تسود حالة من الحذر والترقب داخل الأراضى السورية بين جميع الدول الأطراف فى الأزمة، وسط مناوشات إعلامية وعسكرية متبادلة بين مراكز القوى المشتركة بالصراع، وذلك فى أعقاب الغارات الجوية التى نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، فجر السبت الماضى، على أهداف عسكرية ومراكز أبحاث فى العاصمة دمشق، بدعوى الرد على هجوم كيماوى مزعوم تتهم واشنطن وحلفائها فى الغرب الحكومة السورية بالتورط فى تنفيذه بمدينة دوما، بالغوطة الشرقية.
ووسط الأجواء المشحونة على مسرح العمليات لم تقتصر المناوشات على التهديدات الإعلامية بتكرار القصف أو الرد فى المقابل من الطرف الروسى الداعم للنظام السورى، بل كانت هناك تحركات جديدة، مساء الاثنين، حيث تعرضت رادارات أنظمة الدفاع السورية لخداع استراتيجى عن طريق هجوم إلكترونى، اتهمت فيه أمريكا وإسرائيل، اللذان نفيا علاقتهما بذلك الهجوم، الذى أعلنت فى البداية وسائل الإعلام السورية، أنه قصف صاروخى استهدف قاعدة الشعيرات الجوية، ومطار الضمير العسكرى.
وسائل الإعلام السورية تعلن استهداف قواعد عسكرية بقصف صاروخى
ففى بداية الأمر، أعلن التلفزيون السورى أن الدفاعات الجوية السورية تصدت لهجوم صاروخى اخترق أجواء حمص فى وسط البلاد، مستهدفًا قاعدة الشعيرات الجوية – التى تعد أحدى أكبر القواعد التى يستخدمها الإيرانيون فى سوريا – ومطار الضمير العسكرى، فى وقت متأخر من أمس الاثنين، ولكن دون الكشف عن مصدر هذا القصف، كما قال الإعلام الحربى التابع لجماعة حزب الله اللبنانية، أيضًا، إن صواريخ استهدفت قاعدة جوية قرب دمشق.
ويأتى الإعلان الخاطئ عن هجوم جديد على قواعد عسكرية فى دمشق، بعد يومين فقط من الغارات التى تعرضت لها سوريا، فجر السبت الماضى، شنته القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية، فى وقت أعلنت القيادة العامة للجيش السورى، أن الضربة الثلاثية شملت إطلاق حوالى 110 صواريخ باتجاه أهداف سورية فى دمشق وخارجها، وأن منظومة الدفاع الجوى السورية تصدت لها وأسقطت معظمها.
كما أكدت وزارة الدفاع الروسية، أن 103 صاروخ مجنح للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وصواريخ جو أرض استهدف منشآت عسكرية ومدنية فى سوريا، وأنه تم استهداف المنشآت السورية من قبل سفينتين أمريكيتين من البحر الأحمر وطائرات تكتيكية فوق البحر المتوسط وقاذفات "بى-1 بى"، موضحة أن أمريكا والحلفاء أصابوا أهدافا عسكرية فى سوريا مطلع الأسبوع وليس منشآت أبحاث فحسب.
عسكرى سورى: إنذار خاطئ أدى لإطلاق صواريخ الدفاع الجوى وليست هناك هجمات
ولم تدم حالة الاحتفاء بالنصر الجديد الذى حققته الدفاعات السورية فى وجه الصواريخ الغربية التى تستهدف دمشق، طويلًا، حتى أكد قائد عسكرى سورى، اليوم الثلاثاء، أن إنذار خاطئ أدى إلى إطلاق صواريخ الدفاع الجوى، مشيرًا إلى أنه ليست هناك أية هجمة على سوريا.
ونسب القائد - الذى طلب عدم نشر اسمه خلال تصريحه لـ"رويترز" - الخلل إلى هجوم إلكترونى مشترك إسرائيلى أمريكى على منظومة الرادارات السورية، وأضاف أن خبراء روسًا تعاملوا مع الأمر، ومن جهته، أفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان، عن دوى انفجارات ضخمة قرب مطار الشعيرات العسكرى فى حمص، وأخرى فى منطقة القلمون الشرقى قرب دمشق حيث يقع مطارا الضمير والناصرية العسكريين، وأكد مدير المرصد أنه لم تسقط أى صواريخ على المطارات العسكرية الثلاثة.
البنتاجون تعليقا على قصف حمص: ليس هناك أى نشاط عسكرى أمريكى فى المنطقة
ومن جهتها، قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، إنه لا توجد تقارير عن أنشطة عسكرية أمريكية فى حمص السورية، وقال المتحدث باسم البنتاجون إريك باهون، "لا يوجد نشاط عسكرى أمريكى فى تلك المنطقة فى الوقت الحالى"، مضيفًا "ليست لدينا تفاصيل أخرى يمكن ذكرها".
وفى السياق ذاته، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلى، ردًا على تقارير تحدثت عن غارة إسرائيلية على سوريا، "لا علم لى بذلك"، مضيفًا "نحن لا نعلق على مثل تلك التقارير".
إسرائيل تتوقع "ضربات انتقامية" من إيران.. وتتوعد بـ"رد قوى"
وفى ظل حالة الترقب والقلق التى تسطير على المنطقة وخاصة الدول المحيطة بمنطقة النزاع، أشار مصدر أمنى إسرائيلى، إلى تقديرات أن إيران قد توجه ضربات داخل إسرائيل عن طريق طائرات دون طيار، بعد غارات يعتقد أنها إسرائيلية على مواقع عسكرية سورية، مساء الاثنين.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية - عن المصدر الذى لم تذكر اسمه - تحذيره من أن إسرائيل سترد بقوة على أى عملية انتقام إيرانية ضدها تنفذ من الأراضى السورية، وقال المصدر، "قاسم سليمانى قائد قوات القدس (التابع للحرس الثورى) يقود حملة الانتقام الإيرانية التى يمكن أن تكون وشيكة بواسطة طائرات دون طيار للاستطلاع والهجوم، وصواريخ تطلق على إسرائيل".
وكشف المصدر الأمنى الإسرائيلى، أن قائد قوات الطائرات المسيرة التابعة للحرس الثورى كان بين قتلى مطار التيفور فى ريف حمص وسط سوريا، الذى شهد غارات يعتقد أنها إسرائيلية قبل أيام.
وفى وقت سابق، الثلاثاء، أعلنت القناة الثانية الإسرائيلية، أن الجيش الإسرائيلى سيكشف عن كل منظومة الطيران الإيرانية فى سوريا، استباقا لأى رد إيرانى محتمل بعد قصف مطار التيفور، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى، إن القوات الجوية الإيرانية فى سوريا تضم 3 وحدات، هى وحدة استطلاع الطائرات دون طيار، ووحدة صوارخ قصيرة ومتوسطة المدى، ووحدة الدفاع الجوى.
سيناتور أمريكى: الهجوم الكيميائى المزعوم فى دوما مسرحية مفبركة
وعلى صعيد آخر، أكد السيناتور الأمريكى ريتشارد بلاك، أن مزاعم استخدام الجيش السورى للأسلحة الكيميائية فى دوما، لا أساس لها وهى عبارة عن "مسرحية مفبركة" أبطالها ما يسمى "الخوذ البيضاء" المرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابى، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السورية سانا.
وأوضح "بلاك" - وفق ما نقل موقع "جلوبال ريسيرتش" أمس - أن الهجوم الكيميائى المزعوم فى دوما الأسبوع الماضى عبارة عن "مسرحية مفبركة" من قبل ما يسمى "منظمة الخوذ البيضاء" المتصلة بتنظيم القاعدة الإرهابى، متسائلاً عن السبب الذى يدفع الجيش السورى لاستخدام غاز الكلور طالما أنه يحقق الانتصار تلو الآخر وقبل يوم واحد من إخلاء "جيش الإسلام" الإرهابى للمدينة.
وشكك السيناتور الأمريكى عن ولاية فيرجينيا، فى صحة المزاعم حول استخدام الكيميائى فى دوما الأمر الذى نفاه طبيب فى المشفى الرئيسى بالمدينة، قائلًا "لم نتلق أى إصابات ولم يصب أى أحد بالكيميائى"، مشيرًا إلى أن الاتهامات الأمريكية لسورية باستخدام الغازات السامة قبل ظهور نتائج التحقيق تشبه الإدعاءات التى تم غزو العراق على أساس امتلاكه لها، وتساءل "بلاك"، عن سبب الإصابات بين صفوف الأطفال فقط دون أن يصاب أى أحد من الإرهابيين، مشيراً إلى أن ذلك هدفه استجرار العطف، ودعا السيناتور الأمريكى إلى إنهاء الوجود العسكرى الأمريكى فى سوريا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة