استكمالا لمسلسل الانبطاح العثمانى فى سوريا، بعد أن فشلت العملية العسكرية التركية فى عفرين السورية والمعروفة بـ"غصن الزيتون" فى إخضاع الشمال السورى تحت نفوذها، ولم تحقق أهدافها المرجوة من دعم التنظيمات الإرهابية المسلحة من أمثال أحرار الشام والجيش السورى الحر، أيد السفاح العثمانى الضربات العسكرية الثلاثية فجر السبت، ضد الجسد السورى الممزق، قائلا: "نعتبر العملية المُنفّذة صائبة".
لم يكن مستغربا رد الفعل التركى لبلد يمتلك تاريخا طويلا من العدوان الفاشل على سوريا ومحاولات السيطرة على مقدرات هذا البلد، وحول الضربة العسكرية الأمريكية الفرنسية البريطانية ضد سوريا، قال الرئيس التركى أن لا يمكننا تأييد ما تعرض له الأطفال الصغار بالأسلحة الكيميائية، وينبغى على الفاعل أن يدفع ثمن ذلك، مضيفا أن هجماته الوحشية الذى كثّفها خلال الأيام الأخيرة ضد المعارضة والمنافية للحقوق والقوانين، لن تمر بدون ردّ.
من جانبه قال رئيس الوزراء التركى، بن على يلدريم، إن بلاده تعتبر الضربات العسكرية ضد النظام السورى "خطوة إيجابية، ولكن هناك حاجة إلى ما هو أكثر من ذلك لتحقيق السلام الدائم فى سوريا"، وجاء ذلك فى كلمة ألقاها يلدريم، خلال مشاركته فى مؤتمر لحزبه "العدالة والتنمية" بمنطقة "أسنلر" التابعة لمدينة إسطنبول التركية.
ووصف رئيس وزارء أردوغان، النظام السورى بالسافل الذى أقدم خلال الأيام الماضية على قتل المدنيين الأبرياء والأطفال بالأسلحة الكيميائية، وفجأة ارتفعت أصوات بعض الدول "التى ترى فى نفسها ضمير العالم".وأضاف يلدرم مخاطبا تلك الدول "يُقتل الناس فى سوريا وتتواصل الأعمال الوحشية منذ 7 أعوام، أين كنتم حتى اليوم؟ هل تتذكرون إنسانيتكم فقط عند استخدام السلاح الكيميائى؟".
ورغم تنديد تركيا ما يحدث للمدنين فى الحروب، كشف ماهر أونال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا فى مقابلة مع تليفزيون (سى.إن.إن ترك) أن بلاده كانت على علم بالضربات، قائلا: "أنقرة أُبلغت بالضربات الأمريكية والبريطانية والفرنسية على سوريا قبل تنفيذها".
أما المتحدث باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ، قال أنه جرى إبلاغ بلاده مسبقا بالضربات العسكرية ضد النظام السورى، مبينا أن قاعدة "إنجرليك" الجوية بولاية "أضنة" جنوبى البلاد لم تستخدم خلالها.جاء ذلك فى سلسلة تغريدات نشرها على حسابه فى موقع "تويتر"، تطرق خلالها إلى الضربات العسكرية التى نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا ضد أهداف النظام السورى فجر السبت.
وأضاف: "رئيسا الأركان التركى والأمريكى أجريا اتصالا قبل الضربات العسكرية فى سوريا، بتعليمات من الرئيسين أردوغان وترامب"، وفى وقت سابق وصف مصدر فى الخارجية التركية الضربات الجوية ضد الحكومة السورية بأنها رد "مناسب" كما رحبت الخارجية التركية، واصفة إياها بأنها "رد مناسب".
تاريخ العدوان التركى على سوريا
يمتلك النظام التركى تاريخ من العدوان وسفك الدماء فى سوريا تحقيقا لأطماعه فى هذا البلد، وشهدت الحدود السورية التركية محاولات عديدة من قبل أنقرة للاعتداء على دمشق ونظامها بحجج واهية، وخلال الـ6 عقود الماضية كانت مصر هى حائط الصد الذى يُردع الأتراك وإطماعهم فى بلاد العرب، ويمكن اعتبار عملية درع الفرات التى قام بها الجيش التركى فى صيف عام 2016 مدخلا لعودة للعدوان التركى فى التاريخ المعاصر.
ففى هذا الوقت خرجت الجيوش التركية على الحدود السورية فى مدينة جرابلس شمال سوريا لإطلاق عمليات"درع الفرات" العسكرية، وإيهام العالم، بأن الدولة التركية تطهر تلك المناطق من تنظيم "داعش" الارهابى، الذى أشارت له بأصابع الاتهام فى تفجير عدة مدن فى العام نفسه على الحدود التركية منها مدينة بنى غازى عنتاب وكلس فى جنوب شرق تركيا ذو الأغلبية الكردى، وعليه أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان أن الهدف من العمليات هو وضع حد للهجمات التى تستهدف تركيا من داخل الأراضى السورية، وإزالة المخاطر الناجمة عن تنظيم "داعش" وحزب "الاتحاد الديمقراطى" الكردى فى سوريا.
وفى يناير 2018 أعلنت أنقرة بدء عملية غصن الزيتون فى عفرين حتى احتلتها، حيث جددت تركيا مواجهتها مع أكراد سوريا، خلال العملية العسكرية التى استهدفت فيها مواقع تابعة لوحدات حماية الشعب الكردية رغم دورها الكبير فى الحرب ضد داعش فى سوريا، وتلقت دعما كبيرا من الولايات المتحدة، لكن النظام التركى يعتبر أن لها صلات قوية بحزب العمال الكردستانى، فى منطقة عفرين التى يسيطر عليها الأكراد وتقع شمال غرب محافظة حلب تحدها تركيا من جهتى الشمال والغرب، وهى على تماس مع منطقة اعزاز الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة من جهة الشرق.