جانب من معاناة اليمنيين
لم تكن الملكة إليزابيث الثانية تعلم أن المستشفى الذى وضعت حجر أساسه منذ 64 عاما سيصبح يوما مسرحا لعمليات الحوثى العسكرية ويفسده بمعاول هدمه.. إنه مستشفى الجمهورية العام النموذجى الذى يحمل فى صدره حجر أساس وضعته الملكة فى 27 أبريل 1954 خلال زيارتها لعدن لقضاء شهر العسل آملة أن يكون صرحا مميزا بالمحافظة.
يعد "الجمهورية" واحدا من أهم المستشفيات فى اليمن، والتى تعرضت للنهب والقصف الحوثى عام 2015 وحاولت بعد التحرير استعادة إمكانياتها لتقوم بدورها المطلوب لكن مازالت هناك تحديات.. وجدنا تكدسا للمرضى عند البوابات وفى الطرقات ينتظرون دورهم أو أملا فى إيجاد علاجا لحالاتهم.. ومن بين الصفوف طالعنا عم عبد الله، 60 عاما، حاملا بيده مظروفا معبأ بأوراق كثيرة، ويقول: "لفيت على مستشفيات كتير.. أعانى من فشل كلوى ولا أجد إمكانيات الغسيل متاحة طول الوقت والعلاج فى المستشفيات الخاصة فوق احتمالنا إحنا غلابة كنا نيجى وعاوزين مكان متوفر فيه أجهزة للغسيل.. أنا آجى من البريقة أسال عن الجلسة واضطر أقعد أنتظر بالساعات وفى الآخر أتعب وأمشى.. بنتى كمان عندها القلب وتعانى من أزمات بس مفيش أدوية ولو موجودة صعبة على الغلابة اللى زينا".
"الدوا مش موجود".. بهذه العبارة بادرتنا زينب أم لثلاثة أطفال وتحتاج علاجا كيماويا فهى تعانى مرض السرطان حينما رأتنا أسرعت للتحدث معنا أملا أن تجد من خلالنا دواءً لآلامها التى وصفتها قائلة: "والله ما بنام الليل من الألم والعلاج مش موجود بنيجى المستشفى بتساعد على قد ما تقدر بس الكيماوى مش متوفر أنا عندى 3 عيال وأبوهم مات فى الحرب بقذيفة من الحوثيين، وأنا مش بشتغل بس تيجى لنا إعانات من منظمات خيرية ساعات وساعات ممكن ناخد سلة أكل مرة فى الأسبوع وهى زى وجبة واحدة بنقضى أيام جعانين وأنا ظروف مرضى كمان مزودة أزمتنا.. أنا أجى أسأل المستشفى هنا وتبعتنا لمراكز برا ومش بلاقى العلاج فأرجع هنا تانى وبرضه مفيش وبلف من هنا لهنا.. وربنا كبير".
أضافت فاطمة محمد، مريضة بمستشفى الجمهورية، أنا من لحج وأتى إلى عدن لتلقى العلاج وأحيانا بنجى أنا أو بنتى 8 سنوات وما نلاقيش علاجات ونروح ونيجى تانى، العلاج فى الخاص غال منقدرش عليه وهنا شحيح بس صابرين، هنعمل أيه، و نحمد ربنا أن المستشفيات اتفتحت لأننا فترة الحرب مكناش بنلاقى حتة نروحها وفترة اشتداد سيطرة الحوثة محدش كان يقدر يخرج من بيته قدامك حلين إما تتعالج بالأعشاب أو تموت، الحوثيون كانوا محاصرين المدينة والطرق، وكنا بنشوف جيران لنا بيموتوا عشان مفيش عندنا مستشفيات كلها سيطر عليها الحوثة، وعشان تطلع من المحافظة تروح على عدن دا فيه صعوبة شديدة حتى لو كانوا يوافقوا دا بس لبعض الحالات الخطيرة بين الحى والموت فما يستحملوش المشوار ويموتوا على الطريق.
معاناة مرضى القلب
أما عم خليل السعدى، أحد من التقيناهم فى المستشفى فحكى لنا عن معاناته للحصول على أدوية القلب والشرايين، وأكد أنه بيغمى عليه عدة مرات وتعرض للموت بسبب أنه مفيش أدوية والمستشفى إمكانياتها محدودة، وعن معاناته وقت حصار الحوثيين قال: "عانينا من حصارهم أيام ما نقدر نخرج حتى نشترى رغيف عيش، وولادنا لا يروحوا مدارس، ولما حد يمرض يتعالج فى البيت بالإمكانيات المتاحة، إما يموت الله يجازيهم شردوا وقتلوا الناس "حسبى الله ونعم الوكيل".
يستكمل الحديث محمد الغورى أحد المرضى بالمستشفى، فقال: "نحتاج أجهزة قسطرة القلب ومش بنلاقيها فأنا مريض قلب وبيحولولنا لمستشفى خاص وأسعارها مرتفعة جدا فاضطر أجلس فى البيت بدون علاج".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة