انتهى الاجتماع الذى عقده الرئيس صدام حسين مع وزير دفاعه عدنان خيرالله، ورئيس أركان الجيش نزار الخزرجى، برفض رأى «خيرالله» بأن يتم إنزال لواء قوات خاصة بين الفاو وجسر الأنابيب لحجز القوات الإيرانية وتدميرها، وذلك لإنهاء معركة الفاو واستردادها من الاحتلال الإيرانى، ووافق صدام ووزير الدفاع على رأى «الخزرجى» بالدفع بمجموعات استطلاع قتالية من الحرس إلى المدينة للقتال والتقدم بحذر، وأصدر الرئيس أوامره بالتنفيذ».. راجع «ذات يوم - 17 إبريل 2018».
كتب «الخزرجى» مذكرات «مقاتل- الحرب العراقية الإيرانية 1980 - 1988»، عام 2003، أى بعد خروجه من العراق، وهى صادرة عن «المركز العربى للأبحاث ودراسات السياسة- بيروت»، ويؤكد فيها: «فى الساعة التاسعة من صباح يوم 18 إبريل «مثل هذا اليوم» 1988، أجرت القوات البحرية إنزالا باللواء البحرى 440 فى المشروع 81 من اتجاه مرسى أمير المؤمنين جنوب مدينة الفاو، وفى الساعة الثانية عشرة تم تحرير الفاو والسيطرة عليها بشكل كامل باللواء 19 حرس جمهورى معززا بكتيبة دبابات، وسيطر لواء «قوات خاصة حرس جمهورى»، وآخر من مغاويره على الضفة الغربية لشط العرب وعلى جسر الأنابيب ومنطقة المعابر، واندفعت قوات أخرى من الحرس الجمهورى، وسيطرت على ناحية الخليج العربى وعلى «رأس البيشة»، آخر نقطة فى شبه الجزيرة، ورفعت عليها العلم العراقى».
يعلق «الخزرجى»، أنه بهذا الوضع «تم تطهير قطاع مهم من أرض العراق الطاهرة انتهكه العدو فى غفلة من الزمن، وضحى العراقيون بدماء غزيرة لتحريره وإعادته إلى وطنه العزيز العراق العظيم»، ويكشف، أنه فى الساعة الثانية اتصل الرئيس القائد العام «صدام» به، و«طلب منه أن يتأكد بشكل قاطع من أنه لم تبق أى قدم إيرانية تدنس أرض الفاو، وأن شبه الجزيرة بأكملها أصبحت تحت سيطرة قواتنا»، ويقول «الخزرجى»: «على الرغم من أننى كنت متأكدا من ذلك، فإننى تنفيذا لأمر الرئيس القائد العام أرسلت عددا من ضباط ركن مقرنا إلى كافة المواقع التى سيطرت عليها قواتنا فى شبه الجزيرة، وتأكدوا على الأرض من أن كل شىء على مايرام، وأن قواتنا بسطت سيطرتها الكاملة على شبه الجزيرة».
يضيف: «فى الساعة السادسة أخبرت القائد العام أن شبه الجزيرة بأكملها تحت سيطرتنا، ولا وجود لأى إيرانى عليها، فقال: «جيد سنصدر الآن البيان عن انتصارنا فى الفاو»، وفى الساعة السابعة أذيع بيان القيادة العامة للقوات المسلحة الذى أعلنت فيه بشرى النصر الكبير».
ذهب صدام إلى المقر المتقدم للحرس الجمهورى، ولحقه «الخزرجى» وأعضاء القيادة العسكرية التى كانت معه، وتقدموا جميعا لتحية الرئيس ووزير الدفاع، ويتذكر «الخزرجى»: «عندما صافحته قال وهو يشد بقوة على يدى: دخلت التاريخ يافريق نزار من أوسع أبوابه فى هذه المعركة، لأنك رئيس أركان هذا الجيش العظيم»، فأجبته: «أشكرك سيدى الرئيس»، وقبل أن ينصرف الجميع طرحت فكرة فى ذهن صدام وطرحها، وهى، كما يقول الخزرجى: «تعبر قوة من الجيش العراقى إلى الجانب الإيرانى من ضفة شط العرب، وتبقى هناك بعض الوقت لإشعار الإيرانيين بأننا لم نكتف بتحرير الفاو بل عبرنا أرضكم».. هكذا قال صدام، لكن الخزرجى رد عليه معارضا اقتراحه: «سيدى الرئيس إن القوة التى ستعبر ستواجه بكل ما يملكه الإيرانيون من نيران، وسنضطر إلى سحبها، وهذا ما سيعيد إلى الإيرانيين بعض معنوياتهم التى انهارت فى هذه المعركة»، يؤكد الخزرجى أن الرئيس استمع إليه ورد قائلاً: «غضوا النظر عن ذلك، إنها كانت مجرد فكرة، فى هذه الحالة لا داعى لإبقاء جسر الأنابيب، فاعملوا على تدمير ما تبقى منه، واعملوا على استلام الفيلق السابع مسؤولية شبه الجزيرة وحرروا الحرس»، فرد الخزرجى: «سنعمل على ذلك سيدى»، ويضيف: «استأذنته فى غلق مقرنا المتقدم والعودة، فأذن لنا، وكان ذلك فى الساعة الحادية عشرة مساء 18 إبريل 1988».
حرر الجيش العراقى «الفاو» بقدراته وجنوده وضباطه وشهدائه، ويقطع «الخزرجى» بأنه لم يكن هناك أى خبرات أجنبية ولا عربية فى هذه المعركة، وذلك ردا على شائعات بدور لقيادات عسكرية غير عراقية وتحديدا «مصرية»، ففى حواره مع جريدة «الحياة اللندنية» الأول من ديسمبر 2002، قال بحسم: «كل ما يقال حول ذلك كذب وعار من الصحة»، ولما سأله غسان شربل: «ولا حتى خبير عربى؟»، أجاب: «أبدا»، وأضاف: «تحررت الفاو من دون علم بعض أعضاء القيادة.. نائب رئيس مجلس قيادة الثورة عزة إبراهيم سمع الخبر من الإذاعة.. فصدام حسين عندما يقوم بعمل يكلف كل جهة على حدة بواجبها ولا يخبر الآخرين».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة