فى "تعز" المحاصرة.. الحياة والموت وجهان لعملة واحدة..«الثورة»..مستشفى يمنى مرفوع من الخدمة بأوامر الحوثى..الصرح الطبى تحت القصف العشوائى للميليشيا..القتل والخطف مصير الطواقم الطبية
ـ الطفلة «آلاء» أصغر شاهدة على جرائم الحوثيين..اخترقت الشظايا جسدها وهى تلعب فى منزلها وقلة الإمكانيات الطبية قادت إلى بتر ساقها
ـ الميليشيات الإيرانية أقامت 43 سجنا خاصا لتعذيب الأهالى
ـ الحركة ممنوعة ليلا فى «برباشة» بسبب القصف والإجراءات الأمنية..شارع «جمال عبدالناصر» يتحدى "حظر التجوال" ويتصدى لانتهاكات الميليشيا الشيعية..أهالى تعز: «بنحب الزعيم عبد الناصر»
ـ أهل تعز شهداء تحت الطلب..معمر الأحمدى يرفع شعار: لن أتزوج قبل أن نتحرر..وخطيبتى قالت "لى روح الجبهة وهنتزوج لما تتحرر مدينتنا"..شريف عبده أصابته قذائف الحوثيين أثناء ذهابه للعمل وروحه ترفض الاستسلام..يؤكد: فى تعز نحن معرضون للقنص أو قذائف هاون الحوثيين..إصابتى فى الساق والقلب والذراع
ـ حصاد جرائم الحوثى فى تعز ..
ـ ارتكب الحوثيون منذ حصار تعز فى مارس 2015 وحتى 2018، 2.935 جريمة قتل منها 771 طفلا و490 من النساء، و1.674 رجال مدنيين
ـ 135 «سيدة حامل» أجهضت نتيجة القصف(طبقا لإحصائيات المركز الإنسانى للحقوق والتنمية بتعز المرخص له من وزارة الشؤون الاجتماعية)
.
ـ 225 مجزرة فى الأحياء السكنية بتعز وأشهرها بئر الباشا فى 3 أكتوبر 2016
ـ الإصابات بلغت رقما قياسيا ..«17.929» مصابا بينهم 3.799 طفلا و2.022 نساء و12.108 رجال مدنيين(طبقا لإحصائيات المركز الإنسانى للحقوق والتنمية بتعز المرخص له من وزارة الشؤون الاجتماعية)
ـ جرحى الجبهات يوصفون معاركهم مع الحوثيين.. وعبد المجيد يؤكد: يجندون الأطفال فى جبهات القتال..عبدالعزيز: أصبت بنيران الحوثى أثناء محاولتى إنقاذ ثلاثة جرحى..عبدالإله عبدالفتاح: لازم الناس تعرف جرائم عصابة الحوثى..المحمودى مبتور الساقين:
لا يمكن أن ينهى البتر حلم إنسان ..سأسعى للحصول على الدكتوراه
ـ القمم الجبلية "بوابات الجحيم" للانتقام من الأهالى..الحوثيون حولوا الجبال إلى منصات لإطلاق القذائف عشوائيا على المواطنين..وقناصتهم قتلوا الصحفى محمد القدسى بصاروخ..الحمير وسيلة نقل الإغاثات لمناطق سيطرة الحوثى
ـ محافظ تعز: الأوضاع كارثية..الدكتور محمد أمين: عدد ضحايا القصف الحوثى لا يقل يومياً عن 20 بين قتيل وجريح.. والميليشيات دمرت البنية التحتية وأكثر من 80% من القطاع الصحى..قوات التحالف نجحت فى تحرير كثير من المدن..ومصر فى قلوبنا
هنا «تعز» المحاصرة.. على خطوط المواجهات مع ميليشيا الحوثى توقفنا، قادمين من عدن ولحج المحررتين إلى المحافظة التى تئن تحت حصار الحوثى منذ 2015.. المدينة التى عرفت بأنها العاصمة الثقافية لليمن، لاتزال تقاوم للحاق بركب مدن اليمن المحررة، وتقدم نموذجا للمقاومة الصامدة رغم حصارها من الشمال والشرق والغرب، ولا منفذ لها سوى الجهة الجنوبية، فيما تضم المحافظة 23 مديرية، تحررت منها 17، ولاتزال المواجهات لتحرير المتبقى. الأزمة فى تعز تختلف عن غيرها من المحافظات، فلا يسيطر الحوثى إلا على مساحات قليلة منها، لكنه يطوق المدينة من قمم السلاسل الجبلية المحيطة بها، فتعز محاطة بجبال كثيرة وضخمة يصعب تأمينها أو التحكم فيها، منها جبال سورق وحبشى والوازعية وسامع، وربما طبيعتها الجغرافية هى، بحسب من التقيناهم، سبب إطالة أمد الحرب بها. الحصار والقنص والألغام والقذف العشوائى يخيم على المدينة، فالبنية التحتية مدمرة، والقطاع الصحى قضى عليه بنسبة 80 %، وقوامه 4 مستشفيات فقط وكادر طبى غالبيته نزح، والباقون يعملون تحت وابل من رصاص القناصة، كما أنهم عرضة للخطف فى أى لحظة.
الطريق الصخرى إلى تعز
حى برباشة فى تعز
لم يكن الطريق إلى المدينة المحاصرة مثل غيرها من المحافظات، فالمسافة من عدن إلى تعز تتجاوز الـ300 كيلو متر، لا يمكنك قطعها فى أقل من 6 ساعات لوعورة المنحنيات والصعود للجبال.. على طول الطريق يلفت نظرك جمال الطبيعة الصحراوية بألوانها الخلابة وتكوينات الجبال الشاهقة، لكنها ممزوجة بالخطورة، حيث جعل الحوثيون كثيرا من أجزاء الطريق مرمى لسهام قناصتهم، وكل شبر يوثق لجريمة من جرائمهم، ستجد قصة لقتيل أو مختطف أو من حالفه الحظ وأصبح على الأقل معاقا.
بداخل مدينة تعز المحاصرة
طريق صبر
احد المبانى على طريق عدن ـ تعز يحمل آثار قصف الحوثيين
فى سوق الربوع
على الطريق إلى «تعز» وجدنا أيضا سوقا تبدو تقليدية وقديمة وتسمى «سوق الربوع» يمر عبرها الطريق الوحيد الرابط بين محافظتى لحج وتعز، تقع بمنطقة الربوع التابعة لمديرية المقاطرة، نزلنا من السيارة رغم تحذيرات الرائد هايل بخطورة الوقوف على الطريق القريب من الجبال حيث يقصف منها الحوثيون من وقت لآخر.. وجدنا سيارات متنقلة لبيع المأكولات، وبائعين يفترشون الأرض يبيعون مأكولات بسيطة، شملت بعض أنواع الأسماك والفسيخ والخضراوات والفاكهة، إلى جانب بيع أعشاب بدوية لعلاج بعض الأمراض، ومن بعيد تتهادى أصوات موسيقى يمنية قديمة تبدو مميزة للمكان رغم أنهم يتوقعون الضربات الغادرة فى أى وقت. قال لنا محمد الصعب، أحد الباعة: «الحوثة كانوا مستقرين هنا لفترة، والسنة اللى فاتت سيطروا على السوق، وقطعوا علينا الطريق الوحيد الذى كان يربط ريف جنوب تعز وطور الباحة بلحج.. ما كانش حد عارف يجيب خضار أو سلع، كما قطعوا طريق تعز لحج بعد ما حاولوا يسيطروا على جبل هان ليقفلوا المدخل الجنوبى الوحيد إلى مدينة تعز».
سوق الربوع على طريق تعز أقدم الاسواق فى اليمن
سوق الربوع على طريق تعز
سوق الربوع يقصف عشوائيا بشكل يومى من الحوثيين
أسواق متعددة
اشتهرت تعز بتعدد أسواقها، ولكنها تناقصت تدريجيا وأثرت الضربات الحوثية على العديد منها، ومن أشهر أسواقها «سوق الشنينى، سوق الضباب، سوق النشمة، سوق دمنة خدير، سوق الأربعاء، سوق الخلة، سوق موزع، سوق هجدة، سوق ماوية، سوق المسراخ، سوق يفرس، وسوق البرح».
الشوارع فى تعز
الحواجز الأسمنتية فى شوارع تعز لعزل المواطنين عن أماكن الاشتباك مع الحوثيين
الحوثى حول الجبال منصات لقصف أهالى تعز ليلا ونهارا
عدد محدود من المحال التجارة مازال يعمل فى تعز
منطقة برباشة التجارية بتعز
انتهاكات
ارتكب الحوثيون منذ حصار تعز فى مارس 2015 وحتى 2018، 2.935 جريمة قتل منها 771 طفلا و490 من النساء، و1.674 رجال مدنيين، أما الإصابات فبلغت، طبقا لإحصائيات المركز الإنسانى للحقوق والتنمية بتعز المرخص له من وزارة الشؤون الاجتماعية، بلغت رقما قياسيا مقارنة بغيرها من المحافظات «17.929» مصابا، بينهم 3.799 طفلا و2.022 نساء، و12.108 رجال مدنيين.
الحياة اليومية فى تعز
أحد البنوك اليمنية فى تعز
الأطفال دائما يدفعون الثمن
الأطفال فى تعز خاصة، واليمن عامة، كان لهم النصيب الأكبر من بطش الحوثى، وقصة الطفلة آلاء التى مازالت تخطو عامها الثانى تقشعر لها الأبدان، فهى ضحية القصف العشوائى والإمكانيات الضعيفة فى المستشفيات التى خربها الحوثيون، وجعلوا منها مبانى خاوية من المعدات الطبية اللازمة لإنقاذ الحياة.. تبدأ القصة التى يرويها لنا وسام عبدالفتاح، والد الطفلة، وهو يعمل بوظيفة بسيطة فى محل إلكترونيات، إنه فى يوم 1 - 11 - 2017 فى تمام الساعة الثانيه ظهرًا، وكانت آلاء تلعب وتزحف فى المنزل كالمعتاد هى وأمها وأخوها، حدث قصف بقذيفة هاون للمنزل المجاور واخترقت الشظايا النوافذ، وأصيبت آلاء بشظايا فى القدمين. وتابع: على الفور أسرعت من عملى وقد أظلمت الدنيا فى عينى وأخذناها إلى مستشفى الثورة حيث قاموا بعمل الإسعافات الأولية لإيقاف النزيف، وبعد ذلك تم تحويلها إلى مستشفى آخر والذى قرر فيه الطبيب إجراء عملية لساقها، وتم إدخالها إلى غرفة العمليات لمدة 6 ساعات، وقيل لنا إن العملية نجحت، لكن فوجئنا بعدها فى صباح اليوم التالى بالطبيب يبلغنا أن آلاء بحاجة إلى بتر قدمها اليسرى، ووقتها قدمها بدأت تتحول إلى اللون الأسود، رفضنا قرار الطبيب ببتر ساقها وأخرجناها لعرضها على مستشفى آخر، وفحصها الطبيب المختص بالشرايين والأوردة، وقال لنا: «للأسف تأخرتوا، لأن التروية انقطعت عن قدمها، وهذا هو سبب تحول لون ساقها للون الأسود، وتحتاج لإجراء عملية زراعة شريان وتكلفتها مليون ومائتا ألف ريال».
الطفلة آلاء أصغر ضحايا القصف العشوائى بتعز
الحرب على المستشفيات
مررنا من شارع جمال عبدالناصر بوسط المدينة فى طريقنا لمستشفى الثورة الكائنة بمنطقة العصيفرة، وعبرنا من أمام الخطوط الترابية مع الحوثيين، وهى تعد من المستشفيات الرئيسية لاستقبال جرحى الجبهات فى تعز، والذى يتعرض، حسبما أوضحت لنا هنا بكر السويفى إحدى الموظفات، أن المستشفى يتعرض للقصف المفاجئ، والمبنى جزء كبير منه مهدم.. تغالبها الدموع وهى تقول «إحنا نحزن على الشباب اللى يجينا كل يوم من الجبهات وينتهى الأمر لإعاقة أو وفاة.. نفسنا حد ينقذ الشباب دول.. حرام والله العظيم».
وأضاف أحد المشرفين بالمستشفى، رفض ذكر اسمه، أن الأطباء يتعرضون للاختطاف مثل الطبيب أنور الشرعبى فى فبراير الماضى، وتم الاعتداء عليه بالضرب، كما تم إغلاق المستشفى فترة، مشيرا إلى أن المبنى يتعرض للقصف وتهدمت الطوابق العليا منه، ولم يعد به إلا الأرضى وطابق واحد، حتى اللى بيحاول ينقذ الجرحى بيتقتل، هو ده قانون الحوثيين.
مستشفى الثورة تئن تحت خطر القصف العشوائى الحوثى
مستشفى الثورة بتعز تحت قصف مدافع الحوثى
قصص أبطال جبهات تعز
داخل مستشفى الثورة تجد غرفا متكدسة بالأسرة، وإمكانيات متواضعة، وسخونة الجو بدون وسائل تهوية أو تبريد، تضاعف من آلام الجرحى الذين ينتظرون أيادى الأطباء لتخفيف معاناتهم، لكنهم بالكاد تجدهم، فأعداد الكادر الطبى أيضا محدودة للغاية أمام أعداد كبيرة من الجرحى يوميا.
أبناء تعز مستمرون فى حرب الحوثى رغم الإصابة
أحد جرحى الجبهات يحكى عن معركته مع الحوثى
أحد الجرحى بمستشفى الثورة
ياسر غانم: قذفونى وأنا رايح شغلى
أمام سرير عبدالإله يرقد زميله فى معركة التشريفات، ياسر محمد غانم، 19 سنة، بترت ساقه اليمنى، من خلال حديثنا معه عرفنا أنه كان يهوى ممارسة الرياضة إلى أن جاءت حرب الحوثى لتنهى حياة العشرات وتصيب المئات بإعاقات مستديمة، قص علينا ياسر قصته: «زى أى شاب كنت بحلم بالمستقبل، كنت فى كلية الهندسة والدنيا مفتوحة قدامنا، من أسرة مستورة ولدى أخان استشهدا على أيدى الحوثة، وأنا كملت المسيرة وشاركت مع الجنود على الجبهة فى التشريفات». ويستكمل ياسر: «أطلقوا علينا قذائف مدفعية ثقيلة، استشهد اتنين مننا والباقيين بيتعالجوا فى المستشفى هنا، منهم من بترت ساقه مثلى.. أنا مش هتوقف عن قتال الحوثة مهما حصل، لأنهم مجرمين وطواغيت وإحنا لا نريدهم فى بلادنا، ونحاربهم دفاعا عن ديننا وعقيدتنا وحماية لأمتنا من طغيانهم.. حتى المواطنين العزل بيضربوا عليهم صواريخ وعيارات نارية». ويؤكد ياسر: «كنا بنشوف معهم أسلحة مكتوب عليها شركات إيرانية.. وبقايا الصواريخ اللى يطلقوها عليها شعار شركة الشهيد باقرى تبع المؤسسة الإيرانية للصناعات الفضائية الجوية، إيران تدعمهم بكل قوتها».
شريف عبده.. أحدث جريح داخل المستشفى
قبل ساعات قليلة من وصولنا إليها، لم يكن محاربا على الجبهة، لكنه كان مواطنا عاديا وقع ضحية لجرائم الحوثى، مثله مثل الآلاف من أبناء اليمن، يقول شريف: «أنا متزوج وعندى 3 عيال بشتغل فى مصنع صغير بمنطقة الصرمين، وخرجت صباحا قاصدا عملى.. فى أحيان كتير ما يكونش فيه مواصلات لأنها شحيحة، عشان البترول أو تكون الطرق مغلقة لاشتباكات مع الحوثيين، وبنضطر أنا وغيرى نمشى ساعات فى الحر لحد ما نوصل الشغل منهكين، لكن الأهم من الحر الخطر، فطول ما احنا ماشيين بنكون معرضين للقنص أو القذائف الهاون وده اللى حصل معايا».
مواطن من تعز قصف بقذيفة حوثية أثناء ذهابه للعمل
عبدالعزيز: كنت أنقذ الجرحى وأصبت
من أبطال الجبهات إلى المدنيين، وهم أبطال أيضا، وكان عبدالعزيز المذنب، قصة من بطولات أبناء تعز.. قال لنا: «أنا مواطن عادى من منطقة السلال وأصبت فى منطقة مظالة، لم أكن أحارب على الجبهة لكنى كنت بحاول أنقذ جرحى».
عبد العزيز أصيب أثناء محاولته نقل جرحى
عبدالمجيد: الشرف أهم من الحياة
«الشرف أهم من الحياة».. بهذه الكلمات بدأ عبدالمجيد فواز، المصاب بطلق نارى فى قدمه اليمنى، يسرد قصته بلسان ثقلت حركته لإخراج الكلمات ربما من الصدمة أو الألم، قال عبدالمجيد: «أنا معى معهد سكرتارية وكنت بشتغل فى مكتب حقوقى وحياتى كانت هادية وعلى قد حالى، لكن لما الحوثيين هجموا والجيش انقلب على الدولة، قررت أنضم لصفوف المحاربين للدفاع عن وطنى»، وواصل: الشرف أهم من الحياة يا أستاذة.. كل إنسان حياته غالية لكن الدفاع عن نسائنا وترابنا وكرامتنا يعنى «شرفنا».. إيه تساوى الحياة بدون شرف!
الجرحى فى تعز يصرون مع مقاومة الحوثيين
الحسين: سنستمر فى القتال
الحسين حميرى «21 سنة» واحد من ضحايا القتال فى تعز.. يقول: «كنت أدرس إدارة أعمال المستوى الثالث، كنا شباب نحلم بمستقبل واسع، وحولتنا الحرب لعجائز معاقين.. عصابة الحوثى دمرت وخربت اليمنى قبل المبنى ويسعون لمسح هويتنا السنية.. قررنا نخرج لمقاومة هذه العصابة لأننا نعلم نواياهم الخبيثة، كانت المقاومة تسيطر فقط على بضعة أمتار من مدينة تعز، واستطعنا توسعة تلك الرقعة، وكنت أخدم فى اللواء 35 فى الجبهة الغربية من تعز، وذات ليلة أردنا الدخول إلى متاريسنا لكنهم قذفونا أنا ومعى مجموعة من الشباب، أصبت فى ساقى اليمنى ومن قبلها خسرت أسرتى كضحايا حرب أيضا». يستكمل حديثه: «إذا أتيحت لى الفرصة سأقاتلهم ألف مرة.. أنا كل شىء خسرته بسبب تلك الميليشيات، ونريد من الأمم المتحدة وقفة مع هذه العصابة التى تزرع الألغام وتقصف المواطنين فى كل مكان حتى إنهم بيصنعوها محليا من مادة TNT وغيرها، ويضعونها بشكل عشوائى بين المنازل وهى طويلة الأجل، وهذا خطر سيظل يهدد الأجيال القادمة».
المحمودى: أحلم بالدكتوراه
«لا يمكن أن ينهى البتر حلم إنسان».. بهذه الجملة بادرنا محمد عبدالله المحمودى من أبناء المقاومة فى تعز.. هو لايزال فى مقتبل عمره، وقبل أن يكمل عامه الـ18 فقد ساقيه بفعل قذيفة من قذائف الحوثيين، يروى لنا المحمودى قصته: «نحن أسرة بسيطة كنت أنا وأبى نعمل ضمن العمالة المؤقتة فى أحد المصانع القريبة من المدينة مقابل مبلغ بسيط يكفى بالكاد قوت يومنا، حصلت على دبلوم سكرتارية وكنت أطمح فى استكمال تعليمى بالجامعة والحصول على منحة من الخارج لتحضير الدكتوراه».
المحمودى بترت ساقيه
محافظ تعز: الأوضاع كارثية..الدكتور محمد أمين: عدد ضحايا القصف الحوثى لا يقل يومياً عن 20 بين قتيل وجريح.. والميليشيات دمرت البنية التحتية وأكثر من 80% من القطاع الصحى
ما تقييمكم للأوضاع الأمنية هنا بتعز؟
- الأوضاع الأمنية فى المدينة شديدة الصعوبة، نظرًا لحصارها من ثلاث جهات، ولم يتم فتح سوى منفذ واحد يصل بين تعز وعدن، وهو شديد الوعورة والخطورة، ورغم أن هناك نقاط تفتيش تابعة للحكومة الشرعية وقوات تأمينية عليه، فإنه مازالت هناك بعض العناصر من الميليشيات الحوثية رابضة فوق الجبال الحاضنة للطريق، فتعز تقصف على مدار الساعة، ويسقط قتلى وجرحى يوميًا.ما سبب إطالة أمد الحرب هنا، وما دور المقاومة الشعبية؟
- الطبيعة الجبلية لتعز ووعورة تضاريسها لعبت دورًا فى زيادة المعاناة بها، وتزيد الأمر صعوبة، سواء فى السعى لدحر الميليشيات أو فتح الطرقات، أو حتى وصول الإغاثات، لكن رغم كل هذا هناك نجاحات كبيرة حققها الجيش الوطنى بدعم قوات تحالف دعم الشرعية، كما أن السكان لهم دور محورى فى الحماية وتنظيم الحياة هنا، وتعز الأكثر كثافة سكانية، فيوجد بها 5 ملايين نسمة، وبها أعلى نسبة تعليم وأكبر كادر فى الطب والهندسة، وهم يمثلون 30% من إجمالى طلبة الجامعات فى اليمن، وعلى المستوى الاقتصادى بها نسبة كبيرة من التجار. وأهل تعز مصرون على استكمال حربهم للنهاية، ورفضوا المشروع الحوثى، وخرجت المقاومة منذ اليوم الأول للحرب فى مظاهرات سلمية، وأطلقوا عليهم الرصاص وقتل المئات، ولكن الجيش الوطنى فى تعز تشكّل من المقاومة الشعبية، ثم تشكلت ألوية عسكرية من هؤلاء، والضباط الشرفاء فى الجيش الوطنى.وبرأيك لماذا يتشبث الحوثى بتعز على وجه التحديد؟
- الحوثيون يحلمون بعودة الخلافة فى مكان يسمى «المملكة المتوكلية اليمنية»، التى كانت على مساحة الشمال فى اليمن، وتعز تشكل موقعًا مهمًا فى هذه الخريطة، كما أنها تتحكم فى 140 كيلومترًا من السواحل المهمة، تشمل باب المندب وميناء المخا، وهو أكبر ميناء على البحر الأحمر، وتحرير تعز يعنى سقوط المشروع الحوثى.وماذا عن الوضع العسكرى؟
- تم تحرير مديرية المخا منذ أشهر، ليصبح بذلك عدد المديريات المحررة فى تعز 16 من 23، أما بالنسبة للمديريات غير المحررة فهم لا يسيطرون على مساحاتها كاملة، لكن يسيطرون على خطوط المواصلات الرئيسية، ابتداء من الجهة الشرقية الجنوبية إلى الجهة الغربية، وما يفصل المدن المحررة عن غير المحررة طرق أسفلتية تمثل خطوط فصل، وهم موجودون على هذه الخطوط.ماذا عن دور قوات تحالف دعم الشرعية؟
- قوات التحالف بقيادة المملكة السعودية والإمارات تقوم بدور فعال وأساسى فى الحرب، ونجحت فى تحرير كثير من المدن، خاصة الساحل الغربى.كيف يعيش أبناء تعز فى ظل هذه الظروف؟
- الحوثى عندما دخل دمّر أحياء بكاملها، وهذا هو الحال فى المناطق الشمالية والشرقية، وأهلها نزحوا بأعداد كبيرة تقدر بالآلاف فى المخيمات، وهناك وضع كارثى بها صحيًا وتعليميًا وفى المياه، وهناك دعم كبير من مركز الملك سلمان لهذه المخيمات إلى جانب دعم دولى، لكن نحتاج دعمًا أكبر.هل لديكم مستشفيات وإمكانيات طبية تستوعب هذه الأعداد؟
- تعز كان بها عدد كبير من المستشفيات، لكن الجماعة الحوثية دمرت 80% من القطاع الصحى، كما أن الكادر الطبى نزح بسبب الحرب بنسبة 90%، ونعتمد حاليًا على 4 مستشفيات، هى مستشفى الثورة الذى يتعرض للقصف وبداخله جرحى، والطوابق العليا منه مهدمة، والعسكرى والجمهورى ومستشفى قطاع خاص، والإمكانيات ضعيفة بداخلها، فالوضع الصحى متدهور للغاية وكارثى، وكثير من الجرحى يموتون فى الطوارئ لعدم كفاية غرف العمليات، ويموت كثير من المدنيين لعدم وجود آليات لإسعافهم بسرعة، وعدم توفر الأدوية.وماذا عن المرافق والبنى التحتية؟
- البنى التحتية دمرت بشكل كامل، لمدة ثلاث سنوات، والمواطن فى تعز لا يحصل على كهرباء، فتوقفت هذه الخدمات، والذى يستطيع أن يدفع يعتمد على الألواح الشمسية، ولا توجد مياه للشرب، فالمواطن يعانى حتى يحصل عليها من منظمات خيرية أو آبار خاصة.كيف تقيم دور المجتمع الدولى والأمم المتحدة حيال أزمة اليمن؟
- موقف ضبابى وغير واضح، ونناشدهم أن يتحركوا تحركًا فعالًا لإنقاذ أهل تعز، لأن الإدانات لا تكفى وحدها، فهناك قرارات أممية لابد من تطبيقها.
فى الحلقة التالية.. بطلات على جبهات القتال فى «تعز».. والحوثيون يعتدون على النساء والصحفيين.. أم الشهداء الثلاثة: حلمت بهم عرسان وزغرت يوم وداعهم
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة