كشف الكاتب السعودى عزيز محمد، صاحب رواية "الحالة الحرجة للمدعو ك"، الصادرة عن دار التنوير للنشر، التى وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية البوكر 2018، عن رأيه فيما قيل حول تأثره بالكاتب فرانز كافكا.
وقال عزيز محمد، خلال حوار أجرته معه جائزة البوكر 2018، إننى لا أتفق تماما مع القول بأن هناك حالة تأثر بأدب فرانز كافكا، نعم هناك بطل الرواية الذى يحبه، لكن الحب لا يعنى التأثر.
ورأى عزيز محمد أن الميول الشخصية أو التفضيلات فى بحر القراءة لا تنعكس بالضرورة على نبرة الكتابة، مضيفا "وقد تجد نفسك تكتب على نمط كاتب لم تحبه كما ذكر البعض أن أسلوب المدعو ك قريب من بعض روايات موراكامى الذى لا يستظرفه، إلا إذا افترضنا بنفس المنطق أن "كافكا على الشاطئ" هى رواية كافكوية لمجرد أن اسمه مذكور في العنوان مثلاً.
أما عن الروائيين الذين تأثر بهم، فأشار عزيز محمد، إلى أنه يتذكر جيف كينى، فى "مذكرات فتى أحمق"، أو "مذكرات طالب" فالفتى فى هذه السلسلة يحافظ حتى فى أتعس حالاته على خيط السخرية، الذى يمكن أن يجذبه فى أى لحظة للاستخفاف بسوء حظه، وهكذا يسهل عليه التجاوز والانتقال إلى سوء الحظ التالى من دون أن يعلق فى كآبة هذه الدوامة، وهذا قريب بما يكفى بما حاولت فعله مع المدعو ك.
وعلى عكس المتوقع، وفقا لما جاء من إشادات كثيرة حول إعجاب القراء برواية "الحالة الحركة للمدعو ك"، وقدرة عزيز محمد على الإلمام بتفاصيل مرض السرطان، فاجئ الكاتب محاور جائزة البوكر، ردا على سؤاله حول كيفية تمكنه من هذه التفاصيل قائلا: أحد مرضى السرطان أخبرنى أن الرواية كانت شحيحة فى عرضها لتفاصيل العلاج، كأنى تجنبت أن أفضح عدم درايتى به، وممرضة متخصصة فى العناية المركزة نبهتنى إلى تفاصيل من الرواية لا تتفق مع خبرتها العملية؛ هذه مجرد أمثلة توضح لك مدى نسبية الحكم على تلك التفاصيل. لكنى أعتقد أن المسألة يجب أن تتجاوز كم التفاصيل والجهد البحثى وحتى الاتكاء على التجربة الشخصية، فحتى تفاصيل التجربة الشخصية تفشل فى أن تبدو صادقة أو مؤثرة إذا لم تظهر من الزوايا الأشد شفافية والأكثر اتساقاً مع طبيعة النص؛ هنا يكمن الفرق الدقيق بين الكتابة الأدبية والتوثيق السردى.
وعلى الرغم من أن البعض رأى فى نهاية رواية "الحالة الحرجة للمدعو ك" بعض من الأمل، فإن عزيز محمد كان له رأى آخر، ألا وهو أنها نهاية "مادية بحتة"، مضيفًا: طبعاً بإمكان قراءة شاعرية أن تقرن رحيله بفكرة المكان الآخر التى توافق ما ذكره عن "صورة الفنان فى شبابه" لجويس مثلاً، أو بإمكان قراءة متعاطفة أن تنسب التغيير الذى حصل له إلى نضجه بعد تجربة العناية المركزة والندم ونوبات البكاء إلخ، لكنى لا أملك شكوكاً بخصوص قدرة المال وحده على أن يجعلنا أكثر انفتاحاً وتفاؤلاً ورغبة في الحياة. إنه يوفر لنا رفاهية أن نكون متسامحين تجاه الآخرين وتجاه أنفسنا ويقلص أهمية فشل تجاربنا ويعوض طموحاتنا المحبطة، لذا لا يبدو أثر المادية سيئاً على شخصية المدعو ك في النهاية. إن قبوله بحياة الرفاهية الجديدة تلك هو تتويج لشعوره المتراكم بفقدان الأدب قدرته على التأثير ولتخليه أخيراً عن الكتابة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة