الكنيسة قوة ناعمة.. كيف اكتسبت "الكاتدرائية" أدوارًا دبلوماسية فى السنوات الأخيرة.. البابا تواضروس بطريرك بدرجة "دبلوماسى".. أساقفة فى المهجر كوزراء مفوضين.. و"الأنبا بيمن" حامل الحقيبة الأفريقية

الإثنين، 16 أبريل 2018 09:00 ص
الكنيسة قوة ناعمة.. كيف اكتسبت "الكاتدرائية" أدوارًا دبلوماسية فى السنوات الأخيرة.. البابا تواضروس بطريرك بدرجة "دبلوماسى".. أساقفة فى المهجر كوزراء مفوضين.. و"الأنبا بيمن" حامل الحقيبة الأفريقية البابا تواضروس خلال لقاء رئيس البرتغال
كتبت سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم تعد الكاتدرائية مقرًا لبابا الكنيسة المصرية فقط كما كانت فى الماضى، بل صارت مؤخرًا ساحة جديدة لتبادل الحوارات الدبلوماسية الهادئة ومقرًا رئيسيًا تصاغ فيه الخطابات السياسية التى يرسلها البابا تواضروس للشرق والغرب، فى ظل تعقد الخريطة الدولية وظهور متغيرات جديدة على الساحة الإقليمية.

 

برصد بسيط لزوار مصر من رؤساء وملوك وصناع قرار فى السنوات الأخيرة، تظهر الكاتدرائية كواحدة من ضمن جدول الزيارات وغالبًا ما تختتم بها برامج الحكام، كان آخرهم مارسيلو دى سوزا رئيس البرتغال والأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى.

 

ماذا يعنى مصطلح "القوة الناعمة"؟ 

أعادت مواقف الكنيسة للرأى العام مصطلح القوة الناعمة وهو المصطلح الذى صكه جوزيف ناى الباحث بجامعة هارفارد، واستخدم المصطلح لأول مرة كتعبير عن النفوذ الذى تمارسه الآداب والفنون، والدبلوماسية الرشيقة، وذلك للتأثير على الرأى الاجتماعى والعام وتغييره، ويقصد "ناى" بالقوة الناعمة أن يكون للدولة قوة تجسده أفكار ومبادئ وأخلاق وتسامح وسلام ومن خلال الدعم فى مجالات حقوق الإنسان والبنية التحتية والثقافة والفن.

 

اتخذت القوة الناعمة أشكالاً عدة، منها دبلوماسية، عقد المؤتمرات بين قادة الدول لمناقشة علاقاتهم المشتركة أو قضاياهم الملحة. وذهبت القوة الناعمة نحو نمط معالجة الأزمات والتصدى للتحديات التى تواجه الدبلوماسية الدولية، وسعت لإنشاء التحالفات السياسية والمعاهدات الاقتصادية أى أن أداة القوة الناعمة فعالة لزيادة النفوذ واستراتيجيته عن طريق تعزيز سمعة ومكانة الدول إقليمياً وعالمياً. وحظيت هذه القوى باهتمام الدول لتأمين سياساتها الخارجية وتطويع حلفائها فى المجال الدبلوماسى.

 

"

الخارجية" تحتفى بدور الكنيسة فى يوم الدبلوماسي

فى منتصف مارس الماضى، احتفلت وزارة الخارجية بيوم الدبلوماسية المصرية، واحتفت بدور الكنيسة، التى وصفتها برسالة المحبة والسلام. وذكرت أن للكنيسة دور تاريخى فى الحفاظ على الهوية المصرية فى اللغة والفنون، فضلًا عن مساندة الوطن فى اللحظات المفصلية الحاسمة، مشيرة إلى المرحلة الصعبة التى مرت بها البلاد فى أعقاب ثورة 30 يونيو 2013.

 

ورأت وزارة الخارجية، أن الكنيسة المصرية لها دور يتجاوز تأثير حدود الوطن، فهى إحدى أقدم كنائس العالم، حيث تأسست فى القرن الأول الميلادى، ولازالت الأواصر المتينة تربطها بالكنائس الأرثوذكسية الأخرى فى روسيا واليونان وقبرص وإثيوبيا، حيث كان يتم اختيار أساقفة إثيوبيا من كنيسة الإسكندرية حتى بداية ستينيات القرن العشرين، كما تجمع علاقات الود والمحبة بين الكنيسة المصرية وكافة كنائس العالم بغض النظر عن الاختلافات العقائدية.

 

الكنيسة فى إفريقيا.. هكذا تصلح ما أفسدته السياسة

منذ أكثر من قرن من الزمان، أولت الكنيسة القبطية عناية خاصة بالقارة الأفريقية، واتجهت نحو إقامة المؤسسات التنموية فى الدول الإفريقية: كالمسـتشفيات والمراكز الطبية، أو مراكز التدريب المهنى للسيدات والرجال على السواء، فضلا عن دور الحضانة والاهتمام بالطفل بصفة عامة، وهو ما كشف عنه الباحث الدكتور جوزيف رامز أمين، الأستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية، فى دراسة بعنوان "الكنيسة القبطية والعلاقات العربية – الإفريقية".

 

وأوضحت الدراسة أن الكنيسة اتجهت نحو عناصر التأثير الثقافى الدينى والتعليمى، والمتمثل سواء فى القيام بأعمال الترجمة أو نقل فكرة مدارس الأحد إلى القارة الإفريقية، أو إنشاء المؤسسات التعليمية الدينية والمدنيـة على السـواء، والتى كان للكنيسة القبطية السبق فيها خاصة فى إثيوبيا والسودان.. ولعل هذه الأدوار كافة كفيلة بدعم التعاون العربي- الإفريقى بشكل عملى.

 

ساعد الكنيسة على أداء دورها فى إفريقيا خبرتها فى إقرار السلام بين مصر وجيرانها الأفارقة بجانب وجود بعض القيادات القبطية التاريخية صاحبة الدور البارز فى إفريقيا مثل: البابا/ كيرلس الرابع (1854-1861) وكذلك البابا/ كيرلس السادس (1959-1971).

 

ووفقا للدراسة، بالنسبة للطاقة التنظيمية للكنيسة القبطية وإمكاناتها للعمل فى إفريقيا، فهى تجمع ما بين الأكليروس والعلمانيين، وتضم 22 كاهنا بينهم 5 مصريين، و17 إفريقيا، بالإضافة لمجموعة شمامسة لا يقلوا عن 100 شماس، أن كانوا ليسوا كلهم متفرغين، فضلاً عن 6 مكرسات من كينيا والسودان وغيرهما، وكل هذه الأعداد قابلة للزيادة، كما يوجد أيضاً أطباء فى العمل الطبى للكنيسة، ومدربين مهنيين، مدرسين، إداريين بجانب الأبنية والعاملين بها.

 

يضاف أيضاً فى هذا السياق علاقة الكنيسة القبطية مع أهم التنظيمات الدينية المسيحية فى إفريقيا ودورها فيها ومحاور التأثر والتأثير المتبادل فيما بينها، وأهمها علاقة الكنيسة القبطية مع مجلس كنائس كل إفريقيا: All Africa Conference of Churches “A.A.C.C.؛ ومجلس كنائس الشرق الأوسط، وكذلك دور الكنيسة القبطية فى تأسيس منظمة الكنائس الإفريقية المستقلة بالقاهرة بجانب التنسيق فيما بين هذه المنظمات الأمر الذى يصب فى خدمة العلاقات العربية-الإفريقية بالأساس.

 

الأنبا بيمن.. حقيبة البابا الدبلوماسية فى أثيوبيا

أسافر كل شهرين ونصف الشهر، كل عملى روحى ودينى وتنموى كى نقرب المسافات بيننا وبين إثيوبيا هكذا يقول الأنبا بيمن أسقف قوص ونقادة لليوم السابع عن دوره كمنسق للعلاقات المصرية الأثيوبية.

 

 الأنبا بيمن هو الرجل الدينامو فى الكنيسة، وسبق وأن كان من ضمن الوفد الذى استقبل الرئيس السيسى إبان زيارته لأثيوبيا، وهو الذى رتب زيارة البابا تواضروس إلى هناك منذ عامين ويقول: " أهيئ الأجواء للمختصين ويمكن أن تسميها دبلوماسية دينية أو روحية، ونقدم خدمات على جميع المستويات سواء الصحة أو التنمية أو الاستثمار".

 

البابا تواضروس: كنائسنا سفارات وتأثيرنا وصل بوليفيا

يحرص البابا تواضروس فى كل زيارة يلتقى فيها برؤساء أو ملوك أجانب أن يبرز ما خلفته ٣٠ يونيو من نتائج إيجابية على الكنيسة، ففى الوقت الذى قرر الإرهابيون معاقبة الأقباط على هذا الدور الوطنى باستهداف الكنائس، قرر البابا أن يعلن فى وجه الجميع أن الكنيسة ماضية فى دورها الوطنى خاصة فى ظل إصرار الدولة على حل مشاكل معقدة منذ سنوات أهمها إصدار قانون بناء الكنائس وترك المجال لزيادة التمثيل النيابى للأقباط فى البرلمان.

 

فى حوار سابق لـ"اليوم السابع" يتحدث البابا عن دور الكنيسة الدبلوماسى فيقول: نبنى علاقات مع دول ونؤثر فى أخرى ولنا دور دولى مهم جدًا، البابا شنودة تولى الكنيسة عام 1971 وكان لدينا فى مصر ثلاثة أساقفة أحدهم فى القدس واثنان فى السودان، أما حاليا فلدينا 33 أسقفا خارج مصر، حتى بلغت الكنيسة دولة بوليفيا، وهى كلها إضافة لمصر، لدينا أساقفة فى أوروبا يوصلون رسائل سياسية هناك، فى إنجلترا الأنبا أنجيلوس حين كنت فى لندن استطاع ترتيب زيارة للملكة إليزابيث والأمير تشارلز بمنتهى البساطة ولديهم علاقات طيبة وقوية، وفى كل زياراتنا بالخارج نزور المسئولين، وأتذكر رئيس دولة أوروبية زرتها فى يونيو 2014 قطع أحد الرؤساء إجازته وجاء يسألنى: هل هى ثورة أم انقلاب؟ ليرسم سياسة بلاده تجاه مصر، لأن الإعلام الغربى تسبب فى التشويش على حقيقة الأوضاع، وجاءنى السفير المصرى هناك وقال لى: «قداستك عملت حاجات أنا مقدرش أعملها» فقلت له «لم أتعلم الدبلوماسية ولا حاجة».

 

هذه الدول زارها البابا.. وهؤلاء استقبلتهم الكاتدرائية

ولم يكتف البابا تواضروس باستقبال الوفود فى صالونه الباباوى، بل حرص أيضًا على مد خيوط دبلوماسيته إلى خارج البلاد، فزار أثيوبيا والتقى رئيسها مولاتو تيشومى العام الماضى بدعوة من بطريرك أثيوبيا الأنبا متياس، مستغلًا تاريخ طويل يجمع بين الكنيسة القبطية الأم والكنيسة الأثيوبية ابنتها فى الأرثوذكسية والتى ظلت تابعة لها لقرون طويلة.

 

إضافة إلى زيارة البابا لملوك السويد والدنمارك وكذا زيارته الأولى للولايات المتحدة الأمريكية نهاية عام 2015 تلك الزيارة التى تأجلت أكثر من مرة على خلفية التوترات السياسية بين البلدين، وحين تمت أفاد منها البابا لصالح مصر والتقى عدد غير قليل من المسئولين الأمريكيين وأكد لهم أن الوضع السياسى فى مصر صار أفضل من ذى قبل، وهو الأمر الذى لم يثنى الكنيسة عن التصدى لدعوة الكونجرس بمراقبة ترميم الكنائس التى تضررت من فض رابعة، فأكد البابا أن الكنائس ترممت بالفعل بفضل القوات المسلحة المصرية ووعود الرئيس عبد الفتاح السيسى.

 

أما من زاروا الكاتدرائية فكان بينهم سعد الحريرى، رئيس وزراء لبنان والمستشارة الألمانية إنجيلا ميركيل التى أكد لها البابا أن أوضاع المسيحيين المصريين تحسنت بعد 30 يونيو، والرئيس اللبنانى ميشيل عون، وكذا رئيس دولة توجو فور غناسينغبى، والرئيس العراقى فؤاد المعصوم، وملك البحرين حمد بن عيسى، وكذلك ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز الذى التقاه البابا فى زيارة وصفت بالتاريخية كأول ملك سعودى يقابل بابا للأقباط، إضافة إلى وفود برلمانية أوروبية كخيط متصل لا ينقطع كان أبرزهم رئيس مجلس الشيوخ الفرنسى، ووفدى الكونجرس والبوندستاك الألمانى.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة