجهة من يتلاعبون به ويستخدمونه كسلاح لتحقيق مصالح سياسية، عبر مقاله المنشور على صفحات "اليوم السابع" بعنوان "خالد صلاح يكتب: منظمات حقوقية بأموال مصرية".
وقالت داليا: "وما أكثرهم فى عالمنا اليوم"، مؤكدة على أن مسألة حماية وتنمية المجتمع المدنى فى مصر، خصوصاً الحقوقى، هو مسألة أمن قومى وليست رفاهية، وأنه يجب أن تتم هذه الحماية والتطوير على 3 مستويات، أولها المستوى التشريعى، وقد قامت به مصر بالفعل من خلال وضع قانون جديد للجمعيات الأهلية، والذى ينظم العلاقة بين المجتمع المدنى والدولة بشكل مثالى، لكن ينقصه التطبيق على أرض الواقع.
وأوضحت داليا أن المستوى الثانى هو "غربلة" المجتمع المدنى، خصوصا الشق الحقوقى منه، من العناصر الخبيثة التى تخدم أجندات تهدم ولا تبنى، وتعيين لاعبى السياسة والمتلاعبين بقيم حقوق الإنسان فى العالم على تدمير الوطن من الداخل، قائلة "وأظن أن الأحداث السياسية الكبرى التى مررنا بها الفترة الماضية قد نجحت فى إحداث جزء كبير من هذه الغربلة، وأصبح المواطن العادى قادر على التفرقة بين الخبيث والطيب بين المنظمات الحقوقية، ودعاة حقوق الإنسان الشرفاء، والمتلاعبين بحقوق الإنسان".
أما المستوى الثالث فهو خاص بمسألة التمويل، التى تعتبر شريان الحياة للمجتمع المدنى، مؤكدة أنه لا توجد مؤسسة فى العالم تجارية كانت أم سياسية أم مدنية أم حقوقية أو حتى خيرية، تستطيع العمل بدون تمويل لمشروعاتها، قائلة "ولكى نضمن أن لا يسقط المجتمع المدنى فى خضم المتلاعبين بحقوق الإنسان من القوى العظمى فى العالم، ونضمن أيضاً أن يؤدى المجتمع المدنى المصرى دوره المنوط به فى استكمال دور الدولة ودعم مسيرتها نحو التنمية والتطور الديمقراطى، يجب أن يكون للمجتمع المدنى مصادر تمويل وطنية من داخل مصر".
وتابعت داليا "ولن نكون الدولة الوحيدة فى العالم التى تقوم بذلك، دول العالم كلها تعمل بنفس الطريقة، لدينا مثلاً الولايات المتحدة الأمريكية تخصص جزء من الضرائب التى تجمعها الدولة لدعم المجتمع المدنى التنموى والحقوقى، وأغلب دول أوروبا تعمل بها مؤسسات مستقلة غير حكومية تقوم بجمع التمويلات من داخل الدولة نفسها أو خارجها، وتعيد تقسيمها فى صورة برامج، وتعيد منحها للمنظمات المحلية، وهناك فى دول الخليج أيضاً تجارب مهمة لدعم المجتمع المدنى مثل الإمارات، التى تخصص برامج حكومية لدعم وتقديم منح للمجتمع المدنى هناك".
وأشارت إلى أنه فى مصر يمكن تنفيذ أفكار مماثلة، إما من خلال الحكومة أو من خلال مؤسسات مستقلة تعمل على تلقى وإدارة التمويلات وإعادة توزيعها على المنظمات المحلية وفق البرامج التى تخدم أجندة الدولة المصرية، موضحة أنه يُمكن تدبير موارد لتمويل المنظمات المجتمع المدنى الحقوقى والتنموى من خلال تبرعات يقدمها رجال الأعمال، أو اقتطاع جزء من الضرائب التى تجمعها الدولة من المواطنين العاديين، أو حتى بتوفير ميزانية لذلك من الدولة عندما تتحسن أوضاعها الاقتصادية ويتثنى لها تنفيذ ذلك.
ومن ناحيته أكد المحامى بالنقض سعيد عبد الحافظ رئيس مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان أن البحث عن فرص تمويل محلية للحركة الحقوقية الوطنية التى تنطلق من أرضية وطنية يضمن عمل المنظمات الحقوقية فى مصر بحياد ونزاهة بعيدا عن أهواء المنظمات الأجنبية.
وقال سعيد عبد الحافظ لـ"اليوم السابع": "لاشك أن الحركة الحقوقية المصرية التى ولدت من رحم السياسين وعلى يد "قابلة" التمويل منذ اللحظة الأولى هو من جعل منها حركة ترتبط بحبل التمويل السُرى حتى الآن وداخل حضانة المنظمات المانحة، ما جعل معظم الحركة حركة استشراقية أقرب إلى المعارضة السياسية منها إلى العمل الحقوقى المجرد والمحايد".
وأوضح عبد الحافظ أن ذلك يتطلب قطع الحبل السُرى بين الحركة الحقوقية والمنظمات الأجنبية، والبحث عن فرص تمويل محلية للحركة الحقوقية الوطنية التى تنطلق من أرضية وطنية وتعمل بحياد ونزاهة بعيدا عن أهواء المنظمات الأجنبية.
وأشار سعيد إلى أن التمويل المحلى من الممكن أن يتمثل فى رجال الأعمال المصريين والشركات الكبرى، أو إنشاء صندوق للتمويل تحت إشراف الخارجية أو وزارة التضامن الاجتماعى، كما اقترح أن يتم السماح بممارسة المنظمات المصرية لأنشطة تجارية للاستفادة بها فى تنمية مواردها.
وعلى جانب آخر رأى الحقوقى أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان أن المقترح جيد لكنه يصعب تطبيقه، مؤكدا فى الوقت ذاته أنه لو كان هناك تمويل محلى لخدمة ملف حقوق الإنسان والتنمية لما ذهبت المنظمات للحصول على تمويلات أجنبية.
وأوضح أيمن عقيل أن التمويل الأجنبى نشأ بعد صدور قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة بإلزام الدول الغنية باستقطاع جزء من إيراداتها لمساعدة الدول النامية والفقيرة فى نشر ثقافة حقوق الإنسان ورفع الوعى والتنمية، لافتا إلى أن اقتصاديات تلك الدول غير قادر على دعم وتمويل العمل الحقوقى بها وأن حكوماتها تتلقى دعما هى الأخرى لإقامة مشروعات بنية تحتية وتنمية شاملة ولا يوجد لديها فائض لتمويل المنظمات الحقوقية.
وأضاف أيمن عقيل أن تمويل المنظمات الحقوقية من أموال رجال الأعمال والشركات أمر صعب أيضا، قائلا "الشركات فى مصر بتمول نفسها ورجال الأعمال بيفضلوا التبرع المساجد والجمعيات الخيرية"، فى إشارة منه لغياب ثقافة حقوق الإنسان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة