بعد الخضوع لجراحة لاستئصال الثدى أصبحت "حنان" تفضل دائمًا ألا تخرج وحيدة بسبب هجمات الدوار الخفيفة التى تباغتها من آن لآخر، وبالفعل حدث ما كانت تخشاه قبل نحو شهر، حيث فقدت الوعى فجأة فى النادى، فاستدعى مرافقيها طبيبًا وممرضة لإجراء الفحوصات اللازمة لها وإسعافها، أما هى فكان أول ما يشغلها حين أفاقت "حد لمس دراعى؟" مشيرة إلى الذراع فى جهة الثدى الذى تم استئصاله. تقول "حنان عبدالحليم" نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية: ارتبك المحيطون بى وتلعثموا فى الإجابة قبل أن يتذكروا أن الطبيب والممرضة أجروا كل الفحوصات من الذراع الأخرى لحسن حظى.
وأضافت عبد الحليم: "رغم أن إخوتى لديهم وعى بأن الذراع بعد استئصال الثدى لا يجب لمسها أو الضغط عليها أو حقنها إلا إنهم من خوفهم علىّ نسوا أن ينبهوا الطبيب والممرضة، وأنا نفسى كنت أعرف هذه المعلومة وأضعها فى اعتبارى ولكننى وقتها عشت للمرة الأولى هذا الخوف وبدأ يشغلنى بشكل قوى ضرورة أن تحمل مريضة سرطان الثدى ما يوضح أن ذراعها يجب أن يتم التعامل معها بحذر شديد".
كانت "حنان" تخشى التعامل الخاطئ مع ذراعها مما يعرضها للإصابة بالليمفاديما أو التورم الليفى الذى تزداد مخاطر الإصابة به بعد استئصال الثدى نتيجة استئصال الغدد الليمفاوية، ولذا يحذر الأطباء النساء بعد الاستئصال من ضرورة عدم بذل أى مجهود زائد أو تعريض الذراع لأى شكة أو ضغط وإلا يتورم بشكل مفزع.
فى اليوم التالى كانت "حنان" تتصفح موقع "فيسبوك" فوجدت منشورًا عن مبادرة "ذراعى خط أحمر" وتقول: "تجربتى الشخصية جعلتنى أدرك مدى أهمية هذه المبادرة، وكأنها جائتنى فى الوقت المناسب تمامًا وتمنيت لو تنتشر الفكرة فى مصر كلها، فأهم ما فى الموضوع هو الوعى، وعى المحيطين بالمريضة ووعى المجتمع كله إلى جانب توعية الفريق الطبى فى كل التخصصات وليس الأورام فقط لأنه من الوارد جدًا أن يتعاملوا مع مريضة الأورام لأى سبب كان".
ومن جانبها، تروى "مها نور" مؤسسة المبادرة عن الفكرة "لا يعرف الكثيرون أن مرضى سرطان الثدى بعد استئصاله كاملاً أو جزء منه يضطر الطبيب لاستئصال الغدد تحت الإبط وتكون النتيجة أنه يمنع تمامًا تعرض هذه الذراع لأى ضغط أو لسعة أو حتى لقياس الضغط أو ارتداء ملابس ضيقة أو حتى أخذ حقنة فى الذراع لأن هذا يعرض المريضة لليمفيديما وهو تورم شديد فى الذراع يجعلها أشبه بساق الفيل".
رسم توضيحى
واستطردت نور: "فكرة المبادرة هى نشر الوعى بهذا الخطر وأن ترتدى مريضات السرطان إسورة فى الذراع المصابة يكون شكلها لطيف ومحبب ويتم تعميم شكلها فى كل أنحاء مصر بحيث أن المستشفيات والعيادات والأشخاص العادية مجرد أن تراها تعرف أن هذه الذراع يجب عدم المساس به".
مبادرة "مها" جاءت أيضًا بعد تجربة شخصية وقالت لـ"اليوم السابع": "أنا أصلاً مريضة سرطان وأجريت جراحة استئصال منذ نحو 7 سنوات، ولم يقم طبيبى بتوعيتى حتى أننى لم أعرف هذه المعلومة إلا بعد سنة كاملة من إجراء الجراحة، وقبل نحو شهرين كنت أجرى جراحة بسبب اشتباه ورم فى المبيض والرحم والأطباء كانوا يجهزونى من ذراعى الخطأ وحاولت أن أشرح لهم أن يتجنبوا هذه الذراع ولكن واجهت صعوبات لأنهم كانوا أجانب، وأخيرًا تواصلت مع طبيب التخدير وشرحت له بينما كنت خائفة أن أغيب عن الوعى ويرتكبوا أى خطأ".
مها نور
تتمنى "مها" لو يتم تطبيق الفكرة نفسها ليس فقط على مستوى مريضات سرطان الثدى وإنما أيضًا مرضى السكر على سبيل المثال وتقول: "مريض السكر لو أخد جولوكوز يموت فلو أغمى عليه فى الشارع وماحدش يعرف عن مرضه ممكن جدًا حد يعلق له جلوكوز بالخطأ".
تتمنى مها أيضًا لو تتبنى وزارة الصحة الفكرة وأن يحظى السوار بدعم رسمى من الدولة، مشيرة إلى أنها تتمنى لو يخرج المنتج بشكل جيد يناسب المرأة بحيث ترتديه فى كل مكان ولا تخجل منه.
تصف "مها" الاستجابة على مستوى الوعى والتطوع للمبادرة "رائعة" وتقول: تواصل معى العديد من المصممين وقدموا اقتراحات بشكل السوار ولكننا ندرس الشكل الأفضل والخامة الأفضل أيضًا التى لا تسبب مشكلة صحية لمن ترتديها، ونريد أن يكون السوار مفهومًا حتى خارج مصر لأنه من الوارد جدًا أن تسافر مريضة السرطان خارج البلاد.
تصميم مقترح للسوار
"لا تلمس ذراعى" حملة تطبق وصية محاربة السرطان للهدف نفسه
تزامنًا مع حملة "ذراعى خط أحمر" انطلقت حملة أخرى باسم "لا تلمس ذراعى" من أجل الهدف نفسه. ودخلت الفكرة حيز التنفيذ بسوار وردى طرحته "رحيمة الشريف" مؤسسة مبادرة "الست المصرية" وتوزعه مجانًا من خلال القصر العينى وقالت إن هذه الفكرة جاءت تنفيذًا لوصية "سمر سيد" محاربة السرطان الراحلة التى طالبت المسؤولين بتصنيع إسورة لمحاربات سرطان الثدى لتحذير الأطباء والممرضات من التعامل مع الذراع ناحية الجزء المستئصل من الغدد، وذلك فى مقطع فيديو نشرته فى مارس 2017، حسبما قالت "رحيمة".
سوار لا تلمس ذراعى
وأشارت الشريف، إلى أن السوار الذى طرحته من الجلد الطبيعى محفور عليه جملة: "تحذير لا تلمس ذراعى" ليراه الأطباء والممرضات ويعرفوا الحالة إذا دخلت المستشفى غائبة عن الوعى أو مصابة فى حادثة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة