استمر الوجود العربى الإسلامى فى الأندلس ما يقرب من 8 قرون كاملة، بعدما فتحت على يد القائد المسلم طارق بن زياد، وضموها للخلافة الأموية واستمر وجود المسلمين فيها حتى سقوط مملكة غرناطة عام 1492.
ومن ذلك التاريخ انتهى حكم المسلمين هناك، بسقوط دولتى المرابطين والموحدين، من قبل قوات الملوك الكاثوليك، لكن تبقى بعض المشاهد الأثرية والمبانى العتيقة التى شيدوها المسلمون هناك باقية وشاهدة على حضارة ترجع لنفس مدة بقاء دول العرب هناك.
وتمر اليوم الذكرى الـ 836، على افتتاح جامع إشبيلية الكبير، والذى تم افتتاحه فى 14 أبريل 1182م، أسسه "أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن، وكان يتكون من 17 رواقا واتجاهه من الشمال إلى الجنوب باتجاه القبلة، وكانت أبعاده (150م) وعرضه (110 م) واتخذت السقوف اشكالا هرمية، وعندما توفى أمر ابنه أبو يوسف يعقـوب أمر والى إشبيلية بالإشراف على إتمام مشروع أبيه وإكمال بنـاء مئذنـة تجاوز فى ارتفاعها مئذنة قرطبة، ولم يتم المئذنة إلا بعد انتصار أبى يوسـف يعقـوب المنصور على جيوش قشتالة فـى موقعـة الأرك فى 10 يوليو عام 1195م/ 591هـ، وارتفعت المئذنة فى رشاقة مشرفة على سهول أشبيلية، وذلك بحسب ما تم ذكره فى كتاب "قصور وحدائق الأندلس العربية الإسلامية "دراسة تراثية، أثرية، عمرانية، جمالية" للدكتور محمد هشام النعسان.
وأمر المنصور بعد ذلك بتركيب عمود ضخم فى أعلاه كان يحمل أربعة تفاحات مذهبة، والتى بلغ من ضخامتها أن وزن طلائها الذهبى (25.5 كج).
الغريب إنه عندما سقطت إشبيلية فى يد "فرناندو الثالث" ملك قشتالة، تحول المسجد الجامع إلى كنيسة ماريا، ويوضح الكاتب أم حكام الإسبان أمروا ببناء كاتدرائية كبيرة فوق الجامع عام 1528 م، ولم يتم هدم المبنى بالكامل بل تركوا الحوائط والقباب التى لا يمكن تعويضها معماريا وكملوا البناء فوقها، وانتهوا منها سنة 1728.
الكاتدرائية الآن تعرف كاتدرائيه إشبيلية أكبر كاتدرائيات القرون الوسطى القوطية، بنيت عندما أصبحت إشبيلية مركزًا تجاريًا رئيسيًا فى السنوات التى أعقبت الاسترداد، أيضا أكبر بناء دينى قوطى من القرون الوسطى، سواء من حيث المجال والحجم. ومن 76 مترا 115 مترا، وشيدت لتغطية الأراضى التى كانت تشغلها من قبل المسجد. ناف المركزى ترتفع إلى 42 مترا، اللوحة الرئيسية تعتبر أكبر مجموعة فى العالم المسيحى، وقد اختيرت سنة 2007 لتكون واحدة من كنوز إسبانيا الإثنى عشر، وضمت لقائمة التراث العالمى.